صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







وصية الأسبوع
الوصية التاسعة : وخالق الناس بخلق حسن

د. بدر عبد الحميد هميسه


عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه ، أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَوْصِنِي ، قَالَ : اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ ، أَوْ أَيْنَمَا كُنْتَ ، قَالَ : زِدْنِي ، قَالَ : أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا ، قَالَ : زِدْنِي ، قَالَ : خَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ.
أخرجه أحمد 5/228(22337) و\"الدارِمِي\" 2791 و\"التِّرمِذي\" 1987 وقال حديث حسن.

1- اتق الله حيثما كنت :
التقوى هي وصية الله للأولين والآخرين من خلقه ,وهي كما عرفها ابن مسعود :أن يطاع الله فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى .. ، وأن يشكر فلا يكفر .
وعرفها ابن عباس بقوله \" هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل.
وعرفها طلق بن حبيب بقوله:التقوى هى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله.. على نور من الله ، تخافُ عقابَ الله.
عن أبي يزيد أن التقوى هي التورع عن كل ما فيه شبهة وعن محمد بن حنيف أنه مجانبة كل ما يبعدك عن الله تعالي وعن سهل المتقي كل من تبرأ عن حوله وقدرته وقيل التقوى أن لا يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك وعن ميمون بن مهران لا يكون الرجل تقياً حتى يكون أشد محاسبة لنفسه من الشريك الشحيح والسلطان الجائر وعن أبي تراب بين يدي التقوى خمس عقبات لا يناله من يجاوزهن إيثار الشدة على النعمة وإيثار الضعف على القوة وإيثار الذل على العزة ، وإيثار الجهد على الراحة وإيثار الموت على الحياة وعن بعض الحكماء أنه لا يبلغ الرجل سنام التقوى إلا أن يكون بحيث لو جعل ما في قلبه في طبق فطيف به في السوق لم يستح ممن ينظر إليه وقيل التقوى أن نزين سرك للحق كما تزين علانيتك للخل
فالتقوى هي الغاية من العبادة و هي أساس الخير في الدنيا والآخرة.
والهدف الأسمى من الصوم تربية المسلم على التقوى والإخلاص ومراقبة الله تعالى في السر والعلن . لذا فقد جعل الله الصوم له وحده فقال في الحديث القدسي :\" كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ ، إِلاَّ الصِّيَامَ ، فَإِنَّهُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ ، فَلاَ يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ ، فَلْيَقُلْ : إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ، مَرَّتَيْنِ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا : إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فَرِحَ بِصِيَامِهِ. أخرجه عبد الرَّزَّاق (7893) و\"ابن أبي شَيْبَة\" 3/3 (8879) و\"أحمد\" 2/266(7596)). و\"البُخاري\" (7492) و\"مسلم\" 2676 .
قال الإمام أحمد: لا رياء في الصوم، فلا يدخله الرياء في فعله، من صفى صفى له، ومن كَدَّر كدر عليه، ومن أحسن في ليله كوفئ في نهاره، ومن أحسن في نهاره كوفئ في ليله، وإنما يُكال للعبد كما كال.
فالمؤمن يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فليعلم أن الله الرقيب الحسيب يراه , قال تعالى : {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} (2) سورة الزمر.
وقال : {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} (11) سورة الزمر.
وعَنْ أَبِى أُمَامَةَ الْبَاهِلِىِّ قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلاً غَزَا يَلْتَمِسُ الأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَا لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ شَىْءَ لَهُ فَأَعَادَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ شَىْءَ لَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِىَ بِهِ وَجْهُهُ. أخرجه النسائي 6/25 وفي \"الكبرى\" 4333.
وفي الصحيح من حديث ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \"لأعلمنَّ أقوامًا مِن أمتي يومَ القيامةِ يأتون بحسناتٍ كأمثالِ الجبال بِيضًا، يجعلُها اللهُ هباءً منثورا\". قال ثوبان: صفهم لنا أنْ لا نكون منهم يا رسول الله! قال: \"أما إنهم إخوانُكم، ومن جِلدَتِكم، ويأخذون مِن الليلِ كما تأخذون، لكنهم إذا خَلَوا بمحارمِ اللهِ انتهكوها\".أخرجه ابن ماجه ( 4245 ) ( صحيح ) انظر حديث رقم : 5028 في صحيح الجامع .
قيل لبعض الحكماء: ما سبب الذنب؟ قال: الخطرة. فإنْ تداركتَ الخطرة بالرجوع إلى الله ذَهَبَتْ، وإنْ لم تفعل تولدتْ عنها الفكرة، فإنْ تداركتَها بالرجوع إلى الله بطلتْ، وإلا فعند ذلك تخالط الوسوسة الفكرة؛ فتتولد عنها الشهوة.. وكل ذلك باطن في القلب لم يظهر على الجوارح، فإنْ استدركتَ الشهوة وإلا تولد منها الطلب، فإنْ تداركتَ الطلب، وإلا تولد منه الفعل. قال الشاعر :

اللـه يعلـم كـل ما تضمـر * * * يعلم ما تخفـي وما تظهر
وإن خدعت الناس لم تستطع * * * خداع من يطوي ومن ينشر

وقال آخر :

لا تَحْقِرنَّ مِنَ الذنوبِ صَغِيرا * * * إن الصَّغير غدًا يعود كبيرا
إن الصغير ولو تقادم عهده * * * عند الإله مُسَطَّرٌ تسطيرا
فازجر هواك عن البطالة لا تكن * * * صعب القياد وشمرن تشميرا
إن المُحِبَّ إذا أحب إلههُ * * * طار الفؤاد وأُلْهِم التفكيرا
فاسأل هدايتك الإله بِنِيَّة * * * فَكَفَى بِرَبّكَ هاديا ونصيرا

قال عبد الله بن دينار: خرجتُ مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مكة، فعَرَّسنا ( التَّعْريسُ: نزول القوم في السفر من آخر الليل للاستراحة ) في بعض الطريق، فانحدر عليه راعٍ من الجبل، فقال له: يا راعِ! بعني شاة من هذه الغنم.. فقال: إني مملوك.. فقال: قل لسيدك أكلها الذئب! قال: فأين الله؟! قال: فبكى عمر، ثم غَدَا إلى المملوك، فاشتراه من مولاه، وأعتقه، وقال: أعتقتك في الدنيا هذه الكلمة، وأرجو أنْ تعتقك في الآخرة.
وعن عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده أسلم، قال: بينا أنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يعس بالمدينة؛ إذ أعياه فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل، فإذا امرأة تقول لابنتها: يا ابنتاه! قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء. فقالت لها: يا أماه! أوَ علمتِ بما كان مِن عزمة أمير المؤمنين اليوم؟ فقالت: وما كان مِن عزمته يا بنية؟ قالت: إنه أمر مناديه فنادى أنْ لا يُشاب اللبن بالماء. فقالت لها: يا بنتاه! قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء؛ فإنك بموضع لا يراك عمر ولا منادي عمر! فقالت الصبية لأمها: يا أماه! والله ما كنتُ لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلا.. وعمر يسمع كل ذلك! فقال: يا أسلم! عَلِّم الباب، واعرف الموضع..
فلما أصبح الصبح قال: يا أسلم! امضِ إلى ذلك الموضع فانظر مَن القائلة، ومَن المقول لها؟ وهل لهم مِن زوج؟ قال أسلم: فأتيتُ الموضع فنظرتُ؛ فإذا الجارية أيِّم لا بعل لها، وإذا تيك أمها، وإذا ليس لها رجل.. فأتيتُ عمر بن الخطاب فأخبرتُه.. فدعا عمر ولده فجمعهم، فقال: هل فيكم مَن يحتاج إلى امرأة أزوجه؟ ولو كان بأبيكم حركة إلى النساء ما سبقه أحد منكم إلى هذه الجارية! فقال عبد الله: لي زوجة. وقال عبد الرحمن: لي زوجة. وقال عاصم: يا أبتاه! لا زوجة لي فزوجني. فبعث إلى الجارية فزوجها من عاصم، فولدت لعاصم بنتًا، وولدت البنت عمر بن عبد العزيز.
قال الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، رَحِمَهُ اللهُ يُنْشِدُ:

إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا * * فَلَا تَقُلْ خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفُلُ سَاعَةً * * وَلَا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيبُ
غَفَلْنَا الْعُمُرَ وَاللهِ حَتَّى تَدَارَكَتْ * * عَلَيْنَا ذُنُوبٌ بَعْدَهُنَّ ذُنُوبُ
فَيَا لَيْتَ أَنَّ اللهَ يَغْفِرُ مَا مَضَى * * وَيَأْذَنُ فِي تَوْبَاتِنَا فَنَتُوبُ

أراد أحد الأساتذة الكرام أن معنى المراقبة والإخلاص والتقوى ، فدفع لكل تلميذ من تلاميذه دجاجة أو طائر وهو يقول: فليذهب كل تلميذ وليذبح هذا الطائر في مكان لا يراه فيه أحد، فذهب كل تلميذ بطائره في مكان يغيب فيه عن أعين الناس حتى يذبح طائره ويعود به إلى أستاذه، ونظر الأستاذ فوجد تلميذاً نجيباً جاء بطائره ولم يذبحه فقال له، لماذا لم تذبح طائرك؟! فقال: يا أستاذي لقد طلبت منا أن نبحث عن مكان لا يرانا فيه أحد، وما من مكان ذهبت إليه إلا ورأيت أن الله يراني، فأين أذبحه؟!.

وإذا خَلَوْتَ بِرِيبَةٍ فـي ظُلمَةٍ * * والنَّفْسُ داعِيَةٌ إلى الطغيانِ
فاستحِي مِن نَظَرِ الإلهِ وقُلْ لهـا: * * إنَّ الذي خلقَ الظلامَ يراني

كان بمدينة \"مرو\" رجل اسمه \"نوح بن مريم\"، وكان رئيس \"مرو\" وقاضيها، وكان له نعمة كبيرة وحال موفورة، وكانت له ابنة ذات حسن وجمال وبهاء وكمال؛ قد خطبها جماعة من الأكابر والرؤساء وذوي النعمة والثروة؛ فلم يُنعِم بها لأحد منهم، وتحير في أمرها، ولم يدرِ لأيهم يزوجها؟! وقال: إن زوجتُها لفلان أسخطتُ فلانًا! وكان له غلام هندي تقي اسمه \"مبارك\"، وكان له بستان عامر الأشجار والفاكهة والثمار.. فقال للغلام: أريد أن تمضي وتحفظ البستان..
ثم أراد أن يختبره! فقال له: يا مبارك! ناولني عنقود عنب.. فناوله عنقودًا من العنب؛ فوجده حامضًا، فقال له سيده: أعطني غير هذا؛ فناوله عنقودًا حامضًا! فقال له سيده: ما السبب في أنك لا تناولني من هذا الكثير غير الحامض؟! فقال: لأني لا أعلم أحامض هو أم حلو! فقال له سيده: سبحان الله! لك في هذا البستان شهر كامل؛ ما تعرف الحامض من الحلو؟! فقال: وحقك أيها السيد؛ إنني ما ذقته، ولم أعلم أحامض أم حلو! فقال له: لم لا تأكل منه؟ فقال: لأنك أمرتني بحفظه، ولم تأمرني بأكله؛ فما كنت أخونك..! فعجب القاضي منه، وقال له: حفظ الله عليك أمانتك.وعلم القاضي أن الغلام غزير العقل، فقال له: أيها الغلام! قد وقع لي رغبة فيك، وينبغي أن تفعل ما آمرك به.. فقال الغلام: أنا مطيع لله ولك. فقال القاضي‏:‏ اعلم أن لي بنتًا جميلة، وقد خطبها كثير من الرؤساء والمتقدمين؛ ولا أعلم لمن أزوجها؛ فأشر عليّ بما ترى..! فقال الغلام‏:‏ إن الكفار في زمن الجاهلية كانوا يريدون الأصل والنسب والبيت والحسب، واليهود والنصارى يطلبون الحسن والجمال، وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الناس يطلبون الدين والتُّقَى‏. أما في زماننا هذا ف الناس يطلبون المال؛ فاختر من هذه الأربعة ما تريد.. فقال القاضي: قد اخترتُ الدين والأمانة، وجربتُ منك العفة والصيانة‏.‏فقال الغلام: أيها السيد! أنا عبد رقيق، هندي أسود، ابتعتَني بمالك؛ كيف تزوجني بابنتك، وترضاني؟! فقال له القاضي: قم بنا إلى البيت لندبر هذا الأمر.. فلما صارا إلى المنزل، قال القاضي لزوجته: اعلمي أن هذا الغلام الهندي دَيِّن تَقي وقد رغبت في صلاحه، وأريد أن أزوجه ابنتي؛ فما تقولين؟ فقالت: الأمر إليك، ولكن أمضي إلى الصبية وأُخبرها، وأُعيد عليك جوابها.. فجاءت المرأة إلى الصبية وأدت إليها رسالة أبيها؛ فقالت: مهما أمرتماني به فعلتُه، ولا أخرج من تحت حكمكما، ولا أعاندكما بالمخالفة، بل أبركما.. فزوج القاضي ابنته بالمبارك، وأعطاهما مالاً عظيمًا؛ فأولدها المبارك ولدًا، وسماه \"عبد الله\"، وهو معروف في جميع العالم؛ فهو \"عبد الله بن المبارك\" صاحب العلم والزهد ورواية الأحاديث؛ فما دامت الدنيا يُحدَّث عنه يروي‏.] [التبر المسبوك].

أنت العليم بظاهري وبباطني* * بالسر بل أخفى وبالإعلان
أنت السميع لمنطقي وحروفه* * أنت الخبير بموقفي ومكاني
إن لم أكن أهلا لتوفيق فمـُن* * فلأنت أهل المن والإحسان
يا رب أنت المرتجى والمبتـغى* * وأنا الفقير بذلتـي وهواني
يا رب أنت خلقتني وبرأتـني* * جملت بالتوحيد نطق لساني
ونشرت لي في العلمين محاسنا* * وسترت عن أبصارهم عصياني
تالله لو علموا قبيح سريـرتي* * لأبى السلام علي من يلقـاني
ولأعرضوا عني وملوا صحبتي * * ولبؤت بعد كـرامة بـهوان
لكن سترت معايبي ومثالـبي * * وحلمت عن جهلي وعن عصياني
فلك المحامد والمدائح كلــها* * بخواطري وجوانحي ولســاني

قال سهل بن عبد الله التستري: كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار، فقال لي يومًا: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت: كيف أذكره؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: الله معي، الله ناظر إليَّ، الله شاهدي. فقلت ذلك ليالي، ثم أعلمتُه، فقال: قل في كل ليلة سبع مرات. فقلت ذلك ثم أعلمته، فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشرة مرة. فقلته؛ فوقع في قلبي حلاوته. فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمتُك، ودُم عليه إلى أن تدخل القبر؛ فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة. فلم أزل على ذلك سنين؛ فوجدت لذلك حلاوة في سري. ثم قال لي خالي يومًا: يا سهل! مَن كان الله معه، وناظرًا إليه، وشاهده؛ أيعصيه؟ إياك والمعصية. [الإحياء] .
أنشد أبو الدرداء - رضي الله عنه -:

يريد المرء أن يؤتى مناه * * ويأبى الله إلا ما أرادا
يقول المرء فائدتي ومالي * * وتقوى الله أفضل ما استفادا

وللتقوى ثمرات كثيرة منها :
1ـ محبة الله تعالى :
قال تعالى : ( إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:4) .
وقال : (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (آل عمران:76) .
2ـ رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة :
قال تعالى : ( وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ) (لأعراف:156).
3ـ سبب لعون الله ونصره وتأييده :
قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل:128) .
4ـ حصن الخائف وأمانه من كل ما يخاف ويحذر ، من سوء ومكروه في الدنيا والآخرة :
قال تعالى : (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (الزمر:61) .
5ـ تبعث في القلب النور وتقوي بصيرته فيميز بين ما ينفعه وما يضره :
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (لأنفال:29) .
وقال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الحديد:28) .
6ـ تعطي العبد قوة لغلبة الشيطان :
قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (لأعراف:201) .
7ـ وسيلة لنيل الأجر العظيم :
قال تعالى : ( ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) (الطلاق:5) .
8ـ توسيع الرزق وفتح مزيد من الخيرات :
قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (لأعراف:96).
وقال :(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً(2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) (الطلاق: من الآية3) .
9ـ تفريج الكرب وتيسير الأمور :
قال تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)(الطلاق: من الآية2).
وقال : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)(الطلاق: من الآية4).
10ـ النصر على الأعداء ورد كيدهم والنجاة منن شرهم :
قال تعالى : (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (آل عمران:120) .
وقال : (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (فصلت:18) .
11ـ أن العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة :
قال تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص:83).
12ـ أنها الميزان الذي يقرب العبد من ربه ويدنيه :
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13) .
13ـ من أسباب قبول العمل:
قال تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة:27) .
وقال : (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ )(الحج: من الآية37) .
14ـ سبب لمغفرة الذنوب :
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الحديد:28) .
وقال : (يَا أَيُّهَا الٍٍَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:71)
15ـ التقوى ثوابها الجنة :
(قال تعالى : وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:133) .
وقال : (وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ(30) )جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ) (النحل:31) .
وقال : (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ)(الشعراء:90).
ففي التقوى جماع كل خير .و سبب لتفريج الكروب وسعة الرزق.و سبب للفوز بالجنة.
ذكر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث إليه أميره في الشام زيتًا في قِرَب ليبيعه، ويجعل المال في بيت مال المسلمين، فجعل عمر يُفرغه للناس في آنيتهم، وكان كلما فرغت قِـربة من قِرَب الزيت قلبها، ثم عصرها وألقاها بجانبه، وكان بجواره ابن صغير له، فكان الصغير كلما ألقى أبوه قِربَة من القِرَب أخذها ثم قلبها فوق رأسه حتى يقطر منها قطرة أو قطرتان.. فعل ذلك بأربع قِرَب أو خمس، فالتفت إليه عمر فجأة، فإذا شعر الصغير حسنٌ، ووجهه حسن.. فقال: ادهنت؟ قال: نعم.. قال: مِن أين؟ قال: مما يبقى في هذه القِرَب.. فقال عمر: إني أرى رأسك قد شبع مِن زيت المسلمين مِن غير عِوَض.. لا والله؛ لا يحاسبني الله على ذلك.. ثم جره بيده إلى الحلاق، وحلق رأسه خوفًا مِن قطرة وقطرتين.

2- اتبع السيئة الحسنة تمحها :
المسلم صاحب نفس لوامة تلومه على المعصية فيراجع ويحاسب نفسه ويتبع السيئة بالحسنة ,ومن الحسنات التي تدفع السيئات: العفو عن الناس، والإحسان إلى الخلق من الآدميين وغيرهم، وتفريج الكربات، والتيسير على المعسرين، وإزالة الضرر والمشقة عن جميع العالمين. قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ} وقال صلى الله عليه وسلم : \"الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر\" وكم في النصوص من ترتيب المغفرة على كثير من الطاعات.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ:كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ ، قَالَ : وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ ، قَالَ : وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ ، قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا ، فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللهِ ، قَالَ : أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ ، أَوْ قَالَ : حَدَّكَ. أخرجه البُخَارِي 8/206(6823) و\"مسلم\" 8/102 (7106) .

عَنْ شَدَّادٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ , قَالَ:بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى الْمَسْجِدِ وَنَحْنُ قُعُودٌ مَعَهُ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَعَادَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إني أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ فَسَكَتَ عَنْهُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلَمَّا انْصَرَفَ نَبِىُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو أُمَامَةَ فَاتَّبَعَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ انْصَرَفَ وَاتَّبَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْظُرُ مَا يَرُدُّ عَلَى الرَّجُلِ فَلَحِقَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إني أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ قَالَ أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَأَيْتَ حِينَ خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ أَلَيْسَ قَدْ تَوَضَّأْتَ فَأَحْسَنْتَ الْوُضُوءَ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ثُمَّ شَهِدْتَ الصَّلاَةَ مَعَنَا ف َقَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ حَدَّكَ أَوْ قَالَ ذَنْبَكَ.
أخرجه أحمد 5/251(22516) و\"مسلم\" 5/103(7107) و\"أبو داود\" 4381 و\"النَّسائي\" في \"الكبرى\" 7272 و\"ابن خزيمة\" 311 .

ومما يكفر الله به الخطايا: المصائب؛ فإنه لا يصيب المؤمن من هَمٍّ ولا غم ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله عنه بها خطاياه. وهي إما فوات محبوب، أو حصول مكروه بدني أو قلبي، أو مالي، داخلي أو خارجي، لكن المصائب بغير فعل العبد. فلهذا أمره بما هو من فعله، وهو أن يتبع السيئة الحسنة. ثم لما ذكر حق الله – وهو الوصية بالتقوى الجامعة لعقائد الدين وأعماله الباطنة والظاهرة – قال \"وخالق الناس بخلق حسن\".
عن عبد الله بن عمرو أن معاذ بن جبل أراد سفرا فقال : يا رسول الله أوصني قال : أعبد الله و لا تشرك به شيئا قال : يا رسول الله زدني قال : إذا أسأت فاحسن قال : يا رسول الله زدني قال : استقم و لتحسن خلقك.
أخرجه ابن حبان ( 1922 ) و الحاكم ( 4 / 244 )قال الألباني في \" السلسلة الصحيحة \" 3 / 230 .

3- خالق الناس بخلق حسن:
رغب الإسلام في الخلق الحسن , عنْ جَابِرٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ ، وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ : أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ ، وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ : الثَّرْثَارُونَ ، وَالْمُتَشَدِّقُونَ ، وَالْمُتَفَيْهِقُونَ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ ، وَالْمُتَشَدِّقُونَ ، فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ ؟ قَالَ : الْمُتَكَبِّرُونَ.أخرجه التِّرْمِذِي (2018) الألباني في \"السلسلة الصحيحة\" 2 / 434.
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :«مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَل فِي الْمِيزَان مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ». أبو داود ( 4799 ) باب في حسن الخلق ، تعليق الألباني \"صحيح\".
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الْقَائِمِ بِاللَّيْلِ.أخرجه البخاري في \"الأدب المفرد\" 284.
وأول الخلق الحسن: أن تكف عنهم أذاك من كل وجه، وتعفو عن مساوئهم وأذيتهم لك، ثم تعاملهم بالإحسان القولي والإحسان الفعلي وأخص ما يكون بالخلق الحسن: سعة الحلم على الناس، والصبر عليهم، وعدم الضجر منهم، وبشاشة الوجه، ولطف الكلام والقول الجميل المؤنس للجليس، المدخل عليه السرور، المزيل لوحشته ومشقة حشمته. وقد يحسن المزح أحياناً إذا كان فيه مصلحة، لكن لا ينبغي الإكثار منه وإنما المزح في الكلام كالملح في الطعام، إن عدم أو زاد على الحد فهو مذموم.
ومن الخلق الحسن: أن تعامل كل أحد بما يليق به، ويناسب حاله من صغير وكبير، وعاقل وأحمق، وعالم وجاهل.
فمن اتقى الله، وحقق تقواه، وخالق الناس على اختلاف طبقاتهم بالخلق الحسن فقد حاز الخير كله؛ لأنه قام بحق الله وحقوق العباد ولأنه كان من المحسنين في عبادة الله، المحسنين إلى عباد الله.
عن عكرمة ، عَن أبي هُرَيرة ؛ أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينه في شيء قال عكرمة أراه قال : في دم فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ثم قال : أحسنت إليك ؟ قال الأعرابي : لا ولا أجملت فغضب بعض المسلمين وهموا أن يقوموا إليه فأشار النبي صلى الله عليه وسلم أن كفوا فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم وبلغ إلى منزله دعا الأعرابي إلى البيت فقال له : إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك فقلت ما قلت فزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فقال : أحسنت إليك ؟ فقال الأعرابي : نعم فجزاك الله من أهل وعشير خيرا.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنك كنت جئتنا فسألتنا فأعطيناك فقلت ما قلت وفي نفس أصحبي عليك من ذلك شيء فإذا جئت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب عن صدورهم قال : نعم قال فحدثني الحكم أن عكرمة قال : قال أبو هُرَيرة فلما جاء الأعرابي قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم : إن صاحبكم كان جاءنا فسألنا فأعطيناه فقال ما قال وإنا قد دعوناه فأعطيناه فزعم أنه قد رضي أكذلك ؟ قال الأعرابي نعم فجزاك الله من أهل وعشير خيرا.
قال أبو هُرَيرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلاَّ نفورا فقال لهم صاحب الناقة خلوا بيني وبين ناقتي فأنا أرفق بها وأعلم بها فتوجه إليها صاحب الناقة فأخذ لها من قتام الأرض ودعاها حتى جاءت واستجابت وشد عليها رحلها واستوى عليها وإني لو أطعتكم حيث قال ما قال لدخل النار. رواه البزار وقال : هذا الحديث لاَ نعلمُهُ يُرْوَى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلاَّ من هذا الوجه بهذا الإسناد. مسند البزار 2/465 , وفي سنده ضعف , و ابن الجوزي : الوفا بتعريف فضائل المصطفى 305 .
قال الشاعر:

إذا لم تتسع أخلاق قومٍ * * * تضيق بهم فسيحات البلاد ِ
إذا المرء لم يُخلق لبيباً * * * فليس اللبُّ عن قِدم الولادِ

وقال آخر:

فتى مثل صفو الماء أما لقاؤه * * * فبشر وأما وعده فجميل
يسرك مراءه ويشرق وجهه* * * إذا اعتل مذموم الفعال بخيل
عييٌ عن الفحشاء أما لسانه * * * فعف وأما طرفه فكليل

وقال ثالث :

أُحِبُّ مَكَارِمَ الاخْلاَقِ جَهْدِي * وَأَكْرَهُ أَنْ أَعِيبَ وَأَنْ أُعَابَا
وَأَصْفَحُ عَنْ سِبَابِ النَّاسِ حِلْمًا * وَشَرُّ النَّاسِ مَنْ يَهْوَى السِّبَابَا
وَمَنْ هَابَ الرِّجَالَ تَهَيَّبُوهُ * وَمَنْ حَقَرَ الرِّجَالَ فَلَنْ يُهَابَا

اللهم ارزقنا التقوى وجملنا بحسن الأخلاق ,واجعلنا هداة مهدين , واجعلنا ممن يحب طاعتك ويكره معصيتك .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د. بدر هميسه
  • مقالات ورسائل
  • الكتب
  • وصية الأسبوع
  • سلسلة أحاديث وفوائد
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية