الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله
(( لا يشترط آحاد أعمال الجوارح لصحة الإيمان ))

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود هنا أن أنوه إلى قضية طالما تبجح بها من لا علم عندهم بمسائل الإيمان ممن دخلت عليهم شبهة الإرجاء.

وهي أن الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله – يرى أن الأعمال شرط في كمال الإيمان ويعنون بذلك أن الشيخ لم يكن ير أن ترك العمل بالكلية كفراً مخرجاً من الملة .

مستدلين بعدم تعليقه على قول ابن حجر – رحمه الله – في الفتح: (( فالسّلف قالوا : هو - أي الإيمان - اعتقادٌ بالقلب ونطقٌ باللّسان وعملٌ بالأركان ، وأرادوا بذلك أنّ الأعمال شرط في كماله ... والمعتزلة قالوا : هو العمل والنّطق والاعتقاد ، والفارق بينهم وبين السّلف أنّهم جعلوا الأعمال شرطاً في صحّته والسّلف جعلوها شرطاً في كماله ))

وبقول الشيخ نفسه في مجلة الفرقان ( ع 94 ) عندما سئل : (( أَعْمَالُ الجَوَارِحِ ؛ هَلْ هِيَ شَرْطُ كَمَالٍ ، أَمْ شَرْطُ صِحَّةِ في الإِيْمَانِ ؟! فقال : « أَعْمَالُ الجَوَارِحِ - كَالصَّوْمِ ، وَالصَّدَقَةِ ، وَالزَّكَاةِ- هِيَ مِنْ كَمَالِ الإِيْمَانِ ، وَتَرْكُهَا ضَعْفٌ فِي الإِيْمَانِ . أَمَّا الصَّلاَةُ ؛ فَالصَّوَابُ : أَنَّ تَرْكَهَا كُفْرٌ ؛ فَالإِنْسَانُ عِنْدَمَا يَأْتِي بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ : فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ كَمَالِ الإِيْمَانِ» )) انتهى كلامه .

وأقول :
هؤلاء أُتوا من قلة فهمهم في الفرق بين أن قول العلماء عن أفراد الأعمال _ كالزكاة ، والصيام ، والحج وسائر الأعمال الصالحات _ شرط كمال ، وبين قولهم عن جنس العمل أو جميع الأعمال أنها ركن في الإيمان أو شرط صحة ، ولذا تجد من قال منهم شرط كمال لابد أن تجد في كلامه قرينة تدلك على أنه يعني أفراد الأعمال وهذا خلافاً لقول الخوارج والمعنزلة الذين يكفرون بتركها .

فابن حجر مثلاً عندما قال عن السلف : (( وأرادوا بذلك أنّ الأعمال شرط في كماله )) قال بعدها مباشرة : ((والمعتزلة قالوا : هو العمل والنّطق والاعتقاد ، والفارق بينهم وبين السّلف أنّهم جعلوا الأعمال شرطاً في صحّته والسّلف جعلوها شرطاً في كماله )) فما هي الأعمال التي جعلها المعتزلة شرطاً في صحة الإيمان هل هي جنس الأعمال أم أفرادها ، أظن أن أصغر طالب علم لديه معرفة بعقائد الفرق يعلم أن الخوارج والمعتزلة يرون أفرادها شرط صحة فجاء كلامه هنا كي ينبه على أن السلف ما كانوا يرون ذلك بل يرونها شرط كمال فما احتاج الأمر إلى تعليق من الشيخ ابن باز رحمه الله .

ومن ذلك قول الشيخ كما في مجلة الفرقان : (( أَعْمَالُ الجَوَارِحِ - كَالصَّوْمِ ، وَالصَّدَقَةِ ، وَالزَّكَاةِ- هِيَ مِنْ كَمَالِ الإِيْمَانِ ، وَتَرْكُهَا ضَعْفٌ فِي الإِيْمَانِ )) فهو هنا لا يتحدث عن ترك جميع الأعمال بل يتحدث عن ترك بعض الأعمال ومثل لها بالصوم والصدقة والزكاة .

وقد أوضح هذا الشيخ حافظ الحكمي - رحمه الله كما في معارج القبول ( 2/31) بعد أن أورد أقوال المعتزلة قائلاً : (( والفرق بين هذا وبين قول السلف الصالح أن السلف لم يجعلوا كل الأعمال شرطاً في الصحة بل جعلوا كثيراً منها شرطاً في الكمال كما قال عمر بن عبد العزيز فيها من استكملها استكمل الإيمان ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان والمعتزلة جعلوها كلها شرطاً في الصحة والله أعلم ))
فلاحظ قوله : كل الأعمال .

ونسي هؤلاء أن تناسوا ! وجهلوا أو تجاهلوا ! أن الشيخ عبدالعزيز عليه رحمة الله كان رئيس اللجنة الدائمة التي أصدرت بيان وتحذير من كتاب "ضبط الضوابط" للأخ أحمد الزهراني، ومن الموقعين عليه، وما ذاك إلا لأن الزهراني لا يرى أعمال الجوارح ركناً في الإيمان وتركها بالكلية ليس كفراً !

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه .
 

وكتبه العبد الكريم .