اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/binbulihed/118.htm?print_it=1

شرح عمدة الأحكام (24)

خالد بن سعود البليهد

 
عن عبد الله بن زيد المازني رضي الله عنه قال: (شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة. قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا).

هذا الحديث في الشك في الصلاة. وفيه مسائل:
الأولى: في الحديث دليل على أن من تطهر طهارة تامة فطهارته باقية لا يؤثر فيها طروء الشك أو التردد في شيء من نواقض الوضوء إلا إذا تحقق من حصول شيء فيعمل بموجبه.

الثانية:
استدل الفقهاء بهذا الحديث على ثبوت قاعدة: (اليقين لا يزول بالشك). أو (الأصل بقاء ما كان على ما كان). وهي قاعدة مشهورة لها ثمرة ظاهرة يندرج تحتها كثير من الصور والمسائل: فالأصل في الأماكن والأمتعة والثياب الطهارة إلا إذا تيقن نجاستها ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث فالأصل الطهارة ومن تيقن الحدث وشك في الطهارة فالأصل الحدث ومن شك في أداء ركعة فالأصل عدمها ومن شك في طلاق امرأته فالأصل بقاء النكاح وهكذا يعمل بهذا الأصل في سائر الأبواب إلا إذا كان هناك ظاهر يقوى على الأصل بقرينة معتبرة فيعمل بالظاهر ويطرح الأصل.

الثالثة:
قوله صلى الله عليه وسلم: (يخيل إليه). فيه إشارة إلى تلاعب الشيطان اللعين بالعبد إذا أقبل على صلاته وفتح باب الوسواس والحيرة عليه وقد ورد ذلك صريحا في بعض الأحاديث فالواجب على العبد ثقته بربه وحسن توكله عليه والاستعاذة من كيد الشيطان وعدم الالتفات إلى ذلك بالكلية وقطع التشاغل عنه بما يفيده من تدبر الأذكار الشرعية واستحضار القلب وطلب الخشوع وأن لا يفسد عبادته إلا بيقين .

الرابعة:
وفيه تحريم الانصراف من صلاة الفريضة إلا لضرورة أو سبب يقتضي البطلان فكل من أحرم بالصلاة على وجه مأذون فيه شرعا استصحب هذا الأصل ولم ينصرف من صلاته إلا فيما أوجب فيه الشارع الانصراف أو رخص فيه. أما النافلة فيكره الانصراف عنها بلا عذر معتبر ولا يحرم لأن المتطوع أمير نفسه فإن أبطلها استحب قضاؤها ولم يلزم. فإن كان في انصرافه مصلحة راجحة كبر والدين ومداراة مريض ونحوه مما يفوت وقته فلا يكره.

الخامسة:
قوله صلى الله عليه وسلم: (حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا). فيه أن من تحقق سماع صوت الريح أو شمه بطلت طهارته ووجب عليه الانصراف من الصلاة وذكر النبي صلى الله عليه وسلم لهاتين العلامتين ليس على سبيل الحصر فيما يظهر وإنما خرج مخرج الغالب فإذا تحقق المصلي بطلان صلاته بأي ناقض من النواقض كخروج بول وغائط ومذي أو فقد شرط من الشروط كالاستقبال وستر العورة كان داخلا في معنى الحديث لتحقق العلة التي من أجلها أوجب الشارع فساد العبادة.

السادسة:
في الحديث دليل على أن الريح الخارجة من الدبر ناقضة للوضوء سواء كانت بصوت أو بغير صوت وقد أجمع أهل العلم على ذلك أما خروجها من القبل فهو أمر نادر في النساء واختلف الفقهاء في حكمها. وخروج الريح لا يوجب الغسل باتفاق الفقهاء فعلى هذا لا يشرع غسل الدبر من الريح ومن تعبد الله بهذا وظن أنه من فرائض الوضوء مطلقا فقد أحدث في دين الله وتكلف في طهارته وخالف السنة.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
الرياض:9/11/1429

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية