صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







بحث حول معنى يفرق فيها كل امر حكم

م. عبد اللطيف البريجاوي


بحث حول معنى يفرق فيها كل امر حكم
تنبيه
شديد وتوضيح أكيد على أنّ الليلة التي يفرق فيها كلّ أمر حكيم هي ليلة القدر وليست ليلة النصف من شعبان


ينتشر بين الناس دعاءٌ يدعونه في ليلة النّصف من شعبان ويذكرون فيه « اللهم إنا نسألك بالتجلي الأعظم في ليلة النصف من شهر شعبان المكرم التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم!!»
وهذا الدعاء مخالف لقطعيات القرآن الكريم في أنّ الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة القدر وليست ليلة النصف من شعبان قال تعالى:حم{1} وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ{2} إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ{3} فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ{4} أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ{5} رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{6}

وإليك أخي القارئ أقوال العلماء والمحدثين والمفسرين من هذه الأمة في هذه المسألة:


قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه لصحيح مسلم:« قال العلماء: وسميت ليلة القدر لما يكتب فيها للملائكة من الأقدار والأرزاق والآجال التي تكون في تلك السنة كقوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}»[شرح مسلم للنووي كتاب الصيام باب فضل ليلة القدر ]

وبذلك قال ابن حجر في الفتح: « ورواه عبد الرزاق وغيره من المفسرين بأسانيد صحيحة عن مجاهد وعكرمة وقتادة وغيرهم»[فتح الباري كتاب فضل ليلة القدر باب فضل ليلة القدر]

قال ابن كثير: وقوله: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ }[الدخان:4] أي في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة، وما يكون فيها من الآجال والأرزاق وما يكون فيها إلى آخرها. وهكذا روي عن ابن عمر ومجاهد وأبي مالك والضحاك وغير واحد من السلف.[تفسير ابن كثير تفسير سورة الدخان]

قال ابن كثير: يقول تعالى مخبراً عن القرآن العظيم أنه أنزله في ليلة مباركة، وهي ليلة القدر كما قال عز وجل: {إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ }[القدر:1] وكان ذلك في شهر رمضان كما قال تبارك وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ } [البقرة:581] .[تفسير ابن كثير تفسير سورة الدخان]

وقال القاضي أبو بكر بن العربي: وجمهور العلماء على أنها ليلة القدر. ومنهم من قال: إنها ليلة النصف من شعبان؛ وهو باطل لأن الله تعالى قال في كتابه الصادق القاطع: {شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ} (البقرة: 185) فنصّ على أن ميقات نزوله رمضان، ثم عيّن من زمانه الليل هاهنا بقوله: {فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ}؛ فمن زعم أنه في غيره فقد أعظم الفِرْية على الله، وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعوّل عليه لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها فلا تلتفتوا إليها.[تفسير القرطبي تفسير سورة الدخان]

قال رجل للحسن: أرأيت ليلة القدر، أفي كل رمضان هي؟ قال: نعم والله الذي لا إله إلاَّ هو، إنها لفي كل رمضان، وإنها الليلة التي يُفرق فيها كل أمر حكيم، يقضي الله كلّ أجل وخلق ورزق إلى مثلها. [تفسير الطبري تفسير سورة الدخان]

قال ابن عباس: يُحْكم اللّهُ أمرَ الدنيا إلى قابل في ليلة القدر ما كان من حياة أو موت أو رزق. وقاله قتادة ومجاهد والحسن وغيرهم. واختار صاحب كتاب العروس، أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ليلة النصف من شعبان، وأنها تسمى ليلة البراءة. وقد ذكرنا قوله والرد عليه وأن الصحيح إنما هي ليلة القدر.

ومن قال: إنها ليلة النصف من شعبان كما روي عن عكرمة فقد أبعد النجعة، فإنّ نص القرآن أنها في رمضان، والحديث الذي رواه عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل عن الزهري، أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد أخرج اسمه في الموتى» فهو حديث مرسل ومثله لا يعارض به النصوص.[تفسير ابن كثير تفسير سورة الدخان]

قال القرطبي: وقال آخرون: بل هي ليلة النصف من شعبان.
والصواب من القول في ذلك قول من قال: عنى بها ليلة القدر.
وقوله: فِيها يُفْرَق كُلُّ أمْرٍ حَكِيم اختلف أهل التأويل في هذه الليلة التي يُفرق فيها كلّ أمر حكيم، نحو اختلافهم في الليلة المباركة، وذلك أن الهاء التي في قوله: فِيها عائدة على الليلة المباركة، فقال بعضهم: هي ليلة القدر، يُقْضَى فيها أمر السنة كلها من يموت، ومن يولد، ومن يعزّ، ومن يذل،وسائر أمور السنة. ذكر من قال ذلك:
حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: أخبرنا ربيعة بن كلثوم، قال: كنت عند الحسن، فقال له رجل: يا أبا سعيد، ليلة القدر في كلّ رمضان؟ قال: إي والله، إنها لفي كلّ رمضان، وإنها الليلة التي يُفرق فيها كل أمر حكيم، فيها يقضي الله كلّ أجل وأمل ورزق إلى مثلها. .[تفسير القرطبي تفسير سورة الدخان].

وقال عكرمة: الليلة المباركة هاهنا ليلة النصف من شعبان. والأوّل أصح_ أي أنها ليلة القدر_ .[تفسير القرطبي تفسير سورة الدخان]
وبذلك يتضح الحق وينجلي الغبار, فهاهم علماء الأمة المحدثون: ابن حجر والنووي, وكذلك المفسرون ابن كثير والقرطبي والطبري وابن العربي يقررون على لسان ابن عباس وقتادة والحسن بأسانيد صحيحة أنّ الليلة التي يفرق فيها كلّ أمر حكيم هي ليلة القدر وليس غيرها؛ بل إنّ ابن العربي ذهب إلى التشديد في ذلك فقال: فمن زعم غير ذلك فقد أعظم الفِرْية على الله. اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه آمين.

المرجع كتاب رحلة النظر في قصار السور للمؤلف عبد اللطيف البريجاوي

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
م. البريجاوي
  • عبير الإسلام
  • إليك أخي ...
  • فقه الأسرة المسلمة
  • تدبرات قرآنية
  • في رحاب النبوة
  • كتب
  • أطياف الهداية