صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







كفاءة النسب في الزواج

سلطان بن عثمان البصيري


إن الشريعة الإسلامية لا تقرّ من الأعراف إلا ما كان لا يعود بمخالفة شرعية وإن مما ينتشر خصوصاً في المملكة وما جاورها تصنيف بعض الناس لبعضهم بناءً على الأعراف العرقيّة والقبليّة ، وهو أمر لا تقرّه الشريعة الإسلامية إلا في حق القرشيين ، كما دلّت السنة النبوية على ذلك ، فقد قال النبي – صــلى الله عليه وسـلم – : ( قدّموا قريشاً ولا تقدّمـوها ) رواه البيهقي وغيره بسند صحيح.

وإلا فإن الأصل أن الناس كما في الحديث بنو آدم ، وآدم من تراب ، وهذا الحديث قاعدة تبيّن أن الناس كأسنان المشط ، إلا بأفعالهم ، ويتجلّى هذا المعنى في الخطاب الديني للمكلفين ، كما في اجتماع المصلين على إمام واحد وإقامة الصف وسدّ الخلل فيه ، وكذلك اجتماع الصائمين في صيامهم في زمن واحد ؛ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وأيضاً اجتماع الحجيج بسمت واحد وزيّ واحد ، كل هذا في صورة مشرقة للوحدة والمساواة والعدالة ، لا فضل لأبيض على أسود ، ولا لغني على فقير ، كلهم أمام الله سواء إلا بالتقوى.

ولقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( من ادعى بدعوى الجاهلية فهو من جثا جهنم ! ) فقال رجل : يا رسول الله ؛ وإن صلى وصام ؟ قال : ( وإن صلى وصام ، فادعوا بدعوى الله الذي سمّاكم المسلمين المؤمنين ؛ عباد الله ) رواه أحمد وغيره.

هذا وإن من مظاهر التمييز العرقي أن يترك بعض الناس تزويج آخرين ولو كانوا على خلق ودين على حساب التمييز العرقي ، وفي تصفّح لذاكرة التأريخ – لا سيّما عصر صدر الإسلام ، وخصوصاً مع سيّد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم – نجد أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أرفعَ الناس قد تزوّج بزينب بنت جحش بعد مولاه زيد ، بل هو الذي زوّجها بزيد من قبل رغم أنها قرشيّة وأمها هاشميّة ، وأشـار النبي – صلى الله عليه وسلم – لفاطمة بنت قيس القرشيّة أن تقبل بنكاح أسامة بن زيد الذي قد استفاض أنه وأباه من الموالي ، وثبت عند البخاري وغيره عن عائشة أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس – وكان قرشيّاً ممن شهد بدراً قد تبنى سالماً – ولمّا كبر سالم أنكحه أبو حذيفة ابنة أخيه الوليد بن عتبة ، وسالم هذا إنما هو مولى لامرأة من الأنصار ، وأخرج البخاري في التاريخ الكبير عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن أمه قالت : رأيت أخت عبد الرحمن بن عوف تحت بلال. ومن المتقرر أن عبد الرحمن زهريّ قرشيّ ، وبلال حبشي عتيق لأبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين.

وإذا كان هذا حال الصحابة – رضي الله عنهم – الذين لم يعيروا للعرقيّة والقبليّة اهتماماً فهل الذين يميّزون بين الناس سبقوا الصحابة إلى خير ! ومن ظن أنه سيكون على خير مما كان عليه سلف الأمة فا أظنه على خير.

وفي الختام أقول : لم أشأ ذكر اختلاف أهل العلم في مسألة كفاءة النسب لأن الحق يعرف بالدليل لا بالأقوال التي لا يعضدها دليل ، وكذلك فإنه مع ثبوت سنة النبي صلى الله عليه وسلم يسقط كل قول يخالفه.
 

سلطان بن عثمان البصيري

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سلطان البصيري
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية