صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







أخطأنا في القبلة فهل تصح صلاتنا

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

اجتهدنا وصلينا باتجاه القبلة وبعد إتمام الصلاة ثبت لنا أن القبلة خاطئة, فما حكم صلاتنا. وشكرا.


الجواب :
الحمد لله. استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة. قال تعالى: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ). وقد أجمع الفقهاء على اشتراط ذلك. فيجب على المسلم إذا دخل الوقت معرفة القبلة لتصح صلاته. ويعتمد في ذلك على رؤية المحاريب أو إخبار الثقة أو الاستدلال بالعلامات. فإن فرط في ذلك ولم يبذل السبب فصلى من غير تحري للقبلة فصلاته باطلة سواء كان في المنازل أو الصحراء لأنه ترك شرطا يتوقف عليه صحة العبادة. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة.

ومن بذل السبب واجتهد على حسب استطاعته فصلاته صحيحة ولو صلى لغير القبلة لأنه لاتقى الله ما استطاع. لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). لكن يفرق في هذا الحكم بين الحضر والسفر فيشدد في الحضر لأنه لا اجتهاد مع وجود المحاريب التي جرى عمل المسلمين عليها منذ فترة طويلة ، ولأنه يمكن معرفة القبلة بأيسر الطرق من غير بحث وتحري. ويكون اجتهاد الإنسان هنا أو سؤال شخص مشكوك في حاله يعد تفريطا في هذه الحالة ولا يعذر في خطئه. وهذا هو مذهب الحنابلة وهو الصحيح إن شاء الله. قال ابن قدامة: (أما البصير إذا صلى إلى غير الكعبة في الحضر ثم بان له الخطأ فعليه الإعادة سواء إذا صلى بدليل أو غيره لأن الحضر ليس بمحل الاجتهاد لأن من فيه يقدر على المحاريب والقبل المنصوبة ويجد من يخبره عن يقين غالبا فلا يكون له الاجتهاد كالقادر على النص في سائر الأحكام ، فإن صلى من غير دليل فأخطأ لزمته الإعادة لتفريطه وإن أخبره مخبر فأخطأه فقد غره وتبين أن خبره ليس بدليل).

أما السفر فيخفف فيه لأن معرفة القبلة فيه تتعذر بيقين غالبا لانعدام المحاريب وتحتاج إلى اجتهاد وتحري ، ولأن الشارع خفف في أحكام التطوع فيه فلم يشترط فيه استقبال القبلة. فيشترط في تحديد القبلة في هذه الحالة بذل الوسع فيه عن طريق السؤال أو الاجتهاد إذا كان ممن يحسن النظر في النجوم والشمس والقمر وغيرها. فإذا اجتهد واستفرغ طاقته وتحرى الصواب ثم أخطأ في صلاته وصلى لغير القبلة لعجزه عن الاستدلال أو معرفة الأدلة أو اشتباه الأمر عليه فصلاته صحيحة في قول الحنفية والمالكية والحنابلة. لما روى عامر بن ربيعة قال : (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر في ليلة مظلمة فلم يدر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}). رواه الترمذي بإسناد ضعيف. ويعضده آثار الصحابة وعموم الأدلة.

والحاصل التفصيل في هذه المسألة: إن كان الخطأ حصل منكم في الحضر فلا تعذرون فيه لأنكم مفرطون فصلاتكم باطلة وتلزمكم الإعادة. وإن كان الخطأ حصل منكم في السفر مع اجتهادكم فأنتم معذورون إن شاء الله وصلاتكم صحيحة ولا يلزمكم الإعادة.

وهذا الحكم يجري في الانحراف التام عن القبلة إلى جهة أخرى أما الانحراف اليسير يمنة أو يسرة في نفس جهة القبلة فلا يضر مطلقا والصلاة صحيحة لا تلزم إعادتها لما روى الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (ما بين المشرق والمغرب قبلة). وعمل الصحابة عليه. فلا يلزم استقبال عين الكعبة لمن كان لا يشاهدها وإنما الواجب عليه استقبال الجهة. وهذا مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة.
والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
15/1/1431

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية