صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







غزة تحتضر
3/1/1429هـ

أحمد بن حسين الفقيهي

 
الخطبة الأولى

الحمد لله أكرم الأمة وأعزها بالاسلام ، أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العلام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ارشد الخلائق إلى دار السلام، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الاعلام ، وسلم تسليما مزيداً ما تعاقبت الليالي والايام.
أما بعد:
فيا عباد الله: أتحدث إليكم اليوم لئلا يظن ظان أننا نسينا مع همومنا ورفع أسعارنا حق الأخوة بيننا، وأننا تجاهلنا أننا أمة واحدة ، وجسد واحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
أتحدث إليكم أيها المسلمون لئلا يظن أعداء الدين أننا بسبب انبهارنا بحضارتهم وافتتاننا بتقنيتهم افتقدنا وهجرنا أخلاقنا التي تأبى الظلم وتأنف من الذل والهوان، وتقول للموت إن قدم في سبيل العز والحق، أهلاً و مرحباً، فما هي إلا نفس واحدة وليس ثمة إلا موتة واحدة، فإما أن نموت شرفاء، أو أن نموت أذلاء.
عباد الله: سجن كبير يحاصر فيه مليون ونصف مليون مسلم بسبب أنهم اختاروا الاسلام نظاماً، وقالوا للكفر وأعوانه تباً وسحقاً وانهزاما .
اعرفتم ذلكم السجن الكبير الذي يواجه أهله هذه الايام الابادة الجماعية.
إنه أيها الكرام: قطاع غزة.
عباد الله: استأذنكم في هذه الدقائق بعرض موجز للحال الذي وصل إليه قطاع غزة جراء ظلم العدو ، وصمت الصديق ، لعل قلباً يدكر، ولعل نفساً تنزجر.
منذ قيام الصهاينة بفرض الحصار الشامل على قطاع غزة، والوضع الصحي هناك في تدهور وانحدار فهاهم المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة، ويعجز الطب في قطاع غزة عن علاجهم ، ينتظرون الموت في كل لحظة، وقد وصل عددهم إلى ألف وخمسمائة حالة مرضية تستلزم العلاج العاجل، وقد فارق الحياة من المرضى حتى الآن أكثر من أربعة وستين مريضا، جعلهم الله في عداد الشهداء، ولقد أعلنت وزارة الصحة هناك عن نفاد أكثر من (80) صنفاً من الأدوية، وهناك أكثر من (100) صنف على وشك النفاد من المستشفيات والمستودعات، وهاكم نموذجاً لأثر الحصار على المرضى فتاة في الخامسة عشر ربيعاً اضحت جثة هامدة لا تقوى على شيء ، ما زالت في ريعان شبابها لكنها ليست كغيرها من الفتيات اللاتي يمرحن ويلعبن، منذ ثلاث سنوات وهي تعاني من مرض السكري وتحتاج لفحوصات لا توجد إلا في الخارج، لكن الحصار لم يرحمها وزاد من معاناتها، وقتل حلم علاجها بالخارج ، وارقدها بالمستشفى في انتظار الموت بلا رحمة، ومثل هذه الفتاة يعيسش الاف المرضى في قطاع غزة، فهل يا ترى ستوقظ آهات المرضى وعذباتهم الضمير العالمي من سباته العميق؟ وهل ستحيي دمعات المرضى واستغاثاتهم آذاناً صماً وقلوباً غلفاً؟
أيها المسلمون: كل المصانع في قطاع غزة والمصانع الغذائية على وجه الخصوص متوقفة عن العمل، وهناك أكثر من ثلاثة آلاف مصنع ومؤسسة اقتصادية مغلقة بالكامل، وبتوقف تلك المصانع والمؤسسات فقد قرابة خمسة وستين ألف عامل وظائفهم، ومن بقي منهم على رأس العمل لا تنتظم رواتبه بسبب حالة الافلاس التي يتعرضون لها.
ومن المصانع عباد الله : إلى قطاع الزراعة الذي أضحى 80% من محصوله معرض للتلف بسبب الحصار واغلاق المعابر وقلة السيولة النقدية لدى عامة الشعب. لقد أضحى المزارع في قطاع غزة يصبح ويمسيء وهو ينظر إلى محصوله الذي زرعه وسقاه وعمل عليه منذ أن تطلع الشمس إلى أن تغيب نظرة ألم وحزن ، لانه لا يستطيع أن يبيع منه أكثر من 20% فقط ، والباقي يفسد أمامه وبين يديه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أيها المسلمون: لا شك أنكم تألمتم من الزيادة الباهظة في أسعاركم ، مع أنكم بحمد الله تنعمون بالأمن والامان، ويتقاضى الكثير منكم ما يسد به حاجته، لكن يا ترى ما حال أخوانكم هناك مع غلاء الاسعار، وهل تمكنوا من الفرح بالعيد ، وشراء الأضحية ، وإدخال السرور على أولادهم ، في ظل الحصار وتوقف الرواتب وعدم صرفها لهم ؟
أم تيسير إحدى نساء فلسطين تعيش منذ 7 سنوات في قطاع غزة على المعونات الانسانية، وبعد الحصار وإغلاق المعابر لم تجد لا كوبونات ولا طروداً غذائية من الجمعيات الخيرية تقول: اضطررت إلى بيع اقراط بناتي حتى أتمكن من توفير الطعام للأسرة لأننا منذ أكثر من شهرين لم نأكل لا لحماً ولا دجاجاً.
إن أكثر من 90% من الاسر في عزة تعيش تحت خط الفقر، 42% منهم يعيشون في فقر مدقع، حتى غدا قطاع غزة مدينة اشباح خاوية من كل شيء يبعث على الحياة والأمل.
عباد الله: إن نقص الأدوية وقلة المخزون الغذائي وارتفاع الاسعار يتزامن مع حصار من نوع آخر، ألا وهو حصار العلم والمعرفة الذي لايقل خطراً وضرراً على المدى البعيد عن أثر الحصار الاقتصادي والمعيشي، فلقد منعت سلطات الاحتلال أكثر من 3 آلاف طالب وطالبة من السفر للالتحاق بالمدارس والجامعات خارج قطاع غزة حتى لا يعودوا خبراء ومختصين وقادرين على إدارة شئون بلادهم.
أيها المسلمون: بعدما اعتصرت آلام الحصار واغلاق المعابر في قطاع غزة حياة الاحياء من المدنيين، وسلبت المرضى ارواحهم في ظل منعهم من تلقي العلاج في الخارج، لاحق الالم الموتى في قبورهم بسبب منع سلطات الاحتلال دخول المواد اللازمة لبناء القبور، ويواجه سكان قطاع غزة معاناة شديدة لتوفير مواد البناء اللازمة لتشييد القبور لموتاهم بعدما نفدت هذه المواد من الاسواق، ولقد أشارت وزارة الأوقاف هناك أنها قامت ببناء 1000 قبر هذا العام، ولم يتبق إلا القليل من هذه القبور الشاغرة بما لا يكفي لنهاية الشهر الحالي، محذرة من كارثة انسانية تحل بالموتى في حال استمرار اغلاق المعابر، ومنع دخول مواد البناء.
عباد الله: إن الحصار الحالي لقطاع غزة لم تشهده الاراضي الفلسطينية من قبل ولقد طال هذا الحصار كل شيء حتى الحجر والشجر، بل حتى الاسماك حيل بينها وبين مسلم في غزة لتكون له قوتاً أو تحول بينه وبين الموتى جوعاً .
ووالله وبالله وتالله لوحدث ربع أو عشر ما يحدث في غزة في أي مكان أو دولة في العالم يقطنها غير مسلمين لاعتبرت هذه الدولة وذلك المكان منطقة ودولة منكوبة تغاث من كل العالم، وتمد بكافة الاحتياجات الانسانية، ولا أدري والله كيف يحكم على مليون ونصف مليون مواطن في غزة بالاعدام ولا يحرك العالم ساكنا؟
أين العدل الذي يدعونه؟ وأين الانصاف الذي يزعمونه، أين هيئات حقوق الانسان؟ أين مجلس أمنهم؟ وأين هيئة أممهم؟ بل أين أنتم ايها المسلمون ؟
ياأهل الجزيرة وياأحفاد الصحابة إني أناشدكم باسم الايمان، وادعوكم باسم الاسلام واستصرخكم بأخلاقكم الأصيلة التي تأبى الظلم والضيم أن تقدموا ما تجود به أنفسكم لاخوانكم في غزة المحاصرة .
تذكروا أيها الكرام وأنتم تنعمون وتمروحون بين أهليكم وأموالكم تذكروا بكاء اليتامى، وصراخ الثكالى، وأنين الأرامل والأيامي، تذكروا أننا جسد واحد وإن فرقتنا الحدود وحالت بيننا وبينهم السدود.
يا مسلمون: سينقشع الحصار طال أو قصر عن غزة ، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هل سيخلدنا التاريخ وتذكرنا الاجيال القادمة مع الشرفاء أم مع غيرهم؟
هل ستبقي أسماؤنا وأثارنا خالدة كما خلد التاريخ أسماء الخمسة الذي نقضوا صحيفة الحصار عن نبيكم  ؟
فإن هيج ذلك المروءة في نفوسكم فاعلموا بالأحرى ومن باب أولى أنه ليس من عذر لأحد اليوم يرى حرماته ومقدساته تنتهك، ويرى أطفالاً يقتلون، ونساءاً يرملون، وشيوخاً يعتقلون، ثم لا ينتصر لاخوانه ولا يحزن لمصابهم، فقدموا عباد الله لأنفسكم معذرة عند ربكم .
يا مسلمون:
من أين يهنئونا عيش وعافية * وفي فلسطين آلام تعينها
والله لو كان فينا مثل معتصم * لعبأ الجيش يرعاه ويحميها
ولو رأنا صلاح الدين في خور * لجرد السيف يفري من يعاديها
بشراك يا أيها الأقصى بموعدة * قد قالها المصطفى والله مجريها
لن تستمر يهود في غوايتها * وسوف يجتث قاصيها ودانيها

غزة تحتضر
الخطبة الثانية


الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ولا عدوان إلا على الظالمين ....
عباد الله: إن بلوى نكبة فلسطين وتكرار ذكرها، ينبغي أن يكون دافعاً لنا لا محبطاً، محركاً للجهود لا جالباً لليأس من النصر، فلا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون..
أيها المسلمون: مهما كنا ضعفاء فإننا نستطيع أن نقدم شيئاً، نستطيع أن نتحدث بهذه القضية في كل مجلس وبكل لسان، وأن نعرف بها لنجلو الغشاوة ، ونحرك القلوب، وندفع الآخرين للعمل.
مهما كنا ضعفاء فإننا نستطيع أن نقتطع من أموالنا، وقوتنا اليسير للتبرع لاخواننا، وسد حاجتهم وفقرهم.
ومع ضعفنا عباد الله نستطيع أن ندعوا لاخواننا بالنصر والتمكين وندعوا على عدوهم بالهزيمة والعذاب والخسران .
عباد الله: صلوا على الرحمة المهداة ....

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أحمد الفقيهي
  • الأسرة والمجتمع
  • شهور العام
  • قضايا المسلمين
  • الصلاة والطهارة
  • الحج
  • رمضان
  • عبادات وآداب
  • تراجم
  • مناسبات
  • الصفحة الرئيسية