صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا وأنه يأرز بين المسجدين

خالد بن سعود البليهد


1-حديث حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ قُلْتُ: أَنَا كَمَا قَالَهُ، قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا لَجَرِيءٌ؛ قُلْتُ (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ). قَالَ: لَيْسَ هذَا أُرِيدُ وَلكِنْ الْفِتْنَةُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ قَالَ: يُكْسَرُ، قَالَ: إِذًا لاَ يُغْلَقُ أَبَدًا. قُلْنَا: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ؛ فَقَالَ: الْبَاب عُمَرُ.
2-حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا). متفق عليه.


الشرح:


الحديث الأول
فيه بيان لفتنتين خاصة وعامة أما الخاصة فما يجري للمؤمن من افتتان بالمال والزوجة والعيال والجار فيقسو قلبه ويغفل عن ذكر الله ويتكاسل عن أداء الفرائض ويتغير سلوكه فيقع في نوع من الكذب والغش وعدم الوفاء بالوعد والعهد طاعة واستجابة لسلطان المال والأهل وتأثرا بهواهم وقد يكون ذلك في شيئ يسير وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم العسل على نفسه التماسا لمرضات أزواجه فعاتبه ربه عز وجل في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(. ودل الحديث على أن افتتان المرء بهذه الأمور يكفرها مواظبته على فعل الفريضة في وقتها وأداء الصوم وإنفاق المال للفقراء وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فإن هذه العبادات من أعظم ما يتقرب به العبد لربه ولها منزلة في الدين وحسناتها تمح السيئات والمشهور عند المحققين أنها تكفر الصغائر أما الكبائر فلا بد في تكفيرها من التوبة الخاصة للأدلة الصريحة في هذا الباب فينبغي على العبد أن يستكثر من الأعمال الصالحة ليرجح ميزانه بالخير يوم القيامة. أما الفتنة العامة فهي ما وقع بين الصحابة رضي الله عنهم من الاختلاف في أمور مشتبهة للاجتهاد فيها مساغ ثم تطور الأمر إلى الاقتتال والنزاع وقد كان الحاجز بين الصحابة وبين الوقوع فيها قتل عمر الفاروق رضي الله عنه لما اختصه الله من الحكمة ومعرفة الحق والحزم وأطر الناس على اتباع الشرع وقد سلم منها رضي الله عنه. وقوله في وصفها تموج كما يموج البحر يدل على عظمها وشدة أثرها وقوة الاشتباه فيها وما حصل فيها من التفرق والحيرة والدماء فقاتل فيها طائفتان وكان الحق مع طائفة علي رضي الله عنه واعتزلها قوم فسلموا ومع ذلك فإنها فتنة سلمت منها دمائنا فلتسلم منها ألستنا ومذهب أهل السنة والجماعة الإمساك عن الخوض في الصحابة رضي الله عنهم وعدم انتقاصهم والطعن فيهم وانتقادهم لعظم منزلتهم في الدين وثناء الله عليهم وقدم سابقتهم في نصرة النبي وتبليغ الدين والجهاد في سبيل الله وهم مجتهدون في ذلك وخطؤهم مغفور في بحر حسناتهم ومن انتقصهم فقد انتقص مقام الرسول لأن الله خصهم واصطفاهم لصحبته ومن طعن فيهم طعن في الشريعة لأن الشريعة رويت عن طريقهم وكثير ما يروى عنهم في هذا الباب كذب مختلق لا يصح ولا يعول عليه ومن المؤسف أن ترى بعض الكتاب الإسلاميين اليوم ينتقصون الصحابة يخالفون القرآن والسنة والإجماع ويسلكون منهج المعتزلة والرافضة الضلال لا كثرهم الله ومن تنقص الصحابة أخزاه الله وأذله وأذهب سعيه ولا تقم له قائمة أبدا.

أما الحديث الثاني
ففيه بيان لحدث عظيم في آخر الزمان وهو أن الإيمان الذي خرج من المدينة أول الأمر وانتشر في أصقاع المعمورة شرقا وغربا ودانت له الدول العظمى ودخل فيه الناس أفواجا وظهر ظهور عظيما في العالم على سائر الأديان هذا الإيمان ينحسر ويقل ويصبح غريبا في آخر الزمان فيعود وينزوي إلى أصله في المدينة كما تعود الحية بعد انتشارها إلى جحرها وهذا فيه كناية عن غربة الدين في آخر الزمان كما كان غريبا في أوله ويأوي الثلة الباقية من أهل الإيمان إلى المدينة فيأتيهم الدجال ولا يستطيع دخولها لأنها محروسة بالملائكة وتحمى من الفتن وهذا من خصائصها وعظم فضلها وقد ورد فيها فضائل أخرى مشهورة في فضل سكناها من مضاعفة الصلاة فيها ألفا وبركة طعامها وثبوت شفاعة الرسول وشهادته لمن مات فيها وحمايتها من الدجالين والملحدين ولا يدخلها الطاعون فالمدينة مركز الإسلام منها ذاع وإليها يعود ويسكن.


خالد بن سعود البليهد
binbulihed@gmail.com
1432/10/26


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية