صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







قراءة نقدية لكتاب (ما بعد الصحوة ) للأستاذ الغذامي...!
الموقف من الحداثة..!(٧)

د.حمزة بن فايع الفتحي
@aboyo2025


قراءة نقدية لكتاب (ما بعد الصحوة ) للأستاذ الغذامي...! وقفات أولية ....[١]
قراءة نقدية لكتاب (ما بعد الصحوة ) للأستاذ الغذامي...! أفكار الصحوة...! [2]
قراءة نقدية لكتاب (ما بعد الصحوة ) للأستاذ الغذامي...! التدين وصحوة التدين...! [3]
قراءة نقدية لكتاب (ما بعد الصحوة ) للأستاذ الغذامي...! أثر الصحوة الاسلامية.. [4]
قراءة نقدية لكتاب (ما بعد الصحوة ) للأستاذ الغذامي...! الرموز شكلا ومضمونا...! [5]
القراءة النقدية لكتاب الاستاذ الغذامي (٦) فضاء تويتر أم النت،،،؟!


من أعاجيب الكتاب أن المؤلف شرّح الصحوة تشريحا واسعا، وبلغ بها التحليل المفصل، ملاحظاً علاماتها، راصداً لتفاعلاتها، فيما اختطه له..!
ولكنه كخصم حداثي، لم يكشف للأناسي حقيقة هذا المصطلح ومراميه، وما المراد به وما عواقبه، متهما كل نقد قُدم لها من الطرف الإسلامي، بأنه مبالغ فيه،،، توجسي،،،، ظنوني،،،، مجزوء، خال من البراهين، اعتمد نصوصا غامضة .،!
ولذلك تلحظ تهوينه من جهد الدكتور عوض القرني ...ص ٨٨
إلى درجه وسم عمله في الحداثة بأنه، تكون من( مجاميع الشباب ) وجهودهم وقصاصاتهم،.. وبلا ضابط منهجي....!!
وتحت سلطة الاحتساب كما يقول... ص ٨٨
واتهم الشيخ عوض بمحاولة مخادعة القارئ،،،.. وأن كل تلك الحركة الضدية، منضوية تحت ( مشروع تشويه الحداثة )...!
وما كان ينبغي له - مهما كانت الخصومة - مخاطبة مفكر عال، له وعليه- كالدكتور عوض وفقه الله، بهذه اللغة المزرية، والمستنقصة، لمن لا تخفى عليه أبجديات البحث العلمي والنقد الفكري...!
ولا أظن أن مثل هذه التعليقات الموجزة تملك السعة والوقت لمحاكمة الرجلين وحججهما، ومن حق أستاذنا القرني أن يدافع عن نفسه، ودفاعي هنا سيحمل على ان الاسلاميين يدافعون ويتخندفون ضد خصومهم...!
ويا ليت أنه رأف بحالنا، وقدم تعريفا ، أو رؤية منضبطة عن الحداثة، ليقف المواطن السعودي البسيط على مدلول هذا المصطلح المنفتح الفضفاض، والذي كثيراً ما يتهربون من تعريفه...! أو يعرفونه بطريقة مسطحة لمخاطره وتداعياته.....!
وسحب جهد مجلة( البيان ) الفكري على ذلك، وكأنه لا يعدو إلا شكلا من أشكال التجييش الاجتماعي العام، الذي مارسه القرني، وكذلك صاحب كتاب ( الحداثة من منظور إيماني )...!
وخلاصة ما رقَمه الأستاذ الغذامي هنا، التقليل من هجمة الفكر الحداثي والتغريبي، علاوة على أنه لم يحدد ماذا يرومون ويرمون من محاضراتهم تلك، وضجات المجالس الثقافية، وإنما كانوا يدارون الحشد العلمي.... أقول، وليس البشري بالأفول أو الانزواء والمخاتلة والمداراة،..!
لأن الصحوة ومع صرامتها تلك المرحلة، إلا إنه كان ثمة صوت واع، يسمع ويناقش ويحلل ويعقب... ولذلك مواقف ونماذج حصلت إبان تلك المرحلة...!
وعوداً على مصطلح الحداثة والتغريب، أعرفها من كتب ومقالات الحداثيين والعَلمانيين وفلاسفة الغرب أنفسهم...، وهو في كتابه لم يعرفها البتة، ولكن عرفها في لقاء متلفز أنها ( التجديد الواعي )...!
فيقول مثلا "جيدن" الحداثة : (تتمثل في نسق من الانقطاعات التاريخية عن المراحل السابقة حيث تهيمن التقاليد والعقائد ذات الطابع الشمولي الكنسي )..!
ويقول تورين في كتابه ( نقد الحداثة) هي ( أن تستبدل فكرة الله بفكرة العلم، وتقصر الاعتقادات الدينية على الحياة الخاصة بكل فرد )..
وفي نطاق مثقفي العرب ومفكريهم، يقول أدونيس في كتابه الثابت والتحول: ( هي الصراع بين النظام القائم على السلفية، والرغبة العاملة لتغيير هذا النظام ).
ومرة يقول ردا على من يفرق بين العرب والنموذج الغربي في التحديث ( لا نقدر أن نفصل بين الحداثة العربية والحداثة في العالم )!
ومثل هذه التعريفات كافية في التخوف من الحداثة ودعاتها، وصناعة العقل التوجسي لدى خصومها،،،! لا سيما وهي تعني رفض الموروث القديم بما في ذلك الوحي، وصياغة الحياة بالمحددات العقلية فحسب....!
وتحديده لها بالتجديد الواعي، لم يعينه، وهل يعني تجديد القديم، أو طرح والركون للوافد الحديث...!
وهنا ترميز وتضبيب وتضليل...!
ولو لم تقم الصحوة إلا بالتصدي لمثل هذه الفكرة لكفاها فخرا،... وكفاها مجدا وذكرا، تخندقها وتوجسها الفكري، بل يكون ذلك من الحذر المحمود، والحيطة الذكية الاستباقية...! وربما يتضاحك الدكتور الغذامي من هذا الكلام ويتهمنا بالداء التوجسي الداخلي،،! وهو يتجاهل حرب الأفكار الحديثة، ويضرب صفحا عن مشاريع الغرب الفكرية وغزواتهم المستديمة تجاه الأمة وفكرها وعقيدتها... لأن المقدمة لديه شبه معدومة، أو يعيش اندهاشا بحداثة الغرب، ويقصرها على العمران والتصنيع والتكنولوجيا ....!!
وأما التغريب فمذهب فكري آخر لا يختلف كثيراً عن الحداثة، إن لم يكن جزءا او أثرا من آثارها، فيعرف بأنه ( تيار فكري ذو أبعاد سياسة واجتماعية وثقافية وفنية يرمي إلى صبغ حياة الأمة الاسلامية والعربية بصبغة غربية )...! وإنتاج الجيل المنبهر بالغرب واكتشافاته...!
ولكن المهووسين بالغرب يتجاهلون ذاك، وإذا اعترفوا بالاستشراق ، لن يعترفوا بالتغريب...!
وحتى مع النصوص القطعية في التحذير من الانسلاخ والانبهار بالآخر، ربما لا يصدقون، أو يتوجسون من الفكر التآمري ففي الحديث : ((لتتبعنَّ سَنَن مَن قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جُحر ضَبٍّ لدخلتموه))، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى ؟ قال: ((فمَن؟!)).
فالمؤلف هداه الله، سطح الحداثة تعريفا وسلوكا، وتحامل على كاشفيها، ولم يذكر لها تعريفا محددا، وفي نفس السياق، لم يُبين لجماهير الأمة والوطن ماذا يرورمون من الدعوة الحداثية...؟!
هل المراد تحديث المجتمع صناعيا وإحداث ثورة صناعية وتكنولوجية وزراعية...؟! أو المقصد حداثة فكرية، بتغيير أدوات التفكير ، وإلغاء التفكير التقليدي الباهت،،،؟! أو خصوصيتها بالأدب والشعر ..!
أو نقل الحياة القروية من مسلكها للنموذج المدني المتحضر...؟! لم يحدد كل ذلك...!
أو أن الحداثة التواصل المعرفي بالأمم الأخرى وترجمة كتبها، وحمل ما لديهم من محاسن، وتكوين لجان للزيارة والمؤتمرات ... وأيضاً لم يحدد...!
بل اكتفى وجمهور من معه، بمنابذة الصحوة، وجعل المصطلح ضبابيا،،، مع أن الشاعر أدونيس كان أكثر صراحة حينما عرفها وقال ( الصراع بين النظام القائم على السلفية، والرغبة العاملة لتغيير هذا النظام )
لأن مصطلح السلفية لا تعني القديم في حسه فحسب، بقدر ما لها من تجليات ومرامٍ، مرتبطة بالواقع المحلي، والنموذج المذهبي المسلوك في المملكة، وانتشار دعوة الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ذات الصِّلة بالاتجاه السلفي المتين......
وأما ادعاؤه أن الصحوة خدمت الحداثة حينما صيرتها ( العدو الأخطر فوجهت سهامها لها...) ص: ٣٥ . فليس على إطلاقه، لأن الصحوة حتى وإن أبرزت وخدمت، فقد نبهت ووعت، لأن من مجالات الصحوة وتأثيراتها (منطق الكلمة والمحاضرة)، والنوادي الأدبية حاولت اللعب والاستقطاب من خلال الكلمة والقصيدة والقصة، فكان لابد من التماس يوما من الأيام ...!
وتعتقد الصحوة آنذاك أن أية مزاحمة لها في الفضاء العام والإعلامي، يشكل خطرا لها ولوجودها، لا سيما ما يلتصق بالفكر والثقافة والجوانب الأدبية، ذات الطلاء الرمزي والتمويهي...! وبالتالي خرجت محاضرات العودة والحوالي معالجة شيئا من الجانب الفكري، وقبلهم كتاب القرني وأشرطة الغامدي، والتربية الفكرية التي انتهجتها مجلة البيان الشهيرة...!
وكل ذاك يعطيك انطباع المحافظة واليقظة الذهنية لدى الصحوة ورموزها، وهو ما حرصت عليه الهيئة العليا للمشيخة، وترسم العلامة ابن باز رحمه الله لذلك، وارتياح الدولة وفقها الله من ذاك الاستيقاظ المحمود..!
ولا تزال الحداثة بالمنظور الغربي محل تصدي الصحوة لها، وهي وإن خف الطلب عليها، بسبب تفرق أقطابها، إلا أنها تزيت مؤخراً بزي (الليبرالية ) والعداء مستحكِم هذه الأيام، ولا يزالون بطروحاتهم نخبويين محدودين كما أشار المؤلف،،،! وتغيرت المصطلحات ولكن الأفكار لم تتغير، بل ربما تجددت، وجوهر الخلاف لا يزال قائما، والصحوة بفكرها وحشدها ومسجدها ومواقعها، لا تزال حاضرة، وأولئك بصحفهم وقنواتهم، والطريف أننا غزونا الإعلام وزاحمناهم، بينما هم لم يخترقوا مساجدنا لهذه الساعة،،،! نعم وظفوا طائفة مشبوهة لدق إسفين، ولكن لا يزال الفشل يشل حركتهم، والله الموفق...
ومضة/ رمزية الحداثيين وغموضهم مما أشعل الصراع، وعجزهم عن موقف واضح..!

١٤٣٧/٢/٧
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية