اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/khabab/04.htm?print_it=1

هل من طريقة عملية أقترب بها من الله وابتعد بها عن الشيطان ؟!

خباب بن مروان الحمد


الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :

أخي السائل :
أهلاً وسهلاً بك في هذا القسم من نطاق تزكية في قسم الاستشارات الإيمانيَّة ، بموقع إسلام أون لاين ، وفي بداية الجواب أعطيك موقفاً حصل للإمام سفيان الثوري من أروع ما قرأت في حياتي ؛ فقد جاء رجل للإمام سفيان الثوري فقال له : يا إمام إنِّي أجد ألم البعد عن الله فما العمل ؟
فقال له سفيان : يا هذا !! عليك بعروق الإخلاص، وورق الصبر، وعصير التواضع ، ضع ذلك في إناء التقوى، وصب عليه ماء الخشية، وأوقد عليه نار الحزن على المعصية ، وصفه بمصفاة المراقبة وتناوله بكف الصدق، واشربه من كأس الاستغفار وتمضمض بالورع وابعد نفسك عن الحرص والطمع تشفى من مرض قلبك بإذن الله.

أخي الكريم :
أسأل الله لك في البدء أن يثبِّت قلبك ، ويسهِّل أمرك ، و ييَسِّر دربك ، وأن يهيئ لك من أمره رشدا ، وإجابة على سؤالك أيها الأخ المفضال ، إليك هذه الطرق التي أسأل الله أن ينفعك بها ، ويشرح صدرك لقبولها :
الصحبة الصالحة ..... بادر وثابر وحاول إلى أن تتخذ أخداناً ورفقاء ناصحين ، يبيِّنون لك طريق الهداية ، ويحفظونك من سبل الضلالة ، ولك أن تتأمَّل قوله تعالى :( الأخلاَّء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو إلاَّ المتقين) الزخرف(67) فالناس يوم القيامة في عداوات ومشاحنات إلاَّ من تحابُّوا في ذات الله ، ولأجل الله ، وكانوا ناصحين وصادقين في صحبتهم ، وقد قيل :صديقك من صَدَقَك لا من صدَّقك !
أمَّا أصدقاء السوء ففرَّ منهم فرارك من الأسد ، وأعرض عنهم خصوصاً في بداية توبتك حتَّى لا يستجرُّوك وأنت في بداية طريق التوبة إلى ما حرَّم الله ، وقد قال ـ تعالى ـ:(وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع).

الانخراط في مشاريع خيريَّة سواء أكانت إغاثيَّة أو دعويَّة ، والاندماج في تلك المشروعات الحيويَّة التي تحيي القلوب ، فإنَّ هذا من صفة المؤمن العامل لدينه ، ويا لله ما أحسن وأروع كلمة الإمام مالك بن دينار حيث قال :( إنَّ صدور المؤمنين تغلي بأعمال البر ، وإنَّ صدور الفجَّار تغلي بأعمال الفجور ، والله ـ تعالى ـ يرى همومكم فانظروا ما همومكم رحمكم الله) أخرجه أحمد في الزهد (451)
إنَّ هذه الأعمال الخيرية تجعل النفس قريبة من الناس بالإحسان إليهم، والعمل على قضاء حوائجهم ، وقد جاء في الحديث :( لأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا) أخرجه الطبراني وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع برقم(176) .
ومن تلك الأعمال دعوة الناس بتبيين الحقِّ لهم ، فإنَّه عليه السلام يقول :(بلِّغوا عنِّي ولو آية)أخرجه البخاري (3274) عن عبد الله بن عمرو....
نعم ... لا يعني ذلك أن تفتي أو تتصدَّر للناس ، فأنت لا تزال في بداية الطريق للتعلم وتنمية الذات بالعلم والأفكار المعلوماتيَّة ، ليكون لك شأن في المستقبل بإذن الله .

أدعوك ـ أخي ـ لزيارة المستشفيات وخصوصاً المستشفيات المعروفة بأنَّ أكثر من فيها مرضى مزمنون ، ومرضهم لا يبرأ ، فستعلم كيف هي نعمة الله عليك ، وستشعر قطعاً بفضله ومنَّته عليك فتزداد شكراً لله تعالى.

لا تنس زيارة المقابر وتذكر الآخرة ، وقد كان بعض السلف الصالح يضع نفسه في قبر ويتخيَّل أنَّه مكان ذلك الرجل المقبور ، وكيف أنَّ الديدان تحتوشه يميناً ويساراً وتنهش من جسمه الطري، فيستعد للقاء الله ، ويقبل على الله كثيراً ، ولهذا فقد قال ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ :(كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنَّها تذكركم الآخرة) أخرجه احمد بسند جيد.

قراءة قصص التائبين إلى الله والعائدين إلى حياض الإيمان ، ففيها ما فيها من تقوية النفس ، ومعرفة سعة رحمة الله ، وعلو الهمَّة في الازدياد من الطَّاعة والالتجاء إلى الله .

قراءة سير الصالحين وعلماء المسلمين وأدعوك إلى الاطِّلاع على سيرة الأئمَّة عبد الله ابن المبارك ، والفضيل بن عياض ، وسفيان الثوري ، والأوزاعي ، وابن تيميَّة .

حاول بقدر الإمكان حين تعصي الله تعالى ، تقوم وتصلِّي صلاة التوبة ، أو على الأقل تصلي ركعتين ستجد حينها طمأنينة عجيبة ، و إلحاق تلك المعصية بالاستغفار والتوبة.

لا تنس الأذكار عموماً ، وأذكار الصلاة والصباح والمساء والنوم ودخول الخلاء خصوصاً.

الارتباط بحلقات تحفيظ القرآن ، والبدء بمشروع حفظ القرآن ، وكفاك فخراً وبشارة بأن تكون من خيار هذه الأمَّة حيث قال صلى الله عليه وسلم :(خيركم من تعلم القرآن وعلمه)متفق عليه.

10ـ اجلس جلسات إيمانيَّة مع أصحابك ، واحضر دورس العلماء ومحاضرات الدعاة والمربين ، وقد كان معاذ بن جبل يقول لأصحابه :( تعالوا بنا نؤمن ساعة) أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان بسند صحيح.

11ـ ما أجمل أن تخصص لك عبادة لا يعلم بها أحد إلاَّ الله ، وقد كان يقول أبو الدرداء رضي الله عنه :( ينبغي أن يكون للعبد خبيئة لا يعلم بها أحد إلاَّ الله) فإمَّا أن تصوم الإثنين والخميس ، أو تصوم الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر ، أو تقوم الليل ولو مرَّة في الأسبوع ، أو تصلِّي صلاة الضحى.

12ـ حاول قدر الإمكان أن تبتعد عن أماكن الشبهات ، ومواطن الإثارة للشهوات، من صديق أو مذياع أو تلفاز أو نادي ، خصوصاً إن علمت أنَّك قريب من المعصية في هذه الحالة.

13ـ لا بأس بأن تجعل لك جلسات محاسبة تحاسب فيها نفسك ، ولا بأس بأن تضع لك جدولاً تكتب فيه كم من معصية عصيت الله تعالى فيها ، وهل أدَّيت جميع الطاعات ، حتَّى تعرف قدر معاصيك ، وتحاسب نفسك عليها ، وتزداد من الطاعات .

14ـ من الحسن أنَّ يكون لك جلسات تفكُّر في مخلوقات الله ، والتدبر في عجيب وجميل صنع الله في مخلوقاته ، وفي هذا الكون الفسيح ، وأنت إذا فعلت ذلك فستدرك كيف هي قوَّة الإيمان التي تشعر بها في قلبك ، وتكون بذلك متأسِّياً بقوله تعالى :( إنَّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربَّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار).

15ـ قراءة الكتب التي تتحدَّث عن الإعجاز العلمي في القرآن وفي الكون الفسيح وفي خلق الإنسان ، ومن أكثر من أبدع في ذلك الشيخ العلاَّمة عبد المجيد الزنداني ، والشيخ الدكتور توفيق علوان.

16ـ اجعل العمل الذي تعمل فيه بمرضاة الله ، واجعله طريقاً للعبادة وليس مجرد مصدر للرزق، واستشعر فيه الأجر من الله.

17ـ اعمل مع جماعة صالحة فإنَّ العمل في جماعة يعطيك زاداً قوياً في الطاعة ، وأما أن تعمل لوحدك فإنَّ هذا قد يؤدِّي بك للفتور والارتخاء ، وقد قال عليه الصلاة والسلام :(إنَّما يأكل الذئب من الغنم القاصية) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي.

وفقك الله وزادك من تقاه ........وأدعو لك الله بالثبات والتوفيق أيها الأخ الكريم .


نشر الجواب في موقع إسلام اون لاين
 

خباب الحمد