اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/khojah/30.htm?print_it=1

"المرأة في المؤتمرات الدولية"؟‍!!.

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد  

د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه

 
خريطة الموضوع:
1- تفسير العنوان.
2- تقرير وتأصيل للحقوق الإنسانية.
3- تصوير لقضية حقوق المرأة.
4- مناقشة وتحليل التصوير.
5- تاريخ المؤتمرات.
6- القرارات والتوصيات.
7- تحليل ومناقشة القرارات.
8- الختام.
 



1- تفسير العنوان:
"المرأة في المؤتمرات الدولية":
- "المرأة": إنسان، هو القسم الآخر من النوع الإنساني، وهي شقيق الرجل.
- "في": حرف جر، دال على ظرف حالي.
- "المؤتمرات": جمع مؤتمر، ومعناها: المجامع التي يأتمر فيها المجتمعون؛ أي يأمر فيه بعضهم بعضا، ليجتمعوا – كلهم، أو جلّهم – على أمر واحد، في آخر المؤتمر.
- "الدولية": جمع دولة، والياء للنسبة؛ أي المجامع بصبغتها الشاملة لدول العالم: جميعها، أو جلّها.
فتفسير العنوان: حال ووضع المرأة خصوصا، دون القسم الآخر من النوع الإنساني: الرجل. في هذه التجمعات المؤتمرة، من دول شتى.. حالها بالنظر إلى الأوامر الصادرة بشأنها.
 



2- تقرير وتأصيل للحقوق الإنسانية.
أساس قضية المرأة هو: الحقوق. فالباعث لعقد المؤتمرات هو: إعطاء المرأة حقوقها.
ومسألة الحقوق، من جهة الأصل الشاملة لكل إنسان، مؤصلة ومقررة بالكيفية التالية:
- أولا: للإنسان (ذكرا، أو أنثى) حقوق ثبتت بالدين، وأخرى ثبتت بالعقل، ولا تعارض بينهما.
- ثانيا: منعه من حقوقه تلك: ظلم. وإعطاؤه إياها: عدل.
- ثالثا: إذا ظلم، فالظلم قبيح: دينا، وعقلا. فلا بد أن يزال.
- رابعا: كل وسيلة تزيله فهو فرض مطلوب.
فهذا التقرير والتأصيل العام في كل الحقوق، لكل إنسان، ذكرا أو أنثى: متفق عليه بين جميع العقلاء.
ثم إن الأول منه محل خلاف، من جهة تحديد منابع الحقوق ومصادرها، بين المتدينين وغير المتدينين !!. لكنهم جميعا متفقون على الأصل: أن للإنسان حقوقا.
 



3- تصوير لقضية حقوق المرأة.
التقرير والتأصيل الآنف بنى عليه المؤتمرون في قضية المرأة: تصورهم لما يعتبرونه مشكلة المرأة. والتصوير التالي عرض وتحليل لمقدمات القضية، ثم نتيجتها:
- أولا: المرأة لها حقوق.
- ثانيا: المرأة منعت من حقوقها، وذلك ظلم.
- ثالثا: الظلم يزال فرضا.
- رابعا: وسيلة الإزالة فرض مطلوب.
- خامسا: المؤتمرات وسيلة من وسائل الإزالة، فهي مطلوبة.
هذه المقدمات ينتج عنها:
"أن القرارات الصادرة عن هذه المؤتمرات بحق المرأة مفروضة؛ لأن بها يزال الظلم، وتنال حقوقها".
فهذه المؤتمرات قد بنيت على فرضية، هي عندهم حقيقة:

"أن المرأة ممنوعة من حقوقها".

وقد سموا منع المرأة من حقوقها: اضطهادا. وإعطاءها حقوقها: تحريرا..!!.
باعتبار أن منعها من حقوقها سببه – كما هو تعبيرهم - : القيود المفروض عليها من جهة الرجل.
والقيود إنما تزول بالتحرر منها؛ أي فكّها، والانفلات منها.
ومن هنا سميت هذه الحركة المختصة بهذا النشاط: حركة تحرير المرأة. والقضية: تحرير المرأة.
 



4- مناقشة وتحليل التصوير.
مقدمات التصوير الآنفة، لقضية حقوق المرأة: من ناحية السرد، وكون كل مقدمة مبنية على ما قبلها: مسلّم به، لا خلاف عليها؛ فترتيبها منطقي، عقلي صحيح.. فالصورة الشكلية للمقدمات، ثم نتيجتها صحيحة.
غير أن هاهنا أمرا جديرا بالتنبيه، هو:
أن تحديد مضمون المقدمة الأولى، وما يراد بها، قد يغير هذا الحكم من التسليم إلى الاعتراض والتنديد..!!.
كيف يكون ذلك ؟!.
يقال: إن المقدمة الأولى قيل فيها: المرأة لها حقوق. وهي صحيحة؛ فمن حيث المبدأ: للمرأة حقوق. وكذا: الرجل، وكذا البهائم، والنباتات، والجمادات. كل كيان قائم في هذا العالم له حقوق، بحسب منزلته، والإنسان أعظم الكائنات حقوقا لشرفه.
لكن ومع الإقرار بحقوق المرأة؛ كونها إنسانا وكيانا، إلا إن هذه الحقوق بالتأكيد ليست مطلقة، بل مقيدة. وهذا التقرير مسلّم به، لا يخالف فيه عاقل.. فلا أحد يقول: إن من حقوق المرأة تملك مال غيرها.. مثلا.
ولا نظن القائمين على مؤتمرات المرأة يجهلون هذه الحقيقة.. ومن هذه المسلّمة ننطلق لنقول:
تلك الحقوق المقيدة ما حدّها ؟، وما المصدر الذي يرجع إليه لتحديد حدودها ؟.
إن الحدود والقيود إما أن تكون دينية، أو لا دينية.. ولا ثالث، والأمر المؤكد أن الحدود التي تحد بها هذه المؤتمرات حقوق المرأة ليست دينية، لا من قريب ولا من بعيد.
هذا التأكيد مستفاد من معرفتنا باتجاه هذه المنظمة العالمية: هيئة الأمم المتحدة. التي ترعى هذه المؤتمرات؛ فإنها تقوم على المبدأ العلماني: فصل الدين عن الحياة. فقراراتها، وقرارات مؤتمراتها لا تصدر عن نصوص دينية، ولا تعتمد على أية شريعة إلهية، سواء في ذلك شريعة: الإسلام، أو اليهودية، أو النصرانية.
ثم إن القرارات نفسها خالية من أي مستند أو استدلال ديني، ويوجد في كثير من بنودها ما يعارض الدين.
فالمبدأ: "العلماني". هو المحتضن لهذه الحقوق، فما كان منها منسجما معه فهو من الحقوق، وإلا فلا.
فهل معرفتنا هذه، بعلمانية هذه القرارات، وأن الحقوق تقررت في إطار علماني: يفيد في تحديد هذه الحقوق بالتفصيل الدقيق ؟.
الجواب: ليس بعد.. فالعلمانية نظام حكم عام شامل، ينتظم فيه جميع الأفراد، والجماعات، والأديان، والمذاهب، لا يختص بجهة معينة كالمرأة، فمعرفة أن العلمانية محتضن لحقوق المرأة، لا يستفاد منه تحديد هذه الحقوق، غاية ما يستفاد الإطار العام الحقوق، مثل أنه لا يشترط فيها ألا تخالف دينا، أو عرفا، أو تقليدا.
وعليه فالحدود المفصلة لهذه الحقوق، والمصدر والمنبع الممد لها، لم يزل بحاجة إلى توضيح وتعريف..؟!!.
وهذا ما سنفعله:

* * *

عند دراسة دساتير ومواثيق الأمم المتحدة وقرارات مؤتمراتها المتعلقة بالمرأة، نلحظ شيئا لافتاً..؟!!:
نلحظ أنها تتوافق وتتطابق مع نظرة الغرب إلى حقوق المرأة، في الناحية النظرية تفصيلا، والتطبيقية جملة.
والفكرة الغربية لحقوق المرأة مبناها على المبدأ: الليبرالي. ومعناه: الحرية. وفي تعريفه يقولون:
- " التخلص من التسلط الخارجي: الدين، المجتمع، القبيلة، الأسرة. وطاعة قوانين النفس وأحكامها".
فهذا المبدأ يتوافق كليا مع المبدأ العلماني، فكلاهما يرفض الخضوع للدين.
فحقوق المرأة تحد بحدود الحرية، فكل ما كان من حرية المرأة، فهو من حقوقها، كالرجل..
والمرأة في المفهوم الغربي: لها الحق أن تفعل ما تشاء، تهب نفسها لمن تشاء، تتزوج من تشاء، حتى لو أنثى مثلها، وأن تجهض حملها، وتمارس الحياة الجنسية منذ فترة مبكرة، وأن تتساوى مع الرجل في كافة الحقوق، دون تمييز بأي شكل من الأشكال.. وهكذا، وكل ذلك تحت قانون الحرية.
فهكذا هي حدود حقوق المرأة في هذه القرارات الأممية..!!.

وهنا ملاحظات:
أولا: اختلاف النتيجة باختلاف صورة القضية.
يقال هنا: على هذه الحقوق بنيت صورة المعادلة فكانت كالتالي:
- هذه الحقوق - في الإطار العلماني، والأساس الليبرالي - : هي حقوق المرأة.
- ومنعها من هذه الحقوق ظلم، وإزالة الظلم فرض مطلوب، ووسيلة الإزالة مطلوبة، والمؤتمرات وسيلة.
- فقراراتها الجارية في إطار علماني وأساس ليبرالي إذن: مُلزِمة؛ لأن بها يزال الظلم.
هكذا هي قضية المرأة.. عند من يؤمن بالمبدأين العلماني والليبرالي..!!.
لكن ما حال من لم يؤمن بهما ؟!.
من قَبِل بالحقوق في هذا الإطار وهذا البناء: هو الذي يقبل القرارات الصادرة وفق هذه الأسس..
لكن من لم يقبل فلا يلزمه أن يقبل تلك القرارات، وتنهار صورة المسالة عنده حينئذ:
- فلا يكون منع المرأة من الحرية اللبيرالية، في الإطار العلماني: مصادرة لحقوقها.
- ومن ثم فلا ظلم عليها في هذا النوع من المنع.
- وعليه فلا حاجة لإزالة شيء غير موجود، ولا لاتخاذ الوسائل، ولا عقد المؤتمرات، ولا إصدار القرارات في إطار علماني ليبرالي.
ذلك لأن صورة الحقوق هذه غير متفق عليها، ومثل هذه المؤتمرات لا بد أن تتبنى قرارا يحوي رأي الجميع، ويأخذ خياراتهم بعين الاعتبار؛ كونها تقع تحت رعاية الأمم المتحدة، الممثلة لجميع شعوب العالم، والتي ينبغي لها أن تكون إلى جانب كل الدول وسيادتها، تحميها من الانتهاك، أو التدخل في شؤونها ؟!!.

ثانيا: هل يصح تعميم المشكلة الخاصة ؟.
قد تبين أن هذه القرارات بنيت على المبدأ العلماني كإطار عام للحقوق، وعلى المبدأ الليبرالي كصور وأشكال لهذه الحقوق.
وهذه المبادئ غربية بحتة، وأفكار نتجت في بيئة كان لها ظرفها الخاصة، ليس بالضرورة أن تكون البيئات والمجتمعات الأخرى مرت بالظرف ذاته.
فلو فرض جدلا أنها مبادئ صالحة لبيئة مثل أوربا وأمريكا.. فهل لا بد من صلاحها لغيرها ؟!.
هل من الضرورة أن تكون ملائمة لكافة دول العالم، وشعوب العالم ؟!.
كثير من هذه الدول لم تمر بما مرت بها أوربا، ولم تعان ظروفها كظروف أوربا، فكيف تلزم بأن تنتهج ذات النهج، وتسلك ذات السبيل ؟!.

ثالثا: أين احترام المبدأ، أم هو الإرهاب ؟!.
إن الغرب والأمم المتحدة نفسها ما فئت ترفع شعار:
احترام الآخر، وقبول الآخر، وعدم إقصاء الآخر، وعدم إلغاء الآخر.. إلخ.
لكن أليست هذه الهيئة نفسها تمارس: احتقار الآخر، ورفض الآخر، وإقصاء الآخر، وإلغاء الآخر..!!. حينما تفرض قرارات مؤتمراتها المصوغة سلفا، على شعوب العالم، وهذه الشعوب فيها ثقافات وقناعات مختلفة، وهي ملتئمة تماما مع نفسها متوافقة، ليس لديها المشكلات التي لدى الغرب، والنساء فيها ليس لديهن من المشكلات، كتلك التي تؤرق المرأة الغربية ؟!.
أليست هذه الهيئة تناقض نفسها ؟!!..
يوما تظهر بصورة المثالي، المحترم لإرادة الشعوب، الرافض قسرها وإجبارها على ما لا تريد.
ويوما تقول: ما أريكم إلا ما أرى !!.
وهذا ما هو معمول به الآن، ولا يُدرى ماذا يكون غدا ؟!.
ربما ستفرض على الدول الممتنعة، من العمل بالقرارات المختصة بالمرأة، عقوبات اقتصادية، وحصارا دوليا..
أو ربما جرت كبرى الدول جيوشها؛ لتأديب الممتنعين، وإخضاعهم بالقوة والإرهاب لتفعيل القرارات؟!.
لا ندري كل ذلك وارد، غير ممتنع من جهة: العقل، والواقع ..!!.
فهذه المؤتمرات تقوم فكرتها على: أن ما يصدر عنها من قرارات فهي ملزمة لكافة الدول. والقائمون عليها يسعون لتحقيق هذا الهدف، بالاستعانة بالدول الكبرى للضغط على الدول الضعيفة في هذا الاتجاه.

وأمام هذه الأمور نتساءل:
- هل هذه حكومة عالمية، تحكم جميع الدول والشعوب، فتأمر بما تشاء ؟.
- هل انتفت سيادة الحكومات والشعوب على دولها، فصارت تحكم من قبل هؤلاء المؤتمرين ؟.
- أين حرية الشعوب في اختيار مصيرها ؟، لم يفرض عليها قرارات لم تصنعها، ولم تطالب بها ؟.
- أليس من بنود هيئة الأمم المتحدة: أن كل دولة لها سيادة كاملة على حدودها وشعوبها، ولا يصح لأخرى أن تنتهك سيادتها تلك ؟، فإذا فرضت عليها هذه القرارات أو تلك: فأين هي سيادتها ؟.
الواضح أن مثل هذه المؤتمرات، التي تتم تحت رعاية الأمم المتحدة: تضع العين على مصداقية هذه المنظمة. فبدل أن تكون نصيرة وعونا للشعوب الضعيفة، هاهي عون للدول الكبرى، تنفذ سياستها، وتكون الجلاد والعصا لإخضاع الدول والشعوب، والتدخل في شؤونها.

يقولون:
ثمة انتهاك وظلم للإنسان والمرأة، هنا وهناك، يجب أن يزال، وهيئة الأمم معنية بتحقيق العدل.
ويقال: نعم.. الظلم غير مقبول، والمسألة ليست في هذه، إنما في تفسير الظلم والانتهاك: ما هو ؟.
فهذه المؤتمرات تفرض رؤيتها، فما تعده ظلما فهو ظلم، والعدل هو ما تراه. وبذلك تجعل الشيء ظلما، وقد يكون عند غيرها عدلا. وتجعل الشيء عدلا، وقد يكون عند غيرها ظلما..!!.
نعم، هناك نوع من الظلم، يتفق الجميع على كونه ظلما. كالإيذاء الجسدي، والاغتصاب.
لكن هناك أمورا هي في عيون المؤتمرين ظلم، ليست كذلك عند شعوب العالم إلا الشذاذ، مثل المنع من زواج الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة..!!.
السعي في فرض هذه القرارات على الشعوب، ينافي الميثاق العام أن: الشعوب لها الحق في اختيار طريقها. والدول الكبرى لا تسمع، ولا تسمح لدول أخرى أن تتدخل بفرض القوانين عليها، في أي مجال: اجتماعي، أو سياسي، أو ثقافي، أو اقتصادي. فلا حق لها إذن أن تفرض إرادتها على غيرها.
وإذا جاز لهذه الدول الكبرى أن تتدخل في الدول الأخرى بتغيير قوانينها، وامتثالها لقرارات هذه المؤتمرات: فمن الجائز أن تتدخل هذه الأخرى في شؤونها لتغيير قوانينها، فكما أن هذه تتحفظ على قوانين بعض الدول، كذلك تلك الدول تتحفظ على جملة من قوانينها، ولو كانت دولة كبرى.!!.
والواقع أن هذا الإلزام بالمثل من الأماني التي لا تتحقق إلا بشروط، فما دامت هذه الدول ضعيفة ذليلة، فما لها إلا الخضوع والخنوع، ولن تفكر يوما في فرض إرادتها على الدول الكبرى، إلا إن انسلخت من ذلتها، ولبست ثوب العزة، ولن يضرها بعدئذ ضعفها، أمام قوة أكبر منها..!!.

* * *

هذه محاكمة إلى قانون الغرب نفسه، وقانون الهيئة نفسها، من فمهم ندينهم.. لم نحاكمهم إلى دين، ولا إلى شريعة، ما حاكمناهم إلا إلى ما يدينون به: إلى المبدأ العلماني، والليبرالي.
فالعلمانية كما يقررونها مذهب يقوم على الحياد إزاء كل الأديان، والمذاهب، والأجناس؛ أي يترك لكل أهل ملة الحرية في التدين بما شاءوا.. لكن هؤلاء انقلبوا على دينهم ومذهبهم هذا، فصاروا منحازين إلى فئة، يبتغون حمل كافة الفئات على مذهب واحد.
والليبرالية تقرر الحرية، حرية أن يختار المرء ما يشاء، وأن ما يختاره الإنسان لنفسه هو الأحسن، ولو كان عند غيره هو الأسوء.. لكنهم انقلبوا على مذهبهم هذا، لما جعلوا من خيارهم هو الأمثل والأحسن، وأنه ينبغي أن يكون الناس على المثال الذي صنعوه.
فهذا هو الاعتراض على صورة القضية لديهم، وهذا ملخصه:
- أن حقوق المرأة – في هذه المؤتمرات - نابعة من مذهب لا ديني، هو العلمانية.
- أن حقوق المرأة تسير وفق النهج الليبرالي، دون اعتبار لأحكام: دين، أو مجتمع، أو أو أسرة.
- أن المؤتمرين حينما يفرضون قراراتهم على الشعوب كافة، مستخدمين في ذلك سلطان الدول الكبرى، فإنهم يرتدون عن مبادئ العلمانية والليبرالية نفسها، ويمارسون ما ينهون عنه من إقصاء وإلغاء الآخر.
 



6- تاريخ المؤتمرات.
كل المؤتمرات تمت برعاية من هيئة الأمم المتحدة، أو لجان تابعة لها..!!.
فقد بدأ اهتمام الهيئة بالمرأة منذ عام ستة وأربعين وتسعمائة وألف للميلاد (1365هـ)؛ أي بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، وفي المواد الأولى لدستور الهيئة وميثاقها، الذي كتب في سان فرانسيسكو عام خمسة وأربعين وتسعمائة وألف للميلاد (16/7/1364، 26/6/1945): التأكيد على مبدأ المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق. وهذه قضية لازالت الهيئة تؤكد عليها، في اتفاقياتها، ومؤتمراتها.

واللجان التابعة للهيئة المعنية بالمرأة هي:
1- لجنة مركز المرأة.
2- صندوق الأمم المتحدة للسكان.
3- صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة.
4- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
5- المعهد الدولي للبحث والتدريب من أجل النهوض بالمرأة.
6- جامعة الأمم المتحدة.
7- معهد الأمم المتحدة لبحوث التنمية الاجتماعية.
8- اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة.
9- منظمة الأمم المتحدة للطفولة.
10- منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة.
وغيرها..

أما المؤتمرات الخاصة بالمرأة، المنعقدة تحت رعاية هذه الهيئة، فهي من حيث الترتيب الزمني كالتالي:
1- مؤتمر مكسيكو ستي لعقد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة، والتنمية، والسلم. عقد عام 1975م/1395. واعتبر ذلك العام: العام العالمي للمرأة. واعتمد فيه أول خطة عالمية متعلقة بوضع المرأة.
2- في عام 1399هـ – 1979م عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤتمراً تحت شعار (القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة) وخرج المؤتمرون باتفاقية تتضمن ثلاثين مادة وردت في ستة أجزاء، للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وجاءت هذه الاتفاقية لأول مرة بصيغة ملزمة قانونياً للدول التي توافق عليها، إما بتصديقها أو بالانضمام إليها. وقد بلغ عدد الدول التي انضمت إلى هذه الاتفاقية مائة وثلاثاً وثلاثين دولة، إلى ما قبل مؤتمر بكين عام 1995م.
3- في عام 1400هـ –1980م عقدت الأمم المتحدة (المؤتمر العالمي لعقد الأمم المتحدة للمرأة : المساواة والتنمية والسلم) وهو المؤتمر الثاني الخاص بالمرأة؛ وذلك لاستعراض وتقويم التقدم المحرز في تنفيذ توصيات المؤتمر العالمي الأول للسنة الدولية للمرأة والذي عقد عام 1395هـ - 1975م في المكسيك، ولتعديل البرامج المتعلقة بالنصف الثاني من العقد الأممي للمرأة، مع التركيز على الموضوع الفرعي للمؤتمر: العمالة والصحة والتعليم.
4- في عام 1405هـ – 1985م عقد (المؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات عقد الأمم المتحدة للمرأة : المساواة والتنمية والسلم) في (نيروبي) بكينيا – المؤتمر الثالث الخاص بالمرأة – الذي عرف باسم (إستراتيجيات نيروبي المرتقبة للنهوض بالمرأة) وذلك من عام 1406-1420هـ/ 1986حتى عام 2000م.
5- في عام 1416هـ – 1995م عقدت الأمم المتحدة (المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة)، في (بكين) بالصين. وقد دعت فيه إلى مضاعفة الجهود والإجراءات الرامية إلى تحقيق أهداف استراتيجيات نيروبي التطلعية للنهوض بالمرأة بنهاية القرن الحالي.

بالإضافة إلى هذه المؤتمرات الخاصة بالمرأة فهناك مؤتمرات أقامتها الأمم المتحدة خاصة بالسكان، إلا أنها ناقشت - من ضمن وثائقها - قضايا متعلقة بالمرأة، هي:
1- في عام 1394هـ – 1974م أقيم المؤتمر العالمي الأول للسكان (بوخارست – رومانيا)، وقد اعتمدت في هذا المؤتمر خطة عمل عالمية.
2- في عام 1404هـ – 1984م أقيم المؤتمر الدولي المعني بالسكان) في (مكسيكو سيتي – بالمكسيك).
3- في عام 1415هـ – 1994م أقيم المؤتمر الدولي للسكان والتنمية) في (القاهرة) بمصر.
كما أقيمت مؤتمرات أخرى للأمم المتحدة نوقشت فيها بعض قضايا المرأة، من هذه المؤتمرات:
1- المؤتمر العالمي لتوفير التعليم للجميع، والمنعقد في (جومتيان-تايلند) عام 1410هـ –1990م.
2- مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل، والمنعقد في (نيويورك – الولايات المتحدة الأمريكية) عام 1410هـ – 1990م.
3- المؤتمر العالمي للبيئة والتنمية، والمنعقد في (ريودي جانيرو-البرازيل) عام 1412هـ – 1992م.
4- المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في (فينا – النمسا)، أو ما يسمى إعلان وبرنامج عمل فينا، عام 1413هـ – 1993م. وطالب هذا المؤتمر الأمم المتحدة بالتصديق العالمي من قبل جميع الدول على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بحلول عام 1420هـ –2000م.
5- إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد النساء، وذلك في عام 1413هـ – 1993م.
6- مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية، الذي أقيم في (كوبنهاجن – الدنمارك) عام 1415هـ – 1995م.
7- مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل الثاني )، الذي انعقد في (إستنبول – تركيا) عام 1416هـ – 1996م.
8- مؤتمر الأمم المتحدة للمرأة عام (1420هـ -2000م) المساواة والتنمية والسلام في القرن الحادي والعشرين، الذي انعقد في (نيويورك – الولايات المتحدة الأمريكية). ويعتبر أهم هدف في هذا المؤتمر هو: الوصول إلى صيغة نهائية ملزمة للدول، بخصوص القضايا المطروحة على أجندة هذا المؤتمر، التي صدرت بحقها توصيات ومقررات في المؤتمرات الدولية السابقة، تحت إشراف الأمم المتحدة.

ولأهمية هذا المؤتمر - وتعويل التيار النسوي العالمي عليه –؛ فقد أقيمت عدة مؤتمرات إقليمية لمتابعة توصيات مؤتمر بكين، والتمهيد لهذا المؤتمر المسمى: (( المؤتمر التنسيقي الدولي للنظر في نتائج وتطبيق قرارات المؤتمرات الأممية للمرأة)).
ومن هذه المؤتمرات الإقليمية:
1- اجتماع في نيويورك في شهر مارس عام 2000م، تحت شعار [ بكين +5] (إشارة إلى السنوات الخمس التي مضت على مؤتمر بكين)، جرت في هذا الاجتماع محاولة لإدخال تعديلات على وثيقة مؤتمر بكين.
2- المؤتمر النسائي الإفريقي السادس في نوفمبر 1999م في أديس أبابا، نظمه المركز الأفريقي التابع للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية.
3- مؤتمر – شبيه لما سبق – في عمان بالأردن، وفي بيروت، وذلك في أواخر عام (1420هـ -1999م)، نظمته اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا، التابعة للأمم المتحدة.
وهكذا يظهر - بوضوح - اهتمام الأمم المتحدة القوي بالمرأة وقضاياها، من خلال هذا العدد الهائل من الاتفاقيات والمؤتمرات العالمية التي تقيمها، وتشرف على صياغة وثائقها عبر المنظمات والوكالات التابعة لها.
   [ انظر: العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية. فؤاد العبد الكريم]
 



7- القرارات والتوصيات.
ليس ما يؤخذ على هذه القرارات ينحصر في مخالفته لصريح الدين الإسلامي، وكافة الأديان؛ فإن فيها بنودا تعد انقلابا على ثقافات كافة الشعوب، منذ بدء التاريخ الإنساني..!!.
إنهم يبتغون تغيير وجه العلاقة بين الجنسين كليا.. بعد أن غيروه جزئيا، وأدخلوا على الشعوب أخلاقا وثقافات لم تعرف إلا في المجتمعات البدائية، الجاهلة بكل أنواع العلوم، والآداب، والأذواق، التي كانت تتمتع بها المجتمعات المتحضرة.
فهي توجهات تخالف: الفكر الإنساني، والطبيعة الإنسانية، والتاريخ الإنساني.
فمشكلتهم ليست مع المسلمين، ولا الإسلام، إنما مع كل العقلاء وأصحاب الفكر السليم في شعوب العالم.
وهذه جملة من هذه القرارات، ليست على سبيل التتبع، وإنما قلنا: قرارات؛ كونها ليست مجرد توصيات، بل صيغت لتنفذ، ولو بالضغط، وربما الحرب مستقبلا ؟!!..:

* * *

1- في تقرير المؤتمر الدولي للسكان، في مكسيكو سيتي (1984-1404):
"ينبغي أن تكون السياسات الأسرية - التي تعتمدها، أو تشجعها الحكومات – حساسة؛ للحاجة إلى ما يلي:
- تقديم الدعم المالي، أو أي دعم آخر إلى الوالدين – بما في ذلك الوالد غير المتزوج، أو الوالدة غير المتزوجة خلال الفترات التي تسبق أو تلي ميلاد الطفل…
- مساعدة الزوجين والوالدين الشُبّان – بما في ذلك الوالد غير المتزوج، أو الوالدة غير المتزوجة – في الحصول على سكن مناسب".
- "تعترف خطة العمل العالمية للسكان بالأسرة – بأشكالها المتعددة – باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع، وتوصي بإعطائها حماية قانونية، والأسرة مرت – ولا تزال تمر – بتغيرات أساسية في بنيتها ووظيفتها".
- "ينبغي أن تبذل الحكومات المعنية جهودا لرفع سن الزواج في البلدان التي ما زال سن الزواج فيها منخفضة جدا".
- "تشجيع التثقيف المجتمعي؛ بغية تغيير المواقف الحضارية التي تقرر الحمل في سن مبكرة، اعترافا بأن حدوث الحمل لدى المراهقات – سواء كن متزوجات أم غير متزوجات – له آثار ضارة على معدل تفشي الأمراض والوفيات بين الأمهات والأطفال على السواء".

* * *

2- في تقرير المؤتمر العالمي للمرأة في كوبنهاجن (1400هـ- 1980):
- "ينبغي الإسهام في إحداث تغيير في المواقف بالقضاء على الأنماط التقليدية لدوري الرجل والمرأة، والعمل على خلق صور جديدة أكثر إيجابية عن مشاركة المرأة في الأسرة وسوق العمل، وفي الحياة الاجتماعية والعامة".
- "فحص المناهج والمواد التعليمية؛ بغية إزالة ما قد يكون فيها من تحيز جنسي، وإزالة الصورة التقليدية لأدوار الفتيات والنساء، والعمل على إيجاد موارد ومواد للمناهج التي لا تميز بين الجنسين".
- "تعزيز سبل وصول الفتيات إلى المهن التي يسيطر عليها الذكور في العادة".
- "تفسر المساواة هنا: على أنها لا تعني فقط المساواة القانونية، والقضاء على التمييز القانوني، ولكنها تعني أيضا المساواة في الحقوق، والمسؤوليات، والفرص المتعلقة بإشراك المرأة في التنمية".
- "توفير المساعدة اللازمة لإقامة تعليم مختلط، متى كان ذلك ممكنا، وتوفير معلمين مدربين من كلا الجنسين".

* * *

3- في تقرير المؤتمر الدولي للسكان والتنمية في القاهرة (1415هـ-1994):
- "ينبغي أن تقوم الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، والقطاع الخاص بالاستثمار في جميع جوانب الصحة الإنجابية، بما في ذلك تنظيم الأسرة، والصحة الجنسية، وتعزيز ذلك ورصده وتقييمه".
- "إن من الأمور الأساسية تحسين الاتصال بين الرجل والمرأة، فيما يتعلق بقضايا الحياة الجنسية والصحة الإنجابية".
- "تشجيع التطوير المناسب للحياة الجنسية المسؤولة، بما يسمح بوجود علاقات المساواة والاحترام المتبادل بين الجنسين، ويسهم في تحسين نوعية حياة الأفراد".
- "ينبغي العمل على إتاحة الرفالات والعقاقير للوقاية من الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، وتوفيرها على نطاق واسع، وبأسعار متهاودة، مع إدراجها في جميع قوائم العقاقير الأساسية".
- "منع حالات الحمل غير المرغوب فيه".
- "ينبغي للمجتمع الدولي أن يتحرك من أجل توريد وسائل منع الحمل".
- "المراهقات اللاتي يحملن يحتجن إلى دعم خاص من أسرهن ومجتمعهن المحلي، خلال فترة الحمل ورعاية الطفولة المبكرة".
- "توجد أشكال مختلفة للأسرة تبعا لاختلاف النظم الثقافية، والسياسية، والاجتماعية".
- "اشتراك المرأة اشتراكا كاملا، وعلى قدم المساواة في الحياة: المدنية، والثقافية، والاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية. على كل من الصعيدين الوطني، والإقليمي، والدولي. وإزالة جميع أشكال التمييز على أساس الجنس، هما من الأهداف التي تحظى بالأولوية لدى المجتمع الدولي".
- "ينبغي إزالة أوجه الجور والحواجز القائمة، التي تقف أمام المرأة في مكان العمل".

* * *

4- في تقرير المؤتمر العالمي للمرأة في بكين (1416هـ-1995):
- "محدودية ما يتمتع به كثير من النساء من سلطان على حياتهن الجنسية والإنجابية، والافتقار إلى التأثير في عملية صنع القرار، هي من الحقائق الاجتماعية التي تترك أثرا معاكسا على صحة المرأة".
- "المواقف السلبية تجاه المرأة أو الفتاة، والقدر المحدود من سيطرة كثير من النساء والفتيات على حياتهن الجنسية والإنجابية".
- "للمرأة حقها في أن تتحكم، وأن تبت بحرية ومسؤولية، في المسائل المتصلة بحياتها الجنسية".
- "توجد أشكال مختلفة للأسر في النظم الثقافية، والسياسية، والاجتماعية المختلفة".
- "وضع سياسات في مجال التعليم تتناول – في جملة أمور – تغيير الاتجاهات التي تعزز تقسيم العمل على أساس نوع الجنس، بغية تعزيز مفهوم اقتسام المسؤوليات الأسرية في العمل، وفي المنزل".
- "ينبغي تعزيز الاستقلال الاقتصادي للمرأة، بما في ذلك توفير فرص العمل لها".
- "سنّ وتعزيز القوانين التي تقر بتكافؤ الفرص، واتخاذ إجراءات إيجابية في هذا الشأن، وضمان الامتثال لها من جانب القطاعين العام والخاص، باتباع أساليب مختلفة".
- "بلوغ الهدف المشترك، المتمثل في تحقيق المساواة بين الجنسين، في جميع أنحاء العالم".
- "تعزيز المشاركة الكاملة، والمتساوية للبنات في الأنشطة غير المدرسية، مثل الألعاب الرياضية، والأنشطة المسرحية، والثقافية".

* * *

5- في تقرير المؤتمر العالمي للمرأة في نيروبي (1405هـ-1985):
- "وتسليما بأن الحمل الذي يحدث للمراهقات – سواء المتزوجات منهن أو غير المتزوجات – لها آثار معاكسة، بالنسبة لأمراض الأم والطفل ووفياتهما، يهاب بالحكومات أن تضع سياسات لتشجيع التأخير في إنجاب الطفل".
- "هناك حاجة إلى استبعاد عبارات مثل (رب الأسرة)، وإدخال عبارات أخرى على درجة من الشمول تكفي للتعبير عن دور المرأة – على نحو مناسب – في الوثائق القانونية، ضمانا لحقوقها".
- "على الحكومات أن تشجع المشاركة الكاملة للمرأة، في مجموع المهن، خاصة في الميادين التي كانت تعتبر – فيما سبق- وقفا على الرجال؛ بغية تحطيم الحواجز والمحظورات المهنية. وينبغي ورضع برامج لتحقيق المساواة في العمالة؛ من أجل إشراك المرأة في جميع الأنشطة الاقتصادية على قدم المساواة مع الرجل".
- "ينبغي أن تزال إزالة تامة العقبات التي تعترض تحقيق المساواة بالنسبة للمرأة، التي تتسبب فيها القوالب النمطية الجامدة، والتصورات والمواقف تجاه المرأة، وتتطلب إزالة هذه الحواجز، بالإضافة إلى التشريع".
- "ينبغي تشجيع الأخذ بطرائق جديدة في التعليم؛ للتدليل – بوضوح – على المساواة بين الجنسين. كما يجب أن تكون البرامج، والمناهج الدراسية، ومستويات التعليم، والتدريب واحدة بالنسبة للذكور والإناث".

[ العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية. فؤاد العبد الكريم]
 



8- تحليل ومناقشة القرارات.
تلخص تلك القرارات فيما يلي:
1- المساواة بين المرأة والرجل مساواة كلية، في كافة الحقوق. وهذا البند عامل مشترك في جميع القرارات الصادرة من هذه المؤتمرات، منذ البدايات.
2- مطالبة الدول بإقرار الحرية الجنسية لغير المتزوجين، من الجنسين، حتى الصغار من المراهقين والمراهقات، وبتقديم الرعاية لهم، في الوقاية، والصحة، والسكن، ودعوة الأسر باحتضانهم.
3- في الوقت نفسه: مطالبة الحكومات برفع سن الزواج..؟!!!.
4- إباحة الشذوذ الجنسي وهو: زواج الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة. تحت مسمى "الأشكال المختلفة للأسرة"، ويدخل تحت هذا المسمى أيضا الأسرة من رجل وامرأة لا تربطهما علاقة شرعية.
5- إلغاء مفهوم "رب الأسرة"، بما يعني إلغاء قوامة الرجل على المرأة.
6- الدعوة إلى الاختلاط بين الجنسين في الأعمال وغير ذلك.
7- وضع سياسات لتغيير الاتجاهات التي تعزز تقسيم العمل على أساس الجنس.
8- تغيير المناهج التعليمية، وإيجاد مناهج لا تميز بين الجنسين.
9- تسخير وسائل الإعلام والمناهج التعليمية لتثقيف المجتمع بالنواحي الجنسية، والمساواة.
ولن نناقش في هذه المحاولة، سوى المسائل التي تلتبس على بعض الناس، مثل: المساواة، ورب الأسرة، والاختلاط. أما الشذوذ، والحرية الجنسية، فهي انحرافات جلية.

* * *

- أولا: المساواة:
جاء في مؤتمر بكين: "بلوغ الهدف المشترك، المتمثل في تحقيق المساواة بين الجنسين، في جميع أنحاء العالم".
----
أول استعمال لهذا المبدأ حدث في شعار الثورة الفرنسية: حرية، إخاء، مساواة.
حينها كان أمنية تمناها جميع من عانى من: الأنظمة الملكية الدكتاتورية، والسلطة البابوية، والاضطهاد الإقطاعي. حيث حرمت شعوب أوربا من أبسط حقوقها، التي استأثر بها جمع من المتسلطين.
كان الشعار جميلا، لكن أحدا لم ينفذ إلى العمق، ليدرك كنهه وماهيته..!!.
لم يسأل أحد: في أي شيء تكون المساواة ؟:
أمساواة بين العالم والجاهل ؟، أمساواة بين المجتهد والكسول ؟، أمساواة بين العامل والعاطل ؟.
أم مساواة بين الناس في الحقوق العامة الأساسية: كالسكن، والعمل، والتعليم، وإبداء الرأي ؟.
قدر من المساواة مطلوب، لا شك.. هي التي لا تصلح حياة الإنسان وكرامته من دونها.
فأما المساواة المطلقة فظلم ظاهر: ظلم أن يساوى في المكافأة بين العامل والمهمل، والعالم والعامي. لكن ذلك الشعار لم يفصل، ولم يبين حدود المساواة، بل أطلق، ليبقى محل الجدل والتوهم، والاستعمال السيء إذا لزم.
ولما أرادت الشيوعية المساواة بين الناس في ذلك: كان من نتيجتها تراجع الإنتاج، وضعف الاقتصاد. فأي شيء يغري الإنسان في العمل الجاد، إذا كان ما يعطاه في الآخر، هو ما يعطاه المتواني في عمل ؟!.
ولو عدنا إلى المساواة بين الرجل والمرأة: نجد التضليل ذاته يعاد ويكرر هنا..!!.
فكيف يساوى مساواة مطلقة، بين اثنين مختلفين في الجنس، ولو اتفقا في النوع ؟!.
هذا شيء يخالف: الخلقة، والجبلة، والفطرة، والعقل، والدين..!!.
المرأة في شكلها، وتكوينها، وروحها، وعقلها شيء آخر غير الرجل.. والوظائف تختلف تبعا لذلك؛ ولذا نرى المرأة لا تقوى على كثير من أعمال الرجل، خاصة الشاقة منها.
ونحن نتحدث عن مساواة مطلقة، هي التي تدعو إليها هذه القرارات. أما المقيدة، فقد تقدم أن قدرا من المساواة مطلوب، تلك التي تكون في الحقوق العامة، التي لا تصلح حياة الإنسان وكرامته إلا بها.
وفي المساواة المطلقة انتهاك لحياة المرأة وكرامتها؛ فعندما تطالب المرأة أن تكون رجلا، فهذا انتهاك ظاهر لأنوثتها، الذي تعتز بها، وليس من امرأة إلا وتعتز بأنوثتها، وليس في أمانيها أن تصبح رجلا.
فالمطالبة بمساواتها المطلقة بالرجل لا يكون إلا بأحد أمرين:
- إما أن تترك أنوثتها، لتكون ذكرا حقيقة لا مجازا، وهذا مستحيل.
- وإما أن يترك الرجل رجولته، ليكون أثنى حقيقة لا مجازا، وهذا مستحيل أيضا، وهم لا يدعون إليه.
نعم.. هذه القرارات تطلب من المرأة أن تكون رجلا، والدليل:
- أنها تقرر أن المرأة لها أن تعمل نفس عمل الرجل، وفي أعماله أشياء لا تطيقها المرأة، إلا أن تكون رجلا
- أنها تقرر سلب قوامة الرجل عليها، لتكون شريكا له، وفي هذا مساواته بالرجل.
- هذه القرارات تخرج المرأة من طبيعتها، ولا تخرج الرجل من طبيعته، لم تطلب من الرجل أن يدع عمله، واختصاصه، بل طلبت من المرأة أن تدع عملها، واختصاصها، لتتولى مهام مثل مهام الرجل، بغير فرق.
وأكبر دليل على استحالة حصول هذه المساواة بهذا المفهوم المقرر:
أن الغرب أول من دعا لمثل هذا المفهوم، منذ ما يزيد على القرنين، من حين بدء الثورة الصناعية، وإلى اليوم لم تنل المرأة الغربية القدر المطلوب الحسن من هذه المساواة، دع عنك المطلقة منها، فعلى سبيل المثال:
- أجرها على النصف والثلث من أجر الرجل، وهي تقوم بالعمل نفسه الذي يقوم به للرجل.
ومثل هذا الظلم لا يوجد في كثير من البلدان، خاصة الإسلامية، التي تحصل فيها المرأة على كامل حقوقها المالية، مثل الرجل بلا فرق.
حقيقة الأمر: أن الدعوة إلى حقوق المرأة ومساواتها بالرجل لم يكن الغرض منه سوى:
- رفع قوامة الرجل عنها.
- وأن تمنح حريتها الجنسية، لتتمتع بجسدها وتمتع من شاءت.
- تحت حماية القانون، ورقابته.
- هذا هو الغرض.. لا غير.
ولا أدل على هذا من التركيز الشديد على مسألة الجنس، والحرية الجنسية للمرأة، في كافة المؤتمرات، وكثير من البنود والقرارات، فكثرتها ملفتة للنظر، يعطي دليلا على أن الغاية كلها تدور حول الجنس.
ولأن هذا هو الباعث للبحث في حقوق المرأة، فإن الغرب أكد ودلل على أن هذا هو هدفه وغايته؛ لما منح المرأة هذا الحق، كما هو تعبيرهم، ثم حرموها من الحقوق الأخرى، وفيها ما هو حق لها حقيقة، كمساواتها بالرجل في الأجور، وفيها ما هو من دعاواهم، كحقها في الترشح، والوزارة، والرئاسة، والقضاء، والمناصب العليا، والقيادات:
- فلو ذهبت تحصي عدد رؤساء الدول من النساء مدة قرن وزيادة، ما وجدت إلا واحدة أو اثنتين.
- أو وزيرات، ما وجدت شيئا يستحق الذكر.
- أو جنرالات حرب، وقادة عسكريين من النساء، لم تجد شيئا ذا بال.
- أو قاضيات، فأعداد لا تتناسب مع النسب النسوية.
ما وجدت إلا: سكرتيرات، عاملات نظافة، نادلات، بائعات هوى، بغايا، فتيات دعاية وإعلان، عارضات أزياء، ممثلات، مغنيات، كانسات للطرق، عاملات في المحطات، ممرضات، حاضنات، بائعات.
كلها أعمال متدنية، ليست راقية، ولا بأعمال وعدت بها المرأة، لما نودي بمساواتها بالرجل..!!.
فهل ظلمها الغرب، أو احتال عليها، أو نسي وعوده ؟!.
كل ذلك جائز، لكن الحقيقة أن المرأة نفسها لم تخلق لما كانوا يدعون إليه، ولو خلقت لمثل ذلك، لكسرت كل العوائق، ووصلت بكثافة نسائية إلى كل تلك المناصب التي حرمت منها، كما وصلت إلى ما دونها.!!.
الغرب أكبر شاهد على فساد هذه المؤتمرات وقراراتها:
- شاهد بأن شعار حقوق المرأة، لن يعطي المرأة إلا الحرية الجنسية، والتخلص من قوامة أبيها الشفيق، لتكون تحت قوامة كل عشيق، وكل محتال.
- شاهد بأن المرأة لن تصل إلى ما قيل لها أنها تصل إليه: إلى المساواة بالرجل.
- شاهد أنها ستشقى، وتخسر حنان البيت والأسرة، والأولاد، والأبوين، والإخوة والأخوات، لتعيش في غربة موحشة، وحياة فردية ليس فيها أنيس.
- شاهد أنها لن تجني من الحقوق إلا: الاغتصاب، والنصب، والاحتيال، وبيع الجسد، والتقوت بالشرف.
وهاهي هذه المؤتمرات تعيد الكرة من جديد، وهاهم الأوفياء لها يسعون في الأرض بهذه القرارات، لتنفذ، وهانحن نراها تسري بيننا كالسرطان، لا طبيب قادر على إيقافها، ولا دواء يمكن به علاجها..!!.

* * *

- ثانيا: رب الأسرة.
جاء في مؤتمر نيروبي: "هناك حاجة إلى استبعاد عبارات مثل (رب الأسرة)".
----
في هذا العالم: لا يوجد مجتمع صغير أم كبير إلا وله: رئيس ومرؤوس.. مدير وموظفون.. ملك ورعية.. حاكم ومحكومون. من: المدرسة، إلى المؤسسة، إلى الشركة، إلى الدائرة، إلى الوزارة، إلى الدولة.
ولا أحد يجادل في هذه الوضعية، ولم نسمع بأحد عاقل ينادي بمدرسة بلا مدير، أو شركة بلا رئيس، أو دولة بلا حاكم؛ ولم نر فاهما يقترح وجود مديرين، أو رئيسين، في أي عمل مشترك، حتى في صنع الطعام.
والسبب بدهي لا يحتاج إلى تذكير؛ فتنظيم الأمر، والقضاء على الفوضى، وتحصيل الأهداف المرجوة من تلك الاجتماعات، لا تتم إلا بهذه الطريقة فقط.
ولو حصل اختلال لهذا الترتيب: حصل اللغط والفوضى، وانتفى الأمن والأمان، وتعطلت المصالح.
هذه المسلمة البدهية يريد هؤلاء المؤتمرون، ومن وراءهم: نقضها، وفسخها، وإقناعنا بضرورة وصلاحية ذلك لنظام الأسرة خصوصا، دون باقي الأنظمة.
لم الأسرة بالذات ؟!!..
أليست الأسرة مجتمعا كسائر تلك المجتمعات، تحتاج إلى مسؤول ورئيس قيّم ؟!.
أليست الأسرة أخطر المجتمعات وأهمها، من جهة التربية والإصلاح؛ فأغلب سنوات الطفل يكون فيها، يتلقى عنها، ويتعلم فيها، فإذا كانت صالحة، كان صالحا، وإلا فلا..
والأسرة لن تكون صالحة، ولن تعطي الطفل ما يحتاجه من الرعاية والتربية، إلا وهي في حال استقرار. فكيف للأسرة أن تنعم بالاستقرار مع إلغاء منصب الرئيس والمدير والمسؤول فيها ؟.
بل كيف يستقر حال الزوجين، ولا مسؤول في الأسرة، يكون فيصلا في كل خلاف ؟!.
فالمعادلة كما يلي:
- المقدمة الأولى: كل تجمع يحتاج إلى مدير.
- المقدمة الثانية: الأسرة نوع من أنواع التجمع.
- النتيجة: الأسرة تحتاج إلى مدير.
من نازع في هذه النتيجة، فأحد أمرين:
- إما أنه ينازع في المقدمة الأولى، فيزعم أن التجمعات لا تحتاج إلى مدير.
- وإما أنه ينازع في المقدمة الثانية، فيزعم أن الأسرة ليست نوعا من أنواع التجمع.
وحينئذ - في كلا الحالتين - فالنزاع في المسلّمات، ومن نازع في المسلّمات فلا يلومنّ إلا نفسه.
أما الذي يسلّم بهما - وليس له إلا هذا – فعليه وجوبا أن يسلّم بالنتيجة.

* * *

وإذا حصل التسليم بالنتيجة، فالأسرة لا بد لها من رب، فمن يكون هذا الرب ؟.
الجواب المنطقي: أحدهما: إما الزوج، أو الزوجة. ولا ثالث، وبعدئذ ينظر في أصلحهما لهذه المسؤولية.
فهل المرأة مهيئة لهذه المسؤولية، ومستعدة لها ؟.
وبعيدا عن العاطفة: هل المرأة قادرة على إدارة سفينة الأسرة، فتكون المخططة، والمنظمة، والمسؤولة عن تقويم الأولاد، وتأديبهم، والسعي في قوتهم، والإنفاق عليهم، وحمايتهم، وصونهم، والانتقال بهم من مكان إلى آخر، وعلاجهم، والذهاب بهم إلى الأطباء. مع أعبائها الأخرى، التي ليس في وسع الرجال القيام بها: من حمل، وولادة، ورضاع، وحضانة. وما يعتريها من نفاس، وحيض ؟.
ولا يعترض هنا: بأن ثمة نساء قادرات على كل هذا ؟.
فالمسألة المطروحة هنا: بحسب حال عموم النساء، وليس بحسب حال بعضهن. فعموم النساء هل يقدرن على القيام بهذه المهام المضنية، التي تحتاج إلى صبر طويل، وعمل شاق، وحزم وقوة ؟.
الجواب: كلا، عموم النساء عاجزات عن هذا، وليس هذا عيبا فيهن، بل عجزهن في القيام بهذه الأعمال، كعجز الرجل عن القيام بحضانة الطفل ورعايته، وكعجزه عن القيام بشؤون البيت، وتنظيمه وترتيبه.
عجز هنا، وعجز هناك.. واقتدار هنا، واقتدار هناك..
فالحكمة أن يكلف الإنسان بالعمل الذي يقدر عليه، وليس من الحكمة تكليفه بما لا يقدر عليه.
وقد جربت المرأة أن تتكلف عمل الرجل، لتكون شريكا له، فرجعت مقرة أنها لم تخلق لعمل كهذا، بل خلقت لأعمال البيت والأمومة، تلك الأعمال الجليلة، التي لازال المؤتمرون يكرهونها إليها، ويقبحونها في عينها، حتى صدقت، فجربت غيرها، فتيقنت أنها خدعت خدعة كبرى ..؟!!
وإن كنتم في ريب: فاسألوا العاملات، والموظفات، واللاتي اقتحمن أعمال الرجال ؟.

* * *

فإذا ثبت أن المرأة غير مؤهلة للقيام بدور رب الأسرة، فما بقي إلا الرجل ..!!.
ثم إن كون الرجل رب الأسرة، لا يخول له أن يتحكم تحكما مطلقا، ويكون جبارا دكتاتورا؛ فإن من أهم أسباب فشل المؤسسات والشركات، وأي نوع من أنواع التجمعات، وضعف إنتاجها، وإفلاسها، وعدم تحقيق أهدافها: أن يستبد المدير المسؤول بالأمر، فلا يكون لمن معه أي خيار، ولا مشورة، ولا رأي.
وكذا الأسرة، تفشل إذا اتبع ربها هذا الأسلوب..
فإذا قيل: إن الرجل بحكم أنه رب الأسرة، أساء استغلال منصبه هذا، فما كان من حل إلا إلغاء هذا المنصب، وجعله شراكة بينه وبين المرأة، ضمانا لعدم تكرار المشكلة.
فيقال: إذن طبقوا هذه القاعدة المحدثة على: المدارس، والمؤسسات، والوزارات، والدول.
فإن فيها من الفساد والاستغلال شيئا لا يخفى، واعقدوا المؤتمرات، وأصدروا القرارات والتوصيات بجعل الإدارة في هذه التجمعات شراكة بين الأعضاء، ليس لها رئيس.. فهل سيفعلون ؟.
كلا، والسبب ظاهر: إنهم يريدون الأسرة، فقط الأسرة..!!.
أما غيرها فلهم لمشكلاتها حلول أخرى، ليس منها إلغاء مفهوم: "رب العمل".. ؟!!! .

* * *

- ثالثا: الاختلاط.
جاء في مؤتمر كوبنهاجن: "توفير المساعدة اللازمة لإقامة تعليم مختلط".
جاء في مؤتمر القاهرة: "ينبغي إزالة أوجه الجور والحواجز القائمة، التي تقف أمام المرأة في مكان العمل".
-----
يعنون بالاختلاط: تعليم وعمل مشترك بين الجنسين. وهو ضد الفصل في هذا النشاطات.
فهل من حقوق المرأة أن تختلط بالرجال ؟.
الحقوق – كما تقدم – هي: التي لا تصلح حياة الإنسان وكرامته إلا بها.
فهل حياة المرأة لا تصلح، وكرامتها لا تتم إلا بأن تخالط الرجال في التعليم، والعمل ؟.
ما الذي تخسره المرأة إن هي تباعدت، فتعلمت، وعملت في بيئة نسائية خاصة ؟.
وما الذي تكسبه إن اختلطت بالرجال ؟.
ولو فرض أن للاختلاط مكاسب، مثلما ما يقال: اكتساب الخبرة، والمعرفة، والثقة، والاحترام.
فما نسبة هذه المكاسب إلى الخسائر ؟!..
أو لا خسائر في الاختلاط ؟!!.
أو خسائر تغتفر في بحور المكاسب ؟!!.
مسائل لا بد من الإجابة عنها بصدق، ونصح؛ فتجارب الاختلاط عرفتنا بالمكاسب والخسائر، وصار من السهل جدا المقارنة بينهما، فأصحاب الشأن، أولئك الذين خاضوا تجربة الاختلاط – خصوصا النساء – كل يوم يحكون للعالم عن تجربتهم، فماذا يقولون ؟.
إنهم يحذرون من الاختلاط، ويدعون إلى الفصل بين الجنسين:
- فها هو الرئيس الأمريكي جورج بوش يدعو إلى الفصل بين الطلاب والطالبات في المدارس.
- وهاهو وزير التربية الأمريكي ينادي بالفصل بين الذكور والإناث في المدارس.
- وهاهي المدارس والكليات والمعاهد الخاصة بالإناث تنتشر في الولايات المتحدة الأمريكية، وتنتشر كذلك في دول أوربا.
- وكثير من الكتّاب والكاتبات وأصحاب الفكر في الغرب يحذرون من الاختلاط في التعليم: [انظر: مقولاتهم، ودراساتهم في كتاب: العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية. ص232-239]
- كما يحذرون من العمل المختلط. [انظر: مقولاتهم، ودراساتهم في كتاب: العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية. ص311-318. كذلك كتاب: عمل المرأة في الميزان. لمحمد علي البار]
بعد تجربة دامت أكثر من قرنين يرتدون عن وصايا فرويد ونظرياته حول الكبت..!!.
فما الذي حصل ؟.
- الذي حصل: انتشار حالات الاغتصاب من الذكور للإناث، في كل مكان، حتى في دورات المياه.
- الذي حصل: تدني مستوى التحصيل عند الجنسين، لاشتغال كل جنس بلفت نظر الآخر.
- الذي حصل: حمل الفتيات سفاحا في سن مبكرة، ودخولهن عالم الأمومة، وحالات الإجهاض.
- الذي حصل: ظلم المرأة، وابتزازها، وتحطيم معنوياتها، واستغلال جسدها.
- الذي حصل: تحرش جنسي من الرئيس للموظفة، والمدير للمعلمة.
- الذي حصل: آلام ومشاكل نفسية عانت منها الفتاة، والمرأة، ولازمتها طيلة الحياة.
هذه الأمور هي التي أعادوا لأجلها النظر في الاختلاط بين الجنسين.. والسلبيات غير هذه كثيرة، لكنهم وبحسب فهمهم للحريات، لا تعنيهم تلك السلبيات كثيرا.
فهذه هي الخسائر، إزاء ما يمكن اعتباره مكاسب، فأين هذه من هذه ؟.
المشكلة تكمن في: أن الغرب يدرك هذه المخاطر، ثم هو يوجه هذه المنظمات لتكرار تجربته في دول أخرى.
مما يدل على أن ثمة أيدٍ تعمل على نشر سلبيات وأخطاء الغرب، لتعم العالم كله، لتؤدي الدور نفسه التي أدته في الغرب، وتتجرع الشعوب نفس الداء الذي تجرعه الغرب.

* * *

إن معرفة الآثار السيئة للاختلاط لا تتوقف على التجربة، فنفس معرفة طبيعة الرجل، ونظرته إلى المرأة، وافتتانه بها، وطلبه إياها.. ومعرفة طبيعة المرأة، وميلها إلى الرجل، وإغرائه: يكفي في إدراك خطر الاختلاط.
لكنا صرنا في زمن نناقش فيه البدهيات:
- لإقناع من ذهبت عقولهم من رؤسهم، فما عادوا يميزون بين البدهي، والذي يحتاج إلى برهان.
- ولإبطال حجج من فسد سلوكهم، فصاروا يدللون مع على محاسن الاختلاط، مع كونهم أول من يعرف خطره، لكنهم يحبون ذلك..!!.
كل عاقل يدرك فتنة الرجل بالمرأة، والعالم كل يدرك؛ وآية ذلك: استعمالها أداة للإغراء في الدعايات، والأفلام، والأزياء، والبضائع. ولجلب الزبائن إلى المحلات، والمؤسسات، والشركات.
وكل إنسان يدرك أن المرأة تنجذب إلى الرجل؛ وآية ذلك: سعيها في الزينة كلما خرجت ودخلت.
وإذا كان كذلك: فما يكون إلا اجتمعا ؟.
لا ريب يكون مقدمات العلاقة الجنسية: نظر، وتأمل، وتحرش.. إلخ، وربما وقع المحذور نفسه.
وفي كل مجتمع مختلط يعيش كلا من الرجل والمرأة حالة نفسية من التجاذب، فإما أن يميل، وإما أن يتحمل من الهوى ما يتحمل..
فلم هذا العناء، من أمر أقله أحواله: تعب النفس، وانشغال الخاطر، ووساوس الشيطان الرجيم.؟.
وفي مقابله لا مكاسب تذكر، بل تراجع وضعف في التحصيل، والإنتاج.. ثم إباحية، وعلاقة غير مشروعة، وحمل مبكر، وإجهاض، وأولاد لقطاء، يحرمون حنان الأسرة، والأبوّة، والأمومة. وأمراض نفسية واجتماعية، وحقد على المجتمع، وانتقام، وأجيال لا تعرف القيم والفضائل..؟!!.
 



9- الختام.
المرأة.. ذاك المخلوق، شقيق الرجل، الذي يمثل ما لا يقل عن نصف سكان العالم: شغل الجميع بقضيته، فليس لهم إلا الحديث عن المرأة: ماذا فعلت ؟، وماذا ستفعل ؟، ومتى وكيف ستفعل ؟.
أما هي فكما قال المتنبئ:

أنام ملء جفوني عن شواردها *** ويسهر الخلق جراها ويختصم

وهذا قاله على سبيل الفخر، حيث ينظم المعاني ويلقيها، ثم يترك الخلق يسهرون عليها، ويختصمون فيها.
أما هي فقد أسهرت الخلق، وهي لا تدري.. وهم يختصمون فيها، وهي لا تعلم !!.
فالرجل هو الذي يأخذ بقضيتها، فيرعاها ويحميها، أو يضيعها ويفسدها.. وهي تتبع خطواته، ليس لها غير ذلك.. هذا هو الواقع ..!!.
- فهل في هذا تأكيد على مبدأ: قوامة الرجل ؟.
فهذا هو طبعها وجبلتها: خضوعها للرجل. حتى لو أنكرت ذلك، فهذا مصيرها، وقدرها.
- أم تأكيد على وصفها بكونها: من الغافلات ؟.
وهذا وصف سيق في معرض المدح لها: { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات ..}؛ أي الغافلة عن الشر.
في كل حال، وفي مثل هذه الأحوال: ينبغي على المرأة أن تكون يقظة، حذرة. ترعى قضاياها بنفسها، وتهتم لشؤونها قبل غيرها. ولا ينبغي لها أن تقف موقف الناظر لما تصير إليه الأمور المتعلقة بها ..!!.
إن كل ما يطرح اليوم من قضايا تتعلق بحقوق المرأة: قد عرفت آثارها، وسلبياتها، ومفاسدها.
فأمم قد جربت.. ودول قد وقعت.. ونساء وفتيات قد تحررن، واختلطن، وفعلن كل ما يحلو لهن.
مرّ على التجربة أكثر من قرن، وكل خفايا التجربة ظاهرة، بمقدور كل فتاة أن تصل إليها، دون أية مشقة، لتعرف من خلالها: ما الذي يحدث لها: إن هي تبعت، وقبلت مثل هذه القرارات، والتوصيات.
والتجميل والتزيين لوجه كالح، أسود، متجعد: لا يخدع إلا النائم، الغافل، أو فاسد النظر، مريض القلب.
وقد صيغت كلمات هذه المؤتمرات بجمل وكلمات تخدع، وتعمي. اتخذت مظهر الحريص، وصورة الناصح، فخليت من التجريح، ومن التصريح. وعرضت كل تلك الموبقات تحفها: الزهور، والورود، والعطور.
- وكم من سمّ وضع في عسل.
- وكم من حية أخفيت بين جواهر ودرر.
غير أن هذه السموم صارت اليوم بادية؛ للتجربة.. والحيات ظاهرة؛ كذلك للتجربة.
- هي معركة المرأة: تكون، أو لا تكون..
- معركة فضيلة، ورذيلة.
- معركة حياة، وبقاء.
- معركة دين، ولا دين.


* * *

 

د.لطف الله خوجة
  • محمد صلى الله عليه وسلم
  • المرأة
  • التصوف
  • الرقاق
  • الآخر
  • معالجة
  • وصية
  • قطرة من الروح
  • الصفحة الرئيسية