اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/khabab/f43.htm?print_it=1

ما حكم قيام بعض خطباء الجمعة إنابة أحد المصلين ليصلي بهم وبالمأمومين صلاة الجمعة؟

خبَّاب بن مروان الحمد


ما حكم قيام بعض خطباء الجمعة إنابة أحد المصلين ليصلي بهم وبالمأمومين صلاة الجمعة؟


الجواب:


أحبّ قبل إبداء الرأي في ذلك دراسة الظروف النفسية والاجتماعية التي قد تحيط بمثل هذه التصرفات لبعض الخطباء الكرام؛ فلهم اعتبارات تجعلهم يفعلون ذلك..
بعضهم يُجهد من الخطبة فلا يستطيع الصلاة..
وبعضهم يجد من هو أعلم منه بأحكام الصلاة فيجعله يُصلي.
وبعض الخطباء مُبتلى بسلس بولٍ أو ريحٍ؛ أووسوسة..
وبعضهم له أعذاره الخاصّة .
وبعضهم يجد من المصلين من هو أندى منه صوتاً وأجمل خاصّة إذا صلّى بهم في هذه الجماعات الكثيرة التي تحضر لصلاة الجمعة.
إلى غير ذلك...

وبناء عليه أقول وبالله التوفيق:
إنّ السنّة النبويّة والسنّة الراشديّة التي كان عليها الخلفاء الراشدون قيامهم بالخطبة والصلاة وعدم إنابة أحد المصلين ليصلي بهم بعدما يخطبوا الجمعة؛ ولهذا فإنّ جمهور الفقهاء على أنّ هذا الفعل مسنون وأنّ من تولّى الخطبة هو الذي يتولّى صلاة الجمعة؛ لكن لا تُعدّ الصلاة باطلة؛ لأنّ الخطبة منفصلة عن الصلاة وأشبهتا صلاتين؛ كما يقول الفقهاء.
أما المالكيّة فقد أبطلوا الصلاة إذا أناب الخطيب غيره لغير عُذرٍ؛ وقد اعتبروا صلاة الخطيب بالمأمومين من شروط صحّة الصلاة؛ فقد قال الإمام الخرشي في شرح مختصر خليل : "يشترط أن لا يصلي غير من خطب الا ان حصل للخاطب عذر من مرض أو جن او نحوهما فهو وصف ثان للامام فكأنه قال شرط صحتها ان تقع بامام مقيم موصوف بكونه الخاطب فلا يصلي غيره الا لعذر"

وقال العلاّمة المالكي محمد بن أحمد بن محمد (عليش) في كتابه " منح الجليل شرح مختصر خليل": "فإن خطب شخص وصلى اخر بطلت الصلاة" ويقصد هنا بغير عذر.

أمّا إذا كان الإمام قد رغب من أحد المصلين ليصلي بهم لعذرٍ خاصٍ به، أو سببٍ قاهر؛ فلا مانع من ذلك ويكون هذا الفعل جائزاً بسبب العذر، وقد أجازه كذلك المالكيّة.

فيتحصّل لنا أنّ السنّة عدم فعل ذلك إن كان لغير عذر؛ ولكن إن كان ثمّة عذر فيجوز؛ ولهذا قال الإمام أحمد: "لا يعجبني ذلك من غير عذر فيحتمل المنع؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يتولاهما ".

تتبقى مسألة لها ذيل لمسألتنا وهي هل يُشترط أن يكون المصلي بالمأمومين قد حضر خطبة الجمعة حين استخلاف الإمام له وإنابته ليصلي بالمأمومين؟

الشافعية اشترطوا ذلك.
والحنفية اشترطوا حصول أن يحضر جزءاً منها،و إن لم يشهد شيئا من الخطبة لم يجزعندهم.
والمالكيّة يرون أنّه مندوب مسنون.
أمّا أصحابنا الحنابلة فهو عندهم ليس بشرط ولا بمستحب فتصح إمامة من لم يحضر الخطبة مطلقا.

والذي يظهر من الأقوال استحباب صلاة الخطيب بالمأمومين لأمور:
1. أنّه أدعى لاتباع السنة، وأقرب لموافقتها.
2. أبعد عن ظنون السوء به، ومنعاً لأقوال الناس فيه وكثرة هرجهم واختلافهم.
3. أحظى باتباع الجمهور المستحبين له القيام بذلك.
4. فيه براءة لذمّته.
5. وبذلك يخرج من الخلاف؛ فالخروج من الخلاف في مثل هذه المواطن مستحب.

فإن فعل ذلك وأناب غيره بغير عذرٍ جاز ولو لم يحضر خطبة الجمعة؛ على ألاّ يكون ذلك له عادة فيُكره مثل هذا.
وإن أناب غيره لعذر فلا إشكال في ذلك.

والله ولي التوفيق.
 

خباب الحمد