صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







أخي المُسلم : كن داعياً

الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أُستاذ التربية الإسلامية
ومدير مركز البحوث التربوية بكلية المعلمين في أبها

 
          
= أيها الأخ المسلم .
          
= يا من تنتسب إلى خير أُمةٍ أُخرجت للناس .
          
= يا من شرَّفك الله تعالى بمهمة الدعوة وجعلك من أتباع محمدٍ  صلى الله عليه وسلم  .

          
السلام عليكم ورحمة الله وبركته ، وبعد :

فإن الدعوة إلى الله تعالى فريضةٌ عظيمةٌ من الفرائض التي خص الله سبحانه وتعالى  بها الأنبياء والرسل الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام ، وجعلها من بعدهم مُهمة ورسالة التابعين لهم ، والآخذين بمنهجهم من عباده الصالحين ، الذين عليهم أن يُبلغوا دين الله تعالى لبني البشر في كل زمانٍ ومكان إلى قيام الساعة تحقيقاً لقوله عز وجل : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } ( سورة يوسف : الآية رقم 108 ) .

كما أن الدعوة إلى الله تعالى تُمثل عماد الخيرية التي وصف الله تعالى بها الأُمة المسلمة في قوله تعالى : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } ( سورة آل عمران : من الآية 110 ) .

وعن طريق الدعوة إلى الله تعالى تحمل الأمة رسالة الإسلام الخالدة إلى مشارق الأرض ومغاربها ، صافيةً نقيةً لتُخرج الناس من الظُلمات إلى النور ، ولتهديهم طريق الحق وسبيل النجاة في هذه الحياة الدنيا ، ولو بالكلمة الصادقة الناصحة التي تخرج من قائلها ابتغاءً لمرضاة الله تعالى .

وهنا أوجه هذه الرسالة لكل أخٍ مسلمٍ في أي مكانٍ وزمان ، مؤملاً أن ينفع الله بها ، وأن تكون من باب التواصي بالحق ، والأمر بالتذكير الذي قال فيه الحق سبحانه وتعالى : } وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ { ( الذاريات : 55 ) ، وفيها أقول مستعيناً بالله وحده :

= أخي المسلم : كن داعياً بقولك الحسن ولفظك الجميل الذي تبتغي به وجه الله تعالى ، وتحتسب به الأجر والثواب منه جل في عُلاه ، وليكن ذلك ديدنك مع كل من حدثت أو قابلت أو عرفت من إخوانك المسلمين ، وليكن تعاملك حسناً مع جميع إخوانك المسلمين الذين يفرض عليك واجب الأخوة في الله تعالى ، أن تكون هيناً ليناً في تعاملك معهم ، وأن تكون مُحباً صادقاً في شعورك تجاههم ، وأن تكون حريصاً على تبليغهم الحق بما تستطيعه وما تقدر عليه من الوسائل والأساليب مهما كانت بسيطةً في نظرك فإنها بلا شك عظيمة القدر عند الله تعالى لقول النبي  صلى الله عليه وسلم  : " بلغوا عني ولو آية " ( رواه البُخاري ) .

= كن داعياً إلى الله تعالى باحترامك للنظام ، والتزامك بالتعليمات ، ومُحافظتك على القيم الفاضلة ، وتمسُكك بالمبادئ الكريمة في حِلِكَ وترحالك ، وفي مكان عملك ، ومقر إقامتك ، وفي طريقك ، وعند تسوقك أو نزهتك ، ولا تنس أن ذلك مما حث عليه ديننا الإسلامي الحنيف في كل جزئيةٍ من جزئيات الحياة ، ومن الصفات السلوكية التي رغَّب في أن يتحلى بها كل مسلمٍ ، لما فيها من ملاءمةٍ لطبيعة وشخصية الإنسان المسلم الصالح في كل زمانٍ ومكان ، ولأنه يترتب عليها الكثير من النتائج الإيجابية في حياة الفرد والمجتمع .

= كن داعياً إلى الخير ودالاً عليه في كل شأنٍ من شؤون الحياة ، ولا تنس أنك تنال بذلك عظيم الأجر وجزيل الثواب متى صحت النية وكان العمل خالصاً لوجه الله تعالى لما ثبت عنه  صلى الله عليه وسلم  أنه قال : " مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أَجُورِ مَنْ تبعه، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً " ( رواه مسلم ) .

= كن داعياً بابتسامتك الدائمة ، وكلماتك الجميلة التي تستقبل بها إخوانك في كل مكان ، وتودعهم بها في كل مناسبة ، ولا تنس - بارك الله فيك - أنه صحّ عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  أنه قال : " تبسُمك في وجه أخيك صدقة " ( رواه الترمذي ) ؛ فاحرص - بارك الله فيك - على حُسن القول ، وجميل اللفظ حتى تكون بإذن الله تعالى ممن يقتدي بسيد الخلق محمد  صلى الله عليه وسلم  الذي كان يُخالق الناس بخُلقٍ حسن ، ويحث الناس على ذلك .

= كن داعياً من خلال أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر وفق ما جاءت به تعاليم ديننا الحنيف وتوجيهاته التربوية من الضوابط والشروط التي يأتي من أهمها أن يكون ذلك على علمٍ وبصيرةٍ ، وأن يكون أمرك بالمعروف بـالمعروف ، ونهيُك عن المنكر بلا مُنكر كما أُثر عن أحد علماء السلف .
واعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية كل فردٍ مسلمٍ ، صغيراً كان أو كبيراً ، عالماً أو مُتعلماً ، وما ذلك إلا ليكون الجميع حُراساً على وحدة الأمة المُسلمة ، وحماةً للمجتمع المُسلم . وليكن في حُسبانك أن هذه المسؤولية تختلف من شخصٍ إلى آخر بحسب المقدرة ، والتأهيل ، والاستطاعة ، والفقه الشرعي ، والحكمة المطلوبة في هذا الشأن .

= كن داعياً إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة والمُجادلة بالتي هي أحسن امتثالاً لقوله تعالى : } ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ { ( سورة النحل : 125 ) .
ولتكن دعوتك - أخي المسلم - متصفةً باللين والهدوء والصبر والسماحة ، وإياك أن تغضب أو تنفعل فليس هذا من خُلق المؤمن الذي يقتدي في كل شأنه بنبي الرحمة  صلى الله عليه وسلم  الذي لم يكن فظاً ، ولا غليظاً ، ولا فاحشاً ، ولا بذيئاً ، ولا عبوساً ، ولا غضوباً ، ولا مُتسرعاً ، ولا لعاناً ؛ وإنما كان  صلى الله عليه وسلم  صاحب خُلقٍ عظيم وأدبٍ جم .

= كن داعيا في قولك وعملك ونيتك وكل شأنك ، وأعلم ( بارك الله فيك ) أنه لا يلزمك حتى تكون داعياً إلى الله تعالى أن تعتلي المنابر ، أو أن تلازم العُلماء في حلقات العلم ، أو أن تقف أمام الجموع فتخطب وتعظ وتُدرِّس العلم الشرعي ؛ فطُرق الدعوة إلى الله تعالى كثيرةٌ جداً , ومجالاتها متعددة , وأساليبها متنوعة ؛ إذ إن النصيحة الصادقة دعوة , والبشاشة والتبسم دعوة ، والهدية دعوة , والإحسان إلى الجيران دعوة ، والمعاملة الحسنة للآخرين دعوة , و وزيارة الأقارب والأرحام دعوة , وإصلاح ذات البين دعوة , والتلطف مع الأحبة في الله دعوة, والصدقة دعوة , ومد يد العون والمُساعدة إلى المحتاجين دعوة ، والتزام هدي النبوة في الحياة دعوة ، وإماطة الأذى عن الطريق دعوة ، ...الخ .
وهنا أُذكِّرُك أنك إن لم تستطيع أن تقوم بشيء مما تقدم ؛ فليس أقل من أن تكفي المسلمين شر لسانك ويدك مصداقاً لحديث النبي  صلى الله عليه وسلم  الذي قال فيه : " على كل مسلم صدقة . قالوا : فإن لم يجد ؟. قال : فيعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق . قالوا : فإن لم يستطع ، أو لم يفعل ؟ . قال : فيعين ذا الحاجة الملهوف . قالوا : فإن لم يفعل ؟. قال : فليأمر بالخير ، أو قال بالمعروف . قالوا : فإن لم يفعل ؟ . قال : فليمسك عن الشر فإنه له صدقة " . ( رواه البخاري ) .

= كن داعياً إلى الله تعالى بلزومك جماعة المسلمين ، وحمل هم الإسلام ، وموالاتك للمؤمنين ، ومحبتك لله تعالى ، وإتباعك لهدي الرسول  صلى الله عليه وسلم  ، وحُسن انتمائك لأمة الإسلام ، ونصرتك للدين في كل الميادين ، ودوام حمدك وشكرك لله رب العالمين ، وتوكلك على الله ، وحرصك على الطيبات ، وابتعادك عن الحرام ، ودوام تلاوتك للقرآن الكريم ، وحرصك على أن يظل لسانك رطباً بذكر الله سبحانه ، واعترافك بالجميل لمن أسداه إليك ، والدعاء لنفسك ولوالديك ولإخوانك المُسلمين ؛ فإن من كان كذلك كان داعياً إلى الله بقوله وعمله ، وكان ممن قال فيهم الحق سبحانه : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } ( فصلت : 33 ) .

وختاماً : أسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنك صالح القول والعمل ، وأن يكتب لنا جميعاً الأجر والثواب ، وأن يجعلنا من ورثة جنة النعيم ، والحمد لله رب العالمين .
 

  

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
صالح أبوعرَّاد
  • كتب وبحوث
  • رسائل دعوية
  • مقالات تربوية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية