اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/ameer/107.htm?print_it=1

من رسائل الإيمان (23)
رسالة الى الآباء

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

أمير بن محمد المدري
إمام وخطيب مسجد الإيمان – اليمن


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
أيها الآباء الكرام أكتب إليكم هذه الرسالة انطلاقاً من قوله تعالى: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر:3]، ومن قوله صلى الله عليه وسلم :«الدين النصيحة » .
إن نعم الله عز وجل لا تحصى، وعطاياه لا تعد، ومن تلك النعم العظيمة وأجلّها نعمة الأبناء، قال الله تعالى: ﴿ المَالُ وَالبَنُونَ زِينَةُ الحَيَوةِ الدُّنيَا ﴾[الكهف:46] ولا يَعرفُ عِظَم هذه النعمة إلا من حُرم منها، فتراه ينفق ماله ووقته في سبيل البحث عن علاج لما أصابه. وهذه النعمة العظيمة هي أمانة ومسئولية يُسأل عنها الوالدان يوم القيامة، وزينة الذرية لا يكتمل بهاؤها وجمالها إلا بالدين وحُسن الخلق، وإلا كانت وبالاً على الوالدين في الدنيا والآخرة.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته: فالإمام راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسئول عن رعيته »[متفق عليه] ويقول النبي^: «كفى بالمرء إثماً أن يُضيع من يعول»[أبو داود والنسائي والحاكم].
وهذه الرعية أمانة حذر الله عز وجل من إضاعتها والتفريط في القيام بحقها، قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرضِ وَالجِبَالِ فَأبَينَ أَن يَحمِلنَهَا وَأشفَقنَ مِنهَا وَحَمَلَهَا الإنسَنُ إِنَّه كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾[[الأحزاب:72]. وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ﴾[التحريم:6.]
يقول ابن القيم رحمه الله : « فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سُدَى، فقد أساء غاية الإساءة؛ وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قِبَل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسُننه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً ».
من لم يتعب في تربية أبنائه وهم صغار سوف يتعب معهم إذا كبروا وانحرفوا، ومن زرع في البداية خيراً سوف يحصد خيرا في النهاية.

قصة وعبرة

رُوِيَ أن قاضيًا حَكَمَ على سارق بقطْعِ يدِهِ، فما أنْ لَفَظَ القاضي بالحُكْمِ حتى اهتَزَّتْ جَنَبَاتُ المَحْكَمَةِ بِصَوْتٍ يُجَلْجِلُ: اقْطَعُوا لِسانَ أُمِّي قَبْلَ أَنْ تقْطَعوا يَدِي، فلقد سَرَقْتُ في طفولتي بيضةً من جيراننا، فلم تؤنبني، وإنما هشّتْ لي وبشَّتْ، مستحسنةً ما فعلتُ، إنني لولا لسانُ أمِّي الذي هَلَّلَ للجريمة في صغري لما كنتُ اليوم سارقًا تقطعُ يدُهُ. وهذا حالنا اليومَ مع أولادنا، نسكتُ عن خطيئاتهم الصغيرة، بل نضحك لهم ونشجعهم على الإساءاتِ.
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو إليه عقوق ولده، فأمر عمر بإحضار الولد، وأنّبَ عمر الولد لعقوقه لأبيه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟! قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب ـ أي:القرآن ـ، قال الولد: يا أمير المؤمنين، إن أبي لم يفعل شيئا من ذلك؛ أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جُعلاً، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحدا، فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: «جئت تشكو عقوق ابنك وقد عققته من قبل أن يعقَّك، وأسأت إليه من قبل أن يسيء إليك».

كيف نحصل على الذرية الصالحة المؤمنة البارّة؟

1- العناية باختيار الزوجة الصالحة
فالبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً ،والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ،والمرأة تنكح لأربع لجمالها ولحسبها ولنسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ، فالزوجة هي أم الأولاد، وسينشئون على أخلاقها وطباعها، وقال أبو الأسود الدؤلي لبنيه:« قد أحسنت إليكم صغارًا وكبارًا، وقبل أن تولدوا، قالوا: وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد? قال: اخترت لكم من الأمهات مَنْ لا تُسَبُّون بها».
كما أنه يشرع للزوج عند إتيانه لزوجته أن يدعو فيقول: «بسم الله، اللهم جنّبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا» ، فإذا رُزق مولودًا استُحبّ له أن يؤذِّن في أُذُنِه اليمنى ويُقيم في أُذُنِه اليسرى، كما وردت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ليكون أول ما يسمع المولود كلمات الأذان، كلمات التوحيد. ويختار الأب لولده الاسم الحسن، فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء ،لأننا بها ننادى يوم القيامة.

2-المال الحلال
أيها الأب الكريم:عليك بالمال الحلال وتجنب الشبه، ولا تقع في الحرام، فإنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :«كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به» ولا يظن الأب أو الأم أن الحرام في الربا والسرقة والرشوة فحسب، بل حتى في إضاعة وقت العمل وإدخال مال حرام دون مقابل. وكذلك أكل أموال الناس بالباطل وهضم حقوقهم، فاحذر أخي المسلم أن يدخل جوفك وجوف ذريتك مالٌ حرام. وتحرَّ الحلال ولو كان قليلا فإن فيه بركه عظيمة.

3-أكثر من الدعاء لأولادك

أيها الأب الكريم:عليك أن تقول كما قال الأخيار، وصفوة الأبرار:﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾[الفرقان:74]. ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء ﴾[آل عمران:38].
الجأ إلى فاطر الأرض والسموات، وادعُه آناء الليل وأطراف النهار أن يصلحَ لك عقِبك، وأن يعيذهم من مكائد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظهم بالإسلام، ويرزقهم الثباتَ والاستقامة عليه، فتلك قرة أعين المؤمنين،وإياك والدعاء عليهم فقد تصادف ساعة إجابة.

4-معرفة الله وخشيته

أعظم ما يُربى عليه الولد ويؤدّب معرفة الله والإيمان به، فالتربية الإيمانية هي أساس كل خير، مجتمعنا مفتقر إلى الأمناء الذين يخشون الله تعالى ويطيعونه في السر والعلن.
أيها الأب الكريم:علّم أولادك رقابة الله وخشية الله الذي يعلم السر وأخفى .علّم ولدك أن يقول صباح مساء :الله معي الله يراني الله مطلع علي الله سوف يحاسبني .
وهذا رسولنا الكريم يربي ابن عمه على الصلة بالله عز وجل، حيث يقول لابن عباس رضي الله عنه: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، إذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفّت الصحف».

5- القدوة أيها الآباء

القدوة الحسنة من ضروريات التربية، فكيف يحرص ابنك على الصلاة وهو يراك تضيَّعها، وكيف يبتعد عن الأغاني والمجون وهو يرى والدته ملازمة لسماعها ! ثم في صلاحك حفظ لهم في حياتك وبعد مماتك. وتأمل في قول الله تعالى: ﴿ وكان أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ﴾ [الكهف:82] فصلاح الأب هذا عمَّ أبناءه بعد موته بسنوات. وليكن لك أجر غرس الإسلام في نفس طفلك وحرصه على أداء شعائره .
أيها الأب الكريم: إنَّ أولادك مرآةٌ يعكسون أخلاقك وأعمالك ، إن رأوك معظِّمًا لأبيك وأمك؛ فإنهم سيعاملونك كذلك، إن رأوك تجالس ذوي التقى والصلاح بعيدًا عن أهل الإجرام والإفساد؛ نفروا من تلك الشلل الفاسدة والمجتمعات الآسنة، إن سمعوا منك كلمات طيبةً وألفاظًا حسنة؛ كانت ألفاظهم كذلك، وإن سمعوا منك السِّباب واللعان والقبح والفحش في الأقوال؛ سمعتَ منهم مثل ذلك وأشدّ.

6- النصيحة بالحكمة والرحمة لا القسوة

صلاح الأبناء والبنات يحتاج منك إلى كلمات نافعات وتوجيهات ومواعظ مؤثرات.التربية لا تكون بالقسوة والشدة والغلظة والضرب ،بل بالرحمة و اللطف والعطف واللين والابتسامة في وجوههم . فاحرص أخي على كتم الغضب والانفعال وتعوذ من الشيطان إذا داهمك، ولقد جعل الإسلام للعقوبة حداً. فجعل ضرب الطفل لا يتجاوز العشر ضربات، وأن يضرب بمسواك أو عصا صغيرة، ويتجنب الوجه والعورة، ولا تضرب وأنت غضبان هائج، وإن استبدلت الضرب بالتشجيع أو الحرمان فهو خير لك ولابنك.

7-الصلاة الصلاة مفتاح التوفيق

صلاح الأبناء والبنات يتوقف على أمرهم بالصلاة، الصلاة عماد الدين ومرضاة لله رب العالمين، فمرهم بها تصلح أحوالهم، وتصلح شؤونهم ?... ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾[العنكبوت:45].
علِم الخليل ^، عظيم شأن الصلاة فرفع كفه إلى الله داعياً سائلاً ضارعاً ﴾ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ...﴿ [إبراهيم:40]أي رب اجعل ذريتي تُقيم الصلاة.
مُر أولادك بالصلاة لسبع سنين و اضربهم عليها لعشر ، فالله سائلك يوم القيامة هل أمرت أبناءك بالصلاة. ما الفائدة من ولد لا يصلي ولو كان أذكى الناس وأغنى الناس ،بيتٌ فيه قاطع الصلاة يمحق الله فيه البركة.
والعجيب أن البيوت أيام الاختبارات حالة طوارئ هل ذاكرت؟ هل درست؟ هل راجعت؟ أين ربع هذا الاهتمام فيما يخص طاعة الله عزوجل.

8-الآداب الإسلامية

مما يُربى عليه الأولاد والبنات تنشئتهم على الآداب الإسلامية وتدريبهم عليها؛ ومن ذلك آداب الأكل والشرب ،رأى النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن أبي سلمة تطيشُ يدُهُ في الصحفة، فقال لهُ النبي صلى الله عليه وسلم مبادرًا لنُصحه وتوجيههِ: «يا غلام، سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك»[ رواه البخاري]. علموهم آداب النوم وآداب الضيافة وآداب المجلس وآداب السلام وآداب قضاء الحاجة وآداب الجار وتشميت العاطس وغير ذلك، فمتى اعتادها في الصغر نشأ عليها في الكبر، وسهل عليه القيام بها، وسُرّ الأب بها

9-الكلمات الطيبة

الحرص على استعمال العبارات المقبولة الطيبة مع الأولاد، والبعد عن العبارات المرذولة السيئة: فإذا أعجَب الوالدين شيءٌ من عمل الأولاد على سبيل المثال قالا: ما شاء الله، وإذا رأيا ما يثير الاهتمام قالا: سبحان الله، الله أكبر، وإذا أحسن الأولاد قالا لهم: بارك الله فيكم، أحسنتم، جزاكم الله خيرًا, إلى غير ذلك من العبارات المقبولة الحسنة؛ حتى يألف الأولاد ذلك، فتعفّ ألسنتهم عن السباب والتفحّش.
لا تستغربوا عندما تسمعوا أولاد صغار في سن الزهور يسبون بكل اللغات أين تعلموا هذا السب وممن من؟

10- ليكونوا من أهل القرآن

الحرص على تحفيظهم كتاب الله عز وجل وإدخالهم مراكز التحفيظ ،فالاشتغال بحفظه والعمل به من أعلى المطالب وأشرف المواهب، ثم إن فيه حفظًا لأوقاتهم وحماية لهم من الضياع والانحراف، فإذا حفظوا القرآن أثر ذلك في سلوكهم وأخلاقهم، وفجر ينابيع الحكمة في قلوبهم.

11- الأخلاق الفاضلة

تربيتهم على الأخلاق الفاضلة والآداب الكريمة . ومن أعظم الأخلاق التي يجب أن يتعلمها الأطفال منذ الصغر الصدق،. روى أبو داود والبيهقي عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال : «دعتني أمي يوما ورسول الله قاعد في بيتنا فقالت : يا عبد الله تعال حتى أعطيك ، فقال لها رسول الله :«ما أردت أن تعطيه ؟ قالت : أردت أن أعطيه تمرا ، فقال صلى الله عليه وسلم: «أما أنكِ لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة »، وعنه عليه الصلاة والسلام فيما رواه أحمد وغيره : «من قال لصبي تعال هاك - أي خذ- ثم لم يعطه ، فهي كذبة» .
أيها الآباء الكرام : علموا أولادكم صدق الحديث وحفظ الأمانة، وإفشاء السلام وإطعام الطعام وخصال الكرام، عودوهم على هدي أهل الإسلام يكن لكم في ذلك خيري الدنيا والآخرة.

12- صلة الأرحام

من وسائل صلاح الأبناء والبنات ، أمْرهم بصلة الأرحام، وزيارة الأخوال والخالات، والعمات والأعمام، علموهم الرحمة بالضعفاء ، وأدبوهم على احترام الكبير وتوقير أهل الفضل والدين .
كم من الآباء يغرس في قلوب أبناءه الحقد والكراهية لأهل زوجته ،وكم من الأمهات تغرس بذور الحقد والكراهية في قلوب أبناءها لأهل زوجها .

13- العدل بين الأولاد

أيها الآباء الكرام : اعدلوا بين أبنائكم وبناتكم، لا تفضلوا الأبناء الذكور بعضهم على بعض. ولا تفضلوا الذكور على الإناث على البنات، واتقوا الله في الجميع، فإذا عدلت بين أبنائك وبناتك حللت منابر من نور في الجنات على يمين الرحمن في يوم يغبطك فيه الأنبياء والصديقون كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء الذين يعدلون في أهليهم وما ولوا».

14- الله الله في البنات

لا يزال بين المسلمين اليوم من ﴿ إِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾[النحل:59].

أُحِبُّ البناتِ وحُبُّ البناتِ  --- فإن شعيبًا مِنْ أجل ابنتيـه
فرضٌ على كل نفسٍ كريمه --- أخدمه اللهُ موسى كليمَه

وعن عقبة بن عامر ا قال قال صلى الله عليه وسلم: «من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن، وأطعمهن، وسقاهن، وكساهن من جِدته -يعني ماله - كن له حجاباً من النار» [صحيح الجامع 5/34].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه» [رواه مسلم].

15- الحقوق

احذر أيها المسلم من أن يكون أبناؤك وبناتك سبباً في أذية المسلمين إحفظهم عن أذية الأقرباء وعن أذية الجيران، ومن أذية المسلمين خاصة في بيوت الله، إذا دخلت بهم إلى المساجد فاجعلهم عن يمينك ويسارك واجعلهم تحت نظرك وملاحظتك، خذهم بالتوجيه والإرشاد وعلّمهم احترام بيوت الله والمحافظة على نظافتها وعلمهم السكينة والهدوء قبل أن تأخذهم دعوة عبدٍ صالح فتهلكهم وتهلكك معهم، بسبب تفريطك وتضييعك الأمانة. ولا تسمح أخي الحبيب لصغير السن والحدث أن يقود سيارة بمفرده ثم ينطلق كالمجنون يزهق الأرواح ويسفك بها الدماء، ويكون بها الشقاء والعناء.

16- الجوال

من مظاهر القصور عند الآباء إهمال الهاتف والجوال وترك مراقبته .الجوال وما أدراك ما الجوال؟! أصبح وسيلة لنشر الفساد عند كثير من الناس وتبادل مقاطع الفساد والحرام.
الجوال أصبح وسيلة للتواصل بين العشاق من البنين والبنات على مرأى ومسمع من الآباء والأمهات .

17- البيت والمدرسة

من مظاهر القصور قلة التعاون مع مدارس الأولاد أو انعدامه بالكلية؛ فكثير من الآباء لا يتعاون مع المدارس التي يدرس فيها أولاده، بل ربما لا يعلم أين يدرسون وماذا يدرسون .

18- لا تحتقر أولادك بل ارفع من شأنهم

ومن مظاهر التقصير احتقار الأولاد وقلّة تشجيعهم، ومن مظاهر هذا الاحتقار إسكاتهم إذا تكلّموا، والسخرية بهم وبحديثهم؛ مما يجعل الولد عديم الثقة بنفسه، قليل الجرأة في الكلام والتعبير عن رأيه، وكذلك التشنيع عليهم إذا أخطؤوا ولمزهم إذا أخفقوا في موقف أو تعثّروا في مناسبة، مما يولّد لديهم الخجل والهزيمة.

وفي الأخير

أيها الأب الكريم :هؤلاء الأولاد متى أحسنتَ تربيتهم نِلتَ بهم السعادة في الدنيا والآخرة، واسمع نبيَّك صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاَّ من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفَع به، أو ولد صالح يدعو له»[ أخرجه مسلم في الوصية ﴿ 1631) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].

فأنت في ظلمات اللحود تصل إليك دعواتُ أولئك الأبرار الأخيار، الدعوات الصادقة الصادرةُ من الأبناء والبنات الذين طالما غرستَ الفضائل في نفوسهم، وحبَّبت الإيمان إلى قلوبهم، هكذا التربية الصالحة ونتائجها الحميدة، وثمارها المباركة.قال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾[الطور:21].

أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه بسندٍ صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب من أين لي هذا فيقول: باستغفار ولدك لك» .

اتقوا الله في أولادكم، وجنبوهم مواطن السوء وقرناء السوء واغرسوا في أنفسهم حب المعالي وربوهم على مائدة القرآن ليكونوا جيل النصر المنشود الذي بواسطته تحرر الأوطان ويحمى به الدين والعرض والمال ولن يحصل ذلك إلا بتحمل المسئولية وتربية الأولاد على حب الله والرسول والمؤمنين فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته.


اللهم أصلح ذرياتنا ، اللهم أصلح شباب المسلمين من البنين والبنات وخذ بنواصيهم إلى البر والتقوى وألهمهم السداد والهدى، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.


أمير بن محمد المدري
إمام وخطيب مسجد الإيمان –اليمن
Almadari_1@hotmail.com
 

أضغط هنا لتحميل الموضوع على هيئة مطوية



 

أمير المدري
  • كتب وبحوث
  • مقالات ورسائل
  • خطب من القرآن
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية