بسم الله الرحمن الرحيم

أربع فوائد مهمة متنوعة


فوائد ( 1 ) الموقف ممن أساء العبارة مع الصحابة وغيرهم !

عن عبد الله بن هشام قال : كنَّا مع النَّبي صلَّى الله عليه وسلم وهو آخذٌ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر : يا رسول الله لأَنْتَ أحبُّ إليَّ مِن كلِّ شيءٍ إلا مِن نفسي ، فقال النَّبي صلَّى الله عليه وسلم : لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك ، فقال له عمر : فإنه الآن والله لأنتَ أحبُّ إليَّ مِن نفسي ، فقال النَّبي صلَّى الله عليه وسلم : الآن يا عمر .
رواه البخاري ( 6257 ) .

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني :
وأما تقرير بعض الشرَّاح : ( الآن صار إيمانك معتدّاً به إذ المرء لا يعتد بإيمانه حتى يقتضي عقله ترجيح جانب الرسول ) ! : ففيه سوء أدب في العبارة ! وما أكثر ما يقع مثل هذا في كلام الكبار ! عند عدم التأمل والتحرز لاستغراق الفكر في المعنى الأصلي ، فلا ينبغي التشديد في الإنكار على من وقع ذلك منه ، بل يكتفي بالإشارة إلى الرد والتحذير من الاغترار به لئلا يقع المنكر في نحو ما أنكره !! .  " فتح الباري " ( 11 / 528 ) .


فوائد ( 2 ) قال الشيخ ابن عثيمين : فهؤلاء ليسوا من السلفيَّة في شيء !!

قال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين – رحمه الله - :
السلفيَّة هي اتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ؛ لأنهم سلفنا تقدموا علينا ، فاتِّباعهم هو السلفيَّة ، وأما اتِّخاذ السلفيَّة كمنهج خاص ينفرد به الإنسان ويضلل من خالفه من المسلمين ولو كانوا على حقٍّ : فلا شكَّ أن هذا خلاف السلفيَّة ، فالسلف كلهم يدْعون إلى الإسلام والالتئام حول سنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يضلِّلون مَن خالفهم عن تأويل ، اللهم إلا في العقائد ، فإنهم يرون من خالفهم فيها فهو ضال .

لكن بعض من انتهج السلفيَّة في عصرنا هذا صار يضلِّل كل من خالفه ولو كان الحق معه ، واتَّخذها بعضهم منهجاً حزبيّاً كمنهج الأحزاب الأخرى التي تنتسب إلى الإسلام ، وهذا هو الذي يُنكَر ولا يُمكن إقراره ، ويقال : انظروا إلى مذهب السلف الصالح ماذا كانوا يفعلون في طريقتهم وفي سعة صدورهم في الخلاف الذي يسوغ فيه الاجتهاد ، حتى إنهم كانوا يختلفون في مسائل كبيرة ، في مسائل عقديَّة ، وفي مسائل علميَّة ، فتجد بعضَهم – مثلاً – يُنكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربَّه ، وبعضهم يقول بذلك ، وبعضهم يقول : إن الذي يُوزن يوم القيامة هي الأعمال ، وبعضهم يرى أن صحائف الأعمال هي التي تُوزن ، وتراهم – أيضاً – في مسائل الفقه يختلفون ، في النكاح ، في الفرائض ، في العِدَد ، في البيوع ، في غيرها ، ومع ذلك لا يُضلِّل بعضهم بعضاً .

فالسلفيَّة بمعنى أن تكون حزباً خاصّاً له مميزاته ويُضلِّل أفراده سواهم : فهؤلاء ليسوا من السلفيَّة في شيء .

وأما السلفيَّة التي هي اتباع منهج السلف عقيدةً ، وقولاً ، وعملاً ، واختلافاً ، واتفاقاً ، وتراحماً ، وتوادّاً ، كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثَل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمَّى والسهر " ، فهذه هي السلفيَّة الحقَّة .   
" لقاءات الباب المفتوح " السؤال رقم 1322 .


فوائد ( 3 ) قول موثَّق لشيخنا الألباني في العمليات الانتحاريَّة

عن أسلم أبي عمران التجيبي قال : كنا بمدينة الروم فأخرجوا إلينا صفّاً عظيماً من الروم فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر وعلى أهل مصر عقبة بن عامر وعلى الجماعة فضالة بن عبيد فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم فصاح الناس وقالوا : سبحان الله يلقي بيديه إلى التهلكة فقام أبو أيوب الأنصاري فقال : يا أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هذا التأويل وإنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه فقال بعضنا لبعض سرّاً دون رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أموالنا قد ضاعت وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم يرد علينا ما قلنا { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو فما زال أبو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم .
رواه الترمذي 2972 – واللفظ له - ، وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب ، وأبو داود 2512 .
وصححه شيخنا الألباني في " صحيح موارد الظمآن " 2 / 119 – وهو من أواخر كتبه وقد طبع بعد وفاته ، وهو من كتبه الشرعيَّة لا المسروقة ! - وقال : وهذا ما أصاب المسلمين اليوم ، فشُغلوا بإصلاح أموالهم وتنميتها عن الاهتمام بدينهم والدفاع عن بلادهم ، وقد غزاها أذل الناس ، فصدَق فيهم قول نبيهم صلى الله عليه وسلم : " إذا تبايعتم بالعينة … " الحديث ، وفيه : " وتركتم الجهاد في سبيل الله : سلَّط الله عليكم ذلاًّ لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم " .
وفي الحديث ما يدل على ما يُعرف اليوم بـ " العمليَّات الانتحاريَّة " التي يقوم بها بعض الشباب المسلم ضد أعداء الله ، ولكن لذلك شروط ، من أهمِّها أن يكون القائم بها قاصداً وجه الله ، والانتصار لدين الله ، لا رياءً ، ولا سمعةً ، ولا شجاعةً ، ولا يأساً من الحياة .
انتهى .


فوائد ( 4 ) ما ثبت وما لم يثبت مما يقال بعد آيات معيَّنة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وردت بعض الروايات فيما يقال بعد آيات خاصة في القرآن ، فما ثبتَ منها فيجوز أن يقال في الصلاة ، وما لم يثبت فلا يجوز ذكره في الصلاة .
عن إسمعيل بن أمية قال : سمعت رجلا بدويّاً أعرابيّاً يقول : سمعت أبا هريرة يرويه يقول : من قرأ { والتين والزيتون } فقرأ { أليس الله بأحكم الحاكمين } فليقل : بلى وأنا على ذلك من الشاهدين . رواه الترمذي ( 3347 ) وهو ضعيف فيه جهالة الأعرابي .

عن إسمعيل بن أمية سمعت أعرابيا يقول سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ منكم { والتين والزيتون } فانتهى إلى آخرها { أليس الله بأحكم الحاكمين } فليقل : بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ، ومن قرأ { لا أقسم بيوم القيامة } فانتهى إلى { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } فليقل : بلى ، ومن قرأ { والمرسلات } فبلغ { فبأي حديث بعده يؤمنون } فليقل : آمنا بالله . 
رواه أبو داود ( 887 ) .
وهو – لفظ آخر للحديث السابق - ، وضعفه الشيخ الألباني في " ضعيف أبي داود " ( 188 ) .

قال الشيخ الألباني – رحمه الله – تعليقاً على الشيخ سيد سابق - :
قوله : " ويستحب لكل من قرأ : { أليس الله بأحكم الحاكمين } أن يقول : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين ، وإذا قرأ : { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } ، قال : بلى أشهد ، وإذا قرأ : { فبأي حديث بعده يؤمنون } ، قال : آمنت بالله ، وإذا قال : { سبح اسم ربك الأعلى } ، قال : سبحان ربي الأعلى " .
قلت : لم يبيِّن ما إذا كان ذلك وارداً أم لا ، وما إذا كان ثابتاً أم لا ؟
ولذلك أقول : أما جملة التسبيح منه فصحيح ثابت من حديث ابن عباس وغيره ، وهو مخرَّج في صحيح أبي داود ( 826 ) .
وأما ما قبله فهو من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ : " من قرأ منكم { والتين والزيتون } ، فانتهى إلى آخرها : { أليس الله بأحكم الحاكمين } ، فليقل بلى … " الخ ، أخرجه أبو داود وغيره ، وفيه رجل لم يسم ، وبيانه في " ضعيف أبي داود " ( 156 ) ، و " المشكاة " ( 860 ) .

لكن صح منه قوله : " بلى " في آية القيامة ، رواه موسى بن أبي عائشة قال : كان رجل يصلي فوق بيته ، وكان إذا قرأ : { أليس ذلك بقادرٍ على أن يحيي الموتى } ، قال : سبحانك فبلى ، فسألوه عن ذلك ؟ فقال : سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أخرجه أبو داود بسند صحيح عن الرجل وهو صحابي ، وجهالته لا تضر ، ولذلك خرجته في صحيح أبي داود رقم ( 827 ) .
" تمام المنة في التعليق على فقه السنَّة " ( ص 185 ، 186 ) .
والله أعلم

كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي
أبو طارق