اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/binbulihed/101.htm?print_it=1

شرح عمدة الأحكام (9)

خالد بن سعود البليهد

 
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله).

بينت أم المؤمنين رضي الله عنها هدي النبي صلى الله عليه وسلم وعادته في التيامن طهارته ولبسه وتزيين هيئته. وفيه مسائل:

الأولى: دل الحديث على استحباب البداءة بالميامن في الوضوء والغسل وقد روى أصحاب السنن بإسناد فيه مقال من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا توضأتم فابدأوا بميامنكم). فالسنة في الطهارة الشرعية البدائة بغسل العضو اليمين فإن ترك ذلك فلا حرج عليه. وكذلك السنة في مشط الشعر ولبس النعال ولبس الثوب وحلق الشعر وغيره البدائة بالجانب الأيمن.

الثانية: قولها: (وفي شأنه كله). لا يدل على عموم ذلك مطلقا إنما هو عام مخصوص فيشرع التيامن في هذه المذكورات الثلاث وما كان من جنسها ولا يشرع فيما سواها كدخول الخلاء والخروج من المسجد وخلع النعل ونحوه فالمستحب في هؤلاء التياسر فالقاعدة في الشرع التيامن في كل ماكان من شأنه التكريم والتياسر في كل ما كان ليس شأنه التكريم كإزالة القذر والدخول إلى مكان القذر والخروج من المكان المبارك ونحوه. قال النووي: (قاعدة الشرع المستمرة استحباب البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزين وما كان بضدهما استحب فيه التياسر). وقد أخرج أبوداود من حديث حفصة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه ويجعل شماله لما سوى ذلك). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والأفعال نوعان : أحدهما : مشترك بين العضوين . والثاني : مختص بأحدهما . وقد استقرت قواعد الشريعة على أن الأفعال التي تشترك فيها اليمنى واليسرى : تقدم فيها اليمنى إذا كانت من باب الكرامة ؛ كالوضوء والغسل والابتداء بالشق الأيمن في السواك ؛ ونتف الإبط ؛ وكاللباس ؛ والانتعال والترجل ودخول المسجد والمنزل والخروج من الخلاء ونحو ذلك . وتقدم اليسرى في ضد ذلك كدخول الخلاء وخلع النعل والخروج من المسجد والذي يختص بأحدهما : إن كان من باب الكرامة كان باليمين كالأكل والشرب والمصافحة ؛ ومناولة الكتب وتناولها ونحو ذلك . وإن كان ضد ذلك كان باليسرى كالاستجمار ومس الذكر والاستنثار والامتخاط ونحو ذلك).

الثالثة:
إختلف الفقهاء في السواك هل يشرع فيه التيامن أو التياسر بناء على الإختلاف في الغرض الذي شرع لأجله هل هو من جنس التطهير وتزيين الفم أم من جنس إزالة القذر. فمنهم من استحب فيه التيامن ومنهم من استحب فيه التياسر ومنهم من فصل والصحيح أنه من باب التطهير فيستحب فيه التيامن. قال الحافظ: (السواك من باب التنظيف والتطييب لا من باب إزالة القاذورات وقد ثبت الإبتداء بالشق الأيمن في الحلق).

الرابعة:
جرت عادة الناس في الغالب لبس الساعة في اليسار والذي يظهر أنه لا يشرع فيها التيامن والإنسان مخير إن شاء لبسها في اليمين أو في الشمال يفعل ما كان أيسر له وأرفق به لأن ذلك من جنس لبس الخاتم وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبسه في شماله وهو الأكثر وثبت أنه يلبسه في يمينه فليس في ذلك سنة خاصة. فلا يستحب التيامن في لبس الخاتم ولبس الساعة ولبس الحلي ونحو ذلك مما يلبس في عضو واحد فقط ولا يستعمل فيه كلا الجانبين ولا يظهر فيه قصد التكريم فلا تدخل هذه الأفعال في هذا الباب والله أعلم.


خالد بن سعود البليهد
binbulihed@gmail.com
الرياض: في 22/6/1429

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية