اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/hamza/1.htm?print_it=1

الرغيف اليابس...!

د.حمزة بن فايع الفتحي

 
قصةُ عيش، بدأت بمن لا يجده الا احيانا، وحُرم لطيفه ومرققه، ثم بات سيد الدنيا،عليه الصلاة والسلام، تُعقد له الألوية من كل مكان، ولعالم مات فقرا وعَوزا، وبات على الطوى، لا يجد من يغذيه ويؤويه،،،!
ولثالث تيسر له ،،، فدفع به جوعةً شديدة، وواصل مسلكه في العلم والطلب، ولربما رحل، وليس له من زاد، إلا الرغيف اليابس،،،،
ومن لطيف قول بعضهم:

الجوعُ يُدفع بالرغيف اليابسِ// فعلام أُكثر حسرتي ووساوسي ؟!
والموتُ أنصف حين ساوى قسمةً// بين الخليفة والفقير البائسِ

ولأسرة مسكينة بئيسة لا تلقاه هذه الأيام، من جراء الحروب والحصار،،،،!
الرغيف اليابس، ينقذ جائعا، بل أسرة، بل شعبا، بات على الرهق والعنت،،،،!!
فلماذا يلقيه بعضنا في القمامات،،؟!
انتبه،،، لا يصيبنا ما أصابهم (( وآتاكم من كل ما سالتموه )) سورة ابراهيم.
وهذا الرغيف يختصر لك فلسفة الحياة والشبع، وان البطن سيسكت ولو بالشئ اليسير او المبتذل،،!
يعيش اكثر من مليار من فقراء العالم على اقل من دولار يوميا، وفي العالم نحو ثلاثة مليار يعيشون تحت خط الفقر،، وتتسع جيوب الفقر في العالم الإسلامي،،،،!
لماذا،،،،؟!
ليُمنع من مقدمات النهضة والتنمية والسيادة،،،! ويشغل بما دون ذلك، رغم ضخامة الثروات، وغزارة الموارد،،،،!
ولكن:
ذلك لا يدعونا الى اليأس والاستسلام، والرضى بالدون،،،!
أو أن يتجاهل الأغنياء، إخوانهم من الفقراء، فيبطروا في النعم، ولا يؤدوا حقها، وربما رُميت وأُتلفت ،،! كلا،،، بل يجب علينا توقير النعمة، والمقاومة والانتهاض، ضد واقع يراد ان يُفرض بالقوة ،،،، ! لا سيما وفي أبنائنا الطموح والاستعداد للتعلم والتضحية للوصول الى المعالي،،،،!
وبما أن أمةً لا تزال عزائم أبنائها تلتهب،فلا تخش من فشلها وضياعها،،!!
وقد تبدأ النهوض من العيش اليابس حينما نوفره لفقراء افريقيا، الذين بات بعضهم بالدعم والغذاء، وزيرا او سفيرا او طبيبا، وخدموا دينهم واوطانهم، كما رأينا في تجربة الدكتور السميط رحمه الله الخيرية في أدغال افريقيا، فلقد أسس وبنى، وأعجز الأصحاء والشباب بجهده وجهاده،،،،!
الرغيف اليابس قد يكون خيرا لنا ولك، حينما تفقه أن الإفراط في التنعم مقتلة موجعة، وصارفة لك عن معال ومنارات،،،،!
فالبطن يسكت بأدنى مسكت، وقد رفع الله به أقواما، وجعلهم فوق كثير من عباده،،،!
ومنتهى النعم الزائدة الى سَفال ووبال،،!
لو تفكر الانسان، لعلم أن ما عند الله خير لمن آمن واتقى، وراقب الله في كل شؤونه،،،،!
قد تبدأ قصة النجاح برغيف يابس، وتنتهي برغيف يابس حينما يفقه الانسان فلسفة الحياة، وأنها لا تعني شيئا في جنب الله، فيؤثر القناعة، ويرضى بالقسمة، ولا ينافح على الدنيا، ويحس بشقاء الآخرين،،،،!
وكلما تواضع الانسان ورضي بقسم الله له،،فتح الله عليه من انوار المعرفة، ومنافذ الرزق، ما لا يخطر له ببال، (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) سورة الطلاق.
والعجيب ان الرغيف اليابس لم تنته حكايته، فلا تزال أمم تتعيش عليه، وأخرى تبكي ألماً لفرقته، وثالثة تتكبر عليه، جراء ما هي فيه من الرفاهية والطغيان،،،،!
(( وكم اهلكنا من قرية بطرت معيشتها )) سورة القصص.
تضور جوعاً كثير من فقهاء الاسلام، ولم يحظوا ولو برغيف يابس، منهم عبد الوهاب المالكي الذي أنشد :

بغداد دار لاهل المال طيبة// وللمفاليس دار الضنك والضيقِ
ظللت حيران امشي في أزقتها//كأنني مصحف في بيت زنديقِ !
 

ولما قرر الخروج الى الشام، ودعه الناس، ولا يدرون بحاله من تعففه، فقال: والله لو أعطاني اهل بغداد رغيفا او رغيفين، ما خرجت منها ،،،!
ويعظم شان الرغيف اليابس حينما تضطلع به الأوطان تجاه شعوبها المنكوبة، بل ترخص ثمنه، وتدنيه من كل فقير بئيس، أو ارملة منهكة،،،!
فتكون له لذاذة مميزة، ومتعة نادرة، قال فولتير: ( خبز وطني، خير من كعك الاجنبي ) !!
وكان يلذ في السابق مع كوب الشاي، مع يبسه وتغيره،، ولو لم تكن معه أطباق اخرى ،،هههههه
ولأن الرغيف عمق رزق الشعوب، يسمى الرغيف والخبز العيش، في عدة من البلدان،،،،! فبات هو قوام العيش وأساسه،،،.!
فكم اسعد من إنسان، وشقي به آخرون ،!
فهل وعينا ان الرغيف اليابس قد يكون لينا ومرققا في زمان يابس، والرغيف اللين قد تيبس معه الحياة،،،!
لفساد السلوك والتوجه،،،! وأنه ملتقى طرق فئام وطوائف،،،، والسلام.

صديقكم// ابو يزن..،


 

د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية