صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







شرح عمدة الأحكام (29)

خالد بن سعود البليهد

 
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب قال فانخنست منه فذهبت فاغتسلت ثم جئت فقال أين كنت يا أبا هريرة قال كنت جنبا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة فقال سبحان الله إن المؤمن لا ينجس).

هذا الحديث في بيان طهارة بدن الجنب. وفيه مسائل:

الأولى: الحديث دليل على طهارة بدن الجنب فريقه وعرقه وسائر بدنه طاهر لأن الجنابة ليست نجاسة عينية على البدن وإنما هي وصف يطرأ على البدن يمنع من أداء العبادة يسمى في اصطلاح الفقهاء الحدث الأكبر. قال ابن عبد البر في الاستذكار: (فلا خلاف بين العلماء في طهارة عرق الجنب وعرق الحائض). وقال ابن رجب في فتح الباري: (وإذا لَم يكن نجساً ففضلاته الطاهرة باقية على طهارتها كالدمع والعرق والريق وهذا كله مجمع عليهِ بين العلماء ولا نعلم بينهم فيهِ اختلافاً. قالَ الإمام أحمد: عائشة وابن عباس يقولان: لا بأس بعرق الحائض والجنب. وقال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن عرق الجنب طاهر). فما أصابه الجنب ببدنه من ثوب أو متاع أو بدن فطاهر لا يلزم غسله.

الثانية:
أفاد الحديث أدبا جليلا من آداب الإسلام وهو احترام أهل العلم والفضل وتوقيرهم وصحبتهم على أكمل هيئة. فينبغي لمن صحب الكبار منهم الاستحياء منهم وألا يريهم ولا يسمعهم مكروها وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في غاية الحشمة والأدب مع النبي الكريم. وهذا الأدب يفتقر إليه كثير من الطلاب.

الثالثة:
وفيه دلالة على أنه يجوز للجنب تأخير الغسل ما لم يضق عليه وقت الصلاة وله مباشرة ما شاء من الأعمال قبل الاغتسال كالشراء والبيع والذبح والأكل والنوم وعقد النكاح ومجالسة الناس لأنه لا يشترط في هذه الأعمال الطهارة من الحدث الأكبر. وفي صحيح البخاري: (وقال عطاء: يحتجم الجنب ويقلم أظفاره ويحلق رأسه وإن لم يتوضأ). ورخص الإمام أحمد في الاختضاب. ولا يعلم خلاف في هذا إلا ما حكي عن الشيرازي الحنبلي في كراهة أخذ الشعر والظفر حال الجنابة وروى فيه حديثا منكرا لا يصح العمل به كما أفاده ابن رجب.

الرابعة:
دل الحديث على طهارة الآدمي في الحياة والممات سواء كان مسلما أو كافرا وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن المؤمن لا ينجس). خرج مخرج الغالب ليس على سبيل الحصر. وأما قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ). فالمراد بالآية النجاسة المعنوية مما اتصفوا به من الكفر بالله وجحوده لا النجاسة الحسية لأن السنة الصحيحة بينت طهارة أبدانهم وما باشروه من الثياب والطعام كما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة امرأة مشركة وأكل طعام اليهود ولبس لباسهم وربط الكافر في المسجد ولم يأمر بالتطهر منه وأباح الشارع نكاح طعام أهل الكتاب ونسائهم ولم يأمر بالتطهر منهن وغير ذلك من الشواهد المحفوظة في الشريعة. وهو قول أكثر الفقهاء وشذ الظاهرية فقالوا بنجاسسة أبدانهم وهو قول ضعيف مخالف للأدلة.

خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
الرياض:19/11/1429

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية