بسم الله الرحمن الرحيم

موقف عجيب حصل معي هذا العام في الحرم الشريف


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
فإن المواقف النادرة العجيبة في حياة الإنسان تقل وتكثر بحسب حياته من إقامة وترحال وكثرة معرفة وقلها ، ولعل ما يأتي من موقف هو أعجب موقف لي في حياتي ، وتفصيله كما يلي :
في عمرة هذا العام ، دعيتُ إلى عشاء عند بعض الإخوة ، وبينما كنتُ أهمُّ بالخروج من الحرم إلى الدعوة ، إذ بي أُخبَر أن ولديَّ قد وصلا للتو إلى مكة المكرمة .

فأخَّرتُ ذهابي للدعوة حتى آخذهما معي أو أطمئن عليهما – على الأقل - ، لكن الصعود إلى سطح الحرم – حيث علمت أنهما هناك – كان صعباً للغاية بسبب نزول الآلاف على السلم الكهربائي .
فانتقلتُ إلى سلَّم آخر – ولعلي آتيه لأول مرة – وإذ الأمر نفسه ، فالناس في نزول منه وأنا أريد الصعود به !
فلم يكن لي من بد إلا الانتظار حتى ينتهي الناس من النزول فيُفتح طريق الصعود .
وفي هذه الأثناء كنتُ على باب الحرم أتأمل وجوه بعض النازلين لعل فيهم من أعرفه فأسلم عليه ، ولعل فيهم من يذكرني فيسلم عليَّ هو .

وكان من ضمن النازلين (( أخ )) أول ما وقعت عليه عيناي وقع في قلبي شعور عجيب وميل له غريب ، فأنا لا أعرفه ولم يخطر ببالي أنه يعرفني ، لكن تمنيتُ أن الأمر عكس ذلك ، وتمنيت لو أصافحه أو أعانقه ، وصرت أتأمله وهو نازل على السلم حتى مرَّ بجانبي ، فلم أكتف بذلك بل نظرت إليه من خلفي فنظر هو كذلك وتبسمنا .

فقلت في نفسي : سبحان الله وددت أنه من إخواني أو توقف لأتعرف عليه ، لكنه ذهب وقد يكون إلى غير رجعة .

وفي هذه الأثناء – أي : وأنا أخاطب نفسي – إذ برجل من خلفي يسلِّم عليَّ ، فالتفت فإذا هو هو ! ففرحت فرحاً شديداً ، لكنني صدمت عندما قال لي :
أنت إحسان العتيـبي ؟؟!!
ضحكت من قلبي وقلت : نعم !
فلم يصدِّق ، فقال :
أبو طارق ؟؟
قلت : نعم
فالتزمني وعانقني ، وفرحت لهذا فرحاً عظيماً
فقال لي :
أنا المبتهل !!!
فعجبت جدا وعانقته ثانية !
أنت المبتهل ؟؟؟
قال : نعم
قلتُ : سبحان الذي جمعنا هنا ، كيف عرفتني ؟ هل عندك وصفي ؟ هل أخبرك أحد بوجودي هنا - مع أنك أخبرتني أنك لن تعتمر هذا العام – ؟
قال : لا
قلت له : كيف عرفتني إذن ؟
قال :
لما كنتُ نازلا على السلم وقعت عيناي عليك ، فوقع في قلبي أنك (( إحسان العتيـبي )) !!! فذهبت ومررت بجانبك ، وقلت : لعله ليس هو ، وما أدراني أنه هو وليس عندي أوصافه ! فذهبتُ – والكلام له – للدخول للحرم فإذا به باب خاص بالنساء ! فمنعني الحرس من الدخول ، فهممت بالدخول من باب آخر ، فقلت : لن أخسر شيئاً ، لم لا أسأل الأخ هل أنت إحسان أم لا ؟؟؟
فجئت فسألتك ، فتبين أنك هو !!!
انتهى

فلم أملك نفسي من شدة تعجبها ، وبقيت مذهولا من هذا الموقف لعدة أيام بل إلى الآن !!
فقلت له : ما أجرأك على السؤال ! إن احتمال أن أكون أنا من ظننت لا يتجاوز نصف بالمليون فكيف تجرأت على السؤال ؟؟
والحقيقة :
أن هذا من أعجب المواقف في حياتي ، ومن عظيم قدر الله ، والأعجب أنني أخبرته بمكاننا في الحرم فضيعنا على مدى يومين !! ثم لقينا في الثالث !
فالحمد لله الذي جعل القلوب شواهد ، والأرواح جنود مجندة
والحمد لله رب العالمين على الأخوَّة والمحبة التي رزقنا إياها
وفرحتنا بلقاء الإخوة وتعرفنا عليهم من أعظم ما حصل لنا ووفقنا الله له هذا العام
ونسأل الله تعالى أن يديم هذه النعمة وينصر الإسلام والمسلمين ونكون مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين .
ولا يفوتني أن أشكر مضيفي الأخ الشيخ سعود السلمي على كرمه وخلقه ، وأسأل الله المزيد من نعَمه .

كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي
أبو طارق