صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حكم الصلاة خلف الإمام المبتدع

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم و رحمة الله
شيخنــــــــــا
لدي أسئلة أن شاء الله تخدم الأمة الإسلامية من بلدي هذا.
عندنا في قريتنا عادات و تقاليد سيئة للغاية ، فهنالك بنايات متعددة أغلبها متواجدة في مقبرة القرية و بالأحر هي أضرحة أولياء صالحين كما يقولون
أقول لك تقريبا هم مقدسون من طرف البعض يعني ، تقام لهم وليمة سنوية تسمى باسم الأضرحة و زيادة على هذا فان المقبرة تدنس من طرف من هب و دب من الشباب الضائع و تفعل فيها منكرات يوم هذا الاحتفال المشئوم
فما ردك على ما قلت في هذه الأضرحة بالعلم بأن الإمام المخصص للقرية بحد ذاته يزورها لغرض الشفاء لبعض المرضى فهل يجوز لنا الصلاة وراءه؟.


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. الجواب على هذا السؤال في أمرين:
الأول: الواجب في قبور المسلمين أن تسوى في الأرض وترفع قدر شبر ولا يجوز المبالغة في رفعها والبناء عليها وتسريجها والكتابة عليها وإقامة الأضرحة عليها ونحو ذلك من مظاهر الغلو وكل هذه الأعمال مبتدعة محدثة ليس لها أصل في السنة وهي من عمل الجاهليين المشركين. ولا يجوز التقرب إلى أصحاب هذه القبور والتعلق بها واعتقاد النفع والضر بها والنذر والذبح لها والطواف بها وصرف العبادة إليها فإن هذا من الشرك الأكبر والعياذ بالله. وإنما المشروع زيارتها على الوجه المأذون فيه شرعا للاتعاظ والدعاء لأهلها.

الثاني: الصلاة خلف الإمام المبتدع لا تخلو من حالين:
1- أن يكون هذا الإمام متلبسا ببدعة مكفرة كاعتقاد علم الغيب بالأولياء أو دعاء الأموات والتقرب لهم بنوع من العبادة أو منكرا للأسماء والصفات ونحو ذلك مما يتحقق فيه شرك في الربوبية أو الألوهية أو الأسماء والصفات. فإن كان كذلك وثبت هذا عنه فلا تصح الصلاة خلفه مطلقا لأنه متلبس بمفسد وناقض محبط للعمل وصلاته باطلة في نفسه فلا تصح إمامته لغيره. وهذا موضع اتفاق بين أئمة السنة . وقال ابن عبد البر في الاستذكار: (فيصلون خلفه برا كان أو فاجرا أو مبتدعا ما لم تخرجه بدعته عن الإسلام). وقال ابن قدامة: (ولأن الكافر لا تصح الصلاة خلفه سواء أظهر كفره أو أخفاه).

2- أن يكون هذا الإمام متلبسا ببدعة غير مكفرة مع بقاء أصل الإيمان كاعتقاد البركة في شخص أو بقعة أو زمان لم يرد في الشرع أو التوسل بذوات الصالحين أو ملازمته لطقوس وأوراد محدثة من حيث المكان والزمان والهيئة أو غير ذلك مما يتحقق فيه الابتداع في الاعتقاد أو العمل أو السلوك ولا يصل إلى درجة صرف العبادة لغير الله. فهذا قد تنازع الأئمة في جواز الصلاة خلفه والصحيح أن الصلاة خلفه صحيحة لما ثبت في صحيح البخاري: (يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم). وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنه يصلي خلف الحجاج بن يوسف الثقفي وكان ظالما فاسقا وكان يصلي مع الخوارج. وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يصلي خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط وكان يشرب الخمر. وهذا هو المشهور من عمل الصحابة. وقال الحسن البصري: (صل وعليه بدعته) ولأن صلاة المبتدع في نفسه صحيحة فتصح إمامته لغيره ولا تبطل صلاة من خلفه. وهذا مذهب الحنفية والشافعية وبعض فقهاء المالكية واستقر العمل بهذا في الناس اليوم ولا يسع الناس إلا هذا القول لكثرة أهل البدع في الأمصار والتشديد في هذا يفضي إلى اعتزال المساجد وتعطيل الجماعات. وما روي عن بعض السلف في تركهم الصلاة خلف المبتدع فصنيعهم هذا من باب الزجر والعقوبة وإنكار المنكر.
لكن إن وجد إمام عدل كانت الصلاة خلفه أولى وأوثق من هذا الإمام المبتدع.
أما إن لم يوجد في الجمعة والعيد في البلد إلا المبتدع شرعت الصلاة خلفه ولا تترك الصلاة في المساجد لأجله ولا تعطل الشعائر لبدعته. فإن هدي السلف وأهل السنة المواظبة على شهود الجمع والجماعات ولو خلف أهل الجور والبدعة كما حكى ذلك أهل العلم قال الطحاوي: (ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة وعلى من مات منهم). وترك الجماعات لأجل بدعة الإمام غير المكفرة ومجانبة الجماعة من شعار أهل البدع الرافضة والخوارج الغالية في التعامل مع المجتمع المسلم. قال الشيخ تقي الدين: (فإذا لم تجد إماما غيره كالجمعة التي لا تقام إلا بمكان واحد وكالعيدين وكصلوات الحج خلف إمام الموسم فهذه تفعل خلف كل بر وفاجر باتفاق أهل السنة والجماعة وإنما تدع مثل هذه الصلوات خلف الأئمة أهل البدع كالرافضة ونحوهم ممن لا يرى الجمعة والجماعة).

أما إذا كان الإمام مستور الحال لا يعلم عنه بدعة ولا فسوقا فهذا اتفق الأئمة على جواز الصلاة خلفه ولم يتنازعوا فيه ألبتة ولا يشرع للمسلم حينئذ سؤاله وامتحانه لبيان مذهبه ويعد ذلك من التكلف والتنطع في دين الله المخالف للسنة ومذهب السلف الصالح.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
6/8/1430

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية