اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/binbulihed/136.htm?print_it=1

شرح عمدة الأحكام (32)

خالد بن سعود البليهد

 
عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب. قال نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد).

هذا الحديث في بيان ما يستحب للجنب عند النوم. وفيه مسائل:
الأولى: دلت السنة الصحيحة على استحباب الوضوء للجنب في الأحوال الآتية:
1- عند النوم كما في هذا الحديث.
2- عند الأكل كما في حديث عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ). رواه مسلم.
3- عند معاودة الوطء كما في حديث أبي سعيد: (إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ). رواه الجماعة إلا البخاري.

الثانية:
الوضوء للجنب لا يرفع الحدث الأكبر وإنما شرع في بعض الأحوال لتخفيف أثر الحدث كما نص الفقهاء على ذلك. قال ابن قدامة: (ولأنه إذا توضأ خف حكم الحدث).

الثالثة:
دل الحديث بمفهومه على جواز نوم الجنب بلا اغتسال وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نام وهو جنب ولم يغتسل كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها وكان يغتسل قبل أن ينام كل ذلك ثابت عنه صلى الله عليه وسلم إلا أن الأفضل للجنب الاغتسال قبل النوم لأنه أكمل في الطهارة فإن ترك ذلك لتعب أو برد أو نحوه فلا حرج عليه والأمر واسع في هذا. فعن غضيف بن الحارث قال قلت لعائشة: (أكان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل قبل أن ينام وينام قبل أن يغتسل قالت: نعم. قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة). رواه أبوداود.

الرابعة:
ظاهر الأمر في الحديث يدل على وجوب الوضوء وبه قال الظاهرية وذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوضوء للجنب مستحب لأن أمره صلى الله عليه وسلم محمول على الإرشاد إلى تخفيف الجنابة لا رفعها ويؤيد هذا أن هذا الوضوء لا تستباح به العبادة فلا يتعلق بشرطها فلا يناسب اقتضاء حكمه الوجوب. قال ابن عبد البر: (ذهب الجمهور إلى أنه للاستحباب وذهب أهل الظاهر إلى إيجابه وهو شذوذ).

الخامسة:
فيه دليل على أن الانسان إذا أجنب لا يجب عليه الغسل فورا وإنما يخاطب بذلك إذا دخل وقت الصلاة فيجب عليه على التراخي كمن أحدث حدثا أصغر لا يجب عليه الوضوء إلا إذا دخل وقت الصلاة.

السادسة:
ثبت عن بعض الصحابة أنهم كانوا إذا أجنبوا توضئوا ثم مكثوا في المسجد وبه قال أحمد وإسحاق. قال زيد بن أسلم: (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون في المسجد على غير وضوء وكان الرجل يكون جنبا فيتوضأ ثم يدخل فيتحدث). رواه ابن المنذر. والقياس الصحيح يقتضيه كما نبه ابن قدامة على هذا المعنى. وذهب أكثر أهل العلم إلى عدم جواز ذلك لظاهر قوله تعالى: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا).


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
10/2/1430

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية