اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/ibraheem/2.htm?print_it=1

حرص الإسلام على التربية

إبراهيم بن مبارك بوبشيت

 
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
وبعد :

لقد جاء نور هذا الدين ، ليخرج الناس ليس من ظلام الشرك فقط ، بل حتى من ظلام سوء التربية والاهتمام بها ، وهذه بعض الأمور التي تبين حرص الإسلام على التربية :

1ـ جاء هذا الدين فاعتنى بالمسلم من قبل خروجه لهذه الدنيا ، فحض على اختيار الزوجة الصالحة ، المؤمنة التقية ، العفيفة النزيهة ، لأنها هي بإذن الله مربية الأجيال . فصلاح الوالدين له عظيم الأثر على ذلك ، قال تعالى عن الغلامين في سورة الكهف : ( وكان أبوهما صالحاً ) . ولا يخفى أنه كان الجد السابع .
قال الحافظ ابن كثير : فيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته ، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة . بشفاعته فيهم ، ورفع درجتهم إلى أعلى الجنة لتقر عينه بهم .
قال سعيد بن جبير عن ابن عباس : حفظا بصلاح أبيهما ولم يذكر لهما صلاحاً . ( اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ) .
فلذلك صلاح الأساس ، بإذن الله ، له أثر كبير على صلاح الفروع وهم الذرية .

2ـ وكذلك الآداب ليلة الدخول ، والجماع ، وقيام العلاقة على طاعة الله تعالى ، لدلاة على أهمية هذه النطفة أن تكون قائمة على ما يرضي الله تعالى .

3ـ لما بين الإسلام أن أهمية حجز الأبناء عن النار وأن نقيهم ذلك . فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً .... ) . قال علي رضي الله عنه : علموا أنفسكم وأهليكم الخير .
وقال مقاتل : أن يؤدب المسلم نفسه وأهله فيأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر .
وفي هذا أن من أهمل تربية أبنائه فكأنه ساقهم وقادهم لنارٍ تلظى ، وتركه سدى ، فقد أساء غاية الإساءة ،وأكثر الأولاد جاء فسادهم من قبل الأباء وإهمالهم لهم ، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه ، فاضاعوهم صغاراً ، فلم ينعقوا بأنفسهم ، ولم ينعقوا أنفسهم كباراً ، كما عاتب أحدهم ولده على العقوق ، فقال يا أبت ! إنك عققتني صغيراً ، فعققتك كبيراً ، وأضعتني وليداً ، فأضعتك شيخاً ) .

4ـ أيها المسلم الحبيب :
لقد جاء الإسلام داعياً للعناية بهذا الجيل لتعليمه وتربيته والعناية به ، فالتربية تنتج لنا جيلاً صالحاً مثال المزارع مع زرعه كلما ، أعتنى به وأولاه كل ما يستطيع أثمر لنا الثمر الطيب النافع بإذن الله ، وإذا أهمل فتأمل النتاج ؟!
فجيل يقرب للمساجد ويذهب به لحلق القرآن الكريم ويختار له الصحبة الطيبة ، ويجنب كل رذيلة ويعلم كل فضيلة تفتح له أبواب الخير وتبعد عنه المنكرات يكون جيلاً صالحاً بإذن الله تعالى .

5ـ أيها المربي الحبيب :
هل تريد بقاء ذكرك بعد الموت ؟ عليك بتربية جيل يخلد ذكرك ، فالمال يذهب ، والعقار عقوق وعار . إذا لم يسخر لله تعالى ، فهو ربما يكون سبباً في عقوق الأبناء لما يسبب في بعض الأحيان من الخصام والنزاع . وكل شيء يزول ويبقى ما أخبر عنه الحبيب صلى الله علية وسلم : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) . رواه مسلم عن أبي هريرة .
إن الأبناء زينة لهذه الحياة فما أجمل أن تكتمل هذه الزينة بصلاحهم وتقواهم .

فواعجبى :
ماذا ينتظر من هجر بيته لا يأتيه إلا ساعة النوم ؟! ولا يفكر في تربية ولا عناية !!
ماذا ينتظر من أعدم الرقابة الأسرية سواءً على الزوجة أو الأولاد وأودعهم الثقة القاتلة والمهلكة ؟! فالنساء مع السائق يذهبن متى أردن ويرجعن متى أردن بلاك رقيب ولا حسيب !! والولد أختلط بصحبة ، لا يعلم الأب عن أي شيء عنهم ! وبعد ذلك يسأل لماذا ولدي يشرب الخمر ؟ ويتعاطى المخدرات ؟ ولماذا دخل السجن ؟ لماذا ؟ لماذا ؟؟؟

فهذه رسالة :
لمن رزقه الله الذرية الطيبة ، أن يحيطهم بسياج من العناية والاهتمام ، وليعلم أكل راعٍ سائله الله تعالى عما استرعاه ، حفظ أم ضيع . فليربهم على أخلاق الإسلام ويجعلهم شرفاً له ولأهله ، ويغرس فيهم حب هذا الدين وأن يكون لهم قدوة حسنة في أقواله وأفعاله وأعماله .
قبل أيام سألت أحد الطلاب في أول ثانوي لماذا تدخن ، وأنظر لصحتك وهيئتك وشكلك وكان معه آخر ووجدت له النصح أيضاً وكان أصغر سناً منه فقال لي أنا الذي تعلم مني شرب الدخان ، فقلت له : ومن أين تعلمته أنت . قال : من أبي أراه يدخن داخل البيت في كل وقت وفي كل حين وفي ذات يوم من الأيام بقي جزء من السجارة فأخذتها ومن تلك اللحظة بدأت مشواري مع التدخين !!!
وعلى الأب يربيهم على الصلاة ، وصلاة الفجر خصوصاً مع الجماعة . ويصبر على ذلك .
وهذه رسالة للمعلم والمعلمة ، أن يكونوا منابر داعية للخير تنقل هذا الجيل إلى مستقبل زاهر . ورسالة لإمام المسجد ، فله دور عظيم في إنشاء جيل صالح ، إذا قام بدوره ، وكان نشيطاً في الخير وموجةً له ، وحاضاً عليه وكل مسلم عماً كان أو خالاً أو جاراً أو صديقاً ، عليه أن يقوم بالنصح والتوجيه وبالله التوفيق .
 

إبراهيم بن مبارك بوبشيت
إمام وخطيب جامع علي بن أبي طالب رضي الله عنه
الاحساء ـ الطرف

 

إبراهيم بوبشيت
  • رسائل ومقالات
  • الصفحة الرئيسية