اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/elhilali/6.htm?print_it=1

حفيدات الرسول صلى الله عليه وسلم ... والظلم

إبراهيم بن محمد الهلالي

 
الحمد لله الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بيننا محرما وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين وشرع الله له ديناً شهد له الأعداء قبل الأصدقاء بأنه دين العدل والرحمة والتسامح أما بعد :

وما دام الأمر كذلك فليكن بعد ذلك ما يكون.فإنني ألج موضوعاً حساساً وشائكاً وخطيراً في نفس الوقت ولكنها والله غيرة على نسب النبوة الشريفة وتقرباً إلى الله تعالى وحباً في رسول الله

إن هذا الموضوع مع خطورته ووضوحه إلا أن معالمه ضاعت بين جاهل أعماه جهله وتعصبه بغير بينة ، وبين عالم ألجمته العادات والسلوم عن أن ينطق بالحق _ وأقصد بهذا كثير من العلماء الذين لم يثيروا هذا الموضوع مع وجوده كظاهرة في كل البلدان _ مع أن هناك علماء مخلصون طرقوه وحذروا من مغبته كما سنشير إن شاء الله _ فرأيت أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع أحتسب ذلك ذخراً عند الله .

أعظم احترامٍ وأجلِّه وذاك واجب الديانة وليس منةً مني فهذه وصية المصطفى المختار في آخر حياته عليه الصلاة والسلام حيث كان يقول أقول وبالله التوفيق وبه أستعين إنني أكن لكل من ينتسب للنسب الشريف الطاهر والصلة برسول الله
(( أُذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ... الحديث ) [ صحيح مسلم : كتاب فضائل الصحابة رقم 2408 ]
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم  باب فضائل علي أن كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة إلا نسبه وسببه [ رواه أحمد في المسند ، والبيهقي في الكبرى ، والطبراني في الكبير ، والبزار في المسند ]

.ومن هذا المنطلق كان على كل ناصح أن يمحض النصيحة لهم ، ويصدق في ولائهم ، ويدافع عن ضعيفهم ، وينتصر لمظلومهم بما يقدر عليه عذراً إلى الله ورسوله

بحجة باهتة وهي أن النسبين لا يتكافآن من بنات النسب الشريف في عصورنا المتأخرة حيث تسلط عليهن الأولياء الجهلة ومنعوهنَّ من الزواج بغير من ينتسب لآل البيت من الرجال ظلماً وعتواً ، وجهلاً مقيتاً ، وعصبيةً مفرطة ، دون للنظر في أحكام الشرع ، ولا اتباعاً لسنة جدهم وهذا موضوع يؤرقني من دهر ويؤرق كل مؤمن يعرف واقعه ألا وهو الظلم الواقع على حفيدات رسول الله  صلى الله عليه وسلم
( سبحانك هذا بهتان عظيم ).

لم يزوج بناته الأربع من بني هاشم إلا فاطمة بعلي رضي الله عنهما فأين حجتكم بعد ذلك ؟ وعلي رضي الله عنه نفسه زوَّج عمر رضي الله عنه بابنته أم كلثوم رضي الله عنها وعمر عدوي وليس هاشمي ولو ذهبنا نسترسل في ذكر بنات بني هاشم وأزواجهنًّ من غيرهم لطال المقام وهذه كتب التراجم والسير شاهدة على هذا فلينظرها كل منصف ، أضف إلى هذا أن الصحيح عند أهل العلم الراسخين هو أن الكفاءة المطلوبة في النكاح هي كفاءة الدين لا كفاءة النسب مع رضا الزوجة وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن الكفاءة في النكاح السؤال التالي : وبنات بني هاشم رضي الله عنهنًّ ؟ لا شك أن الجواب معروف سلفاً ، وتتمة الجواب هو أن رسول الله والسؤال الذي يطرح نفسه على كل من هذه حجته أبناتك خيرٌ وأشرف أم بنات محمد

السؤال الأول من الفتوى رقم ( 2513 )

(الجزء رقم : 18، الصفحة رقم: 186)
س1: لي جار في السكن، وهو من قريش من الشرفاء، فطلبت منه الزواج من ابنته فأبى أن يزوجني بقوله: إنه غير جائز الزواج من الشرفاء إلا فيما بينهم.

ج1: الصحيح: أن المعتبر في النكاح الكفاءة في الدين لا في النسب؛ لعموم قوله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [سورة الحجرات الآية 13]
ولما ثبت من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- زوج فاطمة بنت قيس - وهي قرشية- أسامة بن زيد مولاه رضي الله عنهم ولما ثبت من أن زيد بن حارثة مولى النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج زينب بنت جحش وهي أسدية ولما رواه البخاري والنسائي وأبو داود
عن عائشة أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشي - وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم-
تبنى سالما وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى لامرأة من الأنصار ولما رواه الترمذي عن أبي حاتم المزني قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات، [سنن الترمذي النكاح (1085].

وقال الترمذي حديث حسن غريب. ولما رواه أبو داود عن أبي هريرة أن أبا هند رضي الله عنهما حجم النبي -صلى الله عليه وسلم.
في اليافوخ، فقال -صلى الله عليه وسلم-: .يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه أبو داود 2 / 579- 580 برقم (2102)،
والدارقطني 3 / 300- 301، وابن حبان 9 / 375 برقم (4067)، وأبو يعلى 10 / 318 برقم (5911)، والطبراني 22 / 321 برقم (808)، والحاكم 2 / 164، والبيهقي 7 / 136) وأخرجه الحاكم وحسنه

لكن لا بد من استئذان البكر واستئمار الثيب، وحصول الرضا، ولو كانت المخطوبة أعجمية وخاطبها قرشي؛ للأحاديث الواردة في اعتبار ذلك.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
عبد الله بن قعود
عضو
عبد الله بن غديان
نائب الرئيس
عبد الرزاق عفيفي
الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز


والمصيبة التي تفطر فؤاد المسلم هو أنه لو كان رجال النسب الشريف يكفون عدداً لكل بناتهم لهان الخطب ولكن الواقع يشهد أن أعداد الإناث أضعافاً مضاعفة مما أنتج بيوتاً مملوءة بهنًّ كسيرات حسيرات ينظر لهنًّ الآخرون شزراً ولسان حالهم يقول لهنَّ نسبكنَّ الذي أقعدكنَّ عن غيركنَّ رحماك ربي رحماك.

(( من أبطأ به عمله لم يُسرع به نسبه )) فهم عن مثل هذا صم بكم . وقدموا ما أخر ، ونسوا أو تناسوا قوله والذي يزيد الطين بِلةً أن رجالهم وشبابهم يبتغون نساءً من غيرهم فللرجل منهم أن يتخير من بيوت المسلمين من تصلح له ديناً وخلقاً فيظفر بها ، ويترك هؤلاء المسكينات للحسرة والضيق ويُحرِّم عليهن ما أحلَّ لنفسه ؟ بل إن بعضهنَّ تُمنع من الصالح الصائم القائم التقي من غيرهم وتُجبر على الفاسد الضائع منهم بحجة كفاءة النسب دون نظر لكفاءة الدين فأخروا ما قدمه جدهم

والذي يدعو إلى الدهشة والاستغراب أن في رجال ونساء النسب الشريف عقلاء وعلماء وأدباء ومفكرين بل وأكادميين في كبار جامعات العالم ومع ذلك لا نرى لهذا الموضوع منهم صولة ولا جولة وهذا في الغالب ومن قدم شيئاً في ذلك فهي مساهمة مشكورة ولكنها لا تناسب الحدث ولا تخفف من آثاره الفظيعة التي أصبحت تُلقي بظلالها على المجتمعات ، متعامين عن هذا الواقع المؤلم بل منهم من يفعله هو بذاته ، وأعجب من ذلك سكوت كثير من النساء اللاتي منَّ الله عليهن بالعلم الشرعي والمكانة الاجتماعية من المناداة بتحرير رقابهن من هذا الرق الجاهلي المقيت .

وإنني بهذه المناسبة لأقول _ وبدون مواربة ولا تردد عن قالة الحق _ إن من حق المرأة التي يعضلها أولياؤها بهذه الحجة الواهية أن تحاول تبيين وجهة نظر الشرع لهم وتُعلمهم أنه لا سلطان عليها إلا بالشرع ومن أبى من الأولياء ولم تجد نصفة من عقلاء قومها فلها أن تتقدم للحاكم الشرعي في أي بلد وتطلب منه إحضار أوليائها وتبيين الحق لهم فإن أذعنوا لحكم الشرع وإلا وجب على الحاكم الشرعي أن يلي تزويجها بمن ترضاه ديناً وخلقاً فقد سقطت ولاية أوليائها شرعاً والسلطان ولي من لا ولي لها ، ولو فُعل هذا في أكثر من بلدة وعلم الأولياء بذلك لأذعنوا للشرع وتركوا جهالاتهم واستقاموا على المحجة النبوية الصحيحة إن كانوا صادقين.

وهنا قد تُثار معوقات ومنها أن الأولياء يُهددون النساء اللاتي يفكرن في هذا بالقطيعة فنقول وليكن ذلك فهم الآثمون شرعاً وعُرفاً ، والقطيعة منهم لا منهنَّ فهنَّ يُطالبن بالحق وهم الجانون عليهنَّ وعند الله تلتقي الخصوم فيُنصف المظلوم من الظالم.

وهذا نداء الناصح الصادق المحب المشفق لكل شرفاء وعقلاء النسب الشريف ( من آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس رضي الله عنهم أجمعين ) فأقول اتقوا الله فيمن ولاكم الله أمرهم ولتعلموا أنه ما ضاع الحق بين أهله إلا بجهل الجاهل وسكوت العالم وتواطؤ الخلطاء للمصالح فلنتواص جميعاً على نصرة المظلوم وإبانة الحق ودفع المضرة وإلا لحاق العذاب بمجموعنا وأصاب الكل عذاب الله الذي لا يُردُّ عن القوم الظالمين.

ما رضي بهذا عليهنَّ ولتولى تزويجهنَّ بنفسه فهو ولي المؤمنين والمؤمنات بل هو أولى بهم من أنفسهم. ونصرة لعترته وأهل بيته فوالله الذي لا إله غيره لو كان حياً ثم نداء أخير إلى الأكادميين الشرعيين والخطباء والدعاة وحملة الأقلام أن يَخُصوا عوانس سلالة النبوة بالحديث الصريح والبحث عن حلولٍ لهنَّ بغير خجل من قالة الحق فهنَّ أولى بالمعروف حُباً في رسول الله

وأهل بيته وخاصة عترته ما أردت بها إلا وجهك ورضاك فاجعل لها القبول واغفر بها حوباً تعلمه وذنباً سترته واجعلني من الراشدين واجعل لأخواتنا الفرج العاجل ياكريم وأصلح واهد كل ضال لطريق الحق والصواب وارفع الظلم عن كل مظلوم وملهوف. اللهم هذا جهد المقل في نصرة حبيبك محمد

هذا ما أردت بيانه إن خيراً فمن الله وحده وإن كان غير ذلك فمني والشيطان والله ورسوله منه بريئان وصلى الله على النبي محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
 

وكتبه راجي عفو ربه الكريم
إبراهيم بن محمد آل عبده الهلالي
قاضي المحكمة العامة بالقحمة
24/12/1428هـ
 

إبراهيم الهلالي
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية