اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/hamesabadr/99.htm?print_it=1

ثلاث رسائل إلى دعاة الإنترنت

د. بدر عبد الحميد هميسه


1- الرسالة الأولى: عليكم بالجدية والالتزام:
الدعوة عبر الإنترنت أصبحت ضرورة من ضرورات العصر , لما لها من أثر وتأثير بالغين ؛ولأن الإنترنت عالم مفتوح يدخله كل من هب ودب صار من اللازم على الدعاة عبر هذه الشبكة أن يتميزوا عن غيرهم في الطرح والأسلوب , فالداعية إلى الله تعالى يتميز عن غيره بأنه يدعو إلى الله تعالى على بصيرة وحكمة , قال الله تعالى:\" قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) سورة يوسف.
وقال سبحانه \"ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128) سورة النحل.
فالبصيرة العلم،والحكمة الأسلوب , لذا وجب على الداعية إلى الله تعالى أن يكون جاداً في طرح موضوعاته , وألا يطرح إلا الموضوعات التي تهم الناس , فرب كلمة قالها أو كتبها كانت سبباً في هداية شخص فأرشدته إلى هدى أو ردته عن معصية وردى , لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه \" فَوَالله لأَنْ يَهْدِىَ الله بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ\" أخرجه أحمد 5/333(23209) و\"البُخَارِي\" 4/57(2942) و\"مسلم\" 7/121(6302) .
كما يجب على الداعية هنا أن يكون ملتزماً بتعاليم الإسلام وأن لا يطرح ما يخالف المنهج الإسلامي الصحيح , ولا ما يطعن في كتاب أو سنة , ولا ما يخالف الأخلاق والأعراف السليمة , فكل كلمة يقولها أو يكتبها سوف يحاسب عليها أمام الله تعالى يوم القيامة , قال تعالى : \" مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) سور ق.
وقال : \" أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) سورة إبراهيم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً ، يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً ، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ. أخرجه أحمد 2/334(8392) . والبُخاري (6478).
قال نصر بن أحمد:

لسان الفتى حتف الفتى حين يجهلُ * * * وكلّ امرئ ما بين فكَّيه مقتلُ
وكم فاتحٍ أبواب شرٍّ لنفسه * * * إذا لم يكن قفلٌ على فيه مقفلُ
إذا ما لسان المرء أكثر هذره * * * فذاك لسانٌ بالبلاء موكّلُ
إذا شئت أن تحيا سعيداً مسلَّماً * * * فدبّر وميّز ما تقول وتفعلُ

وليعلم كل داعية أنه أحد رجلين : إما أن يكون في دعوته مفتاحاً من مفاتيح الخير , وإما – عياذا بالله تعالى – يكون مفتاحاً من مفاتيح الشر , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ ، مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ. أخرجه ابن ماجة (237) والألباني في \" السلسلة الصحيحة \" 3 / 320.
قال الشاعر:

من يزرع الخير يحصد ما يسرُّ به * * * وزارع الشَّرِّ منكوسٌ على الرَّأس

وعليه أن لا يضيع وقت الناس فيما لا يفيد , كان أيوب بن تميمة السختياني رحمه الله لما يأتي القدري ويقول له: اسمع مني كلمة واحدة فيضع إصبعه في أذنه ويقول: ولا نصف كلمة. السنة : لعبد الله بن حنبل 138.
استأذن رجل على الخليفة أبي جعفر المنصور ، ليُريه مهارته في ألعابه فأذن له ، فأخذ الرجل عددا كبيراً من الصحاف ، وجعل يتقاذفها في الهواء بمهارة عجيبة دون أن يقع منها شيء على الأرض... قال أبو جعفر المنصور : ثم ماذا ؟ فأخرج عدد كبيراً من العصا في طرف كل منها مكان لتركيب الأخرى ، ثم رمى العصا الأولى فرشقت في الجدار ، فرمى الثانية فدخلت في ثقب الأولى ....وهكذا مائة عصا لم يقع منها شيء على الأرض ، ولما انتهى من ألعابه توقع أن يكافئه أمير المؤمنين على مهارته ، ولكن المنصور نادى على جلاديه وقال: خذوا هذا الرجل وأعطوه مائة جلدة فصاح الرجل مندهشاً: لماذا يا أمير المؤمنين ؟ قال :لأنك ضيعت وقت المسلمين فيما لا ينفعهم .
قال الشاعر:

وما الحياة بأنفاس نرددها * * * إن الحياة حياة العلم والعمل


2- الرسالة الثانية: عليكم بالتحقيق والتوثيق:

كما أن على الداعية أن يتبع في دعوته منهج التحقيق والتوثيق , فلا ينشر إلا الخبر الثابت الصحيح , قال تعالى : \" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) سورة الحجرات .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات بني المصطلق، وقد روي ذلك من طرق أحسنها ما رواه الإمام أحمد في مسنده من رواية ملك بني المصطلق، وهو الحارث بن ضرار والد جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها، قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن سابق حدثنا عيسى بن دينار حدثني أبي أنه سمع الحارث بن ضرار الخزاعي رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه وأقررت به، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها، وقلت: يا رسول الله أرجع إليهم فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة، فمن استجاب لي جمعت زكاته وترسل إلي يا رسول الله رسولا إبان كذا وكذا ليأتيك بما جمعت من الزكاة، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه احتبس عليه رسول الله ولم يأته، وظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله تعالى ورسوله فدعا بسروات قومه فقال لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وقَّت لي وقتا يرسل إلي رسوله ليقبض ما ك ان عندي من الزكاة وليس من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الخلف، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطة، فانطلقوا بنا نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق أي خاف، فرجع حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الحارث قد منعني الزكاة وأراد قتلي، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم البعث إلى الحارث رضي الله عنه، وأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث فقالوا: هذا الحارث: فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك، قال: ولم؟ قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله، قال رضي الله عنه: لا والذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق ما رأيته بتة ولا أتاني، فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟ قال: لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا أتاني، وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم خشيت أن يك ون كانت سخطة من الله تعالى ورسوله، قال: فنزلت الحجرات: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ... إلى قوله حكيم. انظر : تفسير ابن كثير 7/370 , أسباب النزول , للواحدي 379 , لباب النقول في أسباب النزول , للسيوطي 180.
ولا ينسب إلى الله ورسوله إلا الثابت الصحيح , فيبتعد عن الأخبار الواهية والأحاديث الموضوعة المكذوبة , وليحاول قدر استطاعته أن يعزو كل قول لقائله , فهذا من الأمانة العلمية , قال تعالى : \" وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78) سورة آل عمران , وقال : \" قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) سورة يونس.
وقال :\" وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) سورة النحل.
عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ ، مَنْ كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمِّدًا ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.أخرجه أحمد 4/245(18320 و18321) و\"البُخَارِي\" 2/102(1291) و\"مسلم\"1/8(6).
قال الشاعر :

وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه

3- الرسالة الثالثة: عليكم بالبعد عن الحواشي والتفاصيل :
كذا على الداعية عبر الإنترنت أن يبتعد عن الحواشي والتفاصيل التي قد يحتاجها قارئ الكتاب , لكن لا يحتاجها متصفح الإنترنت , فمتصفح الإنترنت يريد المعلومة الجاهزة والخفيفة , والتي لا تستغرق منه وقتاً ولا جهداً كبيراً , قال تعالى :\" لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ...(286) سورة البقرة.
كما أن طبائع الناس في تلقي المعلومات تختلف من شخص لشخص , قال : \"وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ... (119) سورة هود.
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ:كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ ، كَرَاهِيَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. أخرجه أحمد( 1/377(3581) والُبخاري 1/27(68) و\"مسلم\" 8/142(7229).
قال عائض القرني حفظه الله :

أيا داعياً لله هاك وصيتي * * * عليك بتقوى الله يا صاح أولا
وكن طلباً للعلم في كل ساعة * * * حريصاً عليه مجملاً ومفصلا
وبالحكمة أنصح لا تكن ذا شراسة * * * غليظاً وفظاً صاخباً متعجلا
وكن طيباً كالنحل يخرج طيباً * * * وتخرج شهداً صافياً ومعسلا
ولا تك نذلاً كالذباب مجثماً * * * علي كل جرح للمحاسن مغفلا
وغض عن الزلات واستر معائباً * * * وسامح عن التقصير وأعف تفضلا
رحيماً قريباً خاشعاً ذا عزيمة * * * قوياً حليماً صامتاً متهللا
تقياً عفيفاً خاشعاًُ ذا عزيمة * * * قوياً بأمر الله للناس موئلا


فحاول الوصول إلى هدفك من أقصر الطرق وأسهلها , ولا تكلف القارئ ما لا يطيق , واجعل من مادتك العلمية مادة مشوقة منوعة ومطعمة بجميل الحكمة ورائق الشعر وطريف القصص , بعيداً عن الوحشي والمهجور من الكلام , حكوا أنه كان لبعضهم ولد نحوي يتقّعّر في كلامه، فاعتل أبوه عّلة شديدة أشرف منها على الموت، فاجتمع عليه أولاده وقالوا له: ندعو لك فلاناً أخانا، قال: لا إن جاءني قتلني، فقالوا نحن نوصيه أن لا يتكلم، فدعوه فلما دخل عليه قال له: يا أبت قل لا إله إلا الله تدخل الجنة وتفوز من النار، يا أبت والله ما أشغلني عنك إلا فلان فإنه دعاني بالأمس فأهرس، وأعدس، واستبذخ، وسكبح، وطهبج، وأفرج ودحج، وأبصل، وأمضر، ولوزج، وافلوذج، فصاح أبوه: غمضوني فقد سبق ملك الموت إلي قبض روحي.
ولا تنس قبل ذلك كله حسن الإخلاص وسلامة الطوية وصفاء النية , تحقيقاً لقوله سبحانه :\" هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65) سورة غافر ,
عَنْ شَدَّادٍ أَبِى عَمَّارٍ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ الْبَاهِلِىِّ قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلاً غَزَا يَلْتَمِسُ الأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَا لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ شَىْءَ لَهُ فَأَعَادَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ شَىْءَ لَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِىَ بِهِ وَجْهُهُ.أخرجه النسائي 6/25 وفي \"الكبرى\" 4333 الألباني في \"السلسلة الصحيحة\" 1 / 81.
جعلنا الله وإياكم من الذين يقولون فيعملون , ويعملون فيخلصون , ويخلصون فيقبلون .

 

د. بدر هميسه
  • مقالات ورسائل
  • الكتب
  • وصية الأسبوع
  • سلسلة أحاديث وفوائد
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية