بسم الله الرحمن الرحيم

موقف الـمُسلِم من الحرب القائمة


يتذبذب بعض الناس في مواقفهم خاصة أيام الفتن
ويتأرجح آخرون بسبب أو بغير سبب
ربما كان ذلك بسبب خلفية فكرية !
أو نتيجة أثر في النفس
أو نتيجة بغض وكراهية لشخص أو أشخاص ، أو لجهة معينة
أو بسبب تأجج عاطفة
وهكذا تثور زوابع الهوى كلما اشتدّ أوار الفتن ، فتَسْفي التراب في أعين أقوام لا يتبيّنون موقف الشرعي للمسلم من حدث أو حرب أو كارثة .
وربما يحمل البعض على هذا الموقف أو ذاك شنئان قوم
وفي التنزيل العزيز :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) .

وهذه الحرب الدائرة اليوم على العراق يجب أن يُنظر إليها نظرة شرعية من أكثر من جهة
الأولى : مَن الأقرب إلى الحق في هذه المعركة ؟
الثانية : مَن المتضرر مِن الحرب ؟
الثالثة : عقبى الحـرب .

أما الأولى فالنظرة الشرعية يجب أن تكون إلى أقرب الفريقين إلى الحق
ولذا لما تقاتلت الفرس والنصارى كان النصارى أقرب إلى المسلمين ، فالنصارى أقرب لأنهم أهل كتاب .
قال الله عز وجل :
( غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) .
فالمؤمنون فرِحوا بنصر الله .
ولكن لِـمَـن ؟
للروم ، وهم النصارى .
لأنهم أقرب إلى الحق – كما أسلفت –
وإذا نصبنا هذا الميزان في حرب اليوم وجدنا العراق كبلد وشعب أقرب إلينا ، فالدم الدم ، والهدم الهدم ، ويجمع بيننا وبينهم الدم والعِرق بل والدِّين قبل ذلك .

ولا يُفهم هذا القول مني أنني أُصحح مذهب صدّام أو أنني مُعجب به !
والذي أعتقده أنه ظالم سُلِّط عليه ظالم !

الثانية : مَن المتضرر من الحرب ؟
ليس صدّام هو المتضرر الوحيد بل قد لا يتضرر من هذه الحرب
ولكن المتضرر الأول هو الشعب العراقي ، وهو قد تضرر كثيراً ودفع ضريبة غطرسة النظام الحاكم – وليس الوحيد - !
إن الشعب العراقي تضرر ولا يزال
كما إن الشعب الأفغاني تضرر من الحرب القذرة التي شنّتها عليه أمريكا ! فأكلت الأخضر واليابس ، وقتلتْ الأطفال والشيوخ ، تحت شعار
( مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ )
وتحت شعار :
( ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ ) !
وقد مات بسبب ذلك الحصار أكثر من مائة ألف ، منهم 84 ألف طفل دون الخامسة .
هذا نتيجة من نتائج الحصار المفروض على الشعب العراقي المسلم .
أما اليهود ودولة إسرائيل فما تقوم به لا يجرّ المنطقة إلى ويلات !
بل هم حمام سلام بدلاً من حمامات دمّ !
وقد صرّح " باول " بـ : أن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل .
إذاً لِنعلم علم يقين أن ما تقوم به الولايات المتحدة في العراق ليس بهدف تخليص العراق من قيادته !
بل إن ما تتبجّح به دول الصليب من عدالة وحرية وديموقراطية باتت رهينة القيد ، مكشوفة الوجوه ، ساقطة القناع !
فهذه الولايات المتحدة تتخذ قرار الحرب بعيداً عن مجلس أمنهم وهيئة أممهم !
ولا يُشاركها في هذه الحرب القذرة على المدن سوى حامية الصليب ودافعة الحملات الصليبية سابقا ( بريطانيا )

الثالثة : عقبى الحـرب .
سبق أن كتبت موضوعأً بعنوان : من ذا الذي لا يخاف منها ..؟
وهو هنا
http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/122.htm

وعقبى الحرب :
كوارث ودمار
وقتلى وأسرى وجرحى
وقد أُعلِن اليوم السبت 19/1/1424 هـ عن سقوط خمسين مدنياً ضحية لهذه الحرب القذرة .

ومن عُقبى الحرب مئات من المشرّدين
والأضر هو انتشار التنصير في المخيمات تحت شعارات الإغاثة والعلاج !
وقد أحسن صاحب كتاب " التنصير – تعريفه – أهدافه – وسائله ... ) حينما قال :
ولقد تنبّه المؤتمرون في مؤتمر " كلورادو التنصيري " إلى ضرورة وجود ظروف خاصة تدعو إلى التحوّل الجماعي نحو النصرانية ، إذ يقول " ديفيد أ . فريزر : ولكي يكون تجوّل فلا بُـدّ من وجود أزمات مُعينة ومشكلات وعوامل تدفع الناس أفراداً وجماعات خارج حالة التوازن التي اعتادوها ، وقد تأتي هذه الأمور على شكل عوامل طبيعية كالفقر والمرض والكوارث والحروب ، وقد تكون معنوية مثل التفرقة العنصرية أو الحساسية بسبب تسامح المجتمع تجاه النفاق أو الوضع الاجتماعي المتدني . انتهى .

إذاً فلنتذكّر قول الله عز وجل :
( وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا ) وهذه صفة مكر الكافرين .

وأخسى ما يخشاه العقلاء أن نقول : أُكِلتُ يوم أُكل الثور الأبيض !

ولنحذر كل الحذر أن يحملنا بغض شخص أو فئة على تأييد كافر أو إعانته وتولِّيـه .
وقد قال الله عز وجل في الأقربين :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )

وقال في الأبعدِين :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )
فلا يحملنا بغضنا لصدّام أن نوالي أمريكا
كما لا يحملنا بغضنا لأمريكا أن نُحب صدّام

إذاً نحتاج في مثل هذه الظروف الحَرِجة إلى العدل وإلى الاتزان في الأقوال والأفعال .
وأن نَـزِن أفعالنا بل وأقوالنا في ميزان الشرع .

والله أسأل أن يرد كيد العدو في نحره
وأن يرمي الظالمين بالظالمين وأن يُخرج المسلمين من بين أيديهم سالمين
وأن يكفينا شر الأشرار ، وأن يصرف عنا كيد الفجار .

اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائنا ، ونعوذ بك اللهم من شرورهم .

كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
assuhaim@al-islam.com

الصفحة الرئيسة