اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/hasn/201.htm?print_it=1

مستقبل الحياة الحزبية في مصر

محمد حسن يوسف
مدير عام - بنك الاستثمار القومي
ماجستير الإدارة والسياسات العامة – الجامعة الأمريكية بالقاهرة


ليس من شك في كثرة عدد الأحزاب السياسية الموجودة في مصر الآن، حيث يصل عددها إلى نحو 25 حزبا سياسيا. كما أنه ليس من شك أيضا في ضعف الدور الذي تلعبه هذه الأحزاب في إثراء الحياة السياسية في مصر. فهذه الأحزاب ليس لها أي دور في جذب جماهير الناس إليها، فلا يزيد عدد المنتمين إلى غالبية الأحزاب عن عدد الأعضاء المؤسسين في خطاب طلب تأسيس الحزب إلا يسيرا. وتفتقر هذه الأحزاب الثقة في نفسها، لدرجة أن أحد رؤساء هذه الأحزاب صرح أنه سيعطي صوته للرئيس مبارك حينما كان يترشح كمنافس له في آخر انتخابات جرت للرئاسة في البلاد منذ خمس سنوات.

ويطلق كثير من المحللين على هذه الأحزاب اسم "الأحزاب الكرتونية"، نظرا لعدم فعاليتها على أرض الواقع، وإن ظلت تتمتع بوجودها بفضل أوراق تأسيسها. ولا يتمتع معظم رؤساء هذه الأحزاب بأي كاريزما سياسية تجعل من الممكن انجذاب عدد من الناس لها بفعل سحر شخصيته أو قوة بياناته. ولعل حرص زعماء هذه الأحزاب على رئاستها يأتي من باب الوجاهة السياسية وحسب. وليس لهذه الأحزاب أي وجود في الشارع المصري، بل إن معظم هذه الأحزاب ليس له جريدة تعبر عنه وتنطق بلسانه.

من هنا يمكننا فهم الفراغ السياسي الكبير الذي تعيشه مصر منذ انطلاق الثورة الشعبية في 25 يناير وحتى الآن. فجماهير المتظاهرين لا تجد حزبا يمكنه التحدث باسمها، أو زعيما حزبيا يمكنها الالتفاف حوله ليطالب بحقوقها وينطق بلسانها.

وليس من شك في عدم جدوى هذا النظام الحزبي القائم برمته إذا أردنا الإصلاح السياسي في الفترة المقبلة. لذلك فإني أعجب من الأصوات المنادية بإطلاق تأسيس الأحزاب في المستقبل. فهل ينقص مصر المزيد من الأحزاب؟ أم أن المشكلة هي تفعيل الأحزاب الموجودة بالفعل لكي يكون لها دور مؤثر وفاعل في الحياة السياسية في مصر؟!

وأعتقد أن من أولويات الإصلاح الحزبي في مصر هو محاولة دمج عدد من تلك الأحزاب الموجودة في بعضها البعض، بحيث نحصل على عدد قليل من الأحزاب لا يتجاوز العشرة، مع تحديد أهداف محددة وبرامج واضحة لكل حزب من هذه الأحزاب، بحيث يستطيع جذب طائفة معينة من الناخبين، تمكنه فيما بعد من تمثيل مشرف في البرلمان أو تحقيق أغلبية لتشكيل حكومة قوية. ويجب على هذه الأحزاب تصميم نظم داخلية ديمقراطية تمكن أعضائها من انتخاب رئيس الحزب بطرق ديمقراطية سهلة وشفافة يسهل معها تداول رئاسة الحزب، بما لا يُحدث انشقاقات داخلية كلما أراد أحد أعضائها الاستئثار بالسلطة لنفسه مدى حياته وعدم التنازل عنها مهما كلفه الأمر ذلك، حتى ولو بتجميد أنشطة الحزب ذاته.

يجب علينا ونحن على أعتاب مرحلة جديدة، اللجوء إلى الديمقراطية كخيار أوحد إذا أردنا لهذه البلد تحقيق الانطلاق السياسي المنشود، الذي طالما حلمنا به ومُنعنا من تحقيقه!

mohd_youssef@aucegypt.edu
7 من ربيع الأول عام 1432 من الهجرة ( الموافق 10 من مارس عام 2011 ).

 

محمد حسن يوسف
  • كتب وبحوث
  • مقالات دعوية
  • مقالات اقتصادية
  • كيف تترجم
  • دورة في الترجمة
  • قرأت لك
  • لطائف الكتاب العزيز
  • الصفحة الرئيسية