صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







متى يسوغ الإنكار في المسائل التي يُختلَف في حكمها ؟

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض


السلام عليكم و رحمة الله و بركاتـــه
الشيخ الفاضل حفظكم الله و رعاكم
هناك اختلاف بين العلماء في صيغة التشهد (السلام على النبي ) أو ( السلام عليك أيها النبي )
و من قبلهم الصحابة رضوان الله عليهم كذلك فهل يعتبر هذا من الاختلاف السائغ الذي لا يجوز فيه الإنكار على المخالف لي فيه ؟ أم يجب علي أن أنكر على المخالف ؟
أرجو منكم التوضيح مشكورين .
و جزاكم الله خيرا

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

الخلاف الذي لا يسوغ فيه الإنكار ، ما كان الخلاف في مسائل الفقه ، وكان له حَظّ من النظر ، كما قيل :
وليس كل خِلاف جَاء مُعْتَبَرًا *** إلاَّ خِلافا له حَظّ مِن النظرِ

وهذه المسألة مما اختَلَف فيها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنهم .
روى البخاري من حديث ابْنَ مَسْعُود رضي الله عنه قال : عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا ، فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا : السَّلامُ - يَعْنِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وفي رواية : فلما قُبِض قلنا : السلام على النبي .

وفي حديث ابْنِ عَبَّاس رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ ، فَكَانَ يَقُولُ : التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . رواه مسلم .
وهذا عام في التعليم للأمة ، لا يُستثنى منه حال حياته صلى الله عليه وسلم ، ولا بعد وفاته .

وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال : سمعت ابن عباس وابن الزبير يقولان في التشهد في الصلاة : التحيات المباركات لله ، الصلوات الطيبات لله ، السلام على النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . قال : لقد سمعت ابن الزبير يقولهن على المنبر يُعَلِّمُهن الناس ، قال : ولقد سمعت ابن عباس يقولهن كذلك . قلت : فلم يختلف فيها ابن عباس وابن الزبير ؟ قال : لا .

وروى عبد الرزاق من طريق عبد الرحمن بن عبد القاري قال : شهدت عمر بن الخطاب وهو يعلم التشهد ، فقال : التحيات لله ، الزاكيات لله ، الطيبات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
قال عبد الرزاق : وكان معمر يأخذ به ، وأنا آخذ به .

وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء : أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسلمون والنبي صلى الله عليه وسلم حي : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فلما مات قالوا : السلام على النبي ورحمة الله وبركاته .

وإذا جَرى الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم ، فلا يكون قول بعضهم على بعض حُجّة ، إلاّ بِقرائن ومُرجِّحَات أُخَر .

ومثل هذه المسألة لا يسوغ الإنكار فيها على المخالف ؛ لأن كَلّ قائل بِقول له فيه إمام هُدى ، يعضده دليل أو تعليل صحيح ، لا يسوغ الإنكار عليه فيما ذهب إليه .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبدالرحمن السحيم
  • مـقـالات
  • بحوث علمية
  • إنه الله
  • محمد رسول
  • المقالات العَقَدِيَّـة
  • قضايا الأمّـة
  • مقالات تربوية
  • مقالات وعظية
  • تصحيح مفاهيم
  • قصص هادفة
  • موضوعات أُسريّـة
  • تراجم وسير
  • دروس علمية
  • محاضرات مُفرّغة
  • صفحة النساء
  • فتاوى شرعية
  • الصفحة الرئيسية