صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هل صعوبة فهم القول الفقهي من علامات كونه مرجوحا !!

خبَّاب بن مروان الحمد


هل صعوبة فهم القول الفقهي من علامات كونه مرجوحا !!

 لا ينمي الذكاء الفقهي ولا ينشّطُ الذاكرة إلا معالجة المرء هذه المسائل العويصة والمُشكلة في بادئ أمرها؛ إذ ستتذلّل له صعابها، ويلين له عويصها بعد حين؛ في حالة المراس الفكري، والمِران البحثي.
كما أنّ الاعتراف بصعوبتها ومعاناة فهمها لا يعني ألبة أنها غير مفهومة؛ بل لكثرة تشابه حالاتهها من جهة؛ وكثرة مسائلها المتعلقة بأدلتها دقيقة المآخذ من جهة أخرى مما يورث صعوبة فهم القول، أو ضغط بعض عباراتها التي تحتاج لصاحب المفك الفقهي حتّى يُفكّك العبارة ويُحلّلها ثمّ يُعيد صياغتها من جديد.
لقد ذكر الإمام أحمد أنّه بقي يتفحص ويدرس مسائل الحيض عدة سنوات؛ حيث قال: كنت في كتاب الحيض تسع سنين حتى فهمته.
وممن بيَّن صعوبة كتاب الحيض كذلك ابن تيمية والنووي.
ونُقِل مثل ذلك عن الماوردي في دراسة البيوع ومسائله وله في ذلك قصة ظريفة.
بل عد ابن عبد البر أبواب البيوع من علم الخواص كما في [التمهيد 6/285] ومن صعوبة علم البيوع أيضاً أنْ نفى مالكٌ عن نفسه العلمَ بها [السير 8/76]، ونفيُ علمه بها أي في دقائق مسائلها لا ظواهرها كما هو معلوم لكل ذي بصر بفقه الإمام مالك.
وذكر ابن كثير أن أبواب الربا من أعوص الأبواب.
وذكر الشيخ السعدي أن باب سجود السهو من أصعب أبواب العبادات.
وذكر غيره أن علم الفرائض من أصعبها حيث أنه يحتاج ذهنا حسابيا يقظا؛ لهذا كان هذا العلم صعبا على بعض العلماء كالبهاء السبكي والألباني.
ولقد رُوي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ من لم يتعلم البيوع والفرائض والطلاق؛ فبم يفضل أهل البادية؟! [نقله عنه ابن العربي رحمه الله في أحكام القرآن 1/430] وما ذاك إلا لصعوبته كما قال ابن تيمية أنه من علم الخاصة كما في الاستقامة....
وعلى كل حال فقد يستصعب المرء باباً من أبواب الفقه فيما يستسهله غيره والعكس بالعكس، لكن دراسة عويص المسائل ومحاولة فهمها هو الذي يفتق الذهن، ويزرع عقلية التفكير والتدبر، ومن استصعب شيئاً فليُحله إلى من يعرفه؛ فلقد كان العلماء يُحيلون بعض المسائل الواقعة بهم مِمّن لا يعرفونه لمن يُمارسها أكثر؛ كعطاء إذ كان خبيراً بفقه الحج، وإياس إذ كان خبيراً بالقضاء، وغيرهم.
فإن فهم القول بعد استعسار؛ وتوضح بعد انغلاق؛ صار ذلك من أسهل ما يفهمه طالب العلم، بل يكون معينا لغيره على فهمه؛ وقد قيل: من لم يعاني لم يدرك المعاني.
وما سمي الفقه بذلك لانكشاف معانيه كلها من أول وهلة؛ بل لخفاء بعض المعاني تحت حروف الألفاظ مما يستدعي التفقه والتفهم والتيقظ.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خباب الحمد
  • مقالات شرعية
  • حواراتي معهم
  • حواراتهم معي
  • وللنساء نصيب
  • تحليلات سياسية
  • مواجهات ثقافية
  • تحقيقات صحافية
  • البناء الفكري والدعوي
  • رصد الاستراتيجية الغربية
  • رمضانيات
  • استشارات
  • كتب
  • صوتيات
  • قراءة في كتاب
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية