صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







أهلي يَفرِضون عليَّ المنهجَ الصُّوفيَّ؟!

ظَافِرُ بْنُ حَسَنْ آل جَبْعَان

 
بسم الله الرحمن الرحيم


ومنه المعونةُ والتَّسديدُ

أهلي يَفرِضون عليَّ المنهجَ الصُّوفيَّ؟!

السُّؤالُ:
السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

أنا فتاةٌ مغربيَّةٌ، ملتزمةٌ وللهِ الحمدُ, وبفضلِ اللهِ استَقَمتُ على المنهجِ السَّلفيِّ؛ لكنَّ أهلي منعوني وفرَضوا عليَّ المنهجَ الصُّوفيَّ! وأنا الآنَ تحتَ قيادةِ أبي, وقد فرَض عليَّ الدِّراسةَ في جوٍّ مُختلَطٍ, ونزَع الخِمارَ معَ أنَّ زِيَّهم لِحافٌ فيه زِينةٌ, وأنا الآنَ أتَّقِي اللهَ قدرَ استطاعتي, وليس لي أحدٌ يُنقِذُني مِن أبي إلَّا اللهَ. تقدَّم لي خاطبٌ سلفيٌّ، ورفَضُوه بحُجَّةِ أنَّ أبي يريدُني أن أُكمِلَ تعليمي, وأَتوظَّفَ. وأنا حاليًّا أطلبُ العلمَ الشَّرعيَّ عن طريقِ "الإنترنت", وأقرأُ كتبًا تُحضِرُها لي صديقتي في الدِّراسةِ بدونِ علمِهم, وأنا أكرهُ الدِّراسةَ, وأريدُ خِماري، وأريدُ أن أجلسَ في المنزلِ، أرغبُ أن أكونَ مِن المُوقَّراتِ في بيوتِهِنَّ, وأتفرَّغَ للتَّفقُّهِ في الدِّينِ, والقيامِ بالدَّعوةِ, ومُحارَبةِ الصُّوفيِّينَ, ونزعِ البدعِ الَّتي في المساجدِ ... إلى ذلك من الأعمالِ, وأتمنَّى أداءَ النَّوافلِ, واللهِ هذا ما في نيَّتِي, فحَسْبِيَ اللهُ ونِعمَ الوكيلُ؛ فلا توجدُ عندَنا محاكمُ استشاريَّةٌ شرعيَّةٌ؛ لكنْ مَن سيَقِفُ معي أمامَ والدي؟ أجيبوني، والسَّلامُ عليكم.


الجوابُ:

وعليكم السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّم على رسولِه الأمينِ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ.
أمَّا بعد:

أختي الفاضلةَ:
أسألُ اللهَ أن يُصلِحَ شأنَكِ، وأن يُيسِّرَ لكِ، وأن يختارَ لكِ الصَّالحَ من أمرِكِ، وأن يُثبِّتَكِ على الحقِّ حتَّى تَلْقَيْ ربَّكِ.

أمَّا بالنِّسبةِ لمُعاناتِكِ الَّتي هي مزيجٌ من البلاءِ والابتلاءِ؛ فإليكِ الإشارةَ في أمورٍ:


أوَّلًا: هنيئًا لكِ هذا التَّوفيقَ من اللهِ الكريمِ للهدايةِ والاستقامةِ والالتزامِ بهذا الدِّينِ،
وعلى التَّوفيقِ العظيمِ لسلوكِ سبيلِ أهلِ الحقِّ واليقينِ من أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، وهنيئًا لكِ هذه القناعةَ التَّامَّةَ بما أنتِ عليه، وَلْتَعلَمِي -أيَّتُها الصَّادقةُ- أنَّ هذه النِّعمةَ الَّتي هُدِيتِي إليها لَهِيَ من أجلِّ ما يُنعِمُ اللهُ به على العبدِ، وخاصَّةً في هذا الزَّمنِ الَّذي كثُر فيه البعدُ عن اللهِ، والجهلُ بشرائعِ دينِه؛ فلقد تعلَّق كثيرٌ من المسلمينَ بالبدعِ والخرافاتِ، واعتمَدوا على الرُّؤَى والمناماتِ، وعلَّقوا أمورَهم بأسبابٍ هي أوهنُ من بيتِ العنكبوتِ! وهذه البدعُ المُتراكِمةُ كلُّها بسببِ تزيينِ الشَّيطانِ الرَّجيمِ لهم ذلك؛ يقولُ اللهُ تعالى: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ} [فاطر: 8]، ويقولُ ابنُ مسعودٍ -رضي اللهُ عنه-: (يجيءُ قومٌ يتركون من السُّنَّةِ مِثلَ هذا [يعني مَفصِلَ الأُنْمُلةِ]، فإنْ ترَكتُموهم؛ جاؤُوا بالطَّامَّةِ الكبرى) [«شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة» للإمامِ اللَّالَكائيِّ 1/91].

إنَّ التَّمسُّكَ بالسُّنَّةِ والثَّباتَ عليها؛ لَهُوَ من أعظمِ ما يَمُنُّ اللهُ به على العبدِ لإدراكِ الخيرِ كلِّه،
والتَّوفيقِ لحسنِ الخاتمةِ؛ ولذلك كان من دعاءِ الإمامِ أحمدَ بنِ حنبلٍ -رحمه اللهُ تعالى-: (اللَّهُمَّ أَمِتْني على الإسلامِ والسُّنَّةِ) [«تاريخ دمشق» 5/323]، ويقولُ أبو بكرٍ المَرُّوذِيُّ: قلتُ لأبي عبدِ اللهِ [يعني الإمامَ أحمدَ بنَ حنبلٍ]: يا إمامُ، مَن مات على الإسلامِ والسُّنَّةِ؛ مات على الخيرِ؟ قال: (اسكُتْ، بل مات على الخيرِ كلِّه) [«سِيَر أعلام النُّبَلاء» 11/296]، فانظُرِي لهذا الفقهِ العميقِ من هذا الإمامِ الكبيرِ؛ كيف فَقُهَ وفَهِمَ نعمةَ الإسلامِ، والهدايةِ للسُّنَّةِ من غيرِ بدعٍ ولا مُنكَراتٍ، ومن غيرِ أهواءٍ ولا مُضِلَّاتٍ؟ فكانت إجابتُه أنَّ العبدَ إذا خُتِم له بالموتِ وهو ثابتٌ على السُّنَّةِ؛ كان جامعًا للخيرِ كلِّه.

وَلْتَعلَمِي أنَّ ما عليه أهلُ التَّصوُّفِ من الانحرافِ والضَّلالِ،
والتَّعلُّقِ بغيرِ اللهِ من الأولياءِ والصَّالحينَ، والتَّوسُّلِ بالأمواتِ والأضرحةِ = ليس هو منهجَ النَّبيِّ الكريمِ، ولا غيرِه من الأنبياءِ الكرامِ؛ بل كان منهجُهم دعاءَ اللهِ وحدَه لا شريكَ له، والتَّعلُّقَ به سبحانه وحدَه، وتركَ الوسائطِ والوسائلِ الَّتي بينَ العبدِ وربِّه؛ بل قد ضرَب اللهُ لنا في كتابِه الكريمِ مَثَلًا عظيمًا لِمَن دعا غيرَه وترَك دعاءَه: بشخصٍ يريدُ أن يشربَ ويُروِيَ عطشَه، لكنَّه باسطٌ كفَّيْه إلى الماءِ ليبلغَ فاه، لكنْ لم يَستقِرَّ الماءُ فيهما، معَ أنَّه رافعٌ يدَيْه للماءِ؛ بسببِ بسطِه لهما، فالماءُ لا يَقِرُّ ولا يستقرُّ فيهما؛ لخطئِه في طلبِ الماءِ، فتَأمَّلِي قولَ الحقِّ الكريمِ: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِه لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [الرَّعد: 14]، ومفهومُ المُخالَفةِ لفهمِ هذا المثالِ القرآنيِّ: أنَّ مَن رفَع يدَيْه بطريقةٍ صحيحةٍ تجمعُ الماءَ؛ فإنَّه سيشربُ وسيُروِي عطشَه، فمَن دعا اللهَ وحدَه بصدقٍ، وبدونِ وسائطَ وقرابينَ للأولياءِ، وبدونِ طُرُقٍ صوفيَّةٍ؛ هُدِيَ ورشَد، ومَن زَلَّ فقد ضَلَّ وهلَك!

ثانيًا: إذا تقرَّر لدَيْكِ هذا الأمرُ، وأدرَكتِ نعمةَ اللهِ عليكِ؛
فأَكثِري من اللُّجوءِ والانطراحِ بينَ يدَيِ اللهِ أن يُثبِّتَكِ على هذا الحقِّ، وأن يَزِيدَكِ يقينًا وثباتًا فيه وعليه، فإنَّ هذه النِّعمةَ الَّتي أدرَكتِ فضلَها ما هي إلَّا عطيَّةٌ من اللهِ لكِ، قد حُرِمَها كثيرٌ من النَّاسِ، بل ممَّن هم أفضلُ منكِ عقلًا وذكاءً وفهمًا ونباهةً، لكنَّ الهدايةَ للحقِّ لا تُدرَكُ بالذَّكاءِ والفهمِ، ولا بالعقلِ والنَّباهةِ، وإنَّما هي عطيَّةٌ من اللهِ الجليلِ لِمَن شاء من عبادِه، فإذا استَشعَرتِ مِنَّةَ اللهِ عليكِ، واختيارَه واصطفاءَه لكِ من بينِ كثيرٍ من خلقِه؛ فاعلَمِي أنَّه لا يمكنُ أن تبقى لكِ هذه النِّعمةُ وتَثبُتِي عليها إلَّا بكثرةِ دعاءِ اللهِ بالثَّباتِ عليها؛ فإنَّها منه، ولا تُطلَبُ إلَّا منه، فهذا النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- معَ أنَّه نبيُّ اللهِ ورسولُه، وخليلُه، ومُصطَفاه من بينِ خلقِه، وقد وعَده ربُّه الدَّرجةَ العاليةَ في الجنَّةِ، ومعَ ذلك كان يُكثِرُ من قولِ: «يا مُقلِّبَ القلوبِ، ثَبِّتْ قلبي على دِينِكَ»، فلمَّا سُئِلَ عن ذلك قال -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «إنَّ القلوبَ بينَ إِصْبَعَيْنِ مِن أصابعِ اللهِ، يُقلِّبُها كيف يَشَاءُ» [أخرجه أحمدُ 3/112، والتِّرمذيُّ (2140)، وحسَّنه الألبانيُّ في «السِّلسلةِ الصَّحيحةِ» (2091)].

ثالثًا: أُبارِكُ لكِ هذه الهِمَّةَ العاليةَ في الثَّباتِ على منهجِ الحقِّ، والحرصِ على الدَّعوةِ إلى اللهِ؛ ببيانِ الحقِّ لجميعِ النَّاسِ،
ومُحارَبةِ البدعِ والمُنكَراتِ، لكنْ ينبغي أن يكونَ هذا الحماسُ مُنضبِطًا بالحكمةِ والبصيرةِ؛ والحكمةُ: فعلُ ما ينبغي في الوقتِ الَّذي ينبغي، ووضعُ الأمورِ في نِصابِها الصَّحيحِ. وأمَّا البصيرةُ فتكونُ بالعلمِ الصَّحيحِ الَّذي يهدي، والحُجَّةِ الواضحةِ، ولذلك يقولُ اللهُ تعالى: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَني} [يوسف: 108].

رابعًا: عليكِ ببِرِّ والدِكِ، ومُصاحَبتِه بالحسنى، والصَّبرِ على أذاه، وهذا هو المنهجُ الشَّرعيُّ في التَّعاملِ معَ الوالدينِ؛
يقولُ اللهُ تعالى: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 15]، فإنْ جاهَدَكِ والداكِ على أن تُشرِكِي باللهِ غيرَه؛ سواءٌ في عبادتِه ممَّا ليس لكِ به علمٌ, أو أمَرَاكِ بمعصيةٍ من معاصي اللهِ؛ فلا تُطِيعِيهِما؛ لأنَّه لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ, وصاحِبِيهما في الدُّنيا بالمعروفِ فيما لا إثمَ فيه, واسلُكِي -أيَّتُها المؤمنةُ- طريقَ مَن تاب مِن ذنبِه, ورجَع إلى اللهِ، وآمَن برسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فهذا هو التَّعاملُ الشَّرعيُّ معَ والدَيْكِ، وهذه الآيةُ في حالِ الوالدينِ المشركينِ، فكيف بحالِ والدَيْكِ المُسلِمَينِ؟ وإنْ صدَر منهما تقصيرٌ، أو بعضُ المخالَفاتِ الَّتي قد تكونُ بسببِ جهلِهما، أو غيرِ ذلك ممَّا قد يُعذَرُ به المرءُ أو لا يُعذَرُ عليه، لكنَّ هذا هو المنهجُ في تعاملِ الأولادِ من الذُّكورِ والإناثِ معَ والِدِيهم.

أمَّا والدُكِ -هداه اللهُ، وأعانكِ على بِرِّه-؛ فلا يجوزُ لكِ طاعتُه فيما يأمرُكِ به من تركِ المنهجِ الحقِّ، وخلعِ جلبابِ السَّترِ والعفافِ، ومُحارَبتِكِ في دينِكِ؛ لكنْ يظهرُ أنَّه مُتأثِّرٌ بواقعِ البلدِ العامِّ، وبالمنهجِ الصُّوفيِّ المنحرفِ؛ فأُوصِيكِ بالتَّعاملِ معَه كالآتي:

1- أَكثِرِي من دعاءِ اللهِ تعالى بالهدايةِ لوالدَيْكِ،
وخاصَّةً والدَكِ، وأَكثِرِي من دعاءِ اللهِ له بقولِ: (اللَّهُمَّ اشرَحْ صدرَه، ونوِّرْ بصيرتَه، وأَرِهِ الحقَّ حقًّا وارزُقْه اتِّباعَه، وأَرِهِ الباطلَ باطلًا وارزُقْه اجتنابَه، ولا تجعلْه مُلتبِسًا عليه فيَضِلَّ).

2- تَدرَّجِي معَ والدِكِ في بيانِ الحقِّ له بالحسنى،
والكلمةِ اللَّيِّنةِ الطَّيِّبةِ، ويكونُ تَدرُّجُكِ معَه فيما تُرِيدِينَ بيانَه له، وَلْيَكُنْ أوَّلُ ما تُبيِّنينه له: أهمِّيَّةَ التَّوحيدِ والإخلاصِ للهِ في العبادةِ، ويكونُ ذلك عن طريقِ عرضِ سيرةِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، وبيانِ منهجِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في دعوتِه لقومِه، وكيف كانت محاربتُه لِمَا هم عليه من التَّعلُّقِ بغيرِ اللهِ ودعاءِ سواه، ثُمَّ تَدرَّجِي معَه ببيانِ حالِ أُمَّهاتِ المؤمنينَ؛ زوجاتِ النَّبيِّ الكريمِ -رضي اللهُ عنهُنَّ- وما كُنَّ عليه من الحِشْمةِ والعفافِ، والطُّهرِ والسَّترِ، وأنَّ الاقتداءَ بِهِنَّ لا يمكنُ إلَّا بالحجابِ السَّاترِ الفَضْفاضِ، الَّذي ليس فيه زينةٌ بذاتِه، ولا يصفُ البدنَ ولا البَشَرةَ، وبيِّنِي له أنَّ المرأةَ بغيرِ حجابِها لا تساوي شيئًا، ولا يريدُها الرِّجالُ، ثُمَّ تَدرَّجِي معَه في موضوعِ الدِّراسةِ، وهكذا ...

3- كوني قدوةً صالحةً في البيتِ لوالدَيْكِ ولإِخْوتِكِ،
ومهما صدَر منهم تُجاهَكِ من إساءةٍ وتقصيرٍ؛ فقابلي ذلك بشيءٍ من الصَّبرِ والاحتسابِ في ذاتِ اللهِ الكريمِ؛ فإنَّهم إنْ وجَدوا منكِ الصِّدقَ والصَّلاحَ والبِرَّ والإحسانَ؛ فسيحملُهم ذلك على احترامِكِ، والإفادةِ منكِ.

4- أَتمنَّى أن تكسبي في صفِّكِ والدتَكِ،
وبعضَ إخوتِكِ ممَّن هم قريبون من الخيرِ؛ فابدَئِي بالدَّعوةِ معَ أقربِهم للخيرِ، ويكونُ ذلك بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ.

5- إذا أمكَن أن تسلكي طريقةً في دعوتِه بطريقٍ غيرِ مباشرٍ؛
كأنْ تأتينَ لوالدِكِ بكتبٍ ينتفعُ بها، أو أشرطةٍ، ونحوِ ذلك ممَّا قد يكونُ له أثرٌ جيِّدٌ في دعوتِه وبيانِ الحقِّ له.

6- إنْ كان هناك من أقاربِكِ قريبٌ عاقلٌ صالحٌ يمكنُ أن يُؤثِّرَ على والدِكِ بالقولِ الحسنِ،
والكلمةِ الطَّيِّبةِ؛ فَالْتَمِسِي منه أن يبذلَ له النُّصحَ، ويُبيِّنَ له خطرَ ما هو عليه وما يأمُرُكِ به.

رابعًا: عليكِ بالعلمِ الشَّرعيِّ،
والمواصلةِ فيما بدأتِ به من علمٍ صحيحٍ مُوافِقٍ للكتابِ والسُّنَّةِ؛ فإنَّ مِن أعظمِ المُثبِّتاتِ على الدِّينِ -بعدَ تثبيتِ اللهِ للعبدِ- العلمَ الشَّرعيَّ، وأعظمُ العلومِ الَّتي ينتفعُ بها المسلمُ: كلُّ علمٍ يُقرِّبُ إلى الحيِّ القيُّومِ، فأَكثِري من قراءةِ القرآنِ وتدبُّرِ آياتِه، وعليكِ بقراءةِ وحفظِ شيءٍ من سُنَّةِ رسولِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، اهتَمِّي بكتبِ العقيدةِ الخاليةِ من البدعِ والمخالَفاتِ والضَّلالِ والزَّلَّاتِ.

خامسًا: إذا وجَدتِ أختًا صالحةً فاضلةً؛
فاتَّخِذِيها صاحبةً لكِ، ولا تَزهَدِي في صُحْبتِها؛ بل تعاوَنِي معَها على البِرِّ والتَّقوى، وعلى الصَّبرِ والمصابَرةِ على هذا الدِّينِ. يقولُ اللهُ العظيمُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200].

سادسًا: جزاكِ اللهُ خيرًا على حرصِكِ على القرارِ في بيتِكِ،
وعدمِ الخروجِ منه؛ فإنَّ هذا هو منهجُ نساءِ سلفِ الأُمَّةِ من المؤمناتِ الصَّالحاتِ، العفيفاتِ الطَّاهراتِ؛ فلم يَكُنَّ يُكثِرْنَ الخروجَ من بيوتِهِنَّ، بل كانت إحداهُنَّ تلزمُ بيتَها، وتعبدُ ربَّها فيه حتَّى تُوافِيَها المَنِيَّةُ.

وإنَّ لزومَ المرأةِ بيتَها هو أساسُ عِفَّتِها وحفظِها من الوقوعِ في الشُّبُهاتِ والشَّهواتِ، ولَمَّا أهمَل النِّساءُ المسلماتُ هذا الأمرَ، وخرَجْنَ من غيرِ حاجةٍ؛ كانت المصيبةُ والفتنةُ، لكنْ إنْ كان خروجُكِ لحاجةٍ ماسَّةٍ، أو لطلبِ علمٍ شرعيٍّ، أو لمصلحةٍ دعويَّةٍ؛ فلا شيءَ في ذلك، بل قد يكونُ خروجُ المرأةِ أحيانًا ممَّا ينبغي، وخاصَّةً المرأةَ المسلمةَ، والدَّاعيةَ النَّاصحةَ مِنهُنَّ، ولكنَّ هذا كلَّه بقصدٍ، وتُراعَى فيه المصالحُ الشَّرعيَّةُ.


وختامًا: اعلمي أنَّ العَلاقةَ باللهِ تعالى هي الرُّكنُ المكينُ،
والحبلُ المتينُ، والصِّراطُ المستقيمُ، الَّذي لا يَضِلُّ سالكُه، ولا يخيبُ من تمسَّك به؛ فاحرِصِي عليها وتَمسَّكِي بها.

أسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أن يُثبِّتَكِ على الحقِّ، وأن يشرحَ صدرَكِ، وأن يُيسِّرَ أمرَكِ، ويُفرِّحَ قلبَكِ، ويكشفَ همَّكِ، ويُعِينَكِ على أمورِ دينِكِ ودُنياكِ
.

واللهُ تعالى أعلى وأعلمُ.

أشار بها
الفقيرُ إلى عفوِ سيِّده ومَوْلاه

د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبْعانَ

www.aljebaan.com

 

 

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
ظَافِرُ آل جَبْعَان
  • الفوائد القرآنية والتجويدية
  • الكتب والبحوث
  • المسائل العلمية
  • سلسلة التراجم والسير
  • سلسلة الفوائد الحديثية
  • المقالات
  • منبر الجمعة
  • الصفحة الرئيسية