اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/khojah/165.htm?print_it=1

هل من مبرر لعملية "عاصفة الحزم"؟

د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه
@khojah10


بسم الله الرحمن الرحيم


منذ زمن والسنة دولا وشعوبا تنظر مستريبة إلى التحركات الإيرانية في المنطقة، وما كان ريبة ارتقى ليكون حقيقة مؤكدة، ذلك لما باشرت إيران احتلال العراق، بالتحكم في قرارته وتولية رئيس حكوماته، وما فرض نوري المالكي رئيسا بدلا عن علاوي الفائز عنا ببعيد، والإعلان الصريح عن الدعم والمشاركة الكاملة إلى جانب النظام السوري بالعتاد والعدد والمال، ثم توالت الأدلة على أن إيران تريد الهيمنة والسيطرة على المنطقة من الخليج إلى الشام إلى اليمن.
فهذا علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني يقول: "إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا كما في الماضي".
يشير إلى استعادة الإمبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام، التي كان عاصمتها المدائن.

وهذا علي رضا زاكاني المقرب من المرشد الإيراني يقول: أن العاصمة اليمنية صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران، بعد كل من: بيروت، دمشق، وبغداد. وأن ثورة الحوثيين في اليمن هي امتداد للثورة الخمينية.
ثم بعدهما محمد صادق الحسيني يقول: "فجبهة المقاومة والجمهورية الإسلامية أصبحوا سادة البحر وسلاطينه الجدد، وثمة معركة تدور بشراسة وبقوة للسيطرة على باب المندب وصولا للبحر الأحمر، فما يحصل اليوم في اليمن لأول مرة منذ قرون تعود اليمن زيدية يمنية".
ويعني بالقرون التي سبقت: يوم كان الحكم في اليمن للصلحيين الإسماعيلية الباطنية، وهم والرافضة أبناء عمومة في الدين والمذهب.

فلم يعد يخفى على أحد أطماع إيران في اليمن، وأن الحوثية صنيعتها منذ عقدين وزيادة، لما أخذت منهم إلى مشهد وقم لتعليمهم مبادئ الرافضة، وتهيئتهم ليكونوا أدواتهم في اليمن، بحكم التشابه بين عقائدهم، فإيران رافضية اثنا عشرية، والحوثية زيدية جارودية أقرب شيء للرافضة، فكلاهما يلعنون أبا بكر وعمر ويكفرونهما، وقد أخذ الحوثية من النشوة والبطر الذي أخذ أسيادهم في طهران، بعد سيطرتهم على صنعاء ومحافظات عدة، فندت منهم تصريحات لم تستغرب منهم، فتجرءوا يتوعدون إسقاط الحكم في السعودية واحتلال مكة والمدينة، حتى قال الحسيني: "إن عبد الملك الحوثي هو سلطان الجزيرة الجديد". ثم أخذوا في مناورات عسكرية على الحدود السعودية، فماذا كان ينتظر حينئذ من دولة ترى كل هذا التهديد الصريح من حولها: شرقها، وغربها، وجنوبها؟.
هذا والحوثية وحلفاءهم أتباع علي عبد الله صالح ما هم إلا شرذمة قليلون، وسواد الناس في اليمن لا تقبل بهم، والناس كلهم - مع الحكومة الشرعية - استغاثوا بالسعودية ودول الخليج للتدخل لوضع حد لطغيان الحوثية، فاجتمعت الأسباب الداخلية والخارجية على وجوب مقاومة هذا المد الحوثي ومن ورائه الصفوي، فلأجله رأيت الدعم الدولي لعمليات عاصفة الحزم، فلم تجد دولة تعارضها إلا الصفويون في إيران ولبنان، وهل كان غير هذا منهم؟.
لقد جربت دول الخليج الحلم وإحسان الظن بإيران، فإذا بها تلتهم العراق، وتشارك بكل طاقتها إلى جانب النظام المجرم في سوريا، حتى ملكت القرار السياسي في لبنان.

وجربت الحزم في البحرين، حين كانت طهران تعد العدة لقضمها وسرقتها من دول الخليج، فدخلت بقوات درع الجزيرة في الوقت الحاسم، فأجهضت المشروع كله، وسلمت البحرين للسنة وللعرب ولدول الخليج، كل ذلك بقيادة واعية حكيمة من السعودية.
فأي التجربتين كان ينبغي لها أن تتبع بعدما رأت ما رأت، وخسرت ما خسرت، فتعرض أمنها للخطر الحقيقي المعلن على لسان هؤلاء الطامعين؟.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يلدغ المؤمن جحر مرتين). فلو أخطأت في اليمن كما أخطأت في غيرها، لذهبت اليمن كما ذهب غيرها، وقد كانت من ذلك قاب قوسين أو أدنى: {ولكن الله سلم}، فهدى الله تعالى القادة إلى الاجتماع والتحالف وبقطع الآمال الصفوية، ولعله أن يهديهم كما هداهم؛ ليقطعوا آمالهم في بقية البلاد، بخاصة في سوريا المأساة.

ولقد قال قائلون، وصدقهم أناس طيبون: وما الضير أن تسيطر إيران على تلك المواقع، أليست جمهورية إسلامية، أليس الشيعة مسلمون، أليست بيننا وحدة وأخوة، وهم قوة اليوم قادرة على مقارعة الغرب، ومفاوضات النووي دليل على الندية، وأن الغرب يحترمها، وهي التي تنادي بتحرير الأقصى، وتعلن العداء المستحكم لليهود وإسرائيل وأمريكا ليل نهار، فأين هذا من الدول العربية، أليس من الخير أن تقود إيران العالم الإسلامي إذن؟.

كلا، ليس بينا وحدة إلا في الإنسانية، وأننا نتقاسم أرضا مشتركة، ما عدا ذلك فهم طائفة ونحن أمة، نحن سنة على الدين المنزل، وهم شيعة مبتدعة على دين محرف، حرفه آياتهم ومراجعهم، نحن أمة سلم، عاشوا بيننا، فلم يغدر بهم يوما، ولم ينتهك شيء من أعراضهم، أو دمائهم، أو أموالهم بذريعة أنهم على مذهب باطل، وهم فئة ما فتئوا يتربصون بنا يمكرون، قد كنا في غفلة من هذه الحقيقة، حتى أبوا إلا التأكيد عليها بجرائمهم التي ملأت بلاد السنة.

وقد ترك السنة لإيران أن تسيطر على أقاليم وبلاد سنية، فما رأوا من وراء ذلك إلا مزيدا من الرغبة في السيطرة والاحتلال، لا يقف عند حد، فصاروا يتهددون كل دولة سنية، خصوصا المؤثر منها ذات الثقل السياسي والمال والديني كالسعودية، يتهددونها في السر والعلن.

ترك السنة لإيران أن تسيطر، لكنها ضربت أقبح الأمثلة في معاملة السنة، فقتل علي أيديهم عشرات الآلاف، صغار وشيوخا ونساءا وعزلا وضعفاء، قتلتهم الميلشيات بذريعة واحدة لاغير، هي: أنهم سنة. وأن بعضهم اسمه: عمر. والأخرى: عائشة. ولا يقتلون حين المسكنة، بل حين السيطرة، فكيف يكون حكمة أن تدع حاقدا يبتغي الفتك بك وبمن معك من أهلك وولدك بأقبح وأشد أنواع الفتك: أن تدعه يسيطر عليك، فتخضع له فتكون طوع أمره، تحت ملكه، وهو لايراك إلا عدوا مقتولا؟.

لا شيء يدعو للثقة بهم ألبتة، بل ذلك مثل الركون والثقة باليهود وأشد، فاليهود لم يجرموا في حق السنة مثلما أجرم الشيعة، فإن هؤلاء يقتلون على الهوية السنية، واليهود يقتلون من عارضهم لا غير، وانظر إلى حال المسلمين وهم في حكم اليهود، وقارن بحال السنة في حكم الشيعة في العراق وإيران، تدرك أن اليهود على مكرهم وعداوتهم، هم أهون بكثير من الشيعة.

إن هؤلاء يصدق فيهم بعض قوله:{فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضل الله فلن تجد له نصيرا* ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا}.

لا يردع هؤلاء – وكل عدو متكبر متجبر – إلا القوة، ولو أن التحالف يمد عملياته إلى مواقع أخرى تتواجد فيها الميليشيات الإيرانية كسوريا بالصيغة الملائمة، ليس بالضرورة بحرب مباشرة، فذلك كفيل وضامن بإذنه تعالى في تدمير المشروع الصفوي، فسوريا صلب المشروع، فإن سقط النظام، وآل الحكم إلى الشعب الثائر المجاهد، قطعت أوصال الصفوية، فبقي الرأس في طهران بلا جسد، ولا اتصال مع الذيل في لبنان، وقد علم الجميع أن سوريا قد ظلمت أيما ظلم، ودمرت تدميرا، ومات من أهلها وقتل أكثر من نصف مليون، وهجر حوالى عشرة ملايين، وهذه الجريمة يحتملها كلها بالتقاسم: نظام بشار الأسد، ونظام المرشد في إيران، وحزب حسن نصر الله في لبنان، وكل من شاركهم.

{وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا* الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا}.

لقد كانت عملية عاصفة الحزم حركة موفقة في الاتجاه الصحيح، وقد باركها وفرح لها جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فقد أعادت لهم الأمل في العزة والتمكين، وأزالت عنهم الإحباط واليأس، ومنذ زمن لم تجتمع الأمة على تأييد شيء وموقف حاسم، كما حصل في هذا الحادثة النازلة، ولا تكاد ترى رابطة لعلماء أو حركات إسلامية إلا وهللت وأعلنت تأييدها، والدعاء لخادم الحرمين الشريفين بالعز والتمكين، وقد تبين بهذا ريادة دولة الحرمين، كما في الدين، والاقتصاد، فكذلك في السياسة والحرب، وأنها قادرة بعون الله تعالى، ثم بأبنائها أن تكون ردءا للسنة والإسلام، فهي بحاجة إلى الدعاء، ومؤازرتها بكل ما هو ممكن؛ لأن في نصرتها وعزتها عز للإسلام وأهل السنة، وحفظا لمهبط الوحي محط هجرته صلوات الله عليه.

إنها حرب ليس من هدفها القضاء على الشيعة فضلا عن الحوثية، فنحن نعامل الأعداء بأخلاقنا ومبادئنا، مهما طغوا وعتوا، لكن هدفها تأديب المعتدين المختالين، وتعريفهم بحدودهم التي ينبغي أن يقفوا عندها، فإن تأدبوا رجعوا إلى مكانهم آمنين، لا يؤخذ أحدهم بجريرة آخر، عملا بقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وز أخرى}.
 

د.لطف الله خوجة
  • محمد صلى الله عليه وسلم
  • المرأة
  • التصوف
  • الرقاق
  • الآخر
  • معالجة
  • وصية
  • قطرة من الروح
  • الصفحة الرئيسية