صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حوار زوار موقع إسلام أون لاين مع الشيخ خباب بن مروان الحمد
حول إيمانيات الأسرة المسلمة

خبَّاب بن مروان الحمد


يعقد موقع (إسلام أون لاين) في كل مدة استشارت مباشرة مع نخبة من أهل العلم والفضل والأستاذية، لكي يكون هنالك أسئلة تطرح من قِبَلِ الجمهور المتابع لموقع (إسلام أون لاين)، وقد استضيف الشيخ الداعية خباب بن مروان الحمد في يوم الخميس 10/ 7/2008م،وكانت الأسئلة حول إيمانيات الأسرة المسلمة ووسائل الرقي بها، وكانت الأسئلة تلقى مباشرة ويقوم الأستاذ خباب بالإجابة عنها كتابة في الوقت نفسه،فإلى متابعة أسئلة الحوار المباشر، سائلين المولى أن ينفع بها ، والله الموفق والمعين.

س1) السلام عليكم.
عندي مشكلة كبيرة في أسرتي فوالدي تاجر كثير المشاغل ووالدتي مشغولة بأمور البيت وإخوتي ملتهون بمشغلات هذا العصر من تلفاز وحاسب آلي وما إلى ذلك وأحس دائما أننا بعيدون عن الله فهل من طريقة لأخرج الأسرة من هذه الدوامة؟

ج1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إليى يوم الدين.
عزيزي عبد العزيز أحبَّه الله العزيز
شكر الله لك تواصلك معنا في هذا الموقع المعطاء، وأسأل الله لك دوام التوفيق، وزيادة في الطاعة.
المشكلة يا أخي الفاضل أنَّ هذه الحالة التي تقولها لا تنفك عن كثير من مجتمعات المسلمين وليس شرطاً أن تجد أولئك الآباء من هذه المجتمعات تجاراً كوالدك، بل قد تجد وضعهم الاعتباري في العمل ضعيف ولكنهم منهمكون في العمل وطلب الرزق.
فكثير من الناس منهمكون خلف هذه الدنيا ، وخلف هذه المادية الزائلة، وقلَّ أن تجدهم مقبلون على الطاعة والعبادة، مع أنًَّ السلف الصالح كانوا يوازنون بين عملهم وظائفهم وعباداتهم وتربية أسرهم.

يمكنك أخي الفاضل أن تفعل التالي:

1) أن تكون قدوة صالحة في البيت بأنَّ تكون صاحب دين وخلق جميل، وألاَّ تستفز مشاعر أهلك، بل تلاطفهم وتكون قدر الإمكان نموذجاً في الأدب والخلق وقدوة في العلم والسلوك، بالتزامن مع الكلمة الطيبة والقول الحسن كما قال تعالى:(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله).
2) حاول قدر الإمكان أنَّ تنصح أهلك كل يما يناسبه من النصيحة مع ضرورة أن تفقه النصيحة بشكلها المطلوب ووقتها المطلوب ومكانها المطلوب، كما قال الشاعر:
أوصيك في نظم الكلام بخمسة **إن كنت للموصي الشفيق مطيعاً
لا تغفلن سبب الكلام ووقتـه**والكيف والكم والمكان جميعاً
3) تلطف مع أهلك بإعطائهم ما يناسب من الهدية التي تكون عوناً لهم على الطاعة من شريط وكتاب ومطوية ورسالة أو ورقة جميلة تكتبها ، وتحاول أن تبث فيها محبتك لأهلك وتذكرهم بالله واليوم الآخر.
4) لو استطعت أن تفرد لك ولأهلك مجلساً ولو في الأسبوع مرتين أو مرة تقرءون من كتاب في الزهديات وتزكية النفوس ورفع مستوى الإيمان ككتاب مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة المقدسي، أو كتاب تهذيب مدارج السالكين، أو كتاب رياض الصالحين، أو كتاب موارد الظمآن في دروس الزمان لكان ذلك حسناً وجميلاً.
5) لو وجدت أنَّ هنالك من أصدقاء والدك أو والدتك أو إخوانك من يستطيع التأثير عليهم لقوة علاقتهم مع أهلك ومتانة جسور المحبة والمودة بينهم وكان أولئك الأصدقاء فيهم الخير والبر والفضل فحبذا أن تكلمهم لكي يتحدثوا معهم بضرورة أن يكون العبد له خبيئة لا يعلم بها أحد إلا الله، وأن يقوي إيمانه لكي يلقى الله بعمل صالح حيث إنَّ هذه الحياة فانية زائلة لا مناص من ذلك.
6) استخدم قدر جهدك الأسلوب الدعوي غير المباشر وخصوصاً مع والدك ووالدتك، فإنَّه وكما علمتنا التجارب أنَّ نصيحة الابن لوالده ووالدته ثقيلة عليهم، ولهذا فإنَّ أفضل أسلوب أن تدعوهم إلى الله بطرق غير مباشرة فتخولهم بالموعظة والكلام الطيب والحديث عن زيادة الإيمان مثلاً بوجود أقاربك جميعاً فلا يظن والدك أو والدتك أن هذا الكلام مباشر لهم بل لغيرهم، وأذكر هنا قصة ذكرها الشيخ محمد حسان الداعية المصري المعروف وهو أنَّ والده كان يحبه حباً جماً وكان والده يحترمه ، لكنَّ والده كان مدخناً وكان والده من فرط محبته لابنه واحترامه لا يدخن أمامه، وكان الشيخ محمد حسان لا يوجه والده بذلك بل يحاول أن يؤثر عليه بطرق أخرى، وذات يوم جاء عند والده زائر يدخن فجاء الشيخ محمد حسان وقبل يد ورأس والده ثمَّ تحدث الشيخ محمد حسان عن أضرار التدخين وحرمته وتأثيره السيئ على النفس والروح والبدن ، حتى أدرك والده أنه هو وصديقه ذلك كانا مقصودين بالحديث، فأقسم بالله والد الشيخ محمد حسان ألا يدخن بعد تلك النصيحة من ولده لصاحبه، ووقعت النصيحة في قلب والد الشيخ محمد ولم تكن تلك النصيحة مباشرة لهم، وهذا فقه عظيم للدعوة.
7) لا تنس أمر الدعاء فإنَّه عظيم عظيم، ودعائك لأهلك ووالدك ووالدتك وإخوانك، وقل كما قال تعالى:(وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)
وفقك الرحمن ويسر أمرك، ونفع الله بك :(وما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه) كما قال الصادق الصدوق صلى الله عليه وسلم

س2) هل من الممكن أن يكون للأسرة دور في إيمانيات ابنها المرافق؟

ج2)
أهلا وسهلاً بك أخي حسام جعلني الله وإياك ممن يقولون بالحق ويستمعونه فيتبعون أحسنه... آمين.
نعم للأسرة دور كبير وأي دور في تربية ابنها المراهق، فقد قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث معقل بن يسار في صحيح الإمام مسلم: (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة).
فهنيئاً لمن أدرك دور الأسرة في تربية الابن المراهق مثلك تماماً يا أخي حسام بإذن الله تعالى، ومن ضمن النقاط التي أود أن أسجلها في دور الأسرة بتربية ابنها المراهق عدة أمور:

• تربية الابن على مراقبة الله تعالى واستشعار قربه منا مع علوه على خلقه سبحانه وبحمده، وأنت تعلم قصة ذلك الأب الذي كان يعلم أولاده مراقبة الله لهم، فأعطاهم تفاحة وقال لهم اذهبوا لأي مكان تجدونه مناسباً واقسموا هذه التفاحة بينكم وكلوها، فذهب أولئك الفتية يميناً ويسارا ثم رجعوا لوالدهم وقالوا يا أبانا لم نستطع أن نقسم هذه التفاحة بيننا فقال لهم والدهم لماذا؟ قالوا : والله يا أبانا لم نذهب مكاناً إلا واستشعرنا أنَّ الله تعالى يرانا فكيف تريدنا أن نقسمها وأن نأكلها بيننا ولا يرانا أحد فإنَّ الله تعالى يرانا، وهذا دليل على أنَّ عمق التربية في الصغر تنفع الشاب المراهق حين يصل لسن المراهقة، وصدق الشاعر إذ قال:
قد ينفع الأدب الأحداث في مهل *** وليس ينفع بعد الكبر الأدب
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت *** ولا تلين إذا قومتها الخشب
• يمكن للوالدين أن يربطا ابنهم بحلقات تحفيظ القرآن المنتشرة بفضل الله في ربوع بلادنا العربية والإسلامية، وكذلك يربطهم بالمراكز الصيفية التي تتنوع فيها البرامج الإيمانية والخيرية والدعوية والتربوية والرياضية.
• من المهم أن يكون الابن المراهق صديقاً لوالده في هذه المدة كما نقل أو حكي عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال: (لاعبه سبعًا وأدبه سبعًا وصادقه سبعًا)، فربط الابن مع والده في هذه المرحلة والحقبة الزمنية ضرورة بمكان، وذلك أنَّ الولد يكون مع والده الصالح الذي لن يذهب إلا إلى الخير والبر والعمل الصالح.
• من المهم أن تكون دعوة الأب للابن دعوتين مباشرة وغير مباشرة، فالمباشرة حين يرى ابنه قد أخطاً فيحاول الأب أن ينصح ابنه ويبلغ به الجهد لتربية ابنه ومناصحته ، وغير المباشرة بالأمر بالمعروف فيصطحب الأب ابنه المراهق لمكان ما معاً وهما بالسيارة يتحدثان عن ضرورة تزكية النفس بالإيمان والعمل الصالح، ويذكر له مواقف الصحابة والسلف الصالح في ذلك .
• شراء مكتبه معتنية بتنمية الجوانب الإيمانية والقصص التربوية المعنية بذلك لكي يتلقفها الابن ويقرأ ما فيها لعل ذلك يكون أثراً على تربية روحه.
• مراقبة الأب لتصرفات ابنه مع أصحابه في الحارة أو المدرسة أو من الأقارب، بطريقة لا يشعر فيها الابن أنَّ والده يراقبه أو يشك فيه، ولكن من وراء طرف، لكن يكون الوالد متابعاً لابنه في سلوكياته ونشاطاته .
• محاولة الجلوس مع الابن المراهق واستشفاف ما لديه من مخبئات فكره، ومكتنزات عقله، ومحاولة محاورته وإقناعه بالطرق المناسبة والمؤثرة، ومن ذلك الأسلوب التربوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أورده الإمام أحمد رضي الله عنه في مسنده.عن أبي أمامة: أن فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ائذن لي في الزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: ( مه، مه ) فدنا منه قريباً قال: فجلس ( أي: الشاب ).
ـ قال: أتحبه لأهلك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك.
قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم.
ـ قال: أتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك.
قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم.
ـ قال: أتحبه لعمتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك.
قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم.
ـ قال: أتحبه لخالتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك.
قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم.
ـ قال: فوضع يده عليه وقال: ( اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه ). فلم يكن الفتى بعد ذلك يلتفت إلى شيء.أخرجه الإمام أحمد في مسنده
• إكثار الدعاء للولد بظهر الغيب فقد نقل الله تعالى مواقف الأنبياء والمرسلين بدعائهم لأولادهم، فالذرية المتميزة بصلاحها ، مطلب الأنبياء ومحل سؤالهم ورجائهم فقد جاء في دعاء زكريا عليه السلام ( فهب لي من لدنك ولياً ، يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضياً)فأجاب الله دعاءه ووهب له يحيى فكان متميزاً بزكاته وتقواه حتى قال عنه تعالى:( يا يحيى خذ الكتاب بقوة وأتيناه الحكم صبيًا ، وحناناً في لدنا وزكاة وكان تقياً)

أسأل الله لأولادك تربية حسن تقر بهم في كبرك وينفع الله بهم أمتك، والسلام.

س3) السلام عليكم ورحمة الله
بارك الله في جهودكم،وجزاكم عنا كل خير
مشكلتي أنني لا أجد أي معين من أسرتي على الإلتزام بل الواقع هو العكس.. دائما أجد منهم والعياذ بالله الصدود عن طاعة الله والانشغال بالمعاصي حتى أصبحت أكرههم هل يا شيخنا من الممكن ان أؤثر عليهم دون أن أتأثر؟

ج3)
حياكم الله أختي سلوى ومرحباً بك في صفحات هذا الموقع.
يا أختي الفاضلة:
أود أن أحليك على الأجوبة السابقة للسائلين لعل فيها نفع لك ولكني أود أضيف بعض النقاط:
نحن في زمن تناوشتنا فيه المادية الجارفة، وأثرت على كثير منا، وأثقلت بكلكلها على نفوسنا فصرنا لا نستطيع أن نقاومها لأننا أسلمنا نفسنا لها منذ البداية، ولهذا فحين نسأل بعض الناس ماذا تخطط لمستقبلك لا يفكر في المستقبل إلا بأن يبني بيتا أو يشتري سيارة أو يتزوج زوجة وما إلى ذلك، وكل هذا ليس فيه حرمه بل هو أمر مباح ومندوب إليه ، لكنَّ الأدهى من ذلك والأمر أن تتوقف طموحاتنا إلى هذا الحد، وهذه مشكلة كبيرة في الحقيقة.

أنت يا أختي شامة بين أهلك، ووسام شرف بينهم، واعتبري نفسك من الغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس أو يصلحون ما أفسد الناس ، ولقد أخبرنا الصادق الصدوق صلى الله عليه وسلم أن الصابر على دينه في آخر الزمان [كالقابض] على الجمر، وأن له أجر خمسين، قالوا: يا رسول الله، أمِنا أو منهم؟ قال:بل منكم، إنكم تجدون على الحق أعواناً، وهم لا يجدون على الحق أعوانا.

أما من ناحية التأثير فبإمكانك لتأثير ولو باليسير مع مواصلة الدعاء وبر الوالدين ، وأوصيك على شكل سريع بهذه الأمور:
ـ الرفق قال صلى الله عليه وسلم: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه).
ـ الحكمة قال تعالى: ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا)
ـ الصبر على ما يواجهك من أذى وسؤال الله الثبات قال تعالى: ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة).
ـ عدم الشماتة بهم أو التألي عليهم، وكما تعلمين أن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم قال:(من رأى صاحب بلاء فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا إلا عوفي من ذلك البلاء كائنا ما كان ما عاش ) وقد أخرجه الترمذي، ولا بأس بسند هذا الحديث فق صححه ابن القطان وابن القيم والألباني
وفقك الله وأعانك ويسر أمورك وهدى أهلك وثبتك على دينه ورزقك الحكمة والموعظة الحسنة.

س4) أستاذي الكريم معلوم أن إجازة الصيف قد بدأت منذ أسابيع وفيها يكون لكل فرد من الأسرة اهتماماته الخاصة به فهل هناك برنامج مقترح أستطيع أن أطبقه انا وأسرتي حتى نستفيد من إجازتنا ونرضي فيها ربنا؟

ج4)
الأخت الفاضلة هدى هدانا الله وإياها سبل السلام ووقانا جميعاً شر الذنوب والآثام ... آمين.
شكر الله لكم على تواصلكم الطيب، والله يوفقنا وإياكم لما فيه الخير والصواب.
في الحقيقة أنَّ هذه الإجازة فرصة العمر في كل نهاية سنة، لأنَّها محطة تجديد ودورة وقود للأسرة المسلمة في العمل الصالح ، ولهذا أقترح عليكم التالي:

• ليكن هنالك برنامج للقرآن القرآن الكريم في كل يوم ، تجتمع فيه الأسرة لقراءة شيء من كتاب الله وقراءة التفسير لهذه الآيات، وأقترح أفضل وقت في ذلك بعد صلاة الفجر حيث الأفئدة خالية، والجو صاف وبعد صلاة الفجر قد بارك الله لأمته في بكورها وكما يقال في المثل (الصباح رباح) وحقاً هو رباح سواء في الأعمال الدينية والدنيوية.
• لا أجمل ولا أحلى من استغلال الوقت في القراءة، والحديث في ذلك يطول، ولكن من أجمل المقولات التي أثرت في سويداء قلبي ما قاله المفكر السوري الإسلامي عبد الكريم بكار( ما الفرق بين المتعلم والأمي إذا كانا سوياً لا يقرآن)، فالقراءة قوت القلوب وغذاء الأرواح ووسيلة جميلة وتجديدية للتعلم وإبهاج الروح وإسعاد النفس.
• جميل أن يكون هنالك مخطط في زيارة الأقارب وصلة الأرحام ولو في الأسبوع زيارتين، لتجتمع القلوب على المودة وتبقى الألفة والمحبة بين الأقارب ، وقد قال صلى الله عليه وسلم:( الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله . ومن قطعني قطعه الله) كما في حديث عائشة في صحيح الإمام مسلم.
• لو كانت هنالك زيارات للأماكن التي تزيد الإيمان وترفع مستواه في القلوب، فإنه أمر حسن، ليتطلع المرء على محاسن خلق الهن في هذا الكون البهيج، وينظر في ملكوته ويتفكر في قدرته ومخلوقاته الدالة على وحدانيته عز وجل، والله تعالى يقول:( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير).
• من الأمور التي تزيد الإيمان في القلب عيادة المريض وزيارته والتخفيف عيه، لكي تعلموا أنكم بصحة وعافية، وكذلك زيارة المقابر التي تذكركم الآخرة ويجوز للمرأة زيارة القبور على الأرجح من أقوال العلماء وهو رأي إمامنا الإمام أحمد بن حنبل شرط أن تلتزم المرأة بشروط الحجاب الكامل وألا تنوح أو تفعل ما يخالف الشرع في ذلك.
• ما أجمل أن تجمعوا جزءاً من التبرعات بينكم لكفالة يتيم أو الإنفاق على أرملة خلال شهر أو شهرين لتكونوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة.
هذه بعض الأمور التي أقترحها عليكم، ولعل في بعض الأجوبة السابقة والقادمة ما يفيدكم، متعكم الله بالصحة والعافية في هذه الإجازة، ورزقكم الله سعادة أبدية في حياتكم .

س5) السلام عليكم جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه للأسرة نواة المجتمع المسلم ونرغب في معرفة كيف تسير الأسرة على طريق الإيمان في الوقت الذي تتكاتف عليهم كل ضغوط الحياة ومشكلاتها بشكل يهدد استقرارها وتماسكها؟

ج5)
الأخت الفاضلة مرام وفقها الرحمن.
الأسرة المسلمة هي في الأصل أسرة مؤمنة بالله واليوم الآخر، فينبغي عليها أن تدرك هذه الحقيقة الكبرى في الكون والحياة، لأنَّ استصحابها لهذه المبدأ سيعينها ويساعدها على قضاء الوقت والعمر في طاعة الله، فلم يخلقنا الله عبثاً ولن يتركنا سدى بل خلقنا لعبادته وطاعته، فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، كما قال تعالى في آيات عديدة: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجون) ( هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا).
وعليه فالأسرة المسلمة حين تستشعر هذه الحقيقة فإنها ينبغي أن تسعى لها، فلا يكون المال هو مقصدها الأسمى ولقد ثبت في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( تعس عبد الدينار ، والدرهم ، والقطيفة ، والخميصة ، إن أعطي رضي ، وإن لم يعط لم يرض).
لقد كان رسول لله صلى الله عليه وسلم يعلم صحابته بالتخلص من ضغوط الحياة بالعمل الصالح فقد كان يقول عليه الصلاة والسلام عن الصلاة:(أرحنا بها يا بلال) والحديث صحيح أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وحكم بصحته الإمام العراقي.
وفي مشهد آخر في مواجهة ضغوط الحياة بزيادة الإيمان ورفع الهم والغم والقلق ، يأتي رجل لرسول الله ويقول يا رسول الله : هموم لزمتني وديون يا رسول الله قال أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك قال قلت بلى قال قل إذا أصبحت وإذا أمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال قال ففعلت ذلك فأذهب الله همي وقضى عني ديني، والحديث حسنه الإمام ابن حجر العسقلاني من حديث أبي سعيد الخدري، وقال الإمام الشوكاني لا مطعن في إسناد هذا الحديث.
بل ثبت في صحيح الإمام البخاري من حديث علي بن أبي طالب أن فاطمة بنت رسول الله أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى ، وبلغه أنه جاءه رقيق ، فلم تصادفه ، فذكرت ذلك لعائشة ، فلما جاء أخبرته عائشة ، قال : ( فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا ، فذهبنا نقوم ، فقال : ( على مكانكما ) . فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على بطني ، فقال : ( ألا أدلكما على خير مما سألتما ؟ إذا أخذتما مضاجعكما ، أو أويتما إلى فراشكما ، فسبحا ثلاثا وثلاثين ، واحمدا ثلاثا وثلاثين ، وكبرا أربعا وثلاثين ، فهو خير لكما من خادم ).
هذا كله لا يعني أن يواجه المرء ضغوط الحياة فقط بالأذكار والتسبيح والدعاء، بل كذلك بالعمل الصالح، ومواجهة هذه الضغوط بالدعاء بأن يكشف الله هذه الكروب، وكذلك بالتصدي لهذه الضغوط بالصبر والثبات والعزيمة والثقة بالنفس مع عبودية التوكل على الله عز وجل، ولن يخيب الله تعالى ظن عباده به فهو قريب ودود لطيف عفو سبحانه وتعالي.

س6) متزوج من 12 سنة ولي زوجة لا تصلي حاولت معها بكل الطرق وبكل الوسائل التي تتوقعها ورغم ذلك تصلي فردًا واحد عندما أعنفها وتعود لحالتها مرة أخرى بل امتد هذا ليشمل أبنائي فهي لا تحضهم على الصلاة والله حاولت معها بكل الوسائل وكل وسيلة تتوقعها فماذا أفعل حتى لا أحاسب أمام الله عنها؟

ج6)
أخي الكريم أبو عبد الرحمن حفظه الله ورعاه وسدد على درب الهدى خطاه.
حقاً والله يا أخي أني متألم على ما تتألم منه تماما وأشاركك هذه الهم والألم.
أخي العزيز :
في البداية أدعو الله لزوجك بأن يهديها ويصلح قلبها ويردها إلى سبيل الصواب والحق وأن يكفيها شر نفسها، وأقترح عليك الآتي والله الموفق والمعين ومنه الحول والطول لا إله إلا هو:
• قبل أن تقوم بدعوتها للصلاة اسأل الله تعالى أن يفتح على قلبها وأكثر من الدعاء لها قبل حديثك معها عن الصلاة لعل بدعوتك لها يفتح الله قلبها لفعل الخير من الصلاة وغيرها.
• ناقشها ولكن بهدوء وأعيد وأكرر يا أخي أبو عبد الرحمن بهدوء وحاول إقناعها بوسائل مؤثرة في ذلك.
• انقل لها أقوال حكماء الغرب من أهل الكفر في حسد هؤلاء الغير مسلمين للمسلمين في صلاتهم وانقل لها ما قاله الفيلسوف الفرنسي رينان: إنني أحسد المسلمين وأغبطهم حين أراهم في صف واحد سجداً لله تعالى وركعا وهم خاشعون لا يتحركون وأجمل من ذلك حين أراهم قد هووا لله تعالى بالسجود، لعل هذه الأمور تؤثر عليها.
• حاول أن تكلم صاحباتها اللاتي يؤثرن عليها بتحديثها عن الصلاة وأنها فرض واجب عليها ، وثاني ركن من أركان الإسلام، وأنه لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وأن الصحابة كانوا لا يرون من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، وأنَّ الصلاة عمود الدين، وأنَّ رسول الله جعلت قرة عينه في الصلاة، وأنَّ من مقتضيات محبتنا لله ورسوله أن نمتثل أوامره ونجتنب معاصيه، وأنَّ أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسد فسد سائر عمله، ويذكرنها بملاقاة الله تعالى فكيف ستجيب الله حين يقول لها لماذا لا تصلين؟ إلى غير ذلك من لنصائح التي تلقيها صاحبتها على زوجتك وتلقيها انت كذلك على زوجتك.
• اكتب لزوجك رسالة كاملة فيها جميع الأدلة الشرعية على خطورة تارك الصلاة، وأضف إليها جميع الأنواع من وسائل التأثير بالأدلة البرهانية والقطعية والعقلية على أهميتها وضرورتها واستعن بمن ثتق به من أهل الدين والصلاح ليساعدك على كتابة الرسالة وأرسلها لزوجتك.
• اصطحب زوجتك معك في يوم من الأيام لأداء الصلاة في المسجد، وخصوصاً في شهر رمضان، لعل الله تعالى أن يزيدها إيماناً وأن يهدي قلبها.
• إن كان لديك أولاد صغار فحدث أولادك بمحاورتهم لزوجتك ولأمهم لكي تصلي، ومحاولة تكرير أولادها عليها فرضية الصلاة وأهميتها لعلها تستمع منهم ويكونوا هم مفتاح الخير في ذلك.
• حاول أن تصلي أمامها النوافل والسنن الرواتب، وأن تشعرها بطعم ذلك بعد أن تصلي، وأنَّ في الصلاة إيمانيات و(إبهاج للروح) بما لا يمكن وصفه، لعلها تقلدك في ذلك، ثم يفتح الله على قلبها بالخير.
• انتبه لصديقات زوجك فقد يكون كثير منهن لا تصلي، ولهذا أرى من باب الحكمة والمصلحة أن تحاول أن تخفف زوجتك من صحبتها لهنَّ، لأنَّ الصاحب ساحب، والعرق دساس كما يقال!
• الهج بالدعاء لها وحاول قدر الإمكان أن تلح على الله بقبول دعائك لكي يهديها الله تعالى.

أعانك الله وسدد خطاك، وجمعك بها على الحق دائما.

س7) السلام عليكم و رحمة الله. أيها الأخ الكريم، جزاك الله خيرا ، فقد وضعت يدك على الجرح، أنا مهمومة بهذا الأمر منذ فترة غير قليلة، أنا و زوجي نحاول أن نرجع التزامنا السابق ، ولكن للأسف لا نستطيع، حتى صلاة الفجر تضيع بسبب السهر، الذي لا أدري كيف أتحكم فيه، و زوجي يقول أن هذا حال الناس كلهم في الصيف، و لكني أعمل و لا أستطيع السهر إلى الفجر ثم أنام بعد أداء الفرض، و هكذا تصبح مشكلة، وأحاول مع زوجي أن نقرأ القرآن سويا، أو نقوم الليل، و لكننا لا نستمر كثيرا على هذا الحال،لا أدري ما السبيل، هي الذنوب و الله تبعد الكانسان عن الطاعة، دلوني جزاكم الله خيرا؟

ج7)
الأخت الكريمة جزاك الله خيراً على عنايتك بأمر دينك وإيمانك فإنَّ صلاحنا ونجاحنا في الدنيا والآخرة بتقوية الرصيد الإيماني لنا وهو الشيء الذي ندخره عند الله تعالى في يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم.
أختي هنالك أسباب وموانع تمنعكم وتحجزكم عن فعل الصالحات ، فقد يكون منها : ضعف الإيمان، والذنوب والمعاصي، وعدم مراقبة الله في السر والعلن، وكذلك الأصدقاء الذين قد يزينون فعل المعصية وترك الطاعة، فانظري في الأمر الذي ترينه من هذه الأمور هو الذي أدى لقصور الجانب الإيماني عندكم.
في البداية أختي أنت وزوجك الكريم اعترفوا بأنكم مقصرون في طاعة الله، وأظهروا الندم والتوبة إليه، فإنَّ الندم توبة، والله تعالى عفو ودود رحيم رؤوف بعباده يحب المذنب التواب، والمخبت لربه المنيب إليه، كما قال تعالى:(وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له).
وقولي أنت وزوجك:

يا عين فلتبكي ولتذرفي الدمعا *** ذنبا أحاط القلب أصغى له سمعا
أين الدموع على الخدين قد سالت *** فالنفس بالعصيان يارب قد مالت
هل يا ترى أصحو من سكرة الشهوة *** أم يا ترى أبقى في هوة الشقوة
كيف القدوم على الجبار بالزلل *** أم كيف ألقاه من دون ما عمل
قلبي لما يلقى قد أنّى بالشكوى*** دمعي جفا عيني من قلة التقوى
لكن من أرجوه لا يغلق الباب ***التوب يارباه فالقلب قد تابا

حاولي يا أختي أن تفردي لك ولزوجك برنامجاً إيمانياً ولو شيء يسيرا وبالتدريج، فليكن أول شيء تنوون القيام به بجد وحق وصدق، ثلاثة أمور، أرى أنها من أهم الأمور التي تقوي الإيمان، وتضعف كيد ووساوس الشيطان وهي: (قراءة القرآن سوياً، قيام الليل سويا، صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام الاثنين والخميس لو استطعتما سويا) وبعد ذلك تتدرجون في عمل الصالحات أكثر فأكثر وتتدرجون مدارج السالكين وتصلون منازل السائرين إلى الله تعالى رب العالمين.
واعلمي يا أختي أنَّ هذه الحياة بزينتها وزخارفها زائلة فانية زائفة كما قال تعالى:(كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه) فاجتهدي أنت وزوجك بالطاعة والعبادة ولقد استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فزعا ، يقول : ( سبحان الله ، ماذا أنزل الله من الخزائن ، وماذا أنزل من الفتن ، من يوقظ صواحب الحجرات - يريد أزواجه لكي يصلين - رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة ) كما صحَّ ذلك عنه في صحيح البخاري.
ولهذا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستعانة على الطاعة بين الزوجين فقال: (رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت فإن أبت نضح في وجهها الماء رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء) والحديث أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة، وصححه أحمد شاكر والألباني وحسنه ابن حجر من حديث أبي أمامة الباهلي.
ومن الأمور المهمة يا أختي أن تستعينوا بصحبة صالحة من معارفكم على الطاعة، وأن تجتنبوا السهر ولو كان في نافلة لكي لا تفوت عليكم الفريضة التي هي واجبة وصلاتها في وقتها فرض لازم.
وفقكم الرحمن ويسر أموركم والسلام عليكم.

--------------
رابط اللقاء في موقع إسلام أون لاين:
http://www.islamonline.net/LiveFatwa/Arabic/Browse.asp?hGuestID=Cb3qa7

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خباب الحمد
  • مقالات شرعية
  • حواراتي معهم
  • حواراتهم معي
  • وللنساء نصيب
  • تحليلات سياسية
  • مواجهات ثقافية
  • تحقيقات صحافية
  • البناء الفكري والدعوي
  • رصد الاستراتيجية الغربية
  • رمضانيات
  • استشارات
  • كتب
  • صوتيات
  • قراءة في كتاب
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية