صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حكم ادخار الطعام

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.من فضلك يا شيخ ,أريد أن اعرف ما حكم ادخار الخضر واللحوم في المجمّد يعني الثلاجة لبضعة شهور لان سعر الخضر ينقص لبعض الوقت ثم يرتفع.•
السؤال:هل يطبق علينا الحديث عن من ادخر الأكل أربعين يوما برئ من ذمّتي .شكرا

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله.
الحمد لله. لا حرج على الإنسان أن يدخر الطعام بكل أنواعه فترة طويلة لغرض الاقتصاد والتدبير أو غير ذلك من الأغراض لأنه مباح في الأصل ولم يرد نهي في الشرع عن ذلك ولأنه ليس في ذلك إفسادا للطعام أو استخفافا بحرمته وهو داخل في باب العادات والأصل في هذا الباب الإباحة وبراءة الذمة إلا ما نهي عنه أو تضمن مفسدة أو محظورا ولا شك أن الادخار بحد ذاته خال من هذه المفاسد. أما الحديث المذكور في السؤال: (من ادخر الأكل أربعين يوما برئ من ذمّتي). فلم أجده بهذا اللفظ وليس له أصل في السنة وإنما المعروف فيه ورد بلفظ: (من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من الله تعالى وبرئ الله تعالى منه). رواه أحمد وقال أبو حاتم هذا حديث منكر. ومسألة الاحتكار تختلف عن الادخار في الصورة والحكم والعلة والمهم أنه لا يوجد حديث فيما أعلم ينهى عن ادخار الطعام مطلقا.
وقد ورد في البخاري: (لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم). وقال ابن حجر: (قيل أصله أن بني إسرائيل ادخروا لحم السلوى وكانوا نهوا عن ذلك فعوقبوا بذلك حكاه القرطبي وذكره غيره عن قتادة وقال بعضهم معناه لولا أن بني إسرائيل سنوا ادخار اللحم حتى أنتن لما ادخر فلم ينتن). والمراد أن اللحم كان من طبيعته سابقا لا ينتن ولا يفسد مهما بقي فلما ادخره بنو إسرائيل عاقبهم الله بطروء الفساد عليه وهذا النهي خاص بشرع من قبلنا أما نحن فلم ننه عن الادخار في الأصل إلا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ادخار الأضاحي بعد ثلاثة أيام لحاجة وفقر الأعراب الذين وفدوا على المدينة للتوسعة عليهم ثم نسخ ذلك بقوله: (كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث فامسكوا ما بدا لكم). رواه مسلم. وذهب عامة الفقهاء إلى إباحة إدخار الأضاحي فوق الثلاث قال ابن قدامة: (ويجوز ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث في قول عامة أهل العلم).
والحاصل أنه يجوز ادخار الطعام أيا كان نوعه لأي فترة إذا كان الغرض صحيحا ولا مفسدة فيه ويختلف توقيت الادخار بحسب اختلاف الأشخاص والأحوال ودعاء الحاجة إليه ولا ينافي ذلك التوكل والاعتماد على الله لأن هذا من تعاطي الأسباب النافعة والمؤمن مأمور بتعاطي الأسباب وهذا من كمال التوكل على الله ولهذا ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخر لعياله قوت سنة ثم يتصدق بما فضل في سبيل الله وأخرج مسلم من حديث ثوبان قال: (ذبح النبي صلى الله عليه وسلم أضحيته ثم قال لي يا ثوبان أصلح لحم هذه فلم أزل أطعمه منه حتى قدم المدينة). وهذا صريح في ادخاره لنفسه صلى الله عليه وسلم من أضحيته. وإنكار إدخار الطعام والتشديد فيه من مسلك المتصوفة الجهال الذين يزعمون أن الادخار إلى الغد ينافي التوكل ويقدح في الزهد الواجب وهذا القول مخالف للكتاب والسنة وهدي السلف الصالح وعمل المسلمين على مر التاريخ. قال ابن بطال: (قال الطبري في هذا رد على الصوفية في قولهم إنه ليس لأحد ادخار شيء في يومه لغده وأن فاعل ذلك قد أساء الظن بربه ولم يتوكل عليه حق توكله ولا خفاء بفساد هذا القول لثبوت الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يدخر لأهله قوت السنة).
وفي المقابل أصيب كثير من الناس في هذا الزمان بالهلع والشح والتكثر من أصناف الطعام والمبالغة فيه فتراهم يدخرون الكماليات بكمية وافرة مع وجود المال كل شهر وحصول الأمن وهذا يدل على الترف المذموم وحب الدنيا وضعف اليقين.
والله الموفق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
12/6/1433

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية