صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الأناشيد.. والحفلات والقنوات

سلطان بن عثمان البصيري


الأناشيد أصلها شعر ، والشعر قال فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي روته عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( حسنُه حسن ، وقبيحُه قبيح ) رواه البخاري في الأدب المفرد.
ووجه الحسن وكذلك القبح في الشعر عند التأمل في أربع صفات تُلازم الشعرَ المُنشَد ، وهي اللفظ والمعنى والقصد والطريقة ، فأيّ شعر فاسد اللفظ شرعاً لا يجوز نظمه وإنشاده ، وكذلك فاسد المعنى وفاسد القصد وفاسد الطريقة.

ومثال فاسد اللفظِ اللفظُ الدالّ على سبّ الدين أو اللفظُ الفاحش ، ووجه فساد هذين المثالين واضح ، ومثال فاسد المعنى قول لبيد في عجز بيت له : وكل نعيمٍ لا محالةَ زائلُ ، فهذا فاسد المعنى لأن نعيم الجنة لا يزول ، وقد أنكر الصحابي الجليل عثمان بن مضعون رضي الله عنه قولَ لبيد كما في الطبراني ، ومثال فاسد القصد كالشعر الذي ظاهره طيّب ولكن القصد منه هو السوء كالطعن في الأنساب ، ومثال فاسد الطريقة ما كان على طريقة أهل الغناء المحرّم من تثنٍّ وتصفيق وضرب بالأرجل وهزٍّ بالرؤوس ، لعموم أدلة النهي عن التشبه ، كالحديث الصحيح الذي رواه أبو داوود وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من تشبّه بقوم فهو منهم ) ، فأحاديث النهي عن التشبّه دلّت على أن مجرّد التشبّه يُدخل المتشبِّه في دائرة من تشبّهَ بهم.

وإذا تأمّلنا أكثر أناشيد اليوم وجدناها من الصنف الرابع الذي هو فاسد الطريقة ، فتجد المنشد يخرج بطريقة تُحاكي طريقة أهل الغناء تقليداً لهم فيما يُسمونه بالأعجمية clip ، ويزداد الطينُ بلّة عندما يُضيفون لإنشادهم الموسيقى ، ولاشكّ في تحريمها بنصّ حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أحد عشر راوياً غير البخـاري ، ونص الحديث : ( ليستحلّن أقوامٌ من أمتي الحر والحرير والخمر والمعازف ) فهم يُضيفون لإنشادهم بعض الأصوات الموسيقية المسجّلة ، والتي يسمّونها إيقاعات ومؤثرات ، ويزعمون أنها ليست من آلات موسيقية مباشرة !! ولا أدري ما الفرق في الحكم بين الصوت المباشر والصوت المسجَّل !!
ثمّ القابعة في تسمية عملهم هذا بالنشيد الإسلاميّ !! وكأن الإسلام يرتضيه !! .. نعم ، أنا لست ضدّ تسمية ما انضبط بشرع الله بإسلاميّ ، أو ما عُرِف به المسلمون بإسلامي ، فقد جاءت هذه التسمية في كتب السلف لما عُرف عن المسلمين ، كقول الحجاوي في زاد المستقنع في كتاب الصلاة : ( أو محاريب إسلامية ) ، وغيره كثير ، لكن أن يُظهر الباطل على أنه من الحق هذا ما لا يسلكه من أراد أن يدلّ عباد الله إليه.

وإن ما تقوم به بعض القنوات في برامج حفلاتها لهو من الباطل التي تُظهره على أنه حقّ ، فشكر الله لمن احتسب في الإنكار عليهم ، وحاشا لله أن يخذل من دلّ عباده إليه.

وفي الختام أقول : إن مما يُنبّه له أن حديث المعازف الآنف ذكره والذي رواه البخاري وأحد عشر راوياً غيره ، قد ضعّفه ابن حزم الظاهري من طريق البخاري لعلّة في إسناده ، ولم يحكم بصحة الحديث من طريق غيره وكلّها صحيحة ، وقد خالف بذلك جمهور السلف في تحريم المعازف كما ذكر ذلك ابن الصلاح ، ولكن كما ذكر الألباني في كتابه ( تحريم آلات الطرب ) اللوم على من عرف خطأ ابن حزم فتابعه عليه .. ما عذره عند الله.


سلطان بن عثمان البصيري

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سلطان البصيري
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية