اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/khabab/107.htm?print_it=1

رؤية شرعية في ثبات
حق العودة للاجئين الفلسطينيين

خبَّاب بن مروان الحمد


يقدر عدد الفلسطينيين في داخل فلسطين وفقا لإحصائية مركز الإحصاء الفلسطيني في نهاية عام ‏2004‏ بنحو ‏4‏ ملايين و‏106‏ آلاف فلسطيني‏، أما عدد اللاجئين في الشتات فقد بلغ حتى نهاية عام ‏2003‏ نحو ‏4‏ ملايين و‏843‏ ألفا و‏427‏ لاجئا يعيشون في المنفى في الشتات‏، أي أن أكثر من نصف الشعب الفلسطيني مشرد في مخيمات الشتات وفي الدول العربية والغربية‏!.

المنظومة الدوليَّة وللأسف تتلاعب بحقوق اللاجئين الفلسطينيين وذلك بالضغط على الرؤساء والملوك والساسة العرب لاعتماد سياسات تقوم على تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وغيرها بالطبع من الأمور الفلسطينية المشكلة والعالقة .

ومما يلاحظ في هذا الشأن أنَّ كثيراً من المشاريع الدوليَّة والإقليمية التي تعنى بفكرة تعويض اللاجئين الفلسطينيين وسحب معنى اللجوء إلى التوطين الحقيقي في البلاد التي يقيمون فيها، هذه المشاريع في الكثير منها وخصوصاً المشاريع الأمريكية يشرف عليها يهود أمريكان في مراكز دراسات وأبحاث يقدمون أفكارهم، ومن بين هذه المشاريع مشروع باحثة يهوديَّة واسمها: دونا إيزرت ، حيث أعدَّت في عام 1999 مخططاً لتوطين الفلسطينيين ، وتضمَّنت دعوتها بكل فجاجة الدعوة لتهجير الفلسطينيين وإعادة توزيع خمسة ملايين و257 ألف فلسطيني على دول منطقة الشرق العربي وبعض دول الغرب كحل نهائي للصراع العربي الصهيوني.

بل إنَّ مشاريع توطين الفلسطينيين في أماكنهم بهدف تصفية وجودهم قديم ، ففي القرن التاسع عشر الميلادي أبدى البارون ادموند روتشيلد وقد كان ممولاً رئيساً لمشاريع المغتصبات الصهيونية، هذا الشخص المسمَّى بادموند أبدى استعداده لتقديم الدعم المادي للعرب الذين يقبلون بالهجرة من فلسطين ومغادرتها نهائياً إلى بلاد العراق !.

وهنالك مشاريع أخرى لا ينساها الفلسطينيون، ومن ضمنها المؤتمر المشبوه والمسمى بمؤتمر هرتسيليا الخامس في نوفمبر عام 2004م حيث كان فيه قمَّة الهجوم الصهيوني على حق العودة، والمناداة والمطالبة صراحة بتوطين اللاجئين قبل حل القضية الفلسطينية كما أعلن في وقتها وزيرا الخارجية والمالية شالوم ونتنياهو، مع مطالبة رئيس الوزراء الأسبق شارون بإسقاط حق العودة، وذلك لأنَّ الدولة (المزعومة) العبريَّة اليهودية باتت تدرك مدى المعادلة الحقيقية فيما لو رجع الفلسطينيون لأراضيهم وأنَّ هذا الأمر سيكون مركباً رئيساً في معادلة الصراع ونسبة الأكثريَّة التي تحدد شيئاً كبيراً من حق تقرير المصير، والتأثير الديمغرافي على التركيبة السكانيَّة، وكل ذلك في النهاية سيؤثر حتماً على الدولة العبرية ولأجل هذا بدأت تصرِّح هذه الدولة وتنادي بدون خجل أو مواربة بتنفيذ عمليات توطين اللاجئين من خلال مساعدات دولية.

ولقد كان من أواخر المخططات لتصفية حق اللاجئين الفلسطينيين للعودة إلى ديارهم المؤتمر المعروف (أنا بوليس) حيث كانت له أهداف رسميَّة معلنة، ولكنَّ من أهدافه الخفية والتي أدركها الكثير من الساسة وأصحاب الفكر وخبراء الاستراتيجية والرؤية المستقبليَّة المبنية على قراءة الماضي ودراسة الحاضر ورسم سيناريوهات المستقبل، حيث يجري الضغط من الرباعية وزعيمتها أمريكا على الطرف الفلسطيني للتنازل عن حق عودة اللاجئين وذلك من خلال صيغة اتفاق لعودة اللاجئين الفلسطينيين لأراضي ما يسمى بالدولة الفلسطينية، والتنازل عن حقوقهم في أراضيهم التي اغتصبها اليهود الصهاينة ، وذلك للحفاظ على يهوديَّة الدولة الإسرائيليَّة.

وهنالك خطط خفية يشرف عليها رئيس الحكومة الصهيونية ووزارة الخارجية وكذلك رئيس دائرة أراضي إسرائيل، حيث يتوجهون إلى العائلات الفلسطينية المقيمة في بعض المدن الأمريكية وكذلك الدول الأوروبية والعربية ويقدمون لهم عروضاً مغرية بأموال تقارب مئات الآلاف من الدولارات لكي يقبلوا بالتعويض عن أراضيهم، ويقبلوا بشرط التنازل عن أملاكهم وأراضيهم التي احتلت في حدود عام 1948م .


* رؤية شرعية في ثبات حق العودة للاجئين الفلسطينيين:

حري بنا أن نستذكر قول الله تعالى :( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) وهذا ما جرى لأهل فلسطين حيث خرجوا من ديارهم بغير حق.

إنَّ شعبنا الفلسطيني كان يعيش في وطنه، فأتى جيش محتل وطرد  بعض هذا الشعب من وطنهم تحت مآسي القتل والتعذيب والاحتلال والمصادرة للأراضي بقوة السلاح وبمعاونة المجتمع الدولي، فحقهم العودة لديارهم وأوطانهم.

وأود أن أركز أنَّ هنالك أكذوبة ترددها بعض الصحف والكتابات الصهيونية وهي أنَّ تشريد اللاجئين الفلسطينيين لم يكن بسبب عمليات الإبادة التي يقوم بها أولئك الصهاينة ضدهم، لأنَّهم كانوا في وضع الدفاع عن أنفسهم ضد الجيوش العربية، وأنَّ اللاجئين فروا من أراضيهم بناء على أوامر من الجيوش العربية وليس بفعل الإرهاب الصهيوني ضدهم، وخير ما يمكن أن نرد به على هؤلاء أن نقول بأنَّ هذه الادعاء الكاذب، قد فنَّده ( الكونت برنادوت) في تقريره الذي استندت عليه الأمم المتحدة في إصدار القرار 194 حيث جاء في التقرير: "أن عرب فلسطين لم يغادروا ديارهم ويهجروا ممتلكاتهم طوعاً أو اختياراً، بل نتيجة لأعمال العنف والإرهاب التي قامت بها السلطات الإسرائيلية ضد العرب الآمنين". وانتهى في تقريره إلى أن قضية فلسطين لا يمكن حلها إلا إذا أتيح للاجئين العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم.

إن ملايين اللاجئين في العالم عادوا إلى أوطانهم باستثناء الفلسطينيين، الذين يمثلون حوالي ثلث تعداد اللاجئين في العالم، ولهذا فإنَّ عودة أولئك اللاجئين لأراضيهم وديارهم التي كانوا يعيشون فيها ويتفيئوا ظلالها ويأكلوا من خيراتها حق شرعي ومطلب عقائدي، بل حتى القوانين الأرضية توافق عليه، فعلام يريد أولئك الذين يزايدون على قضيتنا بأن يقبل اللاجئون التعويض المالي ويبقوا مقيمين في ملاجئ الشتات؟!!.

ولنفترض جدلاً أنَّه لا يوجد قانون دولي يدعم حق اللاجئين الفلسطينيين في الرجوع لأراضهم وتعويضهم عمَّا جرى لحقهم من أعمال عنف ومجازر بشعة، فإنَّ شريعة السماء تقضي بوجوب الجهاد في سبيل الله واسترداد هذه الأراضي المغتصبة التي كانت للمسلمين في فلسطين.

علينا أن نعي أنَّه ما من خير يأتينا من يهود، وهي الأمَّة الغضبيَّة التي غضب الله عليها ولعنها، وأمة المكر والخداع والمخاتلة ، وهي الأمة التي لا تؤمن إلا بالقتل بل هي التي قتلت أنبيائها ، فلا غراوة إذاً أن نجد فلاديمير جابوتنسكي يدعو بكل صفاقة ووقاحة لترحيل العرب من فلسطين بالقوة فقط، وكان يقول: "يمكن أن تكون غالبية يهودية، وبعدها دولة يهودية، فقط برعاية القوة، ومن وراء جدار حديدي لا يقوى السكان المحليّون على تحطيمه".

هذا مع العلم أنَّ قرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة والذي يقضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين لأراضيهم فضلاً عن تعويضهم لحقوقهم المالية التي فقدوها، كل ذلك سيلقى به في سلة المهملات ولن يلتفت إليه وخصوصاً مع كثرة الدندنة على مشاريع وهميَّة لحل قضية اللاجئين أشبه ما يكون بذر الرماد في العيون ونتيجتها تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وخصوصاً أنَّ قرار :(194) جاء بعد قرار إجرامي ومجحف، وذلك حينما جاء الأمر بتقسيم فلسطين من قبل الأمم المتحدة عام 1947م بقرار كان رقمه :(181) وفيه المطالبة بل الأمر بإنشاء وطن يهودي قومي لليهود، وتنفيذ المحتل البريطاني لهذا القرار ومباركة المجتمع الدولي له وعلى رأسهم أمريكا.


* خطورة التنازل عن شبر من أراضي فلسطين:

لقد انعقد في القدس يوم20/10/1353هـ اجتماع كبير لعلماء ودعاة فلسطين: من مفتين وقضاة ومدرسين وخطباء، وأصدروا بالإجماع فتوى بخصوص بيع الأراضي في فلسطين لليهود، وأنَّ ذلك البيع يحقق المقاصد الصهيونيَّة في تهويد هذه البلاد الإسلاميَّة المقدَّسة وإخراجها من أيدي أهلها وإجلائهم عنها وتعفية أثر الإسلام بخراب المساجد والمقدَّسات الإسلاميَّة كما وقع في القرى التي بيعت لليهود وأُخرج أهلها متشردين في الأرض؛ فقد اتَّفقوا على أنَّ البائع والسمسار والوسيط في بيع الأراضي بفلسطين لليهود عاملٌ ومظاهِرٌ على إخراج المسلمين من ديارهم، وأنَّه مانعٌ لمساجد الله أن يذكر فيها اسمه وساعٍ في خرابها، وهو كذلك متخذ اليهود أولياء؛ لأنَّ عمله يعدُّ مساعدة ونصراً لهم على المسلمين ومؤذٍ لله ورسوله وللمؤمنين، وخائن لله ولرسوله وللأمانة).

ثمَّ أوضحوا أنَّ أولئك الباعة والسماسرة والوسطاء في بيع أراضي فلسطين لليهود: (كل أولئك ينبغي ألاَّ يصلَّى عليهم ولا يدفنوا في مقابر المسلمين، ويجب نبذهم ومقاطعتهم واحتقار شأنهم وعدم التودد إليهم والتقرب منهم، ولو كانوا آباء أو أبناء أو إخواناً أو أزواجاً، وأنَّ السكوت عن أعمال هؤلاء والرضا بها مما يحرَّم قطعياً).

نقول هذا لأننا ندرك مآلات خطورة هذا البيع، فبيع المسلم لأرضه يؤدي في النهاية إلى امتلاك الكفار المحتلين أراضي المسلمين شيئاً فشيئاً ، وينعكس هذا على كثرة وجود المحتل الكافر المغتصب، وتصير لهم الأغلبيَّة، ومن ثمَّ تشريع القوانين الأرضيَّة الوضعيَّة وتحيكم غير شرع الله تعالى، وهذه أمَّ المصائب والكوارث!!.

ولهذا وجدنا بعض أهل العلم في فلسطين يفتون بكفر وردة من قام ببيع أرضه في فلسطين لليهود، وأنَّ من سعى لذلك فهو مرتكب لجريمة شرعيَّة، وخيانة واضحة واقعية، وهو بفعلته الشنعاء تلك قد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، ومن استحلَّ ذلك فإنَّه كافر لأنَّه مكَّن أعداء الدين من أرض المسلمين، وصار بمثابة الموالي لهم، وهذا الأمر يوقع المرء في الردة والمروق من هذا الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وأتذكر أني قرأت لشيخنا العلاَّمة عبد الرحمن عبد الخالق في إحدى اللقاءات معه أنَّه يرى وجهاً شرعياً لتكفير من قام بهذا الفعل من باب أنَّه نوع من التمكين لليهود في هذا وكأنَّه إعطاء صك شرعي لهم في هذا الامر، ولهذا رأى الشيخ عبد الرحمن أنَّ القول بالتكفير في ذلك له وجه شرعي مسوغ....

ولهذا
فلا يسقط حق العودة ولا يحل التنازل عن شيء من هذه الأرض سواء تحت بند اتفاقية أو كتابة وثيقة أو معاهدة تقضي بتعويض اللاجئين فكل هذا لا يرضي أهل فلسطين الصابرين الصادقين، فأرض فلسطين أرض وقفيَّة إسلامية خراجيَّة ، والوقف لا يجوز التصرف فيه حتى من الحاكم إلاَّ بما يوافق الشرع الرباني، بل لو تنازل عنها الفلسطينيون جميعاً ـ ولن يكون هذا بإذن الله ـ فإنَّه يلزم أهل الأرض أن يستردوها ولا يبقوها لكيان مغتصب .

ولهذا فلا يجوز لأي شخص كائناً من كان أن يتنازل عن شبر من أرض فلسطين، لأنَّ هذا الأمر يخالف جمهور رأي المسلمين في فلسطين وخارجها، فضلاً عن أنَّ الحاكم الآن لا يحكم بشريعة الإسلام بل بقوانين وضعيَّة، والأصل أن يكون الحاكم في دين الإسلام يحكم بما أنزل الله ويكون مؤتمناً على الدين والأرض، وخصوصاً أنَّ هذه الأراضي ليست ملكاً عاما بل هي لأناس لهم عليها حق تمليك وصكوك وعقار وأمور شخصيَّة لا يحق لصاحب الملك العام أن يتدخل فيها جميعا بحسب ما يراه من مصلحة موهومة .

والواجب على الحاكم أن يعلن أنَّ هذه الأرض يستحيل التنازل عنها تحت أي ظرف كان ، لأنَّ الأمر أبعد من تحقيق تنازل مقابل مصلحة، فهذا لن يكون، والذي سيكون هو تحقيق تنازل مقابل تنازلات عديدة، وتوسع صهيوني في بناء دولتهم الكبرى من النيل للفرات.

لهذا لا يجوز أخذ التعويض المادي والقبول به عن حق عودة اللاجئين فالأوطان ملك لهذه الأمَّة وليست ملكاً لشخص محدد أو جهة معينة وسواء أكان ملكاً أو رئيساً، أو محكوماً أو صغيراً فليس له أن يتنازل عنها، وأمَّا قبول أموال أو تعويضات لأجل التشريد الذي لحق أهل فلسطين فلا بأس به بناء على أنَّهم راجعون لأراضيهم.

فإن الآباء يرثون الأجداد، وأن الأبناء يرثون من الآباء، وأن الأحفاد يرثون من الأبناء وهكذا فالحق قائم لا يسقط مهما طال الزمان وتوالت الأجيال، ثمَّ إن عدم القدرة عن استعادة الحق كاملاً لا يبرر التنازل عنه مطلقاً ولا عن جزء منه.

 ولهذا لا يجوز التنازل عن هذه الأرض ولا بيع جزء ولو يسير منها للعدو الصهيوني ، بل الواجب عليهم أن يعودوا لهذه الأرض ويحولوا بين المغتصبين لها من اليهود ولو قضى بعضهم حياته في سبيل المدافعة في ذلك لكان من الشهداء فقد قال عليه الصلاة والسلام:(من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أرضه فهو شهيد) كما أخرجه الإمام أبو داود في سننه بسند صحيح، وهذه الأرض أرضنا وليس لهم أصلاً أي حق فيها، والحقوق لا تستجدى، ولكن تنتزع انتزاعاً، ولا يفل الحديد إلا الحديد، وما أخذ بالقوة لا يسترد إلاَّ بالقوَّة، ولقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:(إنَّ الله لا يقدس أمَّة لا يأخذ الضعيف حقه من القوي وهو غير متعتع) أخرجه ابن ماجه وابن خزيمة وصحَّحه وهو في صحيح الجامع برقم:(1853).

والعاقل يدرك أنَّ من باع شيئاً من أرضه ولو بقناطير مقنطرة من الذهب، فإنَّ هذه خيانة لله ورسوله وللمؤمنين، فالله تعالى يقول:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (الأنفال : 27- 28).


* وصيتي للاجئين الفلسطينيين:

ندعو إخواننا اللاجئين الفلسطينيين إلى الالتزام بطاعة الله واتباع هدي السلف الصالح وعلى رأسهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والصحابة الكرام وآل بيته الطيبين الطاهرين والتابعين لهم بإحسان، وذلك بالصبر على الأذى، والثبات على المواقف، وعدم نسيان الحقوق الشرعيَّة، وتحكيم شرع الله تعالى فيما بينهم، ومعرفة أنَّه ما وقع بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة كما قال العباس بن عبد المطلب.

وإنَّ من أعظم النكبات أن يكون اللاجئون الفلسطينيون بعيدين عن ربهم، غير متمسكين بهذا الدين، فهي أعظم نكبة على أهل فلسطين حين ذلك، وإنني أقولها بملء الفم: إني أضع يدي في ماء باردة حين أعلم أنَّ الفلسطينيين اللاجئين متمسكون بربهم وبدينهم، فإنَّ هذا سينعكس بالطبع على تمسكهم بحقوقهم وثوابتهم ، والله تعالى يقول:(إنَّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) فمن اتقَّى الله تعالى كان الله معه ـ سبحانه وتعالى ـ فكونوا من المتقين لكي يورثكم الله تعالى أرضكم.

كما نقول لهم ثقوا بأنَّ الفرج قريب ، وأنَّ النصر مع الصبر، وأنَّه لن يغلب عسر يسرين، ونقول لهم كذلك إنَّ من ورائكم إخوة لكم لا يكلوا ولا يملوا حتى يجدوا لكم حلاَّ وأنَّهم قد أخذوا على أنفسهم بنصرتكم وتفعيل قضاياكم إعلامياً ودبلوماسياً وسياسياً، بشرط أن تبقوا متمسكين بحقِّكم الشرعي والوطني والأخلاقي في فلسطين المباركة.

حقاّ إنَّ قضيتنا الفلسطينية قضية تنزف دماً ودمعاًُ، وإنَّ من يقرأ فيما جرى لأهل فلسطين في الداخل والخارج ليدرك حقاً أنَّ هذا الشعب بات شعباً بلا أرض، وصدق من قال:

شعوب الأرض في دعةٍ وأمن *** وهذا الشعب تنهشه القروحُ
تناوشه الطغاة فأين يمضي *** وهل بعد النزوح غدًا نزوحُ
يقارع طغمة الإجرام فردًا *** وتشكو للجروح به الجروحُ

ولكننَّا في النهاية نقول عن هؤلاء الطغاة الذين يريدون سلب حقوق الفلسطينيين، كما قال عزَّ وجلَّ:(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) وبقوله تبارك وتعالى:(إنَّهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً فمهِّل الكافرين أمهلهم رويدا) وبقوله سبحانه وتعالى:(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).


باحث وداعية فلسطيني. 


 

خباب الحمد