صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حكم المماطلة في سداد الدين

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله
ما حكم مماطلة سداد الدين للأشخاص و عدم الإجابة على اتصالاتهم و رسائلهم؟ علما ان تأخره بسداد دينه المستحق قد عاد بالضرر على الدائن.
كما ان المدين لديه اعمال و أملاك يستطيع ان يبيعها لسداد دينه.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. يحرم على المسلم أن يماطل أو يتأخر في سداد الدين الثابت في ذمته وهذه من الذنوب العظيمة التي نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وهو داخل في ظلم الأموال وقد عدها بعض أهل العلم من الكبائر ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مطل الغني ظلم فإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع). متفق عليه. وقد نص الفقهاء على أن المماطل فاسق ترد شهادته لظلمه وتهاونه بالحقوق.

وهذا التصرف من المدين يحل للدائن أن يشتكيه عند الحاكم ويحل للحاكم حبسه حتى يوفيه دينه لأنه ظلمه في ماله لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته). رواه أبوداود. وإذا لم يجد سبيلا عليه أبيح له أن يدعو عليه لأنه مظلوم والشارع جعل للمظلوم دعوة مستجابة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب). متفق عليه.

والمماطل المذموم شرعا والمستحق للتعزير في الدنيا والعقوبة في الآخرة هو الغني القادر على الوفاء بماله أما المعسر الذي لا يجد مالا ولا يستطيع الوفاء فمعذور شرعا ولا يحل شكايته ويجب إنظاره لأنه معذور ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ولذلك قال الله عز وجل: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ).

والمماطل الغني إذا امتنع من القضاء بعد مطالبة الدائن يجب على الحاكم أن يستوفي ديون الناس من أمواله ولو ببيع عقاراته وأصوله لأن حقوق الآخرين لا تسقط إلا بالوفاء ولأنه في حكم الغاصب يجب استخلاص المغصوب من ماله.

وينبغي للمؤمن أن يتخلص من حقوق المسلمين في الدنيا ويوفيهم أموالهم قبل أن يقتصوا منه يوم القيامة فيأخذوا من حسناته فإن نفدت طرحوا عليه سيئاتهم كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه). رواه البخاري. والمماطل إن نجا من عقوبة الدنيا فلن ينجو من عقوية الآخرة وهذا يدل على خطورة الموقف وعظم الحساب فليحذر المؤمن من هذا الأمر أشد الحذر وليحترس.

ومن المؤسف أن ترى تساهل الرجل الصالح في حقوق الناس مع حرصه على أداء الفرائض وهذا من قلة الفقه والورع وضعف المروئة لأن حقوق الله مبناها على المسامحة وحقوق الخلق مبناها على المشاحة ولا تسقط إلا بالوفاء ولذلك شدد الشارع الحكيم في أمر الدين وعدم سقوطه من ذمة الشهيد مع أنه جاد بنفسه وماله كما في صحيح مسلم: (يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين).

ولما توسع الناس وتساهلوا في قضاء الديون وضيعوا حقوق الأغنياء أغلق عليهم باب القرض الحسن وصاروا في شدة وضيق تحت وطأة البنوك الجشعة التي لا ترحم مؤمنا ولا تساهم في تكافل المجتمع.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
1/6/1435

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية