اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/khabab/05.htm?print_it=1

الأجوبة على أسئلة طلاب الكتلة الإسلامية بجامعة بوليتكنيك فلسطين

خباب بن مروان الحمد


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إلى الشيخ خباب بن مروان الحمد، السلام تحية طيبة وبعد، هذه أسئلة شرعية نطرحها عليكم لنرى رأي الشرع وحكم الله فيها ؛ وجزاكم الله خيراً.
إخوانك الكتلة الإسلاميَّة في جامعة بلوتكنيك فلسطين بمدينة الخليل

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً بإخواني الكرام والشباب النجباء، والجيل الصاعد في جامعة (بلوتكنيك فلسطين) بمدينة الخليل ونسأل الله تعالى لنا ولكم الثبات وأن يستعملنا في طاعته، ولا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.... آمين.
أنتم أيها الشباب ينبوع هذه الأمَّة المعطاء،وأنتم سر نهضتها، وأنتم عمادها الذي عليه نعتمد في نصرة قضايانا الإسلاميَّة، فبكم يا شباب الإسلام نعتز والله ونفتخر، وبكم أيها الصابرون في وقت الفتن، وفي بلاد الجهاد والرباط نستلهم معنى القبض على الجمر في زمن الغربة، فحيَّاكم الله وبيَّاكم وحلاَّكم ، ووفقكم ورعاكم.
وقبل البدء بالإجابة عن أسئلتكم أهديكم هذه الأبيات، علَّها تحوز إعجابكم، وتنال رضاكم، يا خير شباب مسلمين لخير أمَّة أخرجها الله للناس، وأقول لكم كما قال الشاعر:

قوم كأن وجوههم شمس الضحى ** طلعت ففر الليل كالح مظلما
ملكوا الفؤاد وما دروا يا ويحهم ** أن الفؤاد بهم يهيم متيما
سكنوا شغاف القلب ليس لهم به ** غير الشغاف تفضلاً وتكرماً
يتلذذون ببذلـهــم ويرونــــــــــه ** حقاً أكيداً للإله ومغنما

ونبدأ على بركة الله بالجواب عن أسئلتكم، والله تعالى المعين، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

س1 أي الطرق أصوب وأفضل لشاب يريد خطبة فتاة: هل يجوز ذلك له من صديقة وزميلة له في الجامعة مقربة يطلب منها أن تحدِّث زميلتها بذلك، أم من الفتاة التي يريد أن يخطبها شخصيا أم من والدها مباشرة أم من أمها ؟ وما قولكم في " وأتوا البيوت من أبوابها " هل الأصل طرق الأبواب وسؤال الأهل أم مباشرة الفتاة في الكلام والحديث عن رأيها في الخاطب الذي يمثل أمامها ويخاطبها ؟ مع مراعاة أحوال شباب المسلمين وما تتعرض البلاد إليه من فتن وخاصة في المجتمعات الجامعية ؟
ج1:
أيها الشباب الأكارم : لقد جاءت الشريعة الإسلاميَّة حاثَّة على غض البصرفقال تعالى:(قل للمؤمنين يغضُّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم) فالأصل في الطالب الجامعي أن يكف بصره، ويردعه عن النظر في النساء أو الفتيات ، وأن يجاهد نفسه الأمَّارة بالسوء في هذا الأمر.
ولنفترض أنَّه كان يريد الزواج وواجهته فتاة لمحها فأعجب بها، فإنَّ أفضل حال له أن يستشير والديه في ذلك الأمر ، ويستشير أهل الخير والصدق والمروءات، ويستشير من يعرف هذه الفتاة عن طريق والدته أو من قريباته اللاتي يثق بهنَّ عن هذه الفتاة وعن دينها وخلقها، فإنَّ هذا الشرط هو الشرط الضروري لمن أراد أن يخطب المرأة، وبعدها إن أشاروا عليه بأنَّها صاحبة دين وخلق، فليتوكل على الله ويقدم على خطبتها عن طريق والدته أو والده فيتقدَّمون إلى أهل تلك الفتاة ، ويطلبونها لابنهم، أو من يقوم مقامهما وهذه هي الطريقة الشرعيَّة والحال المرضيَّة في خطبة الفتاة.
أمَّا أن يأتي الشاب للفتاة شخصياً ويطلب منها الزواج شخصياً، فإنَّه غير محمود ولا ممدوح في الشرع ولا في العرف ولا الواقع ، بل قد يجر أموراً ليست في الحسبان، وقد تنقلب هذه العلاقة إلى علاقة حب مبنيَّة على غير الطهر والنقاء والعفاف، والشيطان أيها الشباب حريص على الإفساد والفساد وخصوصاً في العلاقة بين الشاب والفتاة ويستدر عقول الشباب بمثل هذه الأمور وقد يلبِّس عليهم، ويتأوَّل لهم بادِّعاء أنَّ القصد شريف، وأنَّه ليس المراد من ذلك الحب والغزل الفاحش، بل القصد من ذلك طلب الزواج، وعموماً فإنَّ إبليس فقيه في الشر والفساد وينبغي أن نكون أفقه منه وألاَّ نقع في حبائله.
ولهذا فسداً للذريعة التي قام ثلث الدين عليها، ودرءاً للمفسدة، وديانة لله تعالى، لا يجوز للشاب أن يُقْدم على خطبة الفتاة من نفسها، فهي لها أهل، فليأت البيت من بابه، ولا يذهب يمنة ويسرة، وخصوصاً أنَّ أموراً كهذه لن تحسم إلاَّ بالرجوع لولي هذه الفتاة، كما فعل صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتوجيه النبي عليه الصلاة وسلم لهم في ذلك أمره جلي وواضح، وجمهور الفقهاء والعلماء على أنَّ النكاح بدون ولي غير جائز بل هو أمر محرَّم، استناداً لحديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :(لا نكاح إلا بولي) أخرجه أحمد وأبو داود.

س2: ما أحكام العلاقة بين الخاطبين فترة الخطوبة وخصوصا قبل عقد القِران، حيث الكثير من الفتيات يجلسن فترة مع الخاطب( دون الالتزام باللباس الشرعي) قبل العقد ويخرجن معه ؟
ج2:
الخطوبة ومصطلحاتها تختلف مفاهيمها من بلد إلى آخر، فإن كان من يقصد بقوله الخطوبة، بمعنى أن يذهب الشاب إلى ولي الفتاة ويطلبها منه فحسب دون العقد عليها وشهادة الشهود ورضا الولي، فإنَّه لا يجوز للخاطب أن يجلس مع مخطوبته أو أن يخرج معها، وذلك لعدم توثيق ذلك برضا الولي والشهود، وجلوسه خلوة مع الفتاة المخطوبة قبل ذلك أمر محرَّم، ويأثم من فعل ذلك ، إلاَّ إذا جلس معها بقصد النظر والخطبة مع وجود محرم معها فلا مانع.
وأمَّا إن قُصِدَ بالخطبة حصول إيجاب وقبول من ولي الفتاة، وشهد الشهود على ذلك،وحصل عقد الزوجيَّة في ذلك فإنَّه لا مانع بعد ذلك من أن يجلس الشاب مع الفتاة، ويتحدَّثا في آمالهما في الحياة، وطرق العشرة الزوجيَّة، ومع هذا فإنَّه ينبغي أن ننظر في عرف أهل البلد الذي حصلت فيه الخطبة ونراعيه.
فمن الناحية الشرعيَّة فالمخطوبة بعد أن عُقِدَ عليها فإنَّها صارت زوجته وحتَّى لو حصل بينهما عشرة(ونكاح)، ولكنَّ عرف الناس في بلادنا معناه أنَّ هذه الخطبة ليست تعني الدخول بها (بالنكاح) بل هو أمر مضبوط بعدم الدخول بمخطوبته إلاَّ في حال إشهار الزفاف، ولهذا فإنَّه لو دخل بها قبل إشهار الزفاف فإنَّه في عرف الناس يُعَدُّ عيباً، ويسبب للفتاة وأهلها ضرراً معنوياً، ولهذا فقد قعَّد العلماء قاعدة متداولة بينهم وهي: أنَّ المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، وأنَّ العرف معتبر في قضايا الشريعة إن لم يخالف نصَّاً ثابتاً أو إجماعاً متداولاً بين أهل العلم.

س3: ما رأي الشرع في الفروق العمرية بين الخاطبين وهل لها حد محصور بأعمار معينة؟
ج3:
ليس هناك فروق عمريَّة حدَّها الشارع وقدَّرها بين الخاطبين، بل إنَّ رسول الله ـ صلَّى الله علبه وسلَّم ـ تزوج زوجه خديجة ـ رضي الله عنها ـ وقد كانت أكبر منه.
وقد يكون الأفضل بأ ن يتزوج الرجل امرأة بكراً تكون أصغر منه عمراً، ليدوم بينهما الحب والوفاء، وتكون الزوجة أقرب للطاعة لزوجها، وأقرب إليه، وليراها في كل وقته صغيرة ، فلا يقع في قلبه أنَّها كبرت في السن، ولهذا وجَّه النبي ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ بقوله حين أراد أن يتزوج :(هلاَّ بكراً تلاعبها وتلاعبك)وفي روية:(أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك) أخرجه البخاري ومسلم.

س4: نجد هناك الكثير من الفتيات الملتزمات _نحسبهن كذلك ولا نزكي على الله أحداً_ الواحدة منهن تتنتظر أن يتقدم لها رجل ذو خلق ودين وترفض الكثير بسبب عدم توافر الخلق والدين ، ما رأيكم: هل تستمر هؤلاء الفتيات على الرفض أم ماذا ؟
ج4:
أنا مع هؤلاء الفتيات بألاَّ يتزوجن إلاَّ الرجل الصالح وصاحب الخلق الحسن، والله تعالى سيبدلهن ـ بإذنه تعالى ـ خيراً ممَّن تقدَّم لهنَّ إن كان رجلاً فاسقاً أو فاجراً أو طالحاً أو صاحب خلق سييء، فإنَّ البيوت التي تُبنى على الطاعة والخير والنقاء الديني، هي البيوت التي يباركها الرحمن، والله تعالى سيعطي لهؤلاء الفتيات ما يردن إن صدقت نيَّاتهنَّ في ذلك، ولكن إن كان يظهر على الشاب بعض المعاصي اليسيرة وظنَّت المرأة في نفسها القدرة على هدايته ـ بإذن الله ـ وأنَّ الزوج قريب من ذلك فلا مانع من أن تتزوج الفتاة ذلك الشاب وتستعين بالله على تبيين الحق له وهدايته.
وفي هذا المقام فإنِّي أحث الجمعيات الخيريَّة أن يكون لها دور في إرشاد الشباب الصالحين على بيوتات الفضلاء التي تعيش فيها تلكم النساء المتدينات الخلوقات، ليذهب هؤلاء الشباب لبيوت أهلهنَّ ويتقدَّموا لخطبتهنَّ، والله الموفق.

س5: في حالات كثيرة يخفي أهل أحد الخاطبين العيوب الخَلقية عن الخاطب الآخر ؛ وقد تكون هذه العيوب في بعض الأحيان تمنع من إتمام عملية النسل و انجاب الأولاد ! فهل يأثمون على ذلك ؟ وهل يعتبر العقد باطلاً ؟ وهل يحق للزوج الطلاق وطلب التعويض؟وما نصحكم في ذلك للأهل أولاً وللزوج الذي كان ضحية إخفاء أحدهما سر العيب و نصيحة لمن له ابناء مقبلون على الزواج ؟
ج5:
هذا سؤال طويل ...
ولكن ! إذا عقد الشاب على فتاة وكان أهلها قد أخفوا شيئاً من عيوبها الخَلْقِيَّة الواضحة والمشينة،واكتشف الزوج ذلك، فالأمر راجع له كما يرى العلماء، فإن أحبَّ أن يمسكها معه فليفعل، وإن رأى أنَّ هذه الفتاة لا تصلح له فليرجعها إلى أهلها، ويجوز بذلك فسخ النكاح، لأنَّ ذلك وقع بغرر وخديعة من أهل هذه الفتاة لذلك الزوج، وهو أمر محرَّم ولا يجوز كتمان هذه العيوب عن الخاطب، والقول بفسخ النكاح هو رأي جمهور العلماء من الحنفية المالكيَّة والشافعيَّة والحنبليَّة، مع اختلاف يسير من الحنفيَّة مع أصحاب المذاهب الأخرى في جزئيَّة محدَّدة.
ولهذا فإنَّ الراجح من أقوال كلام أهل العلم أنَّ العيوب التي تنفر منها الطباع هي التي يثبت فيها الخيار للمغبون، سواء للزوج أو للزوجة على حد سواء، سواء كان الذي غره الولي أو المرأة، وإن حصل الفسخ قبل الدخول بها، فإنها لا تستحق شيئاً.
قال الإمام ابن قدامة: الفسخ إذا وجد قبل الدخول فلا مهر لها عليه.
أمَّا إذا كان الفسخ بعد الدخول بها سواء كان العيب منه أو منها ولم يكن أحد يعلمه؛ فإنَّه يثبت لها المهر المسمَّى، فإذا لم يكن هناك مهر مسمَّى فلها مهر أمثالها، ويرجع به على من غرَّه، وولي الزوجة في هذه الحالة يكون ضامناً للصداق، وبهذا قال الإمام مالك والشافعي في القديم وهو قول الزهري وقتادة وغيرهم من أهل العلم، وقد انتصر الإمام ابن القيم لهذا القول في كتابه النفيس (زاد المعاد)، خلافاً لقول أبي حنيفة والشافعي في الجديد بعدم الرجوع بعد الدخول على أحد.
ولعلَّ من الأدلَّة التي نستند عليها حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعاً إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(إنَّ أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) متفق عليه. فظاهر الحديث أنَّه إذا انتفى الشرط يحق للمتضرر فسخ العقد، لأنَّه وقع ضحيَّة غدر وخداع ومخاتلة من أهل هذه الفتاة أو وليها لزوجها !
وأمَّا مسألة عدم الإنجاب والعقم، فلا أرى ذلك عيباً يفسخ به النكاح، وهناك الآن مراكز صحيَّة تستطيع الزوجة أن تكشف عن نفسها قبل الزواج بها ، ويُعرف من خلالها في الغالب ـ والله أعلم ـ حقيقة الفتاة وهل هي عقيم أو ولود، فيمكن التأكد من ذلك قبل الزواج إن أحبَّ الزوج، ولكن لو حصل أنَّ المرأة كانت عقيماً فليس العقم سبباً وعيباً يؤدي إلى فسخ النكاح.
ونصيحتي للشاب قبل أن يقدم على الزواج أن يقرأ أحكام الزواج والخطبة، وأن يكون ذكياً حصيفاً حال خطبته ورؤيته لخطيبته، ولا مانع أن يرى وجهها وكفيها وشعرها على الأرجح من أقوال أهل العلم، ثمَّ ليسأل أهل الفتاة هل مسَّها مكروه؟ وهل وقع لها أذى أو حادث من قبل؟ ولا بأس أن يصطحب معه أحداً من قريباته ليرين الفتاة ويجلسن معها ويحدثها.
ومن الأمور المهمَّة كذلك أن يسأل من يعرف هذه الفتاة وأهلها عن طبيعة هذه الفتاة ودينها وخلقها، ويسأل عنها في صغرها وهل أصيبت بأذى أو مكروه فإنَّ الألسن نقَّالة، ولا مانع من ذكر ذلك، حتَّى لا يقع الزوج أو الخاطب ضحيَّة لخداع أهل زوجته له ثمَّ يقع في ما لا يحمد عقباه.

س6: هل يجوز أن يعرض والد الفتاة على أحد الشـباب أن يخطبه ابنته؟
ج6:
نعم لا مانع من ذلك، بل إنَّ عمر بن الخطَّاب الصحابي الجليل عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعلى رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ وليت الآباء يزحزحون ذلك الحرج الذي يقع في قلوبهم إن رأوا شابا طاهراً خلوقاً ديناً فيلمحون إليه بأن يتقدَّم لخطبة ابنتهم.

س7: ما رأي الشرع في "خطبة" الشاب والفتاه في مرحلة الدراسة وتأجيل الزواج بعد اكمال الدراسة، وما حكم الشرع في طول المدَّة التي تفصل بين عقد القران والدخول؟
ج7:
لا مانع من خطبة الشاب للفتاة في مرحلة الدراسة وتأجيل الزواج إلى ما بعد إكمال الدراسة،ولكنَّ الأوْلى والأفضل أن لا يتأخر الشاب في الدخول بزوجته والزواج منها، فإنَّ طول فترة الخطبة، قد تخفِّف من نبض الحب، وتقلق البدن، وتُهم النفس، وتصيب الحياة الزوجيَّة مستقبلاً بفتور مبكر.
وأمَّا عن حكم الشرع في عقد القران لمدَّة طويلة فلا مانع شرعياً من ذلك، ولكن الأفضل أن يستعجل المرء بالزواج، فإن الذي يبدو من سِيَر الصحابة رضي الله عنهم عدم التأخير في عملية الزواج، حيث تبدأ بنظر الرجل إلى المرأة، فإن أعجبته خطبها، وإلا تركها، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل. قال جابر: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها) أخرجه أحمد وأبو داود.

س8: سؤال من أحد التائبين نسال الله لنا وله الثبات : " انا يا اخوة ...وقعت في شبكة الحب.. وكان قصدي شريفاً... كنت انوي الزواج من هذه الفتاة التي وقعت في قلبي في الجامعة و كنت أتحدث معها في ساحات الجامعة أمام الجميع .. كان الحديث تعارفاً.. عن اهلي واهلها ... لكن انا كنت صادقاً وهي كانت كاذبة، والآن كل واحد منا في طريقه....(فأنا تائب)لكن السؤال هنا الذي أقصده: عندما كنت أتحدث معها وكان قصدي شريفاً.. أي النية هو الزواج هل هذا حرام أم لا ؟
ج8:
من تاب تاب الله عليه، وعفا الله عمَّا سلف، ونسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك وأن تكون توبتك يا أخي الشاب توبة صادقة ونصوحا ـ .
وأمَّا عن سؤالك فلا مانع من أن يخبِّئ الشاب أو يصمِّم في نفسه أنَّه يريد الخطبة من فتاة بعينها، وأنَّه يقصد الزواج منها، ولكنَّ المانع والحرام أن يتحدَّث الشاب بتلك الطريقة التي ذكرتها مع تلك الفتاة، لأنَّه لا يجوز حديث الرجل مع غير محارمه لغير حاجة إلاَّ من وراء حجاب، كما قال تعالى:(وإذا سألتموهنَّ متاعاً فسألوهنَّ من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهنَّ) ثمَّ إنَّه في ذلك الحديث الذي كان يدور بينكما، كانت هناك نظرات شهوة وهي النظرات الحرام، والتي أمر الشارع بأن يقصد الشاب طرفه أو تقصد الفتاة طرفها ولا ينظر كل منهما للآخر، وخصوصاً المرأة نظر إعجاب وشهوة.

س9: هل يوم الشمع ويوم السُّبحة ويوم السابع من البدع أم هي أمور مستحبَّة شرعاً؟ علماً أنَّه يحصل فيها من التبذير والمكروهات ما لا يعلمه إلا الله عز وجل.
ج9:
قبل الحكم على هذه الأيام ينبغي علينا أن نعرف حقيقتها وكنه صورتها، وكما قال علماء الأصول: الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فهذه أيام تعارف عليها أهل مدينة الخليل في فلسطين، وهي كالتالي:
أمَّا يوم السُّبحة ـ بضم السين ـ ويظهر أنَّ اسمه كان قبلاً يوم(الصباحيَّة)أو(الصُّبحيَّة) فسُهِّلَ حرف الصاد إلى السين لسهولة نطقه فصار(السُّبحة)، والمقصود به أن يأتي أشقاء العروس وأقاربها إلى بيت زوجها في صباح ثاني أيَّام الزواج، ويقومون بتقديم الهدايا لها أو النقود ـ ويسمونه: (الناقوط) ـ وقد يصحب ذلك الفاكهة أو العشاء، حيث تُذبَح فيه الذبائح في بيت العريس، وتذهب العروس إلى (الصالون) كما تذهب في ليلة عرسها، ويكون في هذا اليوم نشيد وغناء مع تناول الطعام وتقديم هدايا للعروس.
وأمَّا يوم الشمع: فهو أن يأخذ أهل العروس إلى بيت العريس في ليلة العرس، أو أن يكون ذلك قبل موعد العرس بيوم، يأخذون حقيبة فيها العديد من الورود، كما يأخذون أطباقاً كبيرة وصغيرة مزيَّنة ومكلَّلة بالورود، حيث توضع فيها الشموع المضيئة،وتقوم النساء وقت الحفل بالرقص والدوران حول هذه الأطباق المزيَّنة بالورود، أو أن تقوم النساء بحمل هذه الأطباق فوق رؤوسهنَّ والنشيد والحداء مع الدوران فيها أمام النساء.
وأمَّا يوم السَّابع: فالمقصود فيه أن يقوم العريس بزيارة أهل العروس وتناول طعام الغداء عندهم في سابع يوم من أيام الزواج.
وأمَّا من ناحية الحكم الشرعي عليها فينبغي أن ننظر لأصل وجذور هذه الأيام، فإن كانت أصولها ترجع لبعض عادات الكفَّار فإنَّه بلا شك لا يجوز القيام بها ألبتة، لأنَّ هذا من التشبه بالكفَّار، والرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ يقول:(من تشبَّه بقوم فهو منهم)ويقول:(لتتبعنَّ سنن من كان قبلكم حذو القُذَّة بالقُذَّة حتَّى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا يا رسول الله ! اليهود والنصارى؟ قال: ومن القوم إلاَّ أولئك)أخرجه البخاري.
وعلى هذا فإن علمنا أنَّ لهذه الأيام أصولاً لدى أهل الكفر، فإنَّ المتحتِّم والمتوجِّب حرمة فعلها، أمَّا إذا كان هذا الفعل من أفعال أهل مدينة الخليل ومن عاداتهم وتقاليدهم ومَّما تعارفوا عليه، فأرى أنَّ الأمر في ذلك لا حرج فيه، ولكنَّه ليس بمستحب شرعاً، لأن تلك الأيام من العادات والأعراف الاجتماعيَّة التي توارثها أهل هذه المدينة، والتي لا تخالف شرع الله تعالى.
إلاَّ أنَّ هناك توجيهاً من الضروري قوله وهو أنَّه لا يجوز إقامة ذلك إذا كان فيه إسراف في الأموال حيث بلغني من بعض الثقات أنَّ يوم الشمع، يأتي به أهل العروس بقرابة(700) دولار، وهذا من التكليف بما لا يطاق ، وخصوصاً أنَّ كثيراً من الناس يستدين لأجل ذلك، ومع الظروف المعيشيَّة الصعبة والحياة الاقتصاديَّة العسيرة، فإنَّ فعل ذلك يدخل في باب الإسراف والتبذير المنهي عنه.
وكذلك قد يصحب تلك الأيام احتفالات فيها تعرٍ للنساء ، واستعمال الموسيقى، وما حرَّم الله تعالى.
كما ينبغي أن تعلم النساء أنَّ تعريهن بلبسهنَّ ولو كنَّ أمام النساء ، فإنَّه لا يجوز لهنَّ أن يتكشَّفن التكشف الفاحش الذي يبدي مفاتن المرأة ومحاسنها ولو كان ذلك أمام مثيلاتها من النساء، وخصوصاً في ظل انتشار كاميرات التصوير، والجوالات التي تلتقط الصور مع عدم انتباه النساء إلى ذلك، والله المستعان.

س10: ما رأيكم في أن بعض أقارب العروسين عند إدخال العريس يدخلون معه أثناء احتفال النساء ؟
ج10:
إن دخل العريس على مكان النساء الذي تجلس العروس في منصَّتها أمام النساء، وكان ذلك فقط أمام محارمه فلا مانع من ذلك، مع مراعاة اللبس المحتشم ولو كان أمام عمَّاته وخالاته.
وأمَّا إن كان المدخول عليهنَّ من غير محارمه؛ بل يجلس الرجل أمام النساء السافرات المتبرجات، فإنَّ هذا أمر لا يجوز، وهو من الفسق وغياب الرجولة والمروءة، بل قد تلحقه عواقب وخيمة من إعجاب العريس بإحدى الجالسات أمامه، وخصوصاً في هذه الأزمان التي تلبس المرأة أحسن شيء عندها وتذهب إلى هذه المناسبات.

س11: هل الشاب ملزم بمعرفة ماضي الفتاة ؛ وهل هذا مهم بالنسبة له وكذلك الأمر بالنسبة للشابة ؟ وإلى أي حد يدعونا الحديث الشريف عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " بصرف نظرنا عن الماضي والتعامل حين السؤال عن أخلاق الخاطب أو الخاطبة على ما بعد التوبة ؟
ج11:
من تاب تاب الله عليه، والتوبة تجبُّ ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله، والمرء الخاطب عليه أن يتقدم للفتاة الصالحة المتدينة ولا ينس حظَّ الجمال في ذلك، ولكن إن تنامى إليه عنها شيئ لا يسره ولكنَّها تابت إلى الله ، فلا مانع من أن يتقدم الشاب إلى خطبتها، ولا يدقق النظر في تاريخها الماضي والذي قد يكون مجرد أخبار وشائعات أكثرها لا يصح بل قد تكون محض اختلاقات وأكاذيب.

س12: الحياة فيها مد وجزر، فالزواج او الخطبة كذلك ليست نعيماً مقيماً، وهي تحوي المشكلات الصغيرة التي تضفي على الحياة الزوجية تفاصيلَ أجمل ؛ولكن مَنِ الطَّرَف الذي يجب عليه أن يكون أكثر استيعاباً للآخر الزوج ام الزوجة ؟
ج12:
الحقيقة أعجبني هذا السؤال ووقفت أتأمل في ما قلتموه:(وهي تحوي المشكلات الصغيرة التي تضفي على الحياة الزوجية تفاصيلَ أجمل).
في الحقيقة يا شباب الإسلام لا تخلو حياة زوجيَّة من تعكير ومن عدم صفو بعض أيام وليالي، بل هذا حدث لسيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث هجر نساءه شهراً، وكان يحصل بينه وبين نساءه ما لا يُستغرب في كل بيت.
وأمَّا الطرف الذي يجب أن يستوعب الآخر؛ فكلا الزوجين يجب أن يستوعب أحدهما الآخر، ويستخدما(شعرة معاوية) فإن شدَّ الزوج في حديثه أرخت المرأة في حديثها، والعكس بالعكس، ليكون هناك روح من الحوار بين الزوج والزوجة، وليتفهم أحدهما الآخر.
ولا مانع بعد هدوء كلا الزوجين أن يجلسا جلسة تقويم ومصارحة وعتاب لطيف ويبدي كل منهما للآخر ما لاحظه عليه بالأسلوب الحسن اللبق، الذي يزيد الحب حباً، ولا يقلبه إلى سوء تفاهم أكثر.
مع أنَّ قناعتي أنَّ الرجل ينبغي عليه أن يكون أصبر وأعقل وأهدأ في الحديث مع زوجه ليعوِّدها على الهدوء في الخطاب والتحادث معه، ولأنَّ الرجل لديه طابع الضبط للنفس أكثر مما هو لدى المرأة التي تغلب عليها العاطفة.

وفقكم الله ورعاكم ، وسدَّد على دروب الهدى خطاكم، والله أعلم واحكم، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

 

خباب الحمد