اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/khabab/06.htm?print_it=1

خيانة زوجيَّة ... فكيف أتوب

خباب بن مروان الحمد


السؤال: خنت زوجي و أنا الآن أعيش عذاب الضمير ، فدلوني على طريق التوبة، وكيف أريح ضميري؟

الجواب :
أختي : جميلة ـ جمَّلك الله بالإيمان ، وغفر لك الذنوب والعصيان ـ
فلا أكتمك سراً أنني جلست مدَّة أقلِّب النظر في السؤال ، لأجيبك الجواب النافع ، الذي أسأل الله ـ تعالى ـ أن ينفعك به ، وعليه فأقول لك يا أختي:
أنتِ لم تصرِّحي بحدود هذه الخيانة ، وما طبيعتها ، وإن كان يظهر لي أنَّك خنتِ زوجك بالزنى ، كما ألمس من سؤالك القصير حيث أنَّك تشعرين بعذاب الضمير ، وهذا العذاب لا ينشأ في الأعم الأغلب من نواحي نفسية وسيكولوجيَّة إلاَّ لأمر فظيع ، ولهذا دعيني أصارحك ولا أجاملك ....

إن كانت خيانتك لزوجك بالزنى ، فلقد أخطأت في حق زوجك خطأ عظيماً ، ولا ريب أنَّ هذه الفعلة الشنيعة هي التي أوصلتك لعذاب الضمير التي تعيشينه الآن ، وخيانة الزوجة لزوجها ، أو الزوج لزوجته ، عدَّه أهل العلم من كبائر الذنوب ، ولهذا قالوا :(وليس من خانك في فلس كمن خانك في أهلك ومالك وارتكب العظائم).

ولهذا فإنَّ الشعور بالذنب ، وعذاب الضمير ، وتقريع الذات والنفس ، دعتك لكي ترسلي هذه الرسالة ، وتشعرينا بهذا الحزن الذي أصابك ، والذي أعدّه ـ بإذن الله ـ دليلاً وعلامة على بقاء الخير فيك وكراهيتك لتلك الخيانة ، ودليل كذلك على صحوة قلبك ، وبناء على ذلك فإني أشير عليك بالآتي :

الهجي باستغفار الله تعالى وتوبي إليه واعزمي على ترك هذه المعصية وعدم تحديث نفسك بها وعدم الالتفات إليها وإلى وساوس الشيطان المزينة لك ما يغضب الرحمن، واجعلي أكثر وقتك تسبيحا واستغفاراً ومناجاة للملك العلاَّم لعلَّ الله تعالى يقبل التوبة ، وأبشري فإنَّه ـ تعالى ـ يقبل التوبة من عباده الصادقين، وداومي على الدعاء بأن يقبل الله توبتك ويحميك من كل فتنة تزلك إلى طريق المعصية.
تقربي إلى الله تعالى بأنواع القرب من الطاعات ، وميادين التنافس في الخير ، وأشكال الحسنات ، ومن ذلك : ( الصيام ـ الصلاة ـ الصدقة ـ كفالة الأيتام ـ خدمة إخواتك النساء ـ الانشغال بالأعمال الدعويَّة النسائيَّة الإسلاميَّة غير المختلطة ـ رفقة النساء الصالحات)
انقطعي انقطاعاً تاماً وباتاً عن ذلك الرجل الذي بسببه خنتِ زوجك ، وإياك وتلاعب الشيطان بك ذات اليمين وذات الشمال ، وتلبيسه عليك ، تجاه ذلك الرجل الذي اقترف فعلته الشنعاء ، وحذار من أيَّة فكرة ترد عليك لتقابلينه فيها ، ولو زيَّن لك الشيطان بأن تلاقيه لكي يهتدي ، فأنت الآن ضعيفة ، وعليك بنفسك الآن.
إن كان زوجك لا يعرف ذلك فابقي معه واكتمي هذا الأمر عنه ، وخصوصاً إن كان لديكم أولاد ، فاكتمي هذا الأمر عنه ألبتة ، ولا تريه من نفسك إلاَّ كل خير،ولكن حاولي أن تنتقلي من بيتك إن كان قد وقع فيه الزنى ، أو من الحي الذي تسكنين فيه ، لتنسي معالم تلك الفعلة الشنعاء وتقنعي زوجك بذلك ولو بطرق غير مباشرة ، بحيث لا يشعر أنَّ انتقالك بسبب هذه الخيانة ، ولا تخبريه بسبب الانتقال.
إذا كان بينكما خلاف ونزاع ، أو انعدام للحب والمودة ، أو الرحمة والألفة ، وخصوصاً في حال عدم وجود الأولاد ، فأرى ـ والله أعلم ـ أنَّ انفصالك عنه خير وأولى لك وله ، ويعوضك الله تعالى بيتاً آخر وزوجاً خيراً من زوجك .
وقد تكون أسباب هذه الخيانة عدم الإشباع الجسدي في موضوع الوطء والنكاح ، أو عدم حبُّك لزوجك ، أو أن تكوني فقيرة فتلجئي إلى جلب المال عبر هذه الطريقة السيئة والخطيرة ، وقد يكون من أسباب ذلك وهو الذي أشعره من رسالتك بأنَّك كنت ضعيفة الوازع ومراقبة الله ـ تعالى ـ تجاه ذلك الرجل الذي اقترف معك هذه الفاحشة !
بالتأكيد فكل هذا لا يعني أنَّك بريئة أو غير مذنبة ... كلاَّ !
إلاَّ أنَّ هناك أسباباً لهذه الخيانة قد تكون داعية لهذه الفاحشة ، ولهذا ينبغي أن تنظري في السبب وتحاولي قدر الإمكان أن تصنعي له الحلول المناسبة.
وأمَّا إن غلب على ظنِّك أنَّ زوجك يرفض مخالعتك له ، أو أنَّه يمكن أن تعود العلاقة إلى الأفضل والأحسن ، فاجمعي أمرك على أن تكوني له نعم القرينة ، واتَّقِ الله ، ولا تطلبي منه الخلع ، حتَّى ولو لم تكوني تحبِّينه ، وقد قال الفاروق عمر بن الخطَّاب ـ رضي الله عنه ـ :(ما كل البيوت تبنى على الحب) فواصلي معه المسيرة الزوجيَّة ، فقد قال تعالى:(إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما). ولعلَّه يكون مكثك مع زوجك أفضل وتكوني بإذن الله ـ تعالى ـ مرتاحة نفسياً ، مع التأكيد على متابعة ما ذكرته لك في بداية الجواب.
إن كنت ـ يا أختي ـ سافرة ومتبرجة في لباسك ، فإني أدعوك بأن تتقي الله تعالى ، وتحتجبي الحجاب الشرعي الكامل والساتر لعورتك ، فإنَّ الحجاب علامة من علامات العفيفات الطاهرات.
حاولي قدر الإمكان أن تقلِّلي من تعرضك لأماكن الفتن والمغريات ، حتى لا تكون مثيرة لك ، ومؤدية لكلِّ ما يغضب الرحمن.
اكتمي هذا الأمر ولا تحدِّثي به أي أحد كائناً من كان بل لا تفضيه ولو لأمك، فإنَّ الله تعالى مقت وذمَّ المجاهرين بمعصيتهم ، ولهذا فلا تقولي لأحد عن معصيتك هذه وحتَّى لو كان كلامك ندماً .

وأخيراً :
أسأله تعالى أن يشرح صدرك ، ويطهر قلبك ، وأن يتمَّ عليك العفَّة والعفاف ، ويقبل توبتك، ويغفر زلتك ، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.


ملاحظة
نشرت هذه الاستشارة في موقع إسلام أون لاين على هذا الرابط:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?cid=1184649851145&pagename=IslamOnline-Arabic-Eman_Counsel%2FEmanA%2FEmanA
 

خباب الحمد