اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/omdah/134.htm?print_it=1

شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث 139 في حكم الاغتسال للجمعة

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

 
 ح 139
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ .

فيه مسائل :

1= الخطاب في الحديث لِمن تجب عليه الجمعة ؛ لأنه هو الذي يأتيها ، ومن كان في حُكمه ممن يحضر إلى الجمعة .

2= قوله : " فَلْيَغْتَسِلْ " اللفظ دالّ على الوجوب ، وصرفه عن الوجوب أحاديث منها :
قوله عليه الصلاة والسلام : مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا . رواه مسلم .
وقوله عليه الصلاة والسلام : مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ ، وَمَنْ اغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي .
قال النووي : حديث حسن في السنن مشهور ، وفيه دليل على أنه ليس بواجب .
والحديث حسنه الألباني والأرنؤوط .

3= حُكم الْغُسل يوم الجمعة
فيه تفصيل :
يجب الغُسل على كل من وُجِدت به رائحة كريهة يتأذّى بها الناس ؛ لأن الملائكة تتأذّى مما يتأذّى منه بنو آدم ، كما في صحيح مسلم .
ويُحمل عليه قوله عليه الصلاة والسلام : غسل يوم الجمعة على كل مُحْتَلِم . رواه البخاري ومسلم .
وحديث الباب .
وقوله عليه الصلاة والسلام : حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما يغسل فيه رأسه وجسده . رواه البخاري ومسلم .
ولذا لَمَّا سأل يحيى بن سعيد عَمْرَةَ عن الغسل يوم الجمعة فقالت : قالت عائشة رضي الله عنها : كان الناس مَهَنة أنفسهم ، وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم ، فقيل لهم : لو اغتسلتم . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية عن عائشة أنها قالت : كان الناس يَنْتَابُون الجمعة مِن منازلهم مِن العَوالي ، فيأتون في العِباء ، ويُصيبهم الغُبار ، فتخرج منهم الريح ، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إنسان منهم وهو عندي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أنكم تَطهرتم ليومكم هذا .
وبَالغ القرطبي في ردّ القول بالوجوب فقال : وأغربت طائفة فقالت : إن غسل الجمعة فَرض . قال ابن العربي : وهذا باطل ، لِمَا رَوى النسائي وأبو داود في سننهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ، ومن اغتسل فالغسل أفضل . اهـ .

وأما من لم تكن به رائحة كريهة يتأذّى بها الناس ، فالغُسل في حقه سُـنّة إذا كان ممن يشهد الجمعة .
قال الخطابي : ولم تختلف الأمة أن صلاة من لم يغتسل للجمعة جائزة .
وقال ابن عبد البر : وقد ذكرنا حديث أبي سعيد وحديث سمرة بن جندب كلاهما عن النبي عليه السلام بأسانيدهما وذكرنا من روى من الصحابة مثل حديثهما بإسناده أيضا في التمهيد والحمد لله
فَـبَان بذلك أن الغسل لصلاة الجمعة سُنة وفَضيلة لا فريضة .
وأبو سعيد هذا الذي روى عن النبي - عليه السلام - غُسْل الجمعة واجب على كل محتلم " ، قد روى " ومن اغتسل فالغسل أفضل " .
وهذا كله يدل على أن أمره بالاغتسال للجمعة نَدْب وفَضل وسُنة لا واجب فرضًا . اهـ .
وقال النووي : وَذَهَبَ جُمْهُور الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف وَفُقَهَاء الأَمْصَار إِلَى أَنَّهُ سُنَّة مُسْتَحَبَّة لَيْسَ بِوَاجِب . اهـ . وأجاب النووي عن قوله عليه الصلاة والسلام : " الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ" بقوله : أَيْ: مُتَأَكِّد فِي حَقّه كَمَا يَقُول الرَّجُل لِصَاحِبِهِ : حَقُّك وَاجِبٌ عَلَيَّ أَيْ مُتَأَكِّد ، لا أَنَّ الْمُرَاد الْوَاجِب الْمُحَتَّم الْمُعَاقَب عَلَيْهِ . اهـ .

ولا يُسَنّ الغُسل في حق من لا يشهد الجمعة ممن لا تَجِب عليه ، إلاّ أنه داخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام : حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما يغسل فيه رأسه وجسده . رواه البخاري ومسلم .

4= إذا اجتمع غُسْلان ، واجب ومسنون ، دَخَل المسنون تحت الواجب .
قال ابن قدامة : إذَا اجْتَمَعَ شَيْئَانِ يُوجِبَانِ الْغُسْلَ ، كَالْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ ، أَوْ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَالإِنْزَالِ ، وَنَوَاهُمَا بِطَهَارَتِهِ ، أَجْزَأَهُ عَنْهُمَا . قَالَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ .
وقال النووي : فان كان جُنُبًا فَنَوى بالغسل الجنابة والجمعة أجزأه عنهما .

5= هل الغُسُل من أجل الصلاة أو هو لليوم نفسه ؟
الغُسل من أجل الصلاة وحضور اجتماع الناس ، لقوله عليه الصلاة والسلام : مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ ... الحديث . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن حجر : صَرِيح فِي تَأْخِير الرَّوَاح عَنْ الْغُسْل . اهـ .
ووقته من طلوع الفجر إلى حين الذهاب إلى صلاة الجمعة .
قال ابن رجب : قوله : " من اغتسل يوم الجمعة ، ثم راح " يَدُلّ على أن الغُسْل الْمُسْتَحَبّ للجمعة أوّله طلوع الفجر ، وآخره الرواح إلى الجمعة ، فإن اغتسل قبل دخول يوم الجمعة لم يأت بِسُنَّة الغُسْل ، كما لو اغتسل بعد صلاة الجمعة .
وممن قال : لا يصيب السنة بالغسل للجمعة قبل طلوع الفجر : مالكٌ، والشافعي، وأحمد ، وأكثر العلماء . اهـ .

6= والغُسل بِخلاف سورة الكهف ، فالغُسل يكون قبل الصلاة ، وقراءة سورة الكهف أثناء اليوم .


 

عمدة الأحكام
  • كتاب الطهارة
  • كتاب الصلاة
  • كتاب الصيام
  • كتاب الحج
  • شرح العمدة
  • مـقـالات
  • بحوث علمية
  • محاضرات
  • فتاوى
  • الصفحة الرئيسية