صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث 141 في تكليم الخطيب بعض الناس للحاجة وحكم تحية المسجد

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

 
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ . فَقَالَ : صَلَّيْتَ يَا فُلانُ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ .
وَفِي رِوَايَةٍ : فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ .

فيه مسائل :

1 = جواز تكليم الإمام لِحاجة ، وللأمْر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على الذي تخطّى رقاب الناس ، فقطع صلى الله عليه وسلم خُطبته ثم قال له : اجلس فقد آذيت وآنيت . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي . ورواه ابن ماجه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما .
يعني : أتيتَ مُتأخِّرًا وآذيت الْمُصلِّين .
وفي الصحيحين أن عمر بن الخطاب بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأوَّلِين مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فناداه عُمر : أية ساعة هذه ؟ قال : إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين ، فلم أزد أن توضأت ، فقال : والوضوء أيضا ؟ وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغُسل .
وفي رواية لمسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : بينما عمر بن الخطاب يخطب الناس يوم الجمعة إذ دخل عثمان بن عفان ، فَعَرّض به عُمر ، فقال : ما بال رجال يتأخرون بعد النداء ؟ فقال عثمان : يا أمير المؤمنين ما زِدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم أقبلت ، فقال عمر : والوضوء أيضا ؟ ألم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل .

2 = جاء في رواية لمسلم أن الداخل هو سُليك الغطفاني رضي الله عنه .
وجاء في رواية الطبراني أنه النعمان بن قوقل .
قال الحافظ العراقي : وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ مِنْ رِوَايَةِ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ : دَخَلَ النُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزْ فِيهِمَا ، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَلِيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَلْيُخَفِّفْهُمَا " وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَنَسَبَهُ لِلتَّشَيُّعِ ، َقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : يُكْتَبُ حَدِيثُهُ .
وقال ابنه أبو زرعة العراقي : وَحَكَى ابْنُ بَشْكُوَالَ فِي الْمُبْهَمَاتِ قَوْلاً آخَرَ أَنَّهُ أَبُو هُدْبَةَ ...
وقال الحافظ ابن حجر : وقد وردت هذه القصة في غير سليك – ثم ذَكَر وراية الطبراني - ثم قال : والنعمان بن قوقل بَدْرِيّ . اهـ .

وهذا محمول على تعدد الوقائع .
قال أبو زرعة العراقي : قَالَ وَالِدِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ : لا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَانِ وَاقِعَتَيْنِ ؛ فَمَرَّةً مَعَ سُلَيْكٍ ، وَمَرَّةً مَعَ النُّعْمَانِ بْنِ قَوْقَلٍ .

3 = وفي رواية لمسلم الأمر بتخفيف تلك الركعتين .
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : جاء سُليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس ، فقال له : يا سليك قم فاركع ركعتين ، وتَجَوّز فيهما ، ثم قال : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوّز فيهما .

4 = هذا الأمر يَشمل كل داخل إلى المسجد ، وأنه يُقَدِّم صلاة ركعتين على متابعة المؤذن ، لقوله عليه الصلاة والسلام : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خَرج الإمام فلْيُصَلّ ركعتين . رواه مسلم .
وهذا يُبيِّن أن الْحكم عام ، وليس خاصًّا بِسُليك ، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوّز فيهما . رواه مسلم .
وهذا ما فهمه الصحابة رضي الله عنهم ، فقد روى الترمذي من طريق عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ ، فَقَامَ يُصَلِّي ، فَجَاءَ الْحَرَسُ لِيُجْلِسُوهُ فَأَبَى حَتَّى صَلَّى ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا : رَحِمَكَ اللَّهُ إِنْ كَادُوا لَيَقَعُوا بِكَ ! فَقَالَ : مَا كُنْتُ لأَتْرُكَهُمَا بَعْدَ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ رَجُلا جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَمَرَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ .
قال الترمذي عقبه : قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ كَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إِذَا جَاءَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ ، وَكَانَ يَأْمُرُ بِهِ ، وَكَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ يَرَاهُ . اهـ .
قال الألباني : حكاية عياض بن عبد الله بن أبي السرح عن أبي سعيد الخدري ؛ حسن صحيح . اهـ .

5 = مشروعية الاستفصال قبل الإنكار إذا كان الأمر مما يُحتَمَل ، فيُحتمل أن الداخل صلّى حيث لا يَراه الإمام ، أو كان دَخَل قَبْل ذلك وصلّى ثم خَرج ورَجَع قريبا .
قال الحافظ العراقي : وَلابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ : أَصْلَيْت رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ ؟

6 = الأمر بتحية المسجد في هذا الموضع من أدلّة وُجوبها ، إذ لو كانت سُنة لَمَا أمَر بها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع ، ودليل وُجوبها مأخوذ من :
أ – قطع النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة وتكليم الرجل بشأنها .
ب – ترك الاستماع إلى الخطبة والاشتغال بالصلاة ، إذ الاستماع إلى الخطبة واجب ، ولا يُعارَض الواجب إلاّ بِواجب مثله أو أقوى منه .
جـ - ما جاء بشأنها مِن الأمر بها في غير حديث ، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام : إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم أن أَبَا قَتَادَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال : دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ النَّاسِ . قَال : فَجَلَسْتُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُكَ جَالِسًا وَالنَّاسُ جُلُوسٌ . قَالَ : فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ .

7 = يُستثنى من هذا الأمر دُخول الداخل في آخر الخطبة .
قال أبو زرعة العراقي : يُسْتَثْنَى مِنْ اسْتِحْبَابِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَا إذَا دَخَلَ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِهَا فَاتَتْهُ تَكْبِيرَةُ الإِحْرَامِ فَلا يَفْعَلُهَا . اهـ .

ويُستثنى منه أيضا : الإمام إذا دخل يوم الجمعة ، فإنه يُسلِّم على الناس ثم يجلس ؛ لأن موضعه ليس موضع صلاة .

والله تعالى أعلم .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عمدة الأحكام
  • كتاب الطهارة
  • كتاب الصلاة
  • كتاب الصيام
  • كتاب الحج
  • شرح العمدة
  • مـقـالات
  • بحوث علمية
  • محاضرات
  • فتاوى
  • الصفحة الرئيسية