بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على الخرافيـين
لفضيلة الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمَّد ، وعلى آله ، وصحبه أجمعين
وبعد
أخي العزيز
وصلتنى رسالتكم ، والحمد لله أنَّكم متمتِّعون بالصحة الجيدة ، وأنَّكم مستمرون في الدراسة ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينكم ، وأنْ تعودوا إلى أهلكم ، وبلادكم ، وأنتم في أحسن حال.
والذي دفعني إلى هذه الرسالة الشفوية إليكم : هو ما كتبتم لي من السؤال عن ما وقع عندنا هنا في المملكة من فتنة أثارها المدعو محمد علوي مالكي ؛ وتقول لي : إن "حوار مع المالكي" الذي ألَّفه الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع وصلكم ، وقد استفدتم منه ، وتعجبتم ، أو بتعبيركم "ذهلتم" من هذه الأمور ، وهذه الشركيات ، وهذه المنكرات ، وكيف أن هذا الرجل يرتكبها ، ولكن - كما تقولون – وصلكم كتاب ؛ بل بالأحرى عدة كتب أهمها : كتاب "الرد على بن منيع" الذي ألَّفه يوسف هاشم الرفاعي الكويتي ، وتقول أيضاً : أنَّه وصلكم أخيراً كتابان ألَّف أحدَهما رجلٌ من البحرين سماه "إعلام النبيل" ، والثاني : ألَّفه اثنان من المغاربة وسمَّياه "التحذير من الاغترار بما جاء في كتاب الحوار" ، وتطلب مني باعتباري – كما ذكرتَ – متخصِّصاً في العقيدة ، ومقيماً هنا في البلاد ؛ بأن أكتب إليك مرئياتي عن هذا الموضوع ، وعن حقيقة الخلاف بيننا وبين الصوفية ، وهل الصوفية تعتبر هي أهل السنة والجماعة كما يزعم هؤلاء ؟ وبقية الأسئلة التي - إن شاء الله - سآتي عليها من خلال هذه الرسالة .
فأنا - يا أخي - أعتذر لك عن الكتابة ؛ لأنَّ مطلبك هذا الذي طلبتَه أن أكتبه ؛ يحتاج إلى رسالةٍ ، وكما تعلم أنني مشغول جداً برسالتي التي أحضِّرها الآن ، فكيف أستطيع أن أكتب لك رسالة أخرى عن التصوف ، ونشأته ، وعن الخلاف بيننا وبين أهله !! هذا كلامٌ طويلٌ جدّاً ، ونحن أحوج ما نكون إلى المنهج العلمي ، التفصيلي ، الذي ينبني على الأدلَّة ، والذي يتثبت ، والذي ينقل مِن كتب هؤلاء القوم ، ويتتبع أصول هذه الفرق جميعاً ليردَّ عليها ردّاً علميّاً ، صحيحاً ، سليماً ، وهذا يتطلب جهداً كبيراً ، وأمَّا مجرد خطبة عابرة ، أو نقد عابر ؛ فهذا من الممكن أن يكون في وريقات ، لكن الذي أراه أنَّنا – نحن – أمام هجمة صوفيَّة شديدة .
وكما ذكرتم لي سابقاً - عندكم في أمريكا - تلاحظون أنَّ التصوف بدأ ينتشر ، وبدأ كمحاولة للصدِّ عن سبيل الله تعالى ! أي أنَّ الأمريكي الذي يريد الدخول في الإسلام يقال له : ادخل في هذا الدين ! فيدخل في التصوف ، فيُحرم المسلمون منه ، وربما ينفرون! - كما حدثْتني عن بعضهم - لأنَّه إذا رأى ما في التصوف مِن الخرافات ؛ ينفر مِن الإسلام نهائيّاً وينفِّر غيره ، ويقول لهم : خرافات النصرانيَّة أخفُّ مِن خرافات الإسلام، وهذا - والعياذ بالله – مِن صور الصدِّ عن سبيل الله .
ولاشك - يا أخي - لديَّ أنَّ وراء ذلك مؤامرات يحيكها أعداء الإسلام من اليهود ، والنَّصارى ، مستغلِّين هؤلاء الصوفيَّة الذين كثيرٌ منهم زنادقة متسترون يريدون هدم الإسلام مِن الداخل ، وعندما أقول ذلك لا تفهم منِّي أنَّني أقول إنَّ كلَّ مَن يحضر المولد زنديق ! أو كل مَن يحب الطرق الصوفية زنديق ! .
ليس هذا هو المقصود ، المخدوعون كثيرٌ بالدعوات ، ولكن نحن نتحدث عن التصوف كفكرة ، وكعقيدة لها جذورها القديمة ، ولها فلسفاتها المستقلة ، ونتحدث كيف دخلتْ في الإسلام ، وكيف خُدع بها أكثر هذه الأمة ، فالذي نحكم عليه هي الصوفيَّة ، وأنتم تعرفون "الثيوصوفية" .
"الثيوصوفية"، هذه التي في أمريكا ، والتي عرَّفها صاحب المورد العربي الإنجليزي زهير بعلبكي بأنَّها فرقة حديثة ، نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية ، وليست في الحقيقة حديثة بالمعنى الذي ذكره "المورد" ، "الثيوصوفية" قديمة ، وسأتحدث عنها - إن شاء الله- عندما أبدأ بموضوع "نشأة التصوف".
لكن بخصوص سؤالكم أنت وزملائكم في المركز ، وبعض إخوانكم في الله من المسلمين في أمريكا عن حقيقة ما جرى مِن هذه المشكلة ، وعن موقف هؤلاء الذي دافعوا عن المالكي بخرافاته ، وهو أنَّهم كثيرون -كما تقولون - .

أقول لكم - يا أخي - : ما جرى مع المالكي ليس في حاجةٍ إلى أن يدافع عنه أحد على الإطلاق، لأنَّ المسألة : مسألة اعتراف وإقرار ، والاعتراف هو سيِّد الأدلة ، هذه حقيقة معروفة ، فمحمد علوي المالكي اعترف هو بنفسه في محضرٍ رسمي أمام الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله ، والشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، ورئيس الحرمين ، وكُتب هذا الاعتراف في محضرٍ رسميٍّ ، والمعاملات محفوظة ، ولدى الإفتاء ، ولدى مجلس القضاء الأعلى، ولدى شئون الحرمين ، معاملات ، وصور ، وملفات لهذه القضية ، فيها اعترافات الرجل ، الرجل معترف بأنه ألَّف "الذخائر" ، وكتاب "الذخائر" ليس هو الذي ألَّفه ؛ لانَّ كتاب "الذخائر" عندي ، ومذكور فيه – وأنا الآن أفتحه أمامي– ما يدل على أنَّ هذا الكتاب مِن تأليف والده في صفحة 33 منه ؛ لأنَّه يقول إنَّه سافر إلى المدينة ، واطلع على المخطوط عام 1354هـ ، فهذا على ما هو معروف من عُمُر محمد علوي مالكي أنَّه لم يكن قد ولد في تلك الفترة ، أو على أكثر تقدير أنَّه مازال طفلاً ؛ فالذي كتبه إذاً هو أبوه ، المهمُّ أنَّه اعترف بأنَّه ألَّف هذا الكتاب ، وأنَّه له ، وما فيه من الأمور الشركية : يقول : إنَّني نقلتُها عن غيري ، وأخطأتُ ! وفاتني أن أنبِّه على أنَّها شركٌ - يمكنك مراجعة صفحة (12) ، وصفحة (13) من كتاب الحوار للشيخ ابن منيع - .
فما دام الرجل اعترف ، ومادام المتهم المجرم الجاني اعترف ، فما الدَّاعي إلى أن يأتي أحدٌ ويدافع عنه، ممكن ادَّعى الإكراه !!؟ كان ينبغي ويجب عليه أن يبين ، وأن يقول : أنا أُكرهت على ذلك ، وأن ينشر ذلك في داخل المملكة ، أو في خارجها ، أو يقوله للنَّاس إذا جلس معهم .
أمَّا نحن فكما تعلم كم يُقطع من الرقاب في الحدود ، عندما تقطع رقاب ، أو أيدي ، أو يُجلد ، بناء على الإقرار أمام قاضي عادي في محكمةٍ شرعيَّةٍ من المحاكم في المملكة ؟ فينفَّذ الحدُّ على المجرم بإقراره أمام هذا القاضي ، ربما يكون قاضي حديث العهد ، خرِّيج كليَّة ، فما بالك برئيس مجلس القضاء الأعلى !؟ وبرئيس الإدارات العلمية ، والبحوث ، والإفتاء !؟ وبرئيس الحرمين الشريفين !؟ ومَن حضر معهم مِن العلماء – وهم كبار العلماء في المملكة - !؟.
...........

إذا أردت الاحتفاظ بهذا الرد كاملا فاضغط هنا بزر الفأرة الأيمن ثم اختر : حفظ باسم

 

عناية وطباعة
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي