اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/arrad/46.htm?print_it=1

الحـي والمــيت

الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية

 
الحمد لله الذي أمرَّنا بذِّكره وشُكره وحسن عبادته ، والصلاة والسلام على خير من ذكر ربه في السر والعلن ، وعلى آله الأخيار ، وأصحابه الأبرار ، وبعد ؛
فمن المعلوم أن لذكر الله سبحانه وتعالى تأثير عظيم في حياة المسلم الدنيوية الأخروية ، فبذكره جل وعلا تطمئن القلوب ، وتُحط الخطايا والذنوب ، وتزول قسوة القلب ، ويُحصِّن الله الذاكر من الشيطان وجنده ، وما شرعت الأعمال إلا لإقامة ذكر الله تعالى سبحانه ، فهو خير الأعمال ، وأزكاها عند الله سبحانه ، وأرفعها درجة ، وخيرٌ للعبد من إنفاق الذهب والفضة والجهاد في سبيل الله كما ورد في الحديث ، وقد أمر الله بكثرة الذكر فقال سبحانه وتعالى : { وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ( سورة الجمعة : من الآية 10 ) .

وثبت عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثلُ الذي يُذكرُ الله ربه و الذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت " ( رواه البخاري ، الحديث رقم 6407 ، ص 1112 ) .
وقد ذكر الإمام ابن القيم في كتابه ( الوابل الصيب من الكليم الطيب ) مائة فائدة لذكر الله جل وعلا ، وما ذلك إلا لعظيم شأنه ، ورفيع منزلته ، وأهميته البالغة في حياة المسلم .
كما جاءت العديد من الآيات والأحاديث مرغبةً في ملازمة الذكر والمحافظة عليه في كل وقت وحين لاسيما بعد أداء الصلوات المكتوبة فعن ابن عباس ( رضي الله عنهما ) " أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن عباسٍ : كُنت أعلم إذا انصرفوا، بذلك إذا سمعته " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 1318 ، ص 236 ) .

ألا أن مما يؤسفُ له أن كثيراًً من الناس يغفلون أو يتغافلون عن هذا الفضل العظيم ، ويفرِّطون فيه حينما لا يهتمون به ولا يعطونه بعض وقتهم ؛ فما أن تنتهي الصلاة حتى تراهم يتقافزون من أماكنهم في صفوف المصلين متوجهين إلى خارج المسجد ، وكأنهم لم يعلموا ولم يسمعوا بقوله صلى الله عليه وسلم : " خصلتان - أو خَلتان - لا يُحافظ عليهما عبدٌ مسلمٌ إلا دخل الجنة ، هما يسيرٌ ، ومن يعمل بهما قليل : يُسبح في دُبُر كل صلاة عشراً ، ويحمد عشراً ، ويُكبِّر عشراً ، فذلك خمسون ومئةٌ باللسان ، وألفٌ وخمس مئةٍ في الميزان " ( رواه أبو داوود ، الحديث رقم 5056 ، ص 758 ) .
وقوله صلى الله عليه وسلم في حديثٍ آخر : " معقبات لا يخيبُ قائلُهن ، أو فاعلهُنَّ دبر كل صلاةٍ مكتوبةٍ ، ثلاثاً وثلاثين تسبيحة ، وثلاثاً وثلاثين تحميدة ، وأربعاً وثلاثين تكبيرة " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 1349 ، ص 242 ) .

وليس هذا فحسب فإن ذكر الله غير محصور في التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير ؛ وإنما له العديد من الكيفيات والصيغ المختلفة التي بيّنتها الأحاديث النبوية الصحيحة ، وهناك قراءة بعض السور والآيات القرآنية الكريمة ، كما أن هناك الأدعية الثابتة عن معلم الناس الخير صلى الله عليه وسلم سواءً بعد كل فريضةٍ ، أو بعد بعض الفرائض .

فيا أخوة الإيمان ، أين نحن من هذا الفضل العظيم والخير العميم ؟!
وأين نحن من هذه السنن النبوية المباركة ؟
ولماذا يبخل البعض على أنفسهم بعد كل صلاة مكتوبة بدقائق معدودة يذكرون الله سبحانه فيها فيفوزون بالأجر والثواب وحسن المآب ؟!
وفقنا الله وإياكم إلى ذكره وشكره وحسن عبادته ، وصلى الله على محمد ، وسلم تسليماً كثيراً .
  

صالح أبوعرَّاد
  • كتب وبحوث
  • رسائل دعوية
  • مقالات تربوية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية