صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







خواطر وتأملات في إصلاح البيوت

ميزانية البيت.. بين التبذير والتقتير!!

خالد عبداللطيف

 
ثغر مهم يُغفل عنه في كثير من البيوت، مع أنه قد يكون هو السبب في كثير من المشكلات والمشاحنات التي لا يُعرف لها سبب! ألا وهو: التدبير وضبط أمور البيت، ووضع ميزانية منضبطة توائم بين الدخل والاحتياجات.
فمن المهم جدا أن يتفق الزوجان على ميزانية مالية للبيت ذات بنود محددة، وتحديد أحدهما مسؤولا عن متابعة هذه الميزانية المحددة سلفاً، فقد يكون الزوج مشغولاً في عمله بما لا يدع له مجالاً لهذه التفاصيل فيسندها لزوجته؛ فيجمع بين مصلحتين.. تفويض مهمة لا وقت لديه لتفاصيلها ، وتأليف قلب الزوجة بإشعارها بأهمية دورها في إدارة بيتهما، وثقته بها!
أما السبيل إلى نجاح هذه الميزانية؛ فيكون بالاعتدال والحكمة ودقة الموازنة بين الأهم والمهم.. وتجنب الإسراف والتبذير، قال الله تعالى: {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ..}، وقال سبحانه: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
روي عن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – قال: "إني لأبغض أهل بيت ينفقون رزق أيام في يوم واحد"! وعن معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنهما – : "كل سرف فبإزائه حق مضيّع".
ولكن.. لا يعني التدبيرُ وتجنبُ التبذير.. الوقوعَ في آفة الشح والتقتير؛ قال تعالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.. فلا يضيّق الإنسان على أهل بيته في حال السعة، كما لا يورّط نفسه فيما لا طاقة له به في حال الشدة! بل يسير على هدْي قويم وصراط مستقيم؛ ويربّي أهل بيته على التوسط والاعتدال، وليأخذ من صحته لمرضه.. ويدّخر من يومه لغده. ويخطئ كثيرا من يعرض عن ذلك ظانّاً أنه ينافي التوكل، أو أنه يمس الثقة بالرزق!
وقد جاء في السنة المطهرة ما يزيل تلك الشبهات، ويرسم المنهاج الحق للمسترشدين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – : "إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فيّ امرأتك" (رواه مالك).
ففي الحديث إرشادان كريمان: الأول: إلى ترك الإنسان لورثته ما ينفعهم بعد موته، والآخر: إلى استحباب الإنفاق والتوسعة عليهم. في وصية نبوية جامعة يتحقق بها التوازن والاعتدال.
ويؤكد الحث على هذا المنهاج في الاعتدال والموازنة بين الأمور: ما جاء في مسند أحمد وغيره عن ابن عمرو – رضي الله عنهما -: "كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يقوت"، وفي رواية لمسلم: "كفى إثماً أن تحبس عمن تملك قوته":
فحذرت الرواية الأولى من تضييع الأهل والذرية، وحذرت الأخرى من حبس القوت عنهم.
وجماع ذلك كله في قوله تعالى في صفات عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان: 67)، وقوله سبحانه في وصايا سورة الإسراء: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} (الإسراء: 29).
قال ترجمان القرآن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - : "كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة".
فتحية إلى كل زوجين لبيبين يسترشدان بمنهاج الاعتدال والتوازن، ويتنبهان إلى ضرورة نبذ الفوضى والعشوائية في إدارة شؤونهما، وأهمية سدّ هذا الثغر.. ويبدآن من الآن في رسم الخطوط العريضة لميزانية البيت والتخطيط للمستقبل؟!


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد عبداللطيف
  • إصلاح البيوت
  • نصرة الرسول
  • زغل الإخاء
  • استشارات
  • أعمال أخرى
  • الصفحة الرئيسية