اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/hajs/11.htm?print_it=1

استنبات العلماء

عبداللطيف بن هاجس الغامدي


المتابع لكثير من فتاوى المفتين في زماننا الحاضر ووقتا المعاصر يلحظ أمرًا قد يبدو كالظاهرة ، وكالسيما المشتركة بين الكثير من الفتاوى .
وهي ظاهرة ما يسمونه بزعمهم بالتسامح ، والقول بالأسهل والأيسر ، ونبذ التشدد ، ومقاومة التنطع في الدين ، ومحاربة الغلو ، وتجفيف منابع الإرهاب ، وعدم تحجير العقول والفهوم ، والتوسع المذهبي ، والانفتاح على الآخر ، وغير ما ذكرنا من المصطلحات ...
وتلك همّة عظيمة ، وغاية كريمة ينبغي الالتفات إليها والأخذ بها بضوابطها لأنها من الدين .
ولكن الحقيقة المؤلمة لأكثر ما نراه أنها وسائل ملتوية تتخذ لتمييع الدين ونبذ أحكامه ، والعبور فوق شرائعه ، والالتفاف على نظامه .
ووسائلهم في ذلك لوي أعناق الآيات ، والطعن في الكثير من الأحاديث ، وإعمال العقول في المنقول ، وتحكيم الفهوم في النصوص ، وتتبع رخص العلماء ، وبتر نقولاتهم عنهم ، ودغدغة المشاعر ، والأخذ بالأغاليط ، وتجييش السلطات ، والطعن في المخالفين ، ولمزهم بما فيه هلاكهم .
والملاحظ أن الحرام استحال إلى حلال ، والموبقات إلى مكروهات ، والممنوعات غدت حرية شخصية وأذواق سلوكية ، وكأنما الشريعة نزلت لأناس وانعزلت عن آخرين !
والملاحظ بروز بعض المفتين ، وتصديهم للناس وركوبهم لذلك كل المطايا ، ودخولهم إلى ميدان الإفتاء من أوسع أبوابه وأرحب مسالكه بعد أن كانوا قبل وقت قليل من صغار طلاب العلم ، وممن لا يؤبه به ، ولمّا مات الأكابر تولى الأصاغر المنابر !
والملاحظ أن الدين غدا حمًا مباحًا وكللأً مشاعًا لكل سائمة هائمة لتصول فيه وتجول دون علم ولا هدى ولا كتاب منير ، واعتلى الشيطان ليخطب فوق المنابر ، ونطق الرويبضة ، وصار أهل الحق والصدق كالمستوحشين ، يدافعون الخسارة الكبرى بالصغرى ، وتحمل الكبار ذنوب الصغار ، وأدين البريء بجرم الشقي ، وعصفت أراجيف الفتن ، وكم لله في هذا من حكم !!
والحل الأحكم والطريق الأسلم للخروج من هذا المأزق الشرعي والتاريخي هو تربية الجيل القادم بالمنهج الأقوم بالتي هي أحسن ، واستنبات العلماء من حلق العلم ، وغرس بذور القيادة العلمية في نفوس المؤهلين لها والمستحقين لحملها ، لأن الأمَّة تحتاج إلى أئمَّة ، والأجيال تنتظر الرجال الذين يقولون بالحق وبه يعدلون !
 

عبداللطيف الغامدي
  • كنوز دعوية
  • مقالات ورسائل
  • كتب ورسائل
  • الصفحة الرئيسية