صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







يا قوم هذا كتاب مليككم !!!

إبراهيم بن محمد الهلالي

 
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين سيد ولد آدم أجمعين وعلى آله وصحبه وسلم تسليما :
أيها الأحبة :
أكرم الله البشر جميعاً ومن شرح الله صدره للإسلام خاصة بالقرآن الكريم فقد سمّى الله كتابه بأنه: القرآن: إشارة إلى حفظه في الصدر: (إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ) ، والكتاب: إشارة إلى كتابته في السطور: (الم ذٰلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ) . والذكر: في قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَـٰفِظُونَ) . والفرقان: إشارة إلى أنه يفرق بين الحق والباطل: ( تَبَارَكَ ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَـٰلَمِينَ نَذِيراً) .
ووصف الله كتابه بأنه: هدى: في قوله تعالى: ( هُدًى وَرَحْمَةً لّلْمُحْسِنِينَ) . ونور: في قوله تعالى: ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً ) . وشفاء: في قوله تعالى: ( وَنُنَزّلُ مِنَ ٱلْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاء) . وحكمة: في قوله تعالى: ( حِكْمَةٌ بَـٰلِغَةٌ) . وموعظة: في قوله تعالى: ( قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبّكُمْ ) . ووحي: في قوله تعالى: ( إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِٱلْوَحْىِ ) ، ورحمة في قوله تعالى: ( يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبّكُمْ وَشِفَاء لِمَا فِى ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ ) . ومبارك في قوله تعالى: ( وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ مُبَارَكٌ مُّصَدّقُ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ ) ، ومبين في قوله تعالى: ( قَدْ جَاءكُمْ مّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَـٰبٌ مُّبِينٌ ) . وبشرى في قوله تعالى: ( مُصَدّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ) . وعزيز في قوله تعالى: ( إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَـٰبٌ عَزِيزٌ ) . ومجيد في قوله تعالى: ( بَلْ هُوَ قُرْءانٌ مَّجِيدٌ ) . وبشير ونذير في قوله تعالى: ( كِتَـٰبٌ فُصّلَتْ ءايَـٰتُهُ قُرْءاناً عَرَبِيّاً لّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ، بَشِيراً وَنَذِيراً ) .
كتاب وصفه الله بأنه: هدى ونور وشفاء وحكمة وموعظة ووحي ورحمة ومبارك ومبين وبشرى وعزيز ومجيد وبشير ونذير وتنزيل من رب العالمين لحق أن يستمسك به كل ذي عقل سليم، فضلاً عن مؤمن به مطمئن لأحكامه ( فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِى أُوحِىَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ ، وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْـئَلُونَ ) ، ( وَٱتْلُ مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ مِن كِتَـٰبِ رَبّكَ لاَ مُبَدّلَ لِكَلِمَـٰتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا ) ، ( وَٱلَّذِينَ ءاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مّن رَّبّكَ بِٱلْحَقّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ ، وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدّلِ لِكَلِمَـٰتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ) .

فالقرآن الكريم: ((كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض)) وروي بإسناد فيه ضعف عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((فيه نبأ ما كان قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ،ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تـنـته الجن إذ سمعته حتى قالوا: ( سَمِعْنَا قُرْءانَاً عَجَباً ، يَهْدِى إِلَى ٱلرُّشْدِ فَـئَامَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبّنَا أَحَداً ) ، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم)) [رواه الترمذي، وضعفه].
قال ابن مسعود رضي الله عنه : (القرآن شافع مُشفَّع، وماحلٌ مصدق ـ أي خصم مجادل مصدق ـ فمن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره قاده إلى النار). وقال أيضـًا: (يجيء القرآن يوم القيامة فيشفع لصاحبه، فيكون قائدًا إلى الجنة، أو يشهد عليه، فيكون سائقـًا إلى النار). وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : (إن هذا القرآن كائن لكم أجرًا، وكائن عليكم وزرًا، فاتبعوا القرآن، ولا يتبعكم القرآن، فإنه من اتبع القرآن هبط به على رياض الجنة، ومن اتبعه القرآن زخ في قفاه؛ فقذفه في النار). قال علي كرم الله وجهه: (يا حملة القرآن ـ أو قال يا حملة العلم ـ اعملوا به، فإنما العالم من عمل بما علم، ووافق علمه عمله). قال الفضيل ـ رحمه الله ـ: إنما نزل القرآن ليُعمل به فاتخذ الناس تلاوته عملاً.
ما بال الأمة وكتابها بين أيديها تخلت عن دورها، وتقدمت الأمة التي لا كتاب عندها؟ يقول الأستاذ محمد قطب: إن موقف الأمة الإسلامية منه هو أنه تراث تجرى فيه أبحاث!! لكن لا يطبق منه شيء! إن الأمة مطالبة بالعمل بكتاب ربها، حتى يكون للقرآن تأثيره العملي في حياتها، كما كان في حياة الصحابة والسابقين، فالقرآن يشدد في الأصول وييسر في الفروع؛ لأن الأصول تمثل الثوابت التي تحفظ على الأمة الإسلامية دينها وأخلاقها ومبادئها، ويرفض التطرف والغلو، فدين الإسلام يقوم على الوسطية والتيسير لا التطرف والتعسير والتنفير.
قال أحد المسؤولين في وزارة الخارجية لبلد غربي سنة 1952 فالمسلمون عالم مستقل كل الاستقلال عن عالمنا الغربي، فهم يملكون تراثهم الروحي الخاص بهم، ويتمتعون بحضارة تاريخية ذات أصالة، فهم جديرون أن يقيموا قواعد عالم جديد دون حاجة إلى إذابة شخصيتهم الحضارية والروحية في الحضارة الغربية، فإذا تهيأت لهم أسباب الإنتاج الصناعي في نطاقه الواسع؛ انطلقوا في العالم يحملون تراثهم الحضاري الثمين.
(هكذا فَهْمُ أعدائكم لتراثكم أفلا نستحي من الله أن يعرف عدونا من ديننا مالا نعرف )

أيها الإخوة، إن الله يقول: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْـئَلُونَ يقول الشهيد سيد قطب ـ كما نحسبه رحمه الله ـ في ظلال القرآن : ونص هذه الآية يحتمل مدلولين:
المدلول الأول: أن هذا القرآن تذكير لك ولقومك، تسألون عنه يوم القيامة، فلا حجة بعد التذكير.
المدلول الثاني: أن هذا القرآن يرفع ذكرك وذكر قومك، وهذا ما حدث فعلاً.. فأما الرسول صلى الله عليه وسلم فإن مئات الملايين من الشفاه تصلي وتسلم عليه، وتذكره ذكر المحب المشتاق آناء الليل وأطراف النهار منذ ألف وأربعمائة عام.. إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وأما قومه فقد جاءهم القرآن والدنيا لا تحس بهم.. فواجهوا به الدنيا فعرفتهم ودانت لهم طوال الفترة التي استمسكوا فيها به، فلما تخلوا عنه أنكرتهم الأرض، واستصغرتهم الدنيا، وقذفت بهم في ذيل القافلة.. بعد أن كانوا قادة الموكب المرموقين! وإنها لتبعة ضخمة تسأل عنها الأمة التي اختارها الله لدينه.. إن هي تخلت عن الأمانة ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْـئَلُونَ ) اهـ كلامه رحمه الله.

اللهم إنا نشهدك أننا قد عزمنا على خدمة دينك وكتابك وسنة نبيك ما بقينا فأخلص لنا النية وثبتنا حتى نلقاك غير مضيعين لأمرك ، ولا مفرطين في دينك اللهم آمين.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
إبراهيم الهلالي
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية