اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/omdah/146.htm?print_it=1

شرح أحاديث عمدة الأحكام
باب صلاة الكسوف

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


فيه مسائل :

1= التسلسل المنطقي لدى المؤلِّف ، فهو قد بدأ بالصلاة التي تتكرر يوميا ، ثم بصلاة الجمعة التي تكرر أسبوعيا ، ثم بصلاة العيد التي تتكرر سنويا ، ثم بصلاة الكسوف التي تتكرر من غير تحديد .
وهذا يدلّ على أن لدى العلماء مناهج في التأليف ، وليس جمعا عشوائيا !

2= معنى الكسوف في اللغة : السَّوَاد .
والخسوف في اللغة : النقصان .
قال ابن عبد البر : قال أهل اللغة : خَسَفت : إذا ذهب ضوؤها ولونها ، وكَسَفَت إذا تغير لونها . يُقال : بئر خَسِيف إذا ذهب ماؤها ، وفلان كاسِف اللون ، أي : مُتَغَيِّر اللون . ومنهم مَن يجعل الخسوف والكسوف واحد ، والأول أولى . اهـ .

3= استعمال الخسوف والكسوف في خسوف الشمس والقمر وكسوفهما .
قال الإمام البخاري : بَاب هَلْ يَقُولُ : كَسَفَتْ الشَّمْسُ أَوْ خَسَفَتْ ؟ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) .
ثم روى بإسناده إلى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ خَسَفَتْ الشَّمْسُ ..
وفيه : ثُمَّ سَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّت الشَّمْسُ ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ : إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ .

وروى مسلم عن عروة قال : لا تَقُل : كَسَفت الشمس ، ولكن قُل : خسفت الشمس .

قال الباجي : ذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ السَّلَفِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ إِلَى أَنَّهُ لا يُقَالُ كَسَفَتْ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ خَسَفَتْ الشَّمْسُ ، وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ الْكُسُوفُ فِي الْقَمَرِ ؛ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُرْوَةَ .
وَقَالَ آخَرُونَ : يُقَالُ كَسَفَتْ وَخَسَفَتْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَيُسْتَعْمَلانِ جَمِيعًا فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَمَعْنَى الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ ذَهَابُ ضَوْئِهِمَا . اهـ .
وقال ابن قدامة : الْكُسُوفُ وَالْخُسُوفُ شَيْءٌ وَاحِدٌ ، وَكِلاهُمَا قَدْ وَرَدَتْ بِهِ الأَخْبَارُ ، وَجَاءَ الْقُرْآنُ بِلَفْظِ الْخُسُوفِ . اهـ .
وقال النووي : يُقَال : كَسَفَتْ الشَّمْس وَالْقَمَر بِفَتْحِ الْكَاف ، وَكُسِفَا بِضَمِّهَا ، وَانْكَسَفَا ، وَخَسَفَا وَخُسِفَا وَانْخَسَفَا بِمَعْنًى . وَقِيلَ : كَسَفَ الشَّمْس بِالْكَافِ ، وَخَسَفَ الْقَمَر بِالْخَاءِ . وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض عَكْسه عَنْ بَعْض أَهْل اللُّغَة وَالْمُتَقَدِّمِينَ ، وَهُوَ بَاطِل مَرْدُود بِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : (وَخَسَفَ الْقَمَر) ، ثُمَّ جُمْهُور أَهْل الْعِلْم وَغَيْرهمْ عَلَى أَنَّ الْخُسُوف وَالْكُسُوف يَكُون لِذَهَابِ ضَوْئِهِمَا كُلّه ، وَيَكُون لِذَهَابِ بَعْضه . وَقَالَ جَمَاعَة مِنْهُمْ الإِمَام اللَّيْث بْن سَعْد : الْخُسُوف فِي الْجَمِيع ، وَالْكُسُوف فِي بَعْض . وَقِيلَ : الْخُسُوف ذَهَاب لَوْنهمَا ، وَالْكُسُوف تَغَيُّره . اهـ .
وقال ابن الملقِّن : المشهور في استعمال الفقهاء أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر .
وقال ابن حجر عن قول عروة السابق : لَكِنَّ الأَحَادِيث الصَّحِيحَة تُخَالِفهُ لِثُبُوتِهَا بِلَفْظِ الْكُسُوف فِي الشَّمْس مِنْ طُرُق كَثِيرَة ، وَالْمَشْهُور فِي اِسْتِعْمَال الْفُقَهَاء أَنَّ الْكُسُوف لِلشَّمْسِ ، وَالْخُسُوف لِلْقَمَرِ ، وَاخْتَارَهُ ثَعْلَب . اهـ .

4= الحكمة من وقوع الكسوف :
1 – ظُهور القدر في التصرّف .
2 – يتبيّن بِتغيّرهما تغيّر ما بعدهما .
3 – إزعاج القلوب الساكنة بالغفلة .
4 – ليرى الناس أنموذجا لِمَا سيكون يوم القيامة .
5 – تنبيه على خوف المكر ورجاء العفو .
6 – إعلام بأنه قد يُؤخذ من لا ذنب له ليحذر من له ذنب .
7 – إن الناس قد أنِسُوا بالصلوات المفروضة فيأتونها من غير إزعاج ولا خوف . فأتى الله بهذه الآية سببًا لهذه الصلاة ، ليفعلوها بانزِعاج وخوف .
[ بتصرف من الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ، لابن الملقِّن ] .
ويُمكن أن يُضاف إليها :
أن تغيّر الشمس يُذكِّر بتغيّر مسارها وطلوعها مِن مغربها ، الذي سَيَفْزَع الناس عنده ، بل ويُؤمنون ، ولكن لا ينفع الإيمان حينئذ ؛ لأنه إيمان بأمْر مُشَاهَد .
قال تعالى : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا) .

والله أعلم .

 

عمدة الأحكام
  • كتاب الطهارة
  • كتاب الصلاة
  • كتاب الصيام
  • كتاب الحج
  • شرح العمدة
  • مـقـالات
  • بحوث علمية
  • محاضرات
  • فتاوى
  • الصفحة الرئيسية