صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







(تأملات منهجيّة وإضاءات فكريّة في آيتي:(التغيير)

خبَّاب بن مروان الحمد
@khabbabalhamad


يقول تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(53)كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54))
ويقول تعالى: (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ( 10 ) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)).

1)

إنّ التغيير ينبع من النفس، والحظ قوله: (يغيروا ما بأنفسهم) فالباء هنا للمصاحبة؛ وقد استصحب الشارع تغيير القوم لدواخل الأنفس؛ وحينها يغير الله حالتهم.

2)

والتغيير الحقيقي الجذري يكون تغييراً جماعياً فهو أقوى من تغيير الأفراد فحسب، و الحظ الكلمتين في الآية:(بقوم)+(بأنفسهم)فالخطاب للجماعة والأمَّة.

3)

مِعوَلُ التغيير قائم بأرض النفس؛ حيث تحتاج لحرث وقلع الأشياء الضارة وزرع النافع في النفس، فعمدة التغيير من النفس قبل أن يكون التغيير من الخارج.

4)
لقد انتهت آية التغيير بقوله:(وأن الله سميع عليم) فتغيير البشر لما بأنفسهم، واقع تحت نظر الله وعلمه وسمعه، لايخفى عليه شيء؛ فهو مراقب لتغييرهم ليغير حالهم.

5)
التغيير لا يأتي بالأماني؛ بل بالعمل الجاد الدؤوب الذي يعرف خط البداية والنهاية لانتهاء الغاية واستكمال أوجه التغيير؛ فإن تحقق حصل تغيير الله.

6)
إنّ التغيير في الآيتين تغيير عكسي، قانونه: (ابدأ من نفسك سترى نصيبك بما حقّقته نفسك) فإمّا أن يكون التغيير من خير لشر أو العكس، وكل تغيير سنرى نتائج عمليته؛ لهذا وجدنا مآل تغيير آل فرعون فلقد استبدلوا نعمة الله وكذّبوا بآيات الله؛ فغيّر الله نعمتهم لأن تكون نقمة عليهم؛ لأنّهم هم من غيّروا من أحوالهم إلى السوء.

7)
إنّ آية التغيير فيها دلالة أن للعبد قدرة تغييرية خلافاً لعقيدة الجبرية، وأنَّ الله خالق لأفعال العباد وقدرتهم في التغيير خلافاً لمزاعم القدرية.

8)
الناس في جميع حالاتهم يسعون إلى التغيير فإما تغيير نحو الإصلاح؛ أو إلى منهج الإفساد؛وقلّ أن تعيش نفس دون أن تتغير، فالنفس لا تبقى كما هي بل إمّا إحجام أو إقدام، كما قال الله: (لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر)؛ فلتختر أنفسنا ما تتغيّر له.

9)

إنّ نعم الله تعالى لا ينقص منها إلا بمقدار ما نقص الخلق بشكرها، وقد يمهلهم ثم يأخذهم بغتة، كما قال تعالى:(وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلامرد له وما له من دونهم من وال).

10)

تأمل آية: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فالله تعالى تحدث عن الأنفس كأنها وحدة واحدة ولُحمة متلاحمة،فالتغيير وإن كان جماعياً فلابد أن يكون وحدوياً.
والله من وراء قصد الأنفس في تغييرها ...
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خباب الحمد
  • مقالات شرعية
  • حواراتي معهم
  • حواراتهم معي
  • وللنساء نصيب
  • تحليلات سياسية
  • مواجهات ثقافية
  • تحقيقات صحافية
  • البناء الفكري والدعوي
  • رصد الاستراتيجية الغربية
  • رمضانيات
  • استشارات
  • كتب
  • صوتيات
  • قراءة في كتاب
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية