صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







شرح أحاديث عمدة الأحكام
شرح الحديث الـ 214 في زيارة المعتكف

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

 
شرح الحديث الـ 214

عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفًا . فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً . فَحَدَّثْتُهُ , ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ , فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي - وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - فَمَرَّ رَجُلانِ مِنْ الأَنْصَارِ ، فَلَمَّا رَأَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : عَلَى رِسْلِكُمَا . إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ . فَقَالا : سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ : إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ . وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا - أَوْ قَالَ شَيْئًا .
وَفِي رِوَايَةٍ : أَنَّهَا جَاءَتْ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ . فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً . ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ . فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا يَقْلِبُهَا , حَتَّى إذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ . ثُمَّ ذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ .

فيه مسائل :


1 = جواز زيارة المرأة لزوجها وهو في مُعتَكَفه ، ومثله زيارة مَن له حقّ ، كالأب ونحوه ، ولو لم يكن مُعتَكِفًا ، كأن يكون له عادة في مُلازمة المسجد ، وترغب امرأة مِن محارمه زيارته .
وترجم له البخاري : باب : زيارة المرأة زوجها في اعتكافه .

2 = جواز خروج المرأة مِن بيتها إذا لم يترتّب على ذلك مفسدة ، إذا عَلِمَتْ أن زوجها لا يُمانِع مِن خروجها .
أما إن عَلِمَتْ أنه لا يرضى خروجها فلا يجوز لها الخروج .
قال ابن قدامة : وَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ إلَى مَا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ ، سَوَاءٌ أَرَادَتْ زِيَارَةَ وَالِدَيْهَا ، أَوْ عِيَادَتَهُمَا ، أَوْ حُضُورَ جِنَازَة أَحَدِهِمَا .
قَالَ أَحْمَدُ ، فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ : طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبَ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا ، إلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا ، وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَب . اهـ .

3 = الخروج اليسير للمعتَكِف لا يُؤثِّر على اعتكافه ، فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى باب المسجد .
قال البخاري : باب هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد .
قال ابن بطال : لا خلاف في جواز خروج المعتكف فيما لا غِنى به عنه . اهـ .
وقال ابن حجر : وروى عبد الرزاق من طريق مروان بن سعيد بن المعلَّى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مُعْتَكِفًا في المسجد ، فاجتمع إليه نساؤه ثم تفرقن ، فقال لصفية : أقلبك إلى بيتك ، فذهب معها حتى أدخلها بيتها .

4 = وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد" ، أي : الدار التي صارت بعد ذلك لأسامة بن زيد ؛ لأن أسامة إذ ذاك لم يكن له دار مستقلة بحيث تسكن فيها صفية ، وكانت بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حوالي أبواب المسجد . قاله ابن حجر .

5 = " ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ " ، أي : لأرجِع . والانقلاب : هو الرجوع ، ومنه قوله تعالى : (وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) قال البغوي : إِذَا انْقَلَبُوا : انصرفوا .
ومِنه قوله تعالى : (وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) قال ابن كثير : أي: إذا انقلب، أي: رجع هؤلاء المجرمون إلى منازلهم . اهـ .

6 = مشروعية ذبّ المرء عن عِرضه ، ودفع التهمة عنه . فهذا أشرف الْخَلْق صلى الله عليه وسلم دَفَع عن نفسه ما قد يَقَع في النفس ، وأخبر عن المرأة التي معه أنها زوجته صفية رضي الله عنها .
وقال عمر رضي الله عنه : مَن عَرَّض نفسه للتهمة فلا يلومن مَن أساء به الظن .
ومَرّ بِرَجُل يُكَلِّم امرأة على ظَهر الطريق ، فَعَلاه بالدِّرَّة ، فقال : يا أمير المؤمنين إنها امرأتي ! فقال : هلاّ حيث لا يراك أحدٌ مِن الناس . ذَكَره الغزالي في " إحياء علوم الدِّين " .

7 = " عَلَى رِسْلِكُمَا " ، أي : تمهّلا .

8 = " إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ " ، يعني : أنها زوجته صلى الله عليه وسلم ، وليست امرأة غريبة .

9 = جواز مُحادثة الأجنبي ومع الرجل أهله .

10 = إثبات جريان الشيطان من ابن آدم مجرى الدم ، وأن تلبّس الشيطان أهون من ذلك ؛ لأن تلبّس الجن محسوس ، وهذا أمر غير محسوس ، ويجب الإيمان بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم .

11 = " فِي الْمَسْجِدِ " (ال ) هنا للعهد ، وهو مسجده صلى الله عليه وسلم .

12 = " ساعة " وقت ، ولا يُراد بها الساعة المعروفة ، والتي هي جُزء مِن اثني عشر جزء من اليوم .

وبالله تعالى التوفيق .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عمدة الأحكام
  • كتاب الطهارة
  • كتاب الصلاة
  • كتاب الصيام
  • كتاب الحج
  • شرح العمدة
  • مـقـالات
  • بحوث علمية
  • محاضرات
  • فتاوى
  • الصفحة الرئيسية