اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/hamza/311.htm?print_it=1

وقفات مع آيات الحج.. المجموعة الرابعة(٤)..!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


آيات آل عمران .


الأولى : قال تعالى: { إنَّ أول بيت وضع للناس للذي ببكةَ مباركا وهدىً للعالمين، فيه آياتٌ بينات مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنا، وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }[ آل عمران:96-97 ]. فيها دليل على ركنية الحج، وأنه فريضة الله على عباده، وقد أجمع المسلمون على ذلك، وحكي الإجماع عن غير واحد، وفِي السنة الصحيحة قال عليه الصلاة والسلام : ( أيُّها النَّاسُ، قد فرض اللهُ عليكم الحَجَّ، فحُجُّوا) .
وفي الآية إخبار بشرف الكعبة وبركتها، وأنها أول بيت وضع على وجه الأرض، وهي قبلة العالمين . وقوله:( فيه آيات بينات ): أَيْ: المشاعر والمناسك كلُّها، ثمَّ ذكر بعضها فقال:﴿ مقام إبراهيم ﴾ أَيْ: منها مقام إبراهيم .

الثانية: قوله( من استطاع إليه سبيلا ): تعليق لذلك الوجوب بالاستطاعة، وحقيقتها : هو (ملك الزاد والراحلة)، وذلك لحديث ابن عُمَرَ قال: "قام رَجُلٌ إلى النبي فقال: من الْحَاجُّ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: الشَّعِثُ التَّفِلُ، فَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ فقال: أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ؟ قال: الْعَجُّ وَالثَّجُّ، فَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ فقال: ما السَّبِيلُ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ" قال الحافظ رحمه الله : سنده حسن .
وينضاف للاستطاعة حاليا امتلاك تصريح الحج وتأشيرات الوصول، والسلامة من المخاطر ، والإجراءات التي تفرضها بعض الدول من أعمار محددة وشروط معينة، فإذا تعذرت أثرت في الحكم، وصار المسلم غير مستطيع، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .

الثالثة: قوله:( ومن كفر فإن الله غنيٌ عن العالمين ): دليل على كفر تارك الحج، والمستكبر عنه، قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد : " أي ومن جحد فريضة الحج فقد كفر ، والله غني عنه" .

الرابعة: قوله:( غني عن العالمين ): قال الطبري رحمه الله: فإن الله غني عنه ، وعن حجه وعمله ، وعن سائر خلقه من الجن والإنس .
وقال الإمام الخطابي رحمه الله : " الغني هو الذي استَغنَى عن الخلق وعن نُصرَتِهم وتأييدهم لملكه، فليستْ به حاجةٌ إليهم، وهم إليه فُقَراءُ مُحتاجُون، كما وَصَف نفسه[2] فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15]" .

الخامسة : قد يُستدل بالآية على وجوب الحج على الفور، للأمر فيها، وهو مذهب جماعة من الفقهاء كأبي حنيفة ومالك رحمهما الله ، وزادهم على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ( تعجلوا بالحج فإنّ أحدكم لا يدري ما يَعرض له ) رواه في المسند . وذهب آخرون أنه واجب على التراخي ، واحتجوا بتأخر حجه صلى الله عليه وسلم، وقد نزلت آية الإتمام سنة (٦) من الهجرة . قال الشافعي رحمه الله: " ولو كان كمن ترك الصلاة حتى يخرج وقتها ما ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفرض ولا ترك المتخلفون عنه،فوقت الحج ما بين أن يجب عليه إلى أن يموت" . وعلى كلٍ متى ما حضرت الصحة والمال، ما ينبغي للمسلم تأخيره ، لأن الظروف تتغير، والأحوال تتبدل، والله المستعان .

‏‫‬


 

د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية