بسم الله الرحمن الرحيم

{ الم } ثلاثون حسنة ، { ألم } عشر حسنات


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أولاً :
بادئ ذي بدء لا يصح أن نحمل الألفاظ الشرعية على المعاني الاصطلاحية المتأخرة - أو على بعضها - دون بيِّنة ودليل ؛ لأن واضع هذه الاصطلاحات لم يرد تبيين معاني تلك الألفاظ الشرعية ، وقد يكون التوافق في الألفاظ فقط دون حقائق المسميات والمعاني .
ومن هذا الباب أود التنبيه على أمرٍ قد يخفى على كثيرين ، وسبب الخطأ فيه هو ما سبق ذِكره .
وهذا الأمر هو الأجر المترتب على قراءة آيات القرآن الكريم ، فالحرف الذي ورد ذِكره في الحديث ليس هو الحرف الذي اصطلح عليه علماء اللغة في بعض إطلاقاته ، وهو ما يسمى " حروف الهجاء " .
فإن الحرف عند علماء اللغة والنحو يطلق على حروف الهجاء وعلى الحروف التي ليست باسم ولا فعل وقد جاءت لمعنى في غيرها مثل " في " و " من " و " على " …..
وكما أن لفظ " الحرف " يطلق – كذلك – على الكلمة وعلى الجملة الكاملة .

ثانياً :
وهذه بعض النصوص والآثار على إطلاقات لفظ " حرف " :
1. إطلاق الحرف على حروف الهجاء :
أ. عن أبي وائل قال جاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى عبد الله فقال يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذا الحرف ألفاً تجده أم ياءً { مِن ماء غير آسن } أو { مِن ماء غير ياسن } . قال : فقال عبد الله : وكلَّ القرآن قد أحصيتَ غير هذا ! ؟ قال : إني لأقرأ المفصل في ركعة ، فقال عبد الله : هذّاً كهذِّ الشِّعر . رواه مسلم ( 822 ) .
ب . قال البخاري :
باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفا وقال أبو حازم عن أبي هريرة قال لي النَّبي صلى الله عليه وسلم يا أبا هر . كتاب الأدب
وروى تحته حديثين وهما :
أ. عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام ، قلت : وعليه السلام ورحمة الله ، قالت : وهو يرى ما لا نرى . رواه البخاري ( 5848 ) ومسلم ( 2447 ) .
ب. عن أنس رضي الله عنه قال : كانت أم سليم في الثقل ، وأنجشة غلام النَّبي صلى الله عليه وسلم يسوق بهنَّ ، فقال النَّبي صلَّى الله عليه وسلم : يا أنجش رويدك سوقك بالقوارير .
رواه البخاري ( 5849 ) .

2. إطلاق الحرف على الكلمة الاصطلاحية سواء كان اسماً أو فعلاً أو حرفاً – وهي أقسام الكلام – واسم حروف الهجاء :
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أقرأني جبريل على حرفٍ ، فلم أزل أستزيده حتى انتهى إلى سبعة أحرف . رواه البخاري ( 3047 ) ومسلم ( 819 ) .
قال الحافظ ابن حجر :
… وهذه الأحاديث تقوِّي أن المراد بالأحرف : اللغات أو القراءات ، أي : أُنزل القرآن على سبع لغات أو قراءات ، والأحرف : جمع حرف ، مثل : فلس وأفلس ، فعلى الأول يكون المعنى على سبعة أوجه من اللغات ؛ لأن أحد معاني الحرف في اللغة الوجه ، كقوله تعالى { ومن الناس من يعبد الله على حرف } ، وعلى الثاني يكون المراد من إطلاق الحرف على الكلمة مجازا لكونه بعضها . " فتح الباري " ( 9 / 24 ) .

3. إطلاق الحرف على الجملة :
أ. عن ابن عباس قال : بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه فرفع رأسه فقال هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم فنزل منه ملك فقال هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم وقال أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته .
رواه مسلم ( 806 ) .
قال السندي :
( نقيضا ) صوتاً كصوت الباب إذا فتح ، ( أبشر ) من الإبشار ، ( أوتيتهما ) على بناء المفعول وكذا لم يؤتهما ، ( حرفا منهما ) أي : مما فيه من الدعاء ، ( إلا أعطيته ) أي : أعطيت مقتضاه ، والمرجو أن هذا لا يختص به بل يعمه وأمته صلى الله تعالى عليه وسلم .
" حاشية السندي " ( 2 / 138 ، 139 ) .

ب. عن عائشة قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة ؟ فقال : لا ، إنما ذلك عرق وليس بالحيضة ، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلِّي . رواه مسلم ( 333 ) .
وقال :
… وفي حديث حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذِكره .
قال النووي :
قوله " وفي حديث حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذِكره " : قال القاضي عياض رضي الله عنه : الحرف الذي تركه هو قول " اغسلي عنك الدم وتوضئي " ، ذَكر هذه الزيادة النسائي وغيره ، وأسقطها مسلم ؛ لأنها مما انفرد به حماد . " شرح مسلم " ( 4 / 22 ) .
وللعلم فقد تكرر كثيراً في كلام الإمام مسلم مثل هذا الاستعمال والإطلاق وكذا وجدته عند الترمذي وأبي داود ، وذلك في تعليقاتهم على الأحاديث وبيان اختلاف الرواة في بعض ألفاظ الحديث وجمله .

ثالثاً :
والذي يظهر أن " الحرف " المراد من حديث ابن مسعود في فضل قراءة القرآن هو بالمعنى الثاني وهو الحرف بمعنى الكلمة لا بالمعنى الأول ولا الثالث ! وبيان ذلك :
عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن قرأ حرفاً مِن كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول { الم } حرف ، ولكن ألِف حرف ، ولامٌ حرف ، وميمٌ حرف " .
رواه الترمذي ( 2910 ) ، وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب .
وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 6469 ) .
وإذا دقَّقنا النظر في الحديث وألفاظه نجد أن الأجر كان على الحرف ، والحرف الذي ذَكره النبي صلى الله عليه وسلم مثالاً هو : ألِف ، و لام ، و ميم .
والحرف هنا هو الكلمة التامة أو الضمير دون الحرف الاصطلاحي وإلا لكان الأجر على قراءة الألِف في { الم } هو : ثلاثون حسنة مضاعفة ! لأننا نقرأ هذا الحرف - المراد في الحديث – ثلاثة أحرف اصطلاحية – بالمعنى الأول السابق - وهي : أ ، ل ، م !! لكن ليس هذا هو مقصود الحديث ، بل جعل اللفظ كاملا وهو " ألِف " والتي كتبت : ا ، هو الذي يكسب قارئه عشر حسنات مضاعفة !

رابعاً :
ويمكن توضيح ما سبق بمثال ، وهو أن نقول :
ما هو الأجر المترتب على قراءة أول سورة الشرح هو قوله تعالى { ألم نشرح .. } ؟
إنه بحسب المشهور : ثلاثون حسنة مضاعفة لأنهم يقولون : أ : عشر حسنات مضاعفة ، و : ل : كذلك ، و م : كذلك !
ولئن سألتَ هذا القائل : لم قلتَ هذا ؟ لقال لك : لأنها ثلاثة حروف وكل حرف بعشر حسنات !
لكن هل هذا هو الفهم الصحيح للحديث ؟
الجواب : لا .
فالحرف الأول – المراد في الحديث – من أول سورة " البقرة " لا يساوي في النطق والقراءة الحرفَ الأول من أول سورة " الشرح " فنطق الحرف الأول من الأولى " ألِف " بينما نطق الحرف الأول من الثانية " أَ " !
وهكذا يقال في الحرف الثاني " لام " فإنه لا يساوي " ل " ، والحرف الثالث " ميم " لا يساوي " م " .
وينبغي تذكر أن الأجر لو كان على النطق للحرف الهجائي لكان الأجر على نطقك للحرف الثاني من أول سورة البقرة – مثلا – وهو " لام " - ثلاثين حسنة مضاعفة ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الأجر عشر حسنات مضاعفة .
ومثال ثانٍ :
قوله تعالى { ن } في أول سورة " القلم " ، مع قوله تعالى { وذا النون } [ الأنبياء / 87 ] !

فمن حيث النطق والقراءة للحرف الأول من سورة " القلم " هو مثل قراءة الكلمة كاملة – من غير أل التعريف – مِن الآية الأخرى من سورة " الأنبياء " ، فهل يكون أجر قراءة الحرف الأول { ن } مساوياً في الأجر لكلمة كاملة فيها حرفا " ن " – عدا عن " و " !؟
الجواب : نعم .
فإذا مشيتَ على غير هذا فإنك تجعل قراءة كلمة " نون " من سورة الأنبياء بثلاثين حسنة مع جعلك للفظ نفسه وبالنطق نفسه لأول سورة " القلم " بعشر حسنات ! وهو ما ليس بظاهر .

فالعبرة إذن بالمثال الذي ذَكره النبي صلى الله عليه وسلم ، والأجر على القراءة للحرف بمعنى الكلمة لا الحرف الهجائي .

خامساً :
فإن قال قائل : يُعكِّر على هذا حديثان :
الأول :
قال الطبراني :
حدثنا أحمد بن رشدين قال حدثنا عبد الله بن محمد الفهمي قال حدثنا سليمان بن بلال عن أبي عبد العزيز موسى بن عبيدة الربذي عن محمد بن أبي محمد عن عوف بن مالك الأشجعي قال : قال رسول الله : " مَن قرأ حرفاً مِن القرآن كُتبت له حسنةٌ ، ولا أقول { الم ذلك الكتاب } ولكن الألف حرف ، واللام حرف ، والميم حرف ، والذال حرف ، واللام حرف ، والكاف حرف .
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 101 ) ، وفي " المعجم الكبير " ( 18 / 76 ) .

الثاني :
قال البيهقي :
أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن دالويه الدقاق ثنا أحمد بن حفص بن عبد الله حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي عن عوف عن مالك الأصمعي أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن قرأ حرفاً مِن القرآن كُتب له بها حسنةٌ ، لا أقول بسم ، ولكن باء ، وسين ، وميم ، ولا أقول { الم } ولكن الألف ، واللام ، والميم " .
رواه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 341 ) .

فالجواب عنهما :
أن الحديث ضعيف ، فيه : موسى بن عبيدة الربذي .
قال على بن المدينى ، عن يحيى بن سعيد القطان : كنا نتقى حديث موسى بن عبيدة تلك الأيام ، ثم قال يحيى : كان بمكة فلم نأته .
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى : سمعت أحمد بن حنبل يقول : لا تحل عندي الرواية عن موسى بن عبيدة ، قال : فقلت : يا أبا عبد الله لا تحل ؟ قال : عندي ، قلت : فإن سفيان يروي عن موسى بن عبيدة ، و يروي شعبة عنه يقول : حدثنا أبو عبد العزيز الربذي ؟ قال : لو بان لشعبة ما بان لغيره ما روى عنه .
وقال محمد بن إسماعيل الصائغ : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما تحل أو ما تنبغي الرواية عنه ، قلت : مَن يا أبا عبد الله ؟ قال : موسى بن عبيدة الربذى .
وقال أحمد بن الحسن الترمذى : سمعت أحمد بن حنبل يقول : لا تكتب حديث أربعة : موسى بن عبيدة ، و إسحاق بن أبى فروة ، و جويبر ، و عبد الرحمن بن زياد .
وقال البخارى : قال أحمد : منكر الحديث .
وقال أبو طالب : قال أحمد بن حنبل : لما مر حديث موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب ، عن ابن عباس ، قال : هذا متاع موسى بن عبيدة و ضم فمه و عوجه و نفض يده ، وقال : كان لا يحفظ الحديث .
وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : لا يحتج بحديثه .
وقال أبو زرعة : ليس بقوى الحديث ، وقال أبو حاتم : منكر الحديث .
وقال الترمذى : يضعف ، وقال النسائى : ضعيف ، وقال في موضع آخر : ليس بثقة ، وقال محمد بن سعد : كان ثقة ، كثير الحديث ، وليس بحجة .
وقال يعقوب بن شيبة : صدوق ، ضعيف الحديث جدّاً ، ومن الناس من لا يكتب حديثه لوهائه ، وضعفه ، وكثرة اختلاطه ، وكان من أهل الصدق .
وقال أبو أحمد بن عدى : وهذه الأحاديث التي ذكرتها لموسى بن عبيدة بأسانيد مختلفة مما ينفرد بها من يرويها عنه ، وعامة متونها غير محفوظة ، و له غير ما ذكرت من الحديث ، والضعف على رواياته بيِّن .
وقال أبو بكر البزار : موسى بن عبيدة رجل مفيد و ليس بالحافظ ، وأحسب أنما قصر به عن حفظ الحديث شغله بالعبادة ، وقال أبو أحمد الحاكم : ليس بالقوى عندهم ، وقال الساجى : منكر الحديث ، و كان رجلا صالحاً ، وكان القطان لا يحدث عنه ، وقد حدث عنه وكيع ، وقال : كان ثقة ، وقد حدث عن عبد الله بن دينار أحاديث لم يتابع عليها .
وذكره البرقي في باب من كان الضعف غالباً في حديثه : وقد تركه بعض أهل العلم ، وقال ابن قانع : فيه ضعف ، وقال ابن حبان : ضعيف .
مختصر من " تهذيب الكمال " و " تهذيب التهذيب " .

والملاحظ : اتفاق كلمة العلماء – تقريباً – على ضعفه ، ومن قال بأنه ثقة أو صدوق فالمراد أن ذلك في دينه لا في حديثه ، فتأمل ، أو أنه لم يتبين له أمره .

سادساً :
فائدة ( 1 ) :
قال تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } [ الحج / 11 ] .
وحرف هنا بمعنى : شك ، وكل شاك فهو على حرف لا يثبت ولا يدوم .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال { ومن الناس من يعبد الله على حرف } قال : كان الرجل يقدم المدينة ، فإن ولدت امرأته غلاماً ونتجت خيله قال : هذا دين صالح ، وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال : هذا دين سوء . رواه البخاري ( 4465 ) .

فائدة ( 2 )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
كما كانوا يستعملون الحرف في الاسم فيقولون : هذا حرف غريب ، أي : لفظ الاسم غريب ، وقسَّم سيبويه الكلام إلى اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم وفعل ، وكل من هذه الأقسام يسمَّى حرفاً لكن خاصة الثالث أنه حرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل ، وسمَّى حروف الهجاء باسم الحرف وهي أسماء ، ولفظ " الحرف " يتناول هذه الأسماء وغيرها ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " مَن قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات : أما أني لا أقول : { الم } حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف " ، وقد سأل الخليل أصحابَه عن النطق بحرف الزاي من زيد فقالوا : زاي فقال : جئتم بالاسم ، وإنما الحرف " ز " .

ثم إن النحاة اصطلحوا على أن هذا المسمَّى في اللغة بالحرف يسمى " كلمة " ، وأن لفظ " الحرف " يخص لما جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل كحروف الجر ونحوها ، وأما ألفاظ حروف الهجاء فيعبر تارة بالحرف عن نفس الحرف من اللفظ وتارة باسم ذلك الحرف ولما غلب هذا الاصطلاح صار يتوهم من اعتاده أنه هكذا في لغة العرب .
" مجموع فتاوى ابن تيمية " ( 10 / 232، 233 ) .

فائدة ( 3 )
وقال شيخ الإسلام – أيضاً - :
ولفظ الحرف يراد به الاسم والفعل وحروف المعاني واسم حروف الهجاء ، ولهذا سأل الخليل أصحابه : كيف تنطقون بالزاي من زيد ؟ فقالوا : زاي ، فقال : نطقتم بالاسم وإنما الحرف " زه " ، فبيَّن الخليل أن هذه التي تسمَّى حروف الهجاء هي أسماء ، وكثيراً ما يوجد في كلام المتقدمين : " هذا حرف من الغريب " ، يعبرون بذلك عن الاسم التام ، فقوله صلى الله عليه وسلم : " فله بكل حرفٍ " مثَّله بقوله : " ولكن ألِف حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ " ، وعلى نهج ذلك : و { ذلك } حرف ، و { الكتاب } حرف ، ونحو ذلك .
وقد قيل : إن ذلك أحرف والكتاب أحرف وروي ذلك مفسَّراً في بعض الطرق .
" مجموع الفتاوى " ( 12 / 108 ، 109 ) .
قلت : وهذا التفسير في الطرق التي أشار إليها شيخ الإسلام قد بيَّنتُ أنها ضعيفة .

فائدة ( 4 )
وقال ابن مفلح الحنبلي :
واختار الشيخ تقي الدين – [ أي : ابن تيمية ] – أن المراد بالحروف : الكلمة ، سواءً كانت اسماً أو فعلاً أو حرفاً أو اصطلاحاً ، واحتج بالخبر المذكور ، فلولا أن المراد بالحرف الكلمة لا حرف الهجاء : لكان في " ألف لام ميم " تسعون حسنة ، والخبر إنما جعل فيها ثلاثين حسنة ، وهذا وإن كان خلافَ المفهوم والمعروف مِن إطلاق الحرف ، فقد استعمله الشارع هنا ، والله أعلم .
" الآداب الشرعيَّة " ( 2 / 312 ، 313 ) .

والله أعلم

كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي
أبو طارق