صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







خطيبتي والإنترنت..!

أجاب عنها : خالد عبداللطيف التاريخ 14/5/1430 هـ


 السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
أمر حيرني وهزني وكاد يزلزلني....
خطبت فتاة والحمد لله عرفت بالجلباب والحجاب الشرعي ةصوم صيام التطوع ومحافظة على قراة القران الكريم
كانت ثقتي بها كبيرة..لكن لما علمت أن أخاها-ملتزم أيضا-قد أدخل النت إلى بيتهم صارت تراودني شكوك وأقول لعلها تتفرج على ما هو محرم ولعلها تراسل في الشات...
مما هزني وجعلني أعيش أياما مظلمة رغم أن أخاها طمأنني أن هناك برامج الحماية...
وصرت أحيانا أفكر في التخلي عنها وأقول لو تعلمت هي الشات فستخونني ....أفيدوني أنا حائر...


الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته...
مرحبا بك أخي الفاضل، وشكر الله لك ثقتك في موقع "المسلم".
وأسأل الله لك الهدى والسداد، فلقد أقدمت على أمر كريم عظيم، ألا وهو تأسيس بيت مسلم مبارك بإذن الله، ويظهر حرصك على ذلك من بناء اختيارك شريكة حياتك على الصلاح والتقوى؛ زادك الله حرصا وبلغك في رضاه آمالك.
لكن المشكلة التي تفاجأت بها بعد هذا الاختيار المبارك هي: إدخال "الإنترنت" إلى بيت خطيبتك.
والذي يؤرقك من ذلك هو: القلق من أن يتسبب ذلك في انحراف الخطيبة بسبب إغراءات وبريق الشاشة العنكبوتية، وما تتيحه من آفاق لا حدود لها في التواصل بين الناس.
أما مدى القلق الذي يساورك جرّاء علمك بهذا المستجد في بيت الخطيبة فقد بلغ حد الشعور بأنك تعيش أياماً مظلمة، وترى أن خطيبتك لو تعلمت "الشات" فستخونك!
ومن ثم بدات تفكر في التخلي عنها بسبب هذا الأمر الذي زلزلك، على حد وصفك.
واقول لك - أخي المبارك – وبالله التوفيق:
نعم، أخي، الأمر يستحق شيئا من القلق، ولكنه في حالتك هذه يزيد عن الحد المعقول، ويتجاوزه إلى ظنون متنامية تتجارى بك وتتمادى، وأحسب أن الشيطان قد نصب رايته في ساحة هذا المشروع الناشئ لتأسيس بيت مسلم؛ لإفساد هذا الأمر وهدمه؛ فإن من أحب الفساد إليه هدم البيوت العامرة؛ ومن ثم فشأن البيوت التي تحت التأسيس أيسر عليه!
وأود ألا تفهم – في الوقت نفسه - أني أرى الأمر هيناً لا بأس فيه مطلقاً، بل هو أمر يقدّر بقدره؛ فهذا البيت الذي اخترته لنسبك بيت خير وصلاح، كما يتضح من سطورك، نشأت فيه هذه الفتاة في ظلال تربية إسلامية مباركة، فالتزمت الحجاب الشرعي، ودرجت على حب العبادة والتلاوة، فكيف نجد في ميزان الإنصاف هذه المزايا الرائعة حين نضعها في كفة، ونضع في الأخرى مخاوفك من مجرد وجود "الإنترنت" في بيتها؟!
وكم من بيوت الخير والصلاح يمكن أن تبور بضاعتها المباركة لو أعملنا هذا الشرط الافتراضي: خلو البيت من الإنترنت؟!
أخي الكريم:
إن لك في هذه المرحلة المهمة (مرحلة الخطوبة) أن تهتم بهذا الأمر – في جملة اهتماماتك - بحكمة واتزان وتعقل؛ للاطمئنان على بُعد الخطيبة المباركة عن دوائر الشر في التعاطي مع هذه الشبكة؛ من خلال صلتك بأخيها، على أن يكون ذلك بأساليب مهذبة، وتلميحات لطيفة، وإشارات أثناء الحوارات إلى أن هذه الوسيلة (الإنترنت) أصبحت سلاحاً ذا حدين، وأنها في بيوت الخير والصلاح علم نافع وخير مستفاد، وخصوصا مع المتابعة والحذر من تسرب الشر إليها.
ومن المهم لفعالية هذه الأساليب أن تبدأ بتوطيد الصلة بهذا الأخ، وتأليف قلبه، وإشعاره بثقتك فيه، وأن من دواعي سرورك وارتياحك أن يكون لشريكة المستقبل أخ صالح يعينها على الخير، ويدفع عنها الشر؛ حتى إذا انتقلت إلى بيت الزوجية كان له – بإذن الله – الأجر الجاري من المولى الجليل؛ بكل ما غرسه فيها من خير ونصح ونفع؛ يمتد إلى بيتها وذريتها.
إن مثل هذه الأساليب والمداخل – أخي الكريم – تحفز على الخير وترفع الهمة؛ وهي أفضل في حقك مع أخي خطيبتك من النصح المباشر الذي يأخذ صفة التوجيه والطلب.
فلذلك عليك البدء بتوطيد الصلة به وتأليف قلبه وإشعاره باحترامك وتوقيرك؛ حتى إذا آنست خيرا كان الحوار والتواصل بما سبق بيانه من أساليب.
ومن جهة أخرى يمكنك دعم هذا المسار (مسار المتابعة والاطمئنان) من خلال الجانب النسوي في أسرتك؛ بحيث يكون لوالدتك أو أخواتك – وبالأساليب نفسها – إشارات لطيفة في هذا الشأن، دون أن تكون ديدن الحوار والشغل الشاغل لهن.
وأزيدك أمراً آخر: ألا وهو إهداء بعض الكتب والأشرطة الدعوية القيّمة الأنيقة إلى خطيبتك، من آن لآخر، ويمكنك أن تجعل من بين كثير منها وفي وسطها دون تخصيص، كتيباً أو شريطاً يدندن حول مسألتك نفسها. على أن تحرص في هذه الهدايا على أمور مهمة:
- فلا تجعلها هي كل هداياك.
- ولا تتابع بينها دفعة واحدة.
- وقدمها في مظهر جميل.
فهذه الهدايا، وكل الهدايا التي تقدم للمخطوبة عموما، تحظى باهتمام كبير منها، ومحاولة معرفة اهتمامات زوج المستقبل وذوقه من خلالها. وعندما يكون من بينها بعض الكتب والأشرطة فإن المتوقع أن تبادر إلى الاستفادة منها؛ لأنها تعبر عن بعض اهتماماتك، الأمر الذي يدفعها للإلمام بما فيها من علم نافع.
أخي المبارك:
وفي ختام وصاياي إليك.. أذكرك بقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ..} (النحل/90).
فمن العدل: أن تزن الأمور بميزان أمين، وتنظر إلى أركان الخير والهدى في بيت خطيبتك، التي تربت عليها سنين عددا، في مقابل "وسيلة طارئة ضررها مظنون"؛ فلا تهدر"المصالح المتيقنة" بسبب "مفسدة مظنونة"!
ومن الإحسان: أن توصل نصائحك ووصاياك، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة، بأفضل الأساليب وألطفها. واعلم أن الطرف الآخر (الخطيبة وأهلها) يحصون عليك كل لفظة؛ للتعرف على جوانب شخصيتك وصفاتك. فأر الله تعالى من نفسك خيراً في الإحسان إلى بيت صالح رحب بك لانتزاع ابنتهم منهم بكل ما أودعوه فيها من خير وتربية.
كما أذكرك بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْم..} (الحجرات: 12). فلا تسرف في الوساوس، ولا تُسلم قيادك للظنون "فإن الظن أكذب الحديث" (كما في الحديث المتفق عليه).
نعم، كن واعيا حكيما، ولا تسقط الأمر بالكلية من حساباتك، ولكن اقدر له قدره، مسترشدا بما سبق بيانه.
ثم أوصيك – أخي - ألا تفتر عن أمر له عظيم الأثر في شانك هذا وفي كل شأن، ألا وهو الدعاء، فتوجه إلى مولاك الكريم جل وعلا، الذي لن يخذل عبدا يريد العفاف، والزوجة الصالحة، والبيت المسلم! فاسأله - جل في علاه - أن يأخذ بيد خطيبتك وناصيتها إلى الخير، ويصرف عنها كل شر، وأن يقيم بك وبها بيتا صالحا في أمة الإسلام.
ويسرنا أن تزف إلينا بشرى يوم زفافك المبارك في غد قريب. رعاك المولى وبارك فيك.




نشر في موقع المسلم


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد عبداللطيف
  • إصلاح البيوت
  • نصرة الرسول
  • زغل الإخاء
  • استشارات
  • أعمال أخرى
  • الصفحة الرئيسية